ملف مقابر عنجر/كل ما نشر يوم الاثنين 5 كانون الأول 2005

 

رحال : العثور على مقابر جماعية يستدعي النظر بضرورة المحاكمة الدولية

الأثنين, 05 ديسمبر, 2005 - البلد

اعتبر عضو كتلة المستقبل النيابية النائب الدكتور رياض رحال "ان المحاكمة الدولية مسلمة من المسلمات ولن نتراجع عنها تحت اي ضغوط"، واعتبر "ان العثور على المقابر الجماعية بالقرب من مركز للمخابرات السورية في عنجر والتي ادخلت الرعب في نفوس اللبنانيين مما حملته المرحلة السابقة، يستدعي النظر الى امر المحاكمة بجدية، ويطرح على بساط البحث بقوة مصير المخطوفين والمعتقلين اللبنانيين في السجون السورية". وتساءل خلال استقباله وفودا عكارية في دارته في الشيخ محمد، "لماذا الخوف عند البعض من هكذا محكمة خصوصا ان آلية اقرارها وتشكيلها وتحديد مكانها وتعيين طاقمها من قضاة وموظفين وأمنيين يتطلب فترة طويلة لا بد من الاعداد لها". وتمنى ان يقر مجلس الوزراء هذا الطلب بالاجماع وبأسرع وقت، رافضا ما يحكى عن "هواجس وكلام في الكواليس عن انها ستكون وصاية جديدة على لبنان"، وقال : "الجميع يدرك بأن القضاء اللبناني رغم كفاءته لا يستطيع ان يتحمل مسؤولية ذلك خصوصا وان البعض يعترف بعدم قدرة لبنان على تحمل وزر هكذا محاكمة وان هناك مشتبها فيهم ومتورطين من خارج لبنان". وشدد على "انه عندما يكون هناك تباين في الرأي في مجلس الوزراء، فان كل المواضيع يجب ان تطرح للتصويت، وعلى الاقلية ان تنصاع لما تصوت له الاكثرية، اما جدول اعمال مجلس الوزراء فهو من حق دولة الرئيس فقط بعد ان يعرضه على رئيس الجمهورية، والتهديد بالفيتو على اي موضوع مطروح بدعة جديدة، ومن لا يوافق فليستقل، وعدم موافقة الاقلية على قرار الاكثرية مخالف للاصول الديمقراطية".

واعتبر رحال ان افادة "الشاهد الكاذب هسام هسام محاولة لتضليل التحقيق"، مشيدا بتصرف وزير الداخلية بإحالته الى لجنة التحقيق التي لها الحق باستجواب الشهود والمشتبه فيهم. واستغرب الحملة على وزير الداخلية حسن السبع وقوى الامن، مشيرا الى "ان عقد مؤتمر صحافي لهذا الشاهد في حضور احد اعضاء لجنة التحقيق السورية والتي سمحت القيادة السورية به يعطي حجة جديدة بأن النظام الامني السوري متورط في هذه الجريمة،

 

البحث عن بقايا في مقبرة جماعية ثالثة في عنجر

"لجنة الموقوفين" تطالب مجلس الوزراء بالانعقاد وتدعو الى تحقيق دولي

الأثنين, 05 ديسمبر, 2005 - البلد

لم يعد مهماً بالأمس طبيعة القرار الذي أدى الى نبش الأموات من مقابرهم الجماعية في تل النبي عزير في عنجر، سواء أكان سياسياً أم أمنياً، بقدر أهمية ما كشفته امكانية اكتشاف المزيد من هذه المقابر في سهل البقاع ولا سيما في المواقع المحيطة بمراكز المخابرات السورية سابقاً، الأمر الذي دفع لجنة من أهالي المعتقلين في السجون السورية الى المطالبة باحالة المجرمين الى المحاكم الدولية أسوة بمرتكبي مجازر كوسوفو وغيرها من الجرائم الكبيرة المرتكبة بحق الانسانية، موجهة اصبع الاتهام بشكل أساسي الى القيّم على فرع التحقيق في المخابرات السورية أثناء وجودها في لبنان العميد يوسف عبده الملقب بالنبي يوسف. وبصرف النظر عن هوية الذين ارتكبت بحقهم هذه الجرائم أيضاً خصوصاً ان نزلاء مركز التحقيق التابع للعميد يوسف، اذا صحت الاتهامات الموجهة اليه، لم يكونوا من اللبنانيين فقط بل بينهم من جنسيات عربية أخرى وخصوصاً سوريين وعراقيين. وكانت قد توافرت معلومات أمس، حول امكانية ايجاد المزيد من الجثث في موقعين أحدهما يقع أسفل التل الذي احتوى المقبرتين السابقتين، والآخر في بئر، بدأت العناصر الأمنية بنبش التراب عنه عصراً وأوقفت الأعمال قرابة الخامسة من بعد الظهر لتستأنفه اليوم. وأشار مختار بلدة مجدل عنجر بديع العجمي، الذي كان أول من اكتشف هذه الجثث في العام 1999 برفقة أحد القيمين على المقام وأعاد دفنها تحت طبقة من التراب بعدما خشي من الابلاغ عنها بسبب الظروف التي سادت حينها، الى أن أحد الشهود ذكر سابقاً انه وجد جثثاً كانت مرمية في بئر في سهل عنجر على بعد أمتار من تل النبي عزير، وقامت بعض الجهات لاحقاً بطمر هذه البئر التي لا تظهر سوى كمنخفض في منتصف حقل القمح الذي يشرف عليه مقام النبي عزير.

توضيحات أبناء المنطقة

وقد تجمعت في الأمس معطيات كثيرة مصدرها مقيمون في محيط المنطقة التي وجدت فيها المقابر تنفي دقة المعلومات المنقولة عن مصدر غير رسمي عبر شبكة "السيريان نيوز" والتي تفيد ان جماعة تنظيم "المجلس الثوري" الذي كان يتزعمه أبو نضال قد تكون مسؤولة عن هذه المقابر، حيث قال المصدر انه حفرت عام 1991 حفرة عميقة من أجل دفن "العملاء فيها" و"ان الجرافات كانت تحفر طوال الليل في المنطقة الواقعة غرب مزرعة البصل.." وينفي الأهالي أي تواجد لمثل هذا التنظيم في هذه المنطقة طيلة التواجد السوري فيها منذ العام 75، وان الموقع الذي أشير اليه بغرب معمل البصل لا يؤدي الى تل النبي عزير لأن الأخير يقع الى شمال معمل البصل، الا اذا كانت المصادر السورية تستبق في الكشف عن مقابر جماعية أخرى قد توجد في المكان، وهو ما على القوى الأمنية والقضائية التحقق منه. هذا بالاضافة الى أن المقيمين في بلدتي مجدل عنجر وعنجر، يذكرون جيداً سيطرة القوات السورية ومخابراتها على هذه المنطقة منذ العام 75، وكانت القوات السورية تقيم على تل النبي عزير تحديداً وتمنع الوصول اليه لأي كان حتى العام 1994، عندما انتقلت أجهزتها الى قلب بلدة عنجر، أما في ما يتعلق بقول مصدر اعلامي سوري ان المقبرة الجماعية "هي نتيجة الحرب الأهلية الطاحنة في لبنان"، فالتاريخ وأهالي المنطقة كما يقولون يشهدان على أن منطقة البقاع لم تتدخل في هذه الحرب أساساً.

