معتقلون لبنانيون في سورية/ ايلاف 2 أيار

 

معتقلون لبنانيون في سورية

ايلاف:  الأحد 1/5/2005

إرتفع العدد لـ400 والتعذيب بشتى الوسائل

خيمة المعتصمين مقابل بيت الامم المتحدة

 فادي عاكوم من بيروت: نشرت إيلاف في الثامن عشر من نيسان الماضي (أبريل) تحقيقًا حول المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية، في وقت كانت الافواه لا تزال مكمومة في لبنان خوفًا من تناول الموضوع بذات الصراحة التي تناولتها "إيلاف" ، وذلك بسبب قوى الامر الواقع .  وبعد ان صار كل يوم يحمل معه دفعة جديدة من الاسماء قفز رقم المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية من 182 (نشرتها ايلاف سابقًا) الى 400 حاليًا، ويحمل معه ايضا وقائع وفضائح تطال ضباطا لبنانيين وسوريين، بسبب تجرؤ الاهالي على الكلام والمطالبة بابنائهم بعد انسحاب المخابرات السورية الكلي من بعض المناطق. مقابر جماعية وتصفيات بالجملة: وقبل عرض شهادات بعض المفرج عنهم لا بد من الاشارة الى ان ايلاف حصلت على بعض المعلومات تتعلق ببعض المدافن الجماعية لمعتقلين تمت تصفيتهم في لبنان على يد جنود سوريين و من هذه المدافن المفترضة :

- حقل في دير القلعة في منطقة بيت مري ،ويروي اهالي المنطقة عن عملية الاعدام بانها تمت باطلاق الرصاص و القاء القنابل على عناصر من الجيش اللبناني من ثم رمي عليهم مادة الكلس و طمرهم بالتراب .

- اليرزة بالقرب من وزارة الدفاع .

- الباحة الداخلية في خان الرز بمدينة طرابلس،الذي كان مركزًا للمخابرات السورية .

- منطقة جبل محسن في طرابلس بالقرب من المسجد الجديد .

- معمل البصل في عنجر و قد روى لنا شخص يدعى عمادعبد الخالق ان عمليات حرق لبعض الجثث تمت في الداخل قبيل الانسحاب، و حاليًاتضرب عناصر من الجيش اللبناني طوقًا امنيا حول المكان حيث تجري اعمال انشآت و حفريات بمنأى عن اعين الجميع.

ولا تزال بعض عناصر المخابرات السورية موجودة في لبنان و استطعنا رصدهم في منطقة جبل محسن في طرابلس،و في بناء مهجور بالقرب من مقهى عليا في منطقة التل ، و في شاليه منفردة على البحر قرب طرابلس و هذه الشاليه عائدة لشخص يدعى طارق فخر الدين و الملقب بابو عصمات و هو من البارزين في عمليات الخطف و التعذيب و تجارة المخدرات .

وقرر الاهالي المعتصمون امام الاسكوا تمديد اعتصامهم و البدء بخطة تحرك جديدة تتمثل بالاعتصام امام السفارات الاجنبية في بيروت خاصة الفرنسية و الاميركية، و تجهيز دعاوى فردية و جماعية ضد ضباط المخابرات السوريين الذين خدموا في لبنان و رفع الشكوى الى المراجع الدولية و معاملة المدعى عليهم كمجرمي حرب ، و التركيز ان تاخذ القضية منحىً دوليًا خاصة بعد ان برز الاهمال الرسمي للقضية بوضوح لا يمكن التغاضي عنه، و يطالبون حاليا بدخول الصليب الاحمر الدولي الى المعتقلات السورية في اسرع وقت خوفًا من تصفية ابنائهم و اخفاء كل المعالم . و اوضح النائب غسان مخيبر لايلاف، و هو من النواب القلائل الذين يزورون الاهالي يوميا، ان المعلومات سوف تجمع و يجب ان تقدم الى لجنة تقصي الحقائق الدولية، و ناشد جميع المفرج عنهم التوجه الى مقر الاعتصام لتقديم شهاداتهم و المعلومات التي يملكونها لاكمال الملفات . وتعرض المعتصمون للضرب و القمع من قبل القوى الامنية لدى محاولتهم ايصال صوتهم الى النواب خلال انعقاد جلسة الثقة للحكومة، كما تم التعرض لهم من قبل مرافقي النائب عدنان عرقجي و هو احد نواب بيروت.

