"النهار" تنشر النص الحرفي غير الرسمي لتقرير رودلارسن الثاني نصف السنوي عن تطبيق القرار 1559

ازدياد في تدفق الأسلحة والأفراد من سوريا الى جماعات فلسطينية في لبنان

طابع رسمي للعلاقات بين البلدين في المستقبل القريب... وحكومة السنيورة طلبت وقتاً لحل قضية الميليشيات

وزع في نيويورك امس التقرير نصف السنوي الثاني للأمين العام للأمم المتحدة حول تطبيق قرار مجلس الامن رقم 1559، والذي أعده الموفد الخاص للأمم المتحدة المكلف متابعة تطبيق القرار تيري رودلارسن.

وفي ما يلي النص الحرفي للتقرير في تعريب غير رسمي لـ"النهار":

"التقرير نصف السنوي الثاني للأمين العام للأمم المتّحدة

إلى مجلس الأمن حول تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1559 (2004)

25 تشرين الأول 2005

. مقدّمة

هذا التقرير هو التقرير نصف السنوي الثاني الذي أرفعه إلى مجلس الأمن حول تطبيق القرار 1559 (2004) بناءً على طلب مجلس الأمن المعبَّر عنه في البيان الرئاسي الصادر في 19 تشرين الأول 2004 (S/PRST/2004/36) والذي يقضي بأن أستمرّ في رفع تقارير إلى المجلس عن تطبيق القرار كلّ ستّة أشهر.

 

2. أعاد القرار 1559 (2004) الذي أقرّه مجلس الأمن في 2 أيلول 2004 (S/RES/1559) التأكيد على دعم المجلس القويّ لسلامة لبنان الإقليمية وسيادته واستقلاله السياسي. ودعا القرار كلّ الأطراف المعنيين إلى التعاون الكامل والملحّ مع مجلس الأمن في سبيل التطبيق الكامل لهذا القرار وكلّ القرارات ذات الصلة التي تتعلّق باستعادة لبنان سلامته الإقليمية وسيادته الكاملة واستقلاله السياسي. وحدّد أيضاً عدداً من المقتضيات العمليّة بينها:

أ - انسحاب كلّ القوّات الأجنبية المتبقّية من لبنان،

ب -  تفكيك كلّ الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها،

ج - بسط سلطة الحكومة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية ،

د-  الاحترام الشديد لسيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي في ظلّ السلطة الوحيدة والحصرية للحكومة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية.

وأعلن المجلس أيضاً في القرار دعمه لانتخابات رئاسية حرّة ونزيهة في لبنان تجري بموجب أحكام الدستور اللبناني وبدون تدخّل أو تأثير خارجي.

3. في تقريري الأوّل إلى مجلس الأمن في الأول من تشرين الأول 2004 (S/2004/777)، استنتجت أنّه لم تتمّ تلبية المقتضيات المنصوص عنها في القرار. وجاء في تقريري الثاني، وهو أوّل تقرير نصف سنوي عن تطبيق القرار 1559 (S/2005/272) أنّه اعتباراً من 26 نيسان 2005، حقّق الأفرقاء المعنيّون تقدّماً مهماً وملحوظاً نحو تطبيق بعض البنود الواردة في القرار رغم أنّه لم تتمّ بعد تلبية مقتضيات القرار 1559 (2004).

4. منذ تقريري الأخير إلى مجلس الأمن بتاريخ 26 نيسان 2005، حقّق الأفرقاء المعنيّون المزيد من التقدّم الملحوظ نحو تطبيق القرار 1559 (2004). تمّت تلبية عدد من المقتضيات العمليّة المنبثقة من القرار 1559 (2004) من بينها انسحاب القوّات السورية من لبنان وتنظيم انتخابات تشريعية حرّة ونزيهة. ولا تزال هناك بنود أخرى لم تُطبَّق لا سيّما تفكيك الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها وبسط سيطرة الحكومة على كامل الأراضي اللبنانية وإعادة الإرساء الكامل والاحترام الشديد لسيادة لبنان ووحدته وسلامته الإقليمية واستقلاله السياسي، لا سيّما عبر إقامة علاقات ديبلوماسية طبيعية بين الجمهورية العربية السورية والجمهورية اللبنانية وترسيم الحدود بينهما.

II. الخلفيّة

5. في الأشهر الستّة التي تلت تقريري الأخير المرفوع بتاريخ 26 نيسان 2005 (S/2005/272)، بقي الوضع في لبنان هشاً. وقع عدد من التطوّرات المقلقة التي أثّرت في استقرار لبنان، واتّخذت في صورة خاصّة شكل أعمال إرهابية وتهريب للأسلحة والأشخاص عبر الحدود إلى لبنان.