وعليه ارتفعت الأصوات المنادية أمس، بانعقاد جلسة طارئة لمجلس الوزراء بعدما أعرب أهالي المعتقلين بلسان رئيس جمعية سوليد غازي عاد، عن عدم رضاهم عن طريقة التعاطي الرسمية مع ما كشف، خصوصاً انهم كانوا قد أعربوا تكراراً ومراراً عن قناعاتهم بوجود مثل هذه المقابر في محيط المراكز المخابراتية السورية، وسألوا "ماذا تنتظر الأمم المتحدة حتى تبدأ تحقيقاتها في هذه الجرائم؟ ولماذا لا تطلب الدولة اللبنانية مثل هذا التحقيق، وتحدد المسؤولية عن المقابر الجماعية؟" مطالبين بلجنة تحقيق فورية من قبل الأمم المتحدة خصوصاً "ان هناك أشخاصاً قتلوا ولا نعرف لماذا قتلوا وكيف، ولماذا تم رميهم في الحفر بهذه الطريقة".

وكان غازي عاد توجه الى عنجر صباحاً برفقة ناشطين في اللجنة، بعد أن هالهم مشهد الحفارات التي رأوها أمس الأول تحفر في المقابر، ولكنهم عادوا وارتاحوا بعد أن توضح لهم ان ما سمحت العناصر الأمنية بتصويره كان بعد انتهاء أعمال النبش وخلال عملية اعادة ردم الحفرة "المقبرة"، وان أعمال جمع بقايا الهياكل العظمية يتم بالطرق العلمية والدقة اللازمة. وأسفرت أعمال التنقيب عن ايجاد أقسام من الجماجم وبعض العظام المتفتتة، التي جمعت في أكياس، وقد تسنى لمراسلي وسائل الاعلام التقاط صور قليلة في الموقع وعند توقف أعمال التنقيب والجرف.

وأبلغ المشرفون على هذه الأعمال ان تقريراً رسمياً سيصدر يحدد عدد الجثث التي انتشلت من المكان وسنوات الوفاة وأسباب الوفاة، حتى يتم الانتقال الى مرحلة التعرف الى أصحاب هذه الجثث التي تحتاج الى فحوصات متطورة للحمض النووي الـ DNA وقد رأى عاد ان "مسؤولية الدولة أن تطلب من أهالي المفقودين فحص DNA أيضاً ويجب ان تكلف لجنة فنية تشرف على العملية حتى يصبح لدينا DNA DATA BASE خصوصاً مع توقع اكتشاف المزيد من مثل هذه المقابر الجماعية.

منع الصحافيين من الاقتراب

وكانت القوى الأمنية التي استأنفت عملية الحفر بعيد التاسعة والنصف من صباح امس، منعت الصحافيين من الاقتراب من المكان، وحتى عندما وصلت لجنة أهالي المعتقلين، اصطحبها العقيد علي العجمي الى موقع الحفريات لطمأنتها الى حسن سير الأعمال بعيداً عن أعين الكاميرات، وفي الفترات التي سمح خلالها بالتقاط الصور، كان الوهن بادٍ على أوجه العناصر الأمنية التي ما انفكت تكرر ان ما تراه لا يقبل به "شرع"، وخلال ترصدنا لأعمال النبش من مواقع مطلة على تل النبي عزير، توقف عمل الجرافات تكراراً، للملمة البقايا العظمية في الحفر التي وصل عمقها في بعض الأحيان الى 3 أمتار...

ولدى عودة عاد من موقع الحفريات عقد مؤتمراً صحافياً قال فيه: "بعد المشاهد التي رأيناها بالأمس على شاشات التلفزيون جئنا للتأكد من كيفية العمل لأننا كنا رأينا جرافات تعمل، وهذا الشيء أزعج أشخاصاً كثيرين وأزعجنا شخصياً، واعتبرنا ان طريقة العمل خاطئة.. وتمكنا من الدخول الى مكان الحفريات ورؤية العمل، حيث وجدنا انه على خلاف ما شاهدناه العمل يتم بتأن وبشكل محترف، وان ما شاهدناه على شاشات التلفزيون كان بعد انتهاء العمل. وهذا يطرح موضوع الشفافية الذي نتكلم عنه. المقبرة الجماعية شرطها الأساسي الشفافية. من هنا عندما اجتمعنا بالرئيس فؤاد السنيورة، ونجتمع مع كل النواب والمسؤولين، نطرح مبدأ الشفافية، وهو ضروري جداً لإطلاع الناس على التفاصيل لأن موضوع المقابر الجماعية حساس جداً. ويجب ان يطرح وتتحمل الدولة اللبنانية مسؤولية التعاطي بشفافية، ويكون العمل بهذا الموضوع بشكل معلن لكل الناس، خصوصاً انه يرتب مسؤولية جرمية وجنائية، فالمقبرة الجماعية ليست ان نعرف عدد الجثث، ولمن تعود الجثث بل هي اكثر من ذلك العملية متكاملة وتترتب مسؤولية جنائية، والمطلوب من الدولة اللبنانية التحرك فوراً، وعقد جلسة مجلس وزراء طارئة للبحث في الموضوع، خصوصاً اننا تحدثنا عن المقابر الجماعية مراراً وتكراراً، وقلنا ان في محيط مراكز المخابرات السورية في لبنان هناك مقابر جماعية، لأن كل الناس الذين حولوا الى سورية، كانوا يمرون في مرحلة عنجر حيث يحقق معهم، وأهالي المنطقة هنا يعلمون انه كان ضابط سوري ملقب بالنبي يوسف، وهو العميد يوسف عبده، كان الناس يموتون عنده بسبب التعذيب".

وسئل عاد ما اذا كانوا يخافون على مصير المعتقلين في سورية بعد ان بدأت تظهر المقابر الجماعية؟

فقال: "لا، نحن لدينا معطيات عن الموجودين في سورية تثبت وجودهم، الفكرة الأساسية ان المدفونين في المقابر الجماعية في محيط مراكز المخابرات السورية سابقاً هؤلاء توفوا في مراكز التعذيب قبل ان ينقلوا الى السجون السورية، اما عندما نتكلم عن معتقلين في السجون يكون ذلك بناء لمعطيات عن وجودهم داخل السجون السورية أحياء. هؤلاء قتلوا تحت تأثير التعذيب في مراكز الاعتقال".