شهادات من سجناء تم الإفراج عنهم

عند زيارتك مكان الاعتصام ترى بالاضافة الى الامهات الدامعات شبابًا في عيونهم نظرات الالم و الغضب على الرغم من محاولتهم الابتسام هؤلاء الشباب هم من المفرج عنهم سابقًا من المعتقلات السورية ، في جعبهم الكثير و الكثير من الكلام و الذكريات الاليمة التي لا يمكن لاي دواء ان يمحوها باستثناء محاسبة من اعتقلوهم و عذبوهم و خروج رفاق الزنزانة الى شمس الحرية . للاسف بعضهم تعرف الى صور بعض رفاقهم المعتقلين الذين اعدموا لكنهم،لم يقووا على الافصاح عن الحقيقةخوفًا من دموع الامهات،و تركوا الامر لينكشف عند فتح الملف لاسترجاع الرفاة. وفيما يلي شهادات بعض المفرج عنهم من المعتقلات السورية،قصتهم واحدة و معاناتهم واحدة، تختلف فيها اسباب الاسر و ظروفه فجميعهم تنقلوا بين مراكز المخابرات في البوريفاج و الحمرا و عنجر و فرع فلسطين و فرع صهيون،وفرع التحقيق و اللواء الجوي وصولًا الى سجون المزة،وتدمر و صيدنايا. و الذي كان في صيدنايا يعتبر محظوظًا لان تدمر و المزة يشكلان جهنم بحد ذاتها،فاكتظاظ الغرف كان رهيبا بشكل يستحيل فيه النوم بشكل طبيعي فكانوا احيانا حوالي المئة في غرفة واحدة و اذا كانت التهمة كبيرة يوضع السجين في الحبس الانفرادي في غرفة لايتعدى طولها و عرضها و ارتفاعها المتر الواحد لمدة وصلت مع احدهم الى خمس سنوات .

أبو غريب أم زنازين الأخوة:

بعض من افرج عنهم 

اما اساليب التعذيب فحدث و لا حرج فهناك الكهرباء على الاطراف و الضرب المبرح بالاحذية،و السياط المصنوعة من الحديد المستعمل في البناء، و الدولاب حيث يجلس السجين داخل الدولاب و رجلاه عاليا و يجلد على قفا رجليه، و هناك ايضا الكرسي الالماني حيث يجلس على كرسٍ حديدي و تشبك يداه فيها و يضرب، كما كان يتم تعليق اليدين في السقف هذا و استعمل معهم ايضا بساط الريح بنسخته السورية حيث كان يلقى السجين في الهواء و يسقط على رفاقه و غيرها الكثير من الاساليب التي تفنن الجلادون بها، فتفوقوا ليس فقط على ذاتهم انما على اعتى جلادي النازية و الفاشية وجلادي أبو غريب بشهادة من تكلم:

شهادة علي ابو دهن بصدد تدوينها في رواية: قضيت اربعة عشرة سنة في السجون السورية و تنقلت في اكثر من سجن و كان اصعبها سجن تدمر حيث علقت لوحة مكتوب عليها الداخل مفقود و الخارج مولود .لن اتكلم عن اساليب التعذيب بل ساتكلم عن قصتين حصلتا معي الاولى عن جرذ اعتاد ان ياتي الى غرفتنا فكنت اطعمه الى ان صار اليفًا و كنت احسده على حريته، كما اتت مرة الى مهجعنا في احدى الايام قطة هاربة من السجانين الذين كانوا يعذبونها و وضعت بعض القطط فدربنا احداها ان تنقل رسائلنا الى باقي الغرف بواسطة قطعة قماش ربطتها على عنقها لمعرفة اخبار باقي الشباب وصار للقطة مهمة الجمام الزاجل بيننا. عندما خرجت من المعتقل لم اعرف ابنائي ولا بناتي و صرت انادي على الاسماء لاعرفهم و انا حاليا بصدد كتابة قصة محورها ما مررت به خلال سنوات الاسر و قد ساعدني و شجعني على ذلك عدد من الاصدقاء الذين قدموا لي المساعدة المعنوية و المادية .

شهادة ماجد كرباج(التهمة خلاف على قطعة أرض): اوقفت من قبل احد مسؤولي الاحزاب اللبنانية اليسارية بسبب خلاف شخصي معه حول تسجيل قطعة ارض فاوقفني عنده في المركز لمدة عشرة ايام ثم سلمني الى السوريين في البوريفاج، و تم نقلي الى عنجر حيث قام بتعذيبي ضابط يطلق على نفسه اسم النبي يوسف ثم نقلت الى سورية الى فرع فلسطين.في السجن الانفرادي تتحول حياتك جحيمًا و تمر حياتك كالشريط امامك .بعدها حولوني الى سجن المزة ،وكان الاستقبال عندهم ب500 جلدة بواسطة كابلات الكهرباء مع الدولاب .ووضعت في زنزانة طولها 90 سم و عرضها 90سم. كان يمنع علينا استعمال المرحاض الا مرتين يوميا مرة صباحًا و مرةمساءً و الويل ثم الويل اذا طلبت قضاء حاجتك في غير هذا الوقت، يوجد العديدمن المسجونين عرفيًا اي دون حكم و بعضهم يقبع في السجون السورية منذ 25 سنة .

قضيت في السجن تسع سنوات و لم اكن قد رايت ابني بعد و اهلي تكلفوا 40000 دولار كرشوة الى السوريين حتى يستطيعوا زيارتي بانتظام مرة شهريًا . انا متاكد من وجود لبنانيين كثر في المعتقلات السورية لحد الان و نطالب الجميع مساعدة الاهالي المعتصمين و الاحساس بمعاناتهم.