وما اذا كان يرجح ان تكون الجثث منذ أيام الأحداث الى آخر فترة الوجود السوري في لبنان؟ قال: "سبق وحذرنا من هذا الشيء، في محيط المراكز السورية بناء لمعلومات ومعطيات تم جرف أتربة قبل انسحاب الجيش السوري في لبنان. وليس فقط في عنجر، بل ممكن في مدرسة الأميركان ومار مارون في طرابلس وفي مواقع أخرى هناك احتمال وجود مقابر جماعية بسبب موت سجناء تحت التعذيب والذي رأيناه أكبر دليل على صحة ما نقوله". ورأى ان "الدولة اللبنانية يجب ان تتحمل مسؤوليتها في هذه الجريمة المتمادية، وهذا ملف كبير يطال كل لبنان، لأن الجثث الموجودة لا تعود الى فئة معينة سياسية او طائفية بل الى لبنانيين، هذه مسؤولية الدولة التحرك فوراً هناك مقابر جماعية ونعرف ان ميلوسوفيتش اليوم موجود في المحكمة الدولية لأنه كان مسؤولاً عن مقابر جماعية ماذا تنتظر الدولة لتتحرك".

الرواية السورية

وعن الرواية السورية التي تتحدث عن اعدامات جماعية من قبل جماعات فلسطينية، بالاضافة الى ضحايا الحرب الأهلية؟ قال: "اسألوا أهل المنطقة هم يخبرونكم عن الاعتقالات وعن النبي يوسف حتى لا نسمي غير ضباط، وهو المسؤول ويتحمل المسؤولية في هذه المنطقة فليكفوا عن الحديث عن ميليشيات وغير الميليشيات كل الجثث موجودة حول مراكز المخابرات، ومن كان يجرؤ على التقدم منها".

وكان مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس زار مواقع نبش المقابر ورفض لدى خروجه من المكان التعليق مكتفياً بالتمني الا تتعرض هذه القضية للاستغلال لأن لهؤلاء الذين تحت التراب الكثير علينا.

 

السنيورة لـ "صدى البلد": مجلس الوزراء سيبحث المقابر الجماعية بعد استكمال المعطيات

بعبدا تدعم تحركاتٍ لإطلاق الضباط الأربعة

الأثنين, 05 ديسمبر, 2005

 أبلغ رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الى "صدى البلد" مساء أمس ان مجلس الوزراء سيبحث حكماً موضوع المقابر الجماعية المكتشفة في البقاع بعد ان يتم جمع المعطيات الكاملة عن الموضوع.

وقال رداً على سؤال: "نحن أعطينا تعليمات لجمع المعلومات كافة وعززنا عدد الأطباء الاخصائيين خصوصاً في موضوع الجينات DNA(...) وبعد استكمال المعلومات سنبحث الموضوع في المجلس, لكن قبل توفر المعطيات يمكن ان نجتمع لكن ماذا سنبحث عندها؟". وأكد السنيورة الذي يزور العماد ميشال عون عند الساعة الواحدة بعد ظهر اليوم, ان المحكمة الدولية هي موضع "مشاورات ستتواصل خلال الأيام المقبلة".

ويأتي كلام السنيورة عشية انطلاق استجوابات فيينا التي توجه اليها أمس المسؤولون السوريون الخمسة برفقة محاميهم, فيما عاد رئيس لجنة التحقيق الدولية ديتليف ميليس مساء الى بيروت وانتقل وسط حراسة مشددة على الفور الى مقره في المونتيفردي. وخاضت دمشق حملة سياسية على خطين الأول لجنة التحقيق والثاني مقابر البقاع الجماعية. فقد صرح وزير العدل السوري محمد الغفري ان تحقيق الامم المتحدة حول اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري يهدف الى "محاصرة سورية". ونقلت الوكالة السورية "سانا" عنه قوله ان "التحقيقات الجارية ليست لكشف الحقيقة وانما لمحاصرة سورية والنيل من مواقفها الوطنية والقومية".

واضاف: "ان التحقيق يجب ان يكون قانونيا بحتا يستند الى ادلة موثوقة وملموسة للوصول للحقيقة".

ومن جهة ثانية قال مصدر إعلامي سوري رسمي أمس إن الاتهامات التي وجهتها بعض الجهات اللبنانية إلى سورية حول المقبرة الجماعية التي اكتشفت في بلدة عنجر في البقاع اللبناني عبارة عن إيجاد "ذريعة جديدة" للاساءة لسورية. وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته في اتصال هاتفي مع وكالة الانباء الالمانية إن هذه الاتهامات تهدف إلى إيجاد ذريعة جديدة للاساءة الى سورية بهدف الانتقام منها ومن دورها في المنطقة.

وأشار إلى أن الحرب الاهلية اللبنانية كادت أن تحول لبنان كله إلى مقبرة جماعية لولا الجهود التي بذلها الوطنيون اللبنانيون والجهود التي بذلتها سورية وتضحياتها الكبيرة من أجل إنقاذ لبنان وإنهاء الحرب الاهلية.

وفي موازاة الحملة السورية بشأن التحقيق توقعت مصادر مطلعة قيام بعبدا خلال الأيام القليلة المقبلة, مراهنة على موقف حزب الله وحركة أمل, بدعم حملة لإطلاق الضباط الأربعة الموقوفين في قضية اغتيال الحريري. وتوقعت المصادر ان تسير الحملة على خطين:

الأول: عدم الاكتفاء بوكيلين اثنين فقط عن الضباط الأربعة وهما الوزير السابق ناجي البستاني وأكرم عازوري وانما ستنضم اليهما مجموعة كبيرة من المحامين على صلة بقوى سياسية متعددة، تتحول الى تجمع من المحامين يتحرك للضغط لاخلاء سبيل الموقوفين.

الثاني: بلورة صيغة للتحرك على صعيد أهالي وأقرباء وأصدقاء الضباط الموقوفين، وهذا التحرك سيأخذ أشكالاً مختلفة وباتجاهات مختلفة لتشكيل قوة ضغط تنتصر لقضيتهم.

وقالت المصادر ان ما تعرض له العميد الركن ريمون عازار من عارض صحي أخيراً هو الذي عجل في بلورة هذين التحركين وأضافت ان عملية الانتظار والصمت التي تمارسها المرجعيات الطائفية للموقوفين الأربعة حتى الآن بدأت تنعكس سلباً على صعيد أقرباء الموقوفين خصوصاً وأن الجميع يراهن على مبادرة جهة معينة لاتخاذ الموقف، و"بصريح العبارة" تقول المصادر انهم "ينتظرون حزب الله أو التحالف الشيعي للمبادرة باتخاذ موقف في ما يخص اللواء الركن جميل السيد والعميد الركن مصطفى حمدان لما للضابطين من علاقة لدى الطرف الشيعي حتى يبادر الآخرون لاتخاذ مواقف مشابهة".

على صعيد آخر قالت مصادر مقربة من مراجع عليا ان السوريين "أرسلوا منذ نحو الشهر شقيق الشاهد هسام هسام الى بيروت فتحادث معه وأقنعه بالعودة الى سورية بعد أن قدم له ضمانات بعدم التعرض له".

وقالت المصادر انه بعد ان لم يتمكن هسام من الحصول على أموال بسبب روايته وبعد معرفته "بمقتل الشاهد السوري الآخر في حادث سير على طريق بتغرين وحادثة ضهر البيدر التي لم تتوضح معالمها الدقيقة بعد، شعر هسام بالخطر على حياته وساعد ذلك شقيقه في اقناعه بالعودة الى سورية".

وقالت مصادر سياسية لبنانية لرويترز مساء أمس ان ميليس يحتمل ان يستمر في منصبه.

وكان دبلوماسيون في الأمم المتحدة ذكروا يوم الخميس الماضي ان المدعي الألماني ميليس الذي عين في أيار الماضي رئيساً للفريق التابع للأمم المتحدة الذي يتولى التحقيق في واقعة اغتيال الحريري في 14 شباط الماضي يعتزم التخلي عن منصبه في نهاية العام الجاري.

وقالوا انه يعتزم تقديم تقرير الى مجلس الأمن الدولي يوم 12 كانون الأول الجاري والقاء كلمة أمام أعضاء المجلس الخمس عشرة في آخر مهمة رسمية له في الأمم المتحدة.

وطلب لبنان من المنظمة الدولية أمس الأول السبت تمديد مهمة التحقيق ستة أشهر بعد الموعد الحالي لانتهائه في كانون الأول الجاري. كما حثت الولايات المتحدة كوفي أنان الأمين العام للأمم المتحدة قبل يوم من ذلك على محاولة اقناع ميليس بالبقاء. وقالت المصادر ان من المرجح الآن أن يقبل ميليس الاستمرار في المهمة.

ووصل الى بيروت بعد ظهر امس وفد عسكري أميركي من ستة ضباط ولم يعلن رسمياً عن مهمته.

وفي السعودية استقبل الملك عبدالله بن عبد العزيز النائب وليد جنبلاط، وتم في الاجتماع بحث الأوضاع في لبنان والمنطقة.

 

أكبر المقابر في تاريخ "العلاقات الأخوية": روايات الشهود تكسر ليل الجرائم

كتب بيار عطاالله: 5/12/2005

مقبرة جماعية، اثنتان، ثلاث ورابعة وخامسة وسادسة على الطريق، كم يحتاج الرأي العام العربي والعالمي الى بقايا جثث وهياكل عظمية واشلاء كي يدرك حقيقة ما عاناه الشعب اللبناني في ظل سيطرة النظام السوري؟

بالامس القريب اكتشفت المقبرة الجماعية قرب وزارة الدفاع الوطني، لعسكريين لبنانيين اطلق الرصاص على رؤوسهم من الوراء بعدما اوثقت ايديهم، بمعنى انه جرت تصفيتهم عن سابق تصور وتصميم لآلية القتل. وقبل ثلاثة ايام اكتشفت مقبرتان جماعيتان في تلة مزار النبي زعور في مجدل عنجر. وغالب الظن ان مقبرة جماعية اخرى ستكتشف خلال ساعات او ايام في المكان عينه بعدما ادلى اهالي مجدل عنجر وعنجر بشهاداتهم عن مواقع الحفر التي اختارتها الاستخبارات السورية لطمس معالم جرائمها.

موقع المقبرة الجماعية في مجدل عنجر هادئ جداً وهو مقام تاريخي يعود الى مئات السنين يقوم على تلة عالية تشرف على طريق بيروت – دمشق وتطل على الحدود السورية اللبنانية في شكل واضح. وروى اهالي المجدل ان السوريين اختاروا التلة نظراً الى قدسيتها بالنسبة الى الاهالي الذين لا يختارون بناء مسكنهم عليها، لكنهم قرروا عوضاً عن ذلك بناء مسجد وقاعة استقبال ملحقة به، فكانت معارضة غير مفهومة الاسباب من الاستخبارات السورية التي رفضت السماح لهم بذلك، وقام "مجهولون" بتفجير بقايا المقام التاريخي الذي كانت عناصر الجيش السوري تتخذ منه مقراً "لممارسة المجون والدعارة" على ذمة الشهود من اهل المنطقة. وبعد تفجير المقام حدث ما يشبه الانتفاضة عند اهالي مجدل عنجر المتدينين، فتقرر السماح لهم ببناء المسجد وتجديد المقام، فأخذ العمال يعثرون على اشلاء بشرية على وجه الارض. وهذا كان قبل ست سنين.

توجه مختار مجدل عنجر شعبان العجمي الى المسؤولين اللبنانيين لابلاغهم بأمر البقايا البشرية قرب مقام النبي   زعور، فكان الجواب من النظام الامني السوري وتابعه اللبناني: اياك والكلام على هذا الموضوع والا دفناك الى جانب الجثث. التزم المختار الصبر والصمت في الوقت الذي استمرت فيه دائرة المقابر الجماعية الناجمة عن العلاقات الاخوية بين البلدين الشقيقين في الاتساع، مبتلعة المزيد من اشلاء اللبنانيين. وقامت عند سفح التل مقبرة اخرى لمن يقتلون تحت التعذيب في معمل البصل القريب، ووضع الجيش السوري دبابات وفرقا من المشاة في تلك المنطقة التي كانت مثلثا امنياً يضم منزل رئيس جهاز الامن والاستخبارات ومعتقل عنجر (معمل البصل) والمقابر الجماعية في تلة النبي زعور، ومنع ايا كان من الاقتراب من التلة، باستثناء زائرين خلال الاحتفال بعيد المقام السنوي.

امس كانت روايات لا تنتهي عما كان يجري في معتقل عنجر الذي حولته الاجهزة السورية مكاناً لموت اللبنانيين بامتياز ونقلهم الى المعتقلات الكبيرة في تدمر وصيدنايا والمزة (سابقاً)، من دون تفرقة بين مسيحي وسني وشيعي ودرزي او بين اشتراكي و"قواتي" وعوني وبيروتي، فالجميع لبنانيون عند حد التنكيل. وبطل كل هذه الروايات هو الجلاد العقيد يوسف العابد الذي كان مسؤولاً عن التعذيب في معتقل عنجر. وكان يشرف شخصياً على التنكيل باللبنانيين ومن نجا من الموت بالكهرباء كان يخر صريعا تحت ضربات العصي الحديد وانتزاع اظفار اليدين والقدمين والتعليق لساعات طويلة في وضعية الفروج. وقد لقّب بـ"النبي" لأنه كان يملك سلطة الحياة والموت على اللبنانيين المعتقلين لديه و"الداخل مفقود والخارج مولود".

حلت عقدة الألسن امس في مجدل عنجر امام مشهد المقبرة الجماعية فأشار معتقل سابق لدى الاجهزة الامنية الى وجود مقبرة اخرى عند سفح تلة المقام وينتظر ان تنبشها القوى الامنية بعد الانتهاء من المقبرتين اللتين اكتشفتا اول من امس. لكن الاهالي يتحدثون عن المقبرة الاكبر في تاريخ العلاقات الاخوية، الموجودة قرب معتقل عنجر او معمل البصل، الذي حوله الجيش اللبناني مركزاً له بعد انسحاب الاستخبارات السورية منه، ومنع اياً كان من الاقتراب، وتالياً تقع على قيادة الجيش والسلطة السياسية في لبنان مسؤولية اتخاذ القرار بمباشرة البحث والتنقيب عن اشلاء اللبنانيين هناك، كي لا يبقى مصيرهم مجهولاً.