شهادة عبد الحميد فوزي جوني(التهمة بعث عراقي) :

عبد الحميد جوني

 تم توقيفي في مدينة صيدا بتاريخ 14 نيسان 1994 من قبل ضباط و عناصر مخابرات الجيش اللبناني و المجموعة كانت مؤلفة من العميد ماهر الطفيلي و العقيد ماهر يونس و الجنود قاسم قمح و نظير الخطيب و زياد شعيب ، و نقلنا وقتها الى ثكنة محمد زغيب في صيدا و في صباح اليوم التالي تم تسليمنا الى مفرزة المخابرات السورية في منطقة الرميلة و كان العميد الطفيلي موجودًا شخصيًا عند التسليم ، و قد اوقف معي كل من عبدالله همدر ،و محمد بحلق و احمد عليان و حسن غريب و غيرهم . و كانت التهم الموجهة الينا الانتماء الى حزب البعث العراقي و القيام بنشاطات ضد الوجود السوري في لبنان، و قد تنقلت بين فرع فلسطين و فرع المنطقة و سجن صيدنايا ، و افرج عني بتاريخ28 حزيران 1995.  اتمنى ان يوصل تحرك الاهالي الى نتيجة بسبب الضغوط الناتجة عن المطالبة مع كبير اسفي للشباب الذين ما زالوا في سورية و ما يتعرضون له علمًا انه تمت تصفية العديد منهم .

شهادة رجا سلمان قبلان (التهمة إشكال باوراق السيارة):

سنة 1991أوقفني عناصر المخابرات السورية في منطقة خلدة جنوب بيروت بحجة وجود اشكال في اوراق السيارة و كان ضابط الموقع رستم غزالة و كان مقدمًا وقتها،و تم نقلي الى سورية على الفور و الصقوا بي تهمة قتل شخص سوري، نفذوا بي جميع انواع التعذيب من تعليق بلانكو و الدولاب و الكهرباء و ذلك في سرية المداهمة في دمشق ثم نقلت الى فرع فلسطين حيث يوسعونك ضربًا ساعة وصولك، و اغرب شيء مر معي في سجن صيدنايا رؤية امراة موقوفة مع طفلها و كانت نزيلة الغرفة المنفردة رقم 10 .بقيت عشر سنوات في السجن دون ان يسمحوا لاهلي بزيارتي كنت اقضي وقتي في السجن بشغل الاعمال اليدوية و ذلك كان متاحًا فقط في صيدانايا . و عند نقلي الى لبنان سجنت في سجن وزارة الدفاع لمدة خمسة اشهر و للاسف عند التحقيق معي من قبل احد الضباط سمعت نفس صوت المحقق الذي حقق معي في سورية .

شهادة علي يوسف سعيد تؤكد وجود الراهبين الأنطونين في سورية:

اعتقلت سنة1989 من قبل عناصر المخابرات السورية في منطقة السفارة الكويتية وكنت وقتها عنصرا في الحزب التقدمي الاشتراكي وتنقلت في فروع التحقيق داخل سورية و نسبوا لي اكثر من تهمة الى ان وصلت الى سجن المزة و افرج عني بعد تسع سنوات من القهر و العذاب.

اقسى مراحل التعذيب كانت في عنجر حيث تركوني عريانا تمامًا وكان الثلج في الخارج حوالي المتر، واصعب اللحظات مرت علي عندما اتت شقيقتي لزيارتي اول مرة فانهارت امامي بالاضافة الى الكرسي الالماني.  تاكدت خلال وجودي في سجن المزة من وجود الراهبين الانطونيين المفقودين والذين لا تعترف سورية بوجودهما، كما تاكدت من اعدام اثنين من المعتقلين اللبنانيين اثناء وجودي ولن اقول الاسماء الان حفاظًا على شعور الاهالي .

عند خروجي احسست الدنيا كلها تغيرت فكل معالم المدينة تغيرت و من الأشياء التي لا أقدر على نسيانها ما كان يردده السجان لدى وقوفه عند طاقة الغرفة:  "انتو اللبنانيي سنظل ندعسكم من كبيركم الى صغيركم ".

معلومات بخصوص المعتقل جوني ناصيف:

نشرنا سابقًا في الجزء الأول من موضوع "معتقلون لبنانيون في سورية" قصة اعتقال العريف بالجيش اللبناني جوني ناصيف وكيف ان القوات السورية تنفي وجوده في سجونها، والجيش اللبناني طلب من والدته اعتباره ميتًا. اليوم تنشر ايلاف صور عن بطاقة زيارة أعطيت لوالدته لتتمكن من زيارته بواسطتها في سورية وعليها إمضاء مدير إدارة السجون العميد بسيم الطائف .كما نرفق صورة عن إشعار موجه من قيادة الجيش اللبناني إلى والد جوني ناصيف يطلبونمنها بموجبها إفادة مختار على انه متوفٍ. كما نرفق صورة عن برقية صادرة عن قيادة الجيش اللبناني رقم 881 -1 تاريخ 27- 12 -1990 تفيد بان جوني ناصيف مفقود وغير متوف. هذا بالاضافة الى العديد من المفرج عنهم والذين أكدوا وجود جوني ناصيف في المعتقلات السورية، وأبلغوا اللجان عن ذلك.