للمقارنة والعبرة فقط: ارتكبت الميليشيات الصربية اثناء حربي كوسوفو والبوسنة مجازر رهيبة ضد الاقليات المسلمة في تلك المناطق، وعندما انتهت الحرب، جرى الكشف تباعاً عن اماكن المقابر الجماعية وتم التعرف الى القتلى الذين طمروا فيها بعد اجراء فحوص الحمض النووي. وعمد المسلمون في كوسوفو والبوسنة الى تكريم ضحاياهم بكل فخر واعتزاز كشهداء حرية البوسنة وكوسوفو. في حين عمدت المحكمة الدولية التي تتولى محاكمة سلوبودان ميلوسيفيتش رئيس صربيا المخلوع الى محاكمته على هذه الجرائم باعتبارها جرائم ضد الانسانية، لأنه غض الطرف عن تنفيذ جرائم الابادة هذه وسكوته عنها رغم معرفته بارتكابها.

في لائحة المقابر الجماعية المتوافرة لدى "لجنة دعم المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية" وعلى الاراضي اللبنانية الآتي: مدرسة الاميركان ومار مارون (طرابلس)، بيت مري (المتن)، حمانا وخراج ثكنتها، معمل البصل (البقاع – عنجر) وكلها مراكز لأجهزة الاستخبارات السورية.

 

"سوليد" زارت المنطقة وطالبت بجلسة طارئة لمجلس الوزراء

الحفر يتواصل في عنجر واحتمال العثور على مقابر جماعية جديدة

شبه اجماع على أن أصحاب الرفات من ضحايا مقر "النبي يوسف"

زحلة – "النهار": 5/12/2005

واصلت الشرطة  القضائية والمباحث الجنائية في قوى الامن الداخلي امس نبش المقابر الجماعية في تل النبي عزير في اراضي بلدة عنجر البقاعية، التي ظهر سرها الى العلن بعد سنوات من الكتمان وبعدما توافرت الظروف السياسية والامنية للكشف عنها، وشاع السر في صفوف اجهزة امنية وعسكرية واوساط رسمية ودينية واعلامية عقب خروب الجيش السوري ومخابراته من لبنان. وقد ابلغ القيم على مقام  النبي عزير رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بهذه المقابر يوم استقباله في فندق بارك اوتيل - شتورة للموقوفين من ابناء مجدل عنجر الذين افرج عنهم في حزيران الفائت بموجب كفالات.

وارتفع عدد الحفر امس الى خمس، ثلاث منها في التل جرى العثور فيها على عظام وجماجم، وموقعين جديدين بوشر حفرهما في فترة بعد الظهر، على ان يستأنف العمل فيهما يدويا اليوم.

فبعيد التاسعة والنصف قبل الظهر استأنفت  القوى الامنية اعمال الحفر التي باشرتها السبت في الجل السفلي خلف المقام بعدما  استقدمت حفارة بذراع طويلة وقامت بجمع ما عثرت عليه من عظام وقطع من جماجم  في اكياس  بيضاء تمهيدا لنقلها الى بيروت واجراء فحوص الحمض النووي لمعرفة هوية اصحابها. وبسبب تبعثر الهياكل العظمية  التي عثر عليها اجزاء، حتى الجماجم منها في بعض الاحيان، يتعذر احصاء عدد الاشخاص الذين تعود اليهم هذه العظام الا بعد ان ينسقها  اختصاصيون. وبعد الظهر انتقلت اعمال الحفر الى موقعين  جديدين يعتقد انهما مقبرتان جماعيتان، الاول عند سفح التل والآخر بئر تقع على حدود قطعتي ارض في السهل المنبسط  عند اقدام التل.  وقد تذكر  القيم على مقام النبي عزير شعبان العجمي اتصالا اجراه احدهم ببرنامج  في محطة تلفزيونية لبنانية ارضية ذكر فيها ان جثثا كانت ترمى في تلك البئر، محددا رقم العقار. وقد جرى ردم هذه البئر الى ان نبشت بالامس ولم تعرف الجهة التي ردمتها ولا الاسباب، وتوزعت الاجابات بين بلدية عنجر – حوش موسى والدولة اللبنانية. ومع مغيب الشمس توقفت اعمال الحفر في الموقعين الجديدين على ان تسـتأنف  يدويا اليوم.

واطلع اهالي المعتقلين امس، الى وفد من "لجنة  اهالي المعتقلين في السجون السورية" على اعمال الحفر  وخرجوا مرتاحين الى الطريقة التي يجري بها العمل، وطالبوا بلسان رئيس جمعية "سوليد" غازي عاد مجلس الوزراء اللبناني بعقد جلسة  طارئة للبحث في قضية المقابر الجماعية  والمبادرة الى طلب لجنة تحقيق دولية والتعامل مع الموضوع  بشفافية لأنه يترتب مسؤوليات جنائية عن هذه الجرائم التي اعتبرها عاد "شاهدا حيا على اجرام النظام السوري وضباطه  المخابراتييتن وما اقترفوه  في حق اللبنانيين".

كثر من اهالي المنطقة يشاركون عاد واهالي المعتقلين في اقتناعهم بأن الاشخاص الذين دفنوا في المقابر الجماعية المكتشفة  في عنجر  هم ضحايا التعذيب  في فرع التحقيق الذي كان بامرة العقيد يوسف العابد الذي طالب الاهالي بمحاكمته، ولا سيما ان التعليق السوري الذي صدر على لسان مصدر اعلامي  حول هذه المقابر الجماعية  وردها الى "الحرب الاهلية في لبنان" ساقط سلفا، اذ ان المنطقة لم تشهد معارك بين الفئات التي تناحرت في الحرب، والجيش السوري شغل تل النبي عزير منذ دخوله لبنان الى العام 1994 عقب انتهاء الحرب، ثم ان التل يقع في عرين المخابرات  السورية في عنجر.

اما ما نقل عن احد قياديي تنظيم "فتح – المجلس الثوري"، الذي كان يتزعمه "ابو نضال"، عن ان جرافات "ابو نضال" حفرت عام 1991 حفرا عميقة في المنطقة الواقعة قرب مزرعة البصل من اجل دفن ما سموه العملاء والمنشقين، فان الجدير التعامل مع هذا التصريح على انه إخبار  عن وجود مقبرة جماعية جديدة. اذ ان مزرعة البصل تقع في الجانب الاخر من الطريق الدولية التي تفصل بين تل النبي عزير والمزرعة لجهة الغرب ويمكن الوصول اليها عبر الانحراف يمينا على خط السير المتجه  نحو مجدل عنجر والمصنع، فيما يتوجب الانحراف يسارا  وقطع خط السير المعاكس للوصول الى التل. ومعلوم ان مواقع تنظيم "فتح - المجلس الثوري" كانت متمركزة في شكل رئيسي في اراضي بلدة الروضة الواقعة غرب معمل البصل.

كما استغرب الاهالي ما نقلته وسائل الاعلام عن ان اللجنة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري طلبت من الاجهزة الامنية التحري عن جثة دفنت حديثا في  المكان قد تعود الى احمد ابو عدس، ذلك انه تتمركز عند اول الطريق المؤدية الى تل النبي عزير نقطة للجيش اللبناني  منذ نحو سنتين على اثر تفجير المقام،  كما ان ناطورا  يقيم في شكل دائم مع عائلته في التل وحراس المقام يجولون هناك دائما.  

عاد

بالعودة الى زيارة اهالي المعتقلين في السجون السورية، فقد اوضح عاد ان الزيارة تهدف الى الاطلاع على الاعمال وطريقتها، بعد الالتباس الذي حصل جراء المشاهد التي بثتها وسائل الاعلام المرئية لجرافات تعمل في المكان "بطريقة منافية لطريقة العمل في المقابر الجماعية"، من دون ان يعلم الاهالي ان هذه الصور التقطت بعد انتهاء أعمال الحفر، وقد أعربوا عن ارتياحهم الى الاعمال الجارية عقب اطلاعهم عليها. وقال: "بعد المشاهد التي رأيناها على شاشات التلفزيون جئنا لنتأكد من طريقة العمل لاننا كنا رأينا جرافات تعمل، وهذا أزعج أشخاصا كثرا وأزعجنا شخصيا، واعتبرنا ان طريقة العمل خاطئة. تمكنا من دخول مكان الحفريات ومعاينة العمل، حيث وجدنا انه على خلاف ما شاهدناه. العمل يتم بتأن وبشكل محترف، وان ما رأيناه على شاشات التلفزيون كان بعد انتهاء العمل. وهذا يطرح موضوع الشفافية الذي نتكلم عليه، المقبرة الجماعية شرطها الاساسي الشفافية. من هنا عندما اجتمعنا بالرئيس فؤاد السنيورة وعندما نجتمع مع كل النواب والمسؤولين، نطرح مبدأ الشفافية، وهو ضرورية جدا لاطلاع الناس على التفاصيل لان موضوع المقابر الجماعية حساس جدا.

وأضاف: "شاهدنا محطات التلفزيون التي غطت الخبر كل واحدة بطريقة مختلفة، هناك من استعجل وقال هؤلاء ضحايا 13 تشرين، وثمة من قال انهم 30 وقد يصل العدد الى 40. نحن نؤكد ان موضوع الشفافية أساسي ويجب ان يطرح وتتحمل الدولة اللبنانية مسؤولية التعاطي بشفافية، ويكون العمل في شكل معلن لكل الناس، خصوصا انه يرتب مسؤولية جرمية وجنائية".

وأوضح ان "المقبرة الجماعية ليست ان نعرف عدد الرفات ولمن يعود بل هي اكثر من ذلك مسؤولية جنائية. نريد ان نعرف لماذا مات هؤلاء؟ وكيف؟ ولماذا دفنوا بهذه الطريقة؟ ولماذا تم رميهم هنا؟ العملية متكاملة ترتب مسؤولية جنائية والمطلوب من الدولة اللبنانية التحرك فورا، وعقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء للبحث في الموضوع، خصوصا اننا تحدثنا عن المقابر الجماعية مرارا وتكرارا وقلنا ان في محيط مراكز المخابرات السورية في لبنان هناك مقابر جماعية".

ولفت الى "ان كل الذين حولوا الى سوريا، كانوا يمرون بعنجر حيث يحقق معهم. وأهالي المنطقة هنا يعلمون انه كان هناك ضابط سوري ملقب بالنبي يوسف وهو العميد يوسف العابد، وكان الناس يموتون عنده بسبب التعذيب ويدفنون في المدافن الجماعية. الموجودون في هذه المقابر مروا في التحقيق بمحطة عنجر وماتوا بسبب التعذيب ولعدم قدرتهم على تحمل ما تعرضوا له. وهذه جريمة كبيرة مستمرة منذ سنوات. طالبنا مرارا وتكرارا بالتحقيق فيها واليوم بدأت تظهر نتائج ما قلناه".

ما مطلبكم بعد اكتشاف المقابر الجماعية في عنجر؟

- هذا يعزز مطلبنا بلجنة تحقيق دولية فورية، كلنا رأينا كيف ان الامم المتحدة تحركت عندما اكتشفت المقابر الجماعية في كوسوفو، ماذا تنتظر الامم المتحدة والدولة اللبنانية لطلب التحقيق وتحديد المسؤولية عن المقابر الجماعية؟

ماذا رأيتم عندما دخلتم؟

- رأيناهم يعملون في المقبرة ويحفرون في الأرض، لم نر رفاتا لانهم أوقفوا العمل عندما دخلنا. ولكن كان هناك حفر بطريقة جيدة (...) هناك أطباء شرعيون يشرفون على العملية وهناك رجال التحري، ويتم نقلهم لفحص الرفات والتحقق منه".

الى أين تنقل؟

- لم يحددوا لنا بعد. طلبوا منا ان ننتظر تقريرا رسميا يحدد عدد الرفات وسنوات الوفاة وتحديد اسبابها.

هل ينقل في أكياس؟

- نعم هم يصنفون الرفات تمهيدا للتحقيق.

لماذا لا تطرحون موضوع الاسرى والمعتقلين في السجون الاسرائيلية؟

- نحن نطلب لجنة دولية لتحقق في كل عمليات الاخفاء القسري في لبنان سواء كانت على يد القوات السورية او عند الاسرائيليين او ميليشيات الحرب اللبنانية. هذا الموضوع كبير جدا ويجب ان يعطى الاولوية اليوم قبل غد.

هل تخافون على مصير المعتقلين في سوريا بعدما بدأت تظهر المقابر الجماعية؟

- لا. نحن لدينا معطيات عن الموجودين في سوريا تثبت وجودهم. الفكرة الأساسية ان المدفونين في المقابر الجماعية في محيط مراكز المخابرات السورية سابقا توفوا في مراكز التعذيب قبل ان ينقلوا الى السجون السورية. أما عندما نتكلم على معتقلين في السجون فيكون ذلك بناء على معطيات عن وجودهم داخل السجون السورية أحياء.

هل تخافون تصفية المعتقلين في السجون السورية؟

- نحن نطالب بلجنة التحقيق الدولية لان هناك خوفا من التعامل مع المعتقلين في السجون السورية كما تم التعاطي مع المعتقلين في سجن ابو غريب قبل سقوط النظام العراقي في بغداد".

هل هناك امكان لمعرفة لمن تعود هذه العظام بعد كل هذه السنوات؟

- بالتأكيد، بعد فحص الحمض النووي DNA، ويجب ان تكلف الدولة لجنة فنية تشرف على العملية ويصبح لدينا DNA DATA BASE (قاعدة معلومات للحمض النووي) وعلى أساسها يمكن العمل كلما اكتشفنا مقبرة جماعية (...) بالنسبة الى الجنود الذين دفنوا في اليرزة بدأت ولكن نحن نطالب بتوسيع العمل ليشمل كل اهالي المفقودين في لبنان.

ما رد فعلكم عندما تعلمون ان موقع هذه المقبرة معروف منذ عام 1999 حتى من جهات رسمية وسكت عنها بسبب الوجود السوري؟

- هذه مسؤولية جنائية، انها مقبرة جماعية وليست لعب اولاد. هناك من "صفّي" ودفن في شكل غير لائق.

هل ترجح ان تكون الجثث منذ أيام الحرب الى آخر فترة الوجود السوري في لبنان؟

- سبق ان حذرنا من هذا الشيء. في محيط المراكز السورية، وبناء على معلومات ومعطيات، جرفت أتربة قبل انسحاب الجيش السوري في لبنان، وليس فقط في عنجر، بل ربما في مدرسة الاميركان ومار مارون في طرابلس وفي مواقع اخرى هناك احتمال مقابر جماعية بسبب موت سجناء تحت التعذيب   وما رأيناه أكبر دليل على صحة ما نقوله. عمليات الاعتقال بدأت منذ عام 1976".

وردا على سؤال قال عاد: "عندما نقول جريمة اخفاء قسري، فهذا يعني حرمان انسان حريته خلافا لارادته، ثم الامتناع عن الافصاح عن مكان وجوده، وهي جريمة متمادية ضد الانسانية حتى معرفة مصير الشخص. من هنا الدولة اللبنانية يجب ان تتحمل مسؤوليتها في هذا الملف، وهو كبير ويطول كل لبنان. الجثث الموجودة لا تعود الى فئة معينة، سياسية او طائفية، بل الى لبنانيين. مسؤولية الدولة التحرك فورا. هناك مقابر جماعية ونعرف ان ميلوسيفيتش يحاكم أمام المحكمة الدولية لانه كان مسؤولا عن مقابر جماعية، ماذا تنتظر الدولة لتتحرك؟

ولكن اليوم هناك رواية سورية تتحدث عن اعدامات جماعية على يد جماعات فلسطينية، بالاضافة الى ضحايا الحرب الاهلية؟

- اسألوا أهل المنطقة يخبرونكم عن الاعتقالات وعن النبي يوسف حتى لا نسمي ضباطا آخرين، هو من يتحمل المسؤولية في هذه المنطقة. فليكفوا عن الحديث عن الميليشيات وغير الميليشيات. كل الجثث توجد حول مراكز المخابرات ومن كان يجرؤ على التقدم منها؟

هل انتم راضون عن التعاطي الرسمي؟

- نريد من مجلس الوزراء ان يجتمع فورا. هذه حالة طارئة، وجريمة، هناك مقبرة وناس تحت التراب لا نعرف لماذا وكيف ماتوا. مطلوب من الدولة اللبنانية فورا ان تطلب لجنة دولية.

بدورها حملت السيدة فيوليت ناصيف والدة المعتقل جوني ناصيف العقيد العابد المسؤولية مشيرة الى انه "في كل مركز كان حاضرا فيه كانت الجريمة تحصل، وانا واحدة منهم، انا والسيدة صونيا عيد قلنا لهم ان اولادنا في سوريا رأيناهم.

ألا تخافين ان يهدد كلامك حياة ابنك؟

- لماذا أخاف؟ انا أم من مئات الأمهات اللواتي ينتظرن منذ ثمانية اشهر، ولدينا اثباتات على ان اولادنا في سوريا، لذلك لم نعد نخاف ونريد محكمة دولية ومحاكمة "النبي يوسف" مع احترامي للأنبياء، فهو بعيد كل البعد عن النبي محمد والنبي عيسى.

 

ردود فعل على المقبرة الجماعية ومطالبة بالحقيقة

النهار 5/12/2005: بعد اكتشاف المقبرة الجماعية في عنجر دعا الرئيس سليم الحص الى فتح ملفات الحرب في وجه جميع المجرمين، مذكراً بمحاولة اغتياله وعدم ملاحقة القضاء للجناة. وطالب النائب غسان مخيبر القضاء اللبناني بالتحقيق فوراً في هذه الجرائم وبلجنة تحقيق دولية لجلاء الحقيقة.

الرئيس الحص قال: "خبر المقابر الجماعية في البقاع الذي طلعت به علينا وسائل الاعلام تقشعر له الابدان، وهو دليل جديد على الفظاعات التي شهدتها الساحة اللبنانية منذ نشوب الحرب القذرة، القذرة جداً، في عام 1975.

اننا لا نريد ان نستبق التحقيق فنطلق الاتهامات جزافاً، ولكننا من جهة اخرى لا نبرّئ احداً سلفاً، فنحن لا نُبرّئ الاستخبارات، سورية كانت ام لبنانية، كما لا نبرّئ فصيلاً من الفصائل اللبنانية او الفلسطينية التي انغمست في وحول الحرب القذرة. وندعو السلطات السورية الى فتح تحقيق مع استخباراتها السابقة في لبنان في هذه الجرائم النكراء. كذلك من المفترض ان تفتح السلطات اللبنانية تحقيقاً واسعاً اذا استطاعت الى ذلك سبيلاً.

نقول اذا استطاعت الى ذلك سبيلاً لان المؤلم ان الحرب القذرة، التي اودت بحياة آلاف من الآمنين الأبرياء والعزّل، انتهت بعفو عام عن كل الجرائم وأضحى مجرمو الحرب من نجوم الساحة السياسية يحاضرون في العفة ويتحفوننا بالحِكَم اليومية، فكيف للتحقيق في لبنان ان يأخذ مجراه؟ جريمة واحدة اكتشف الجناة فيها، وهي جريمة اغتيال المغفور له الرئيس رشيد كرامي، فكان ان صدر قانون خاص بالعفو عن الجناة حتى لا يكون هناك اي شذوذ عن القاعدة. وفي محاولة اغتيالي شخصياً كان هناك اربعة قتلى، بينهم ثلاثة من رجال الامن، احدهم كان يقود سيارتي. تعرفت الى الجناة من مصادر موثوقة وابلغت القضاء عنهم فما كانت ملاحقة ولا كان من يلاحقون.

المقابر الجماعية تعيد الى ذاكرتنا فظاعة الحرب القذرة. يا حبذا لو تفتح ملفاتها في وجه جميع المجرمين. بغير ذلك لن يُكتب للبنان تاريخ موحد ولن تكون تالياً مواطَنة لبنانية مكتملة العناصر. فالاوطان لا تُبنى على غير الحقيقة".

مقرر لجنة حقوق الانسان النيابية النائب غسان مخيبر ادلى بالآتي: "ان نبش المقبرة الجماعية في منطقة عنجر البقاعية على مقربة من احد مراكز المخابرات السورية، اعاد ذاكرة اللبنانيين والعالم لتتجه الى جرائم الحرب التي اقترفتها الاجهزة الامنية السورية التي هيمنت على لبنان لسنوات طويلة وقهرت العديد من ابنائه بأسوأ انواع انتهاكات حقوق الانسان. وما اشلاء الجثث المكتشفة، سوى بعض الادلة التي تفرض نفسها الى العلن، مطالبة هي اكثر من مطالبة ذويها والسياسيين بجلاء الحقيقة حول جرائم التعذيب والاخفاء القسري والقتل خارج اطار القانون التي تعرضت لها الضحايا، وتطالبنا ايضاً بالعدالة عن طريق احالة المسؤولين عن هذه الجرائم للمحاكمة، لان الحقيقة والعدالة هما مفتاحا المصالحة والعلاقات السليمة".

واكد مخيبر انه "مع هذه المقبرة الجماعية الجديدة، انتهى زمن التعامي الرسمي اللبناني والسوري الطويل عن الحاجة الماسة الى معالجة ملف الاختفاء القسري معالجة نهائية وجريئة وجدية، ما يتطلب تحقيق الاجراءات الآتية:

اولاً: اعتماد اصول تتمتع بالشفافية والمهنية العالية في نبش المقابر الجماعية وجمع الادلة الكاملة المتعلقة بظروف دفنها، مع استهجان اعتماد الآليات الثقيلة في عملية نبش المقبرة الجماعية في عنجر، وضرورة التعاون الفوري مع اللجنة الدولية للصليب الاحمر ومع لجان اهالي الضحايا.

ثانياً: على القضاء اللبناني المختص ان يباشر فوراً بالتحقيق في هذه الجرائم، وغيرها من التي سوف يظهرها التحقيق وتظهرها الادلة على مساحة الاراضي اللبنانية. ونظراً الى الطبيعة الخاصة لجرائم الاختفاء القسري على يد الاجهزة الامنية السورية، لا بد من تشكيل لجنة تحقيق دولية تتمتع بالنزاهة والصدقية والفعالية لتتولى جلاء كل الحقيقة واحالة المجرمين الى المحاكمة.

ثالثاً: تشكيل لجنة دائمة مؤلفة من قضاة ومثقفين حكماء وممثلين عن لجان اهالي الضحايا وعن المنظمات الاهلية والدولية المعنية باسم "لجنة الحقيقة والمصالحة"، مهمتها متابعة جميع الاجراءات المرافقة لنبش المقابر الجماعية التي سوف تظهر في المستقبل، اياً تكن الجهة المسؤولة عن جرائم الاخفاء القسري والقتل، اكانت سورية او فلسطينية او تابعة لاي من الميليشيات اللبنانية؛ على ان تتمتع هذه اللجنة بالصلاحيات الكاملة وتشرف على عملية جلاء الحقيقة وتعميق المصالحة بدل الانتقام والحقد، فوحدها الحقيقة والمصالحة كفيلة ببناء السلم الاهلي والوحدة الوطنية الثابتة".

 

مقابر جماعية في عنجر: صورة حية لما كنا فيه

علي حماده – النهار 5/12/2005

المقابر الجماعية التي اكتشفت في منطقة عنجر البقاعية (المقر السابق للاستخبارات السورية في لبنان) هي تصوير حي لبعض اوجه فترة الوصاية التي مارسها النظام السوري في لبنان خلال سنوات طويلة. ولعل الجانب الأمني القمعي الذي ارتقى الى مستويات متقدمة في مراحل عدة من تاريخ هذا الوجود شكل السمة الأكثر بروزا الذي طغى على الكثير من ايجابياته. فكما لا يمكن انكار سيئات ارتكبها هذا النظام في لبنان، وثمة ايجابيات لا يمكن انكارها البتة أهمها الدور السوري الكبير في تحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الاسرائيلي. اما "إيجابية" تحقيق الاستقرار في لبنان ما بعد اتفاق "الطائف"، وهي رصيد كبير للنظام السوري، فقد أدت ممارساته الى تبديدها، لأنها كانت اقرب ما تكون الى الممارسات الاحتلالية، فانتهى الأمر باللبنانيين الى الثورة بعدما طفح الكيل. هذه هي خلاصة الوضع الذي وصل اليه النظام السوري في لبنان. ومن المؤسف حقاً الا يكون حكام دمشق استنتجوا الدروس الملائمة من تجربتهم الدراماتيكية في لبنان من أجل التصحيح انقاذا للعلاقات بين البلدين والشعبين.

والحديث عن العلاقة بين الشعبين يجرنا الى الاعتراف بان ما من لبناني ينكر ان ما يجمع بين الشعبين لا يمكن نزعه ولا تجاوزه في سياق أزمة تنشب بين البلدين. لكن الازمة الحالية كبيرة، وكبيرة جدا، وسلوك النظام في دمشق يفاقم الأمور لأنه يعكس عجزا عن ادراك وجود ارادة لبنانية راسخة للاستقلال والقرار الحر ورفض التبعية او الوصاية. أخوية كانت ام اجنبية. وما دام الادراك المشار اليه غائباً او مغيّباً في عقل النظام البعثي السوري سوف تتوالد ازمات من رحم أزمات. وبقدر ما ستهدد استقرار لبنان وازدهاره ستهدد استقرار سوريا وازدهارها ايضاً.

واذا كانت الأزمة الحالية بين لبنان والنظام السوري اليوم تتصل أول ما تتصل بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري الارهابية، فإن قضايا اساسية وجوهرية ينبغي التصدي لها في أقرب وقت والعمل على معالجتها، وفي مقدمها الحصول على التزام حقيقي لا لفظي من النظام السوري للتوقف التام عن التدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية على النحو الذي حصل ويحصل حتى يومنا. وعندما نقول وقف التدخل نعني في مكان ما وقف العمل الدؤوب لضرب الاستقرار الأمني في البلاد ورفع مناخات الارهاب التي تسودها منذ انتفض اللبنانيون على الوصاية. فمن الاعمال الارهابية وجرائم الاغتيالات الى تهريب السلاح عبر ممرات التهريب، الى تأمين تسلل مقاتلين من منظمات فلسطينية تابعة للنظام، فالتنسيق مع جهات لبنانية عدة تشكل أدوات امنية ومخابراتية من مخلفاتها تخزين السلاح وتحضر الارض لزعزعة الاستقرار. وهذه قضايا عالقة لم يعد جائزاً تأخير الجانب السوري معالجتها جذرياً. ولا ننسى تسوية قضية ترسيم الحدود عبر إطلاقها برعاية الأمم المتحدة وصولا الى مزارع شبعا لئلا تظل التصريحات السورية عن لبنانية المزارع مجرد كلام من دون أي قيمة قانونية. ان المقابر الجماعية المكتشفة بالامس تزيدنا اقتناعا بان الانتفاضة ضد المافيا المخابراتية السورية – اللبنانية كانت قرارا صائباً اتخذه اللبنانيون بعدما ضاقت بهم سبل الحوار مع طرف لا يقيم، ويا للأسف، وزنا للانسان. ومع صورة المقابر الجماعية هذه يبقى السؤال موجها الى بعض اللبنانيين الذين يعملون رافعة للسلوكيات السورية في لبنان: هل هذا لبنان الذي تدافعون عنه؟