6. في الثاني من حزيران 2005، وفي 21 حزيران 2005 ثم في 25 أيلول، استُهدِف على التوالي عدد من الشخصيات اللبنانية البارزة بواسطة سيّارات مفخّخة في بيروت أدّت إلى مقتل سمير قصير وجورج حاوي وإصابة مي شدياق بجروح خطرة. وجرت أيضاً محاولة اغتيال وزير الدفاع اللبناني، الياس المرّ، في 12 تموز 2005، ما أدّى إلى مقتل شخص وإصابة عدد من الأشخاص بينهم الوزير. وحصلت تفجيرات أخرى في 22 تموز 2005 و23 آب 2005 و16 أيلول 2005 أدّت إلى وفاة شخص وإصابة الكثيرين.

7. ندد مجلس الأمن في صورة لا لبس فيها وبشدّة بهذه التفجيرات باستمرار الاغتيالات السياسية وأعمال إرهابية أخرى في لبنان في البيانَين الرئاسيين الصادرين بتاريخ 7 حزيران 2005 (S/PRST/2005/22) و22 حزيران 2005 (S/PRST/2005/26) وكذلك في البيانين الصحافيين الصادرين عن رئيس مجلس الأمن في 12 تموز 2005 و28 أيلول 2005. ونددّت أنا أيضاً بأقوى العبارات باغتيال السيد قصير والسيد حاوي وبمحاولة اغتيال السيد المرّ والسيدة شدياق. وفي تصريحات متكرّرة، حضضت السلطات اللبنانية بأن تبادر في أسرع وقت إلى إحضار مرتكبي هذه الأعمال الإرهابية والمحرّضين عليها أمام العدالة. ونتيجةً لهذه الأعمال، اختار عدد كبير من الزعماء السياسيين اللبنانيين تمضية فترات طويلة في الخارج خوفاً على حياتهم.

8. في 7 أيار، عاد الجنرال ميشال عون بعد 14 عاماً من المنفى وشكّل "التيار الوطني الحر" للمشاركة في الانتخابات التشريعية التي  بدأت في 29 أيار 2005 وانتهت بعد أربع دورات في 19 حزيران 2005. وحقّق الائتلاف الذي يضمّ "تيار المستقبل" بقيادة سعد الحريري والحزب التقدّمي الاشتراكي بقيادة وليد جنبلاط فوزاً واضحاً في الانتخابات بفوزه بـ72 مقعداً. وفاز تحالف من "حركة أمل" و"حزب الله" بـ35 مقعداً، وفاز "التيار الوطني الحرّ" بقيادة ميشال عون بـ21 مقعداً في البرلمان المؤلّف من 128 مقعداً.

9. في 19 تموز تشكّلت حكومة جديدة بعد مشاورات ومفاوضات كثيفة بين الأحزاب السياسية والرئيس لحود لم تخلُ من صعوبات، وقد شكّلها رئيس الوزراء فؤاد السنيورة، وهو وزير سابق للمال ينتمي إلى "تيّار المستقبل". تتألّف حكومة السيد السنيورة من 24 عضواً بينهم 15 من "تيار المستقبل" وخمسة يمثّلون التحالف الشيعي الذي يضمّ "حزب الله".  للمرّة الاولى حصل عضو من "حزب الله" هو محمد فنيش، على حقيبة وزارية وأصبح وزير الطاقة والمياه. في 31 تموز، نالت الحكومة الجديدة الثقة في مجلس النواب بمجموع كبير من الأصوات. وفي وقت سابق، تحديداً في 18 تموز، كان البرلمان المنتخب حديثاً قد صوّت على مشروع قانون للعفو عن سمير جعجع قائد القوّات اللبنانية الذي أمضى 11 عاماً في السجن.

III. تطبيق القرار 1559 (2004)

10. منذ تقرير الأخير بتاريخ 26 نيسان 2005، حصل تقدّم إضافي ملحوظ نحو تطبيق القرار 1559 (2004). تمّت تلبية عدد من المتقضيات العملية المنبثقة من القرار 1559 (2004) في حين لم تتمّ تلبية مقتضيات أخرى.

أ. انسحاب القوّات الأجنبية المنتشرة في لبنان

11. في تقريري الأخير بتاريخ 26 نيسان 2005، أشرت إلى الالتزامات التي قدّمتها الحكومة السورية إلى الأمم المتّحدة لتحقيق الانسحاب الكامل لقوّاتها وأعتدتها العسكرية وأجهزة استخباراتها من لبنان. وأشرت أيضاً إلى الرسالة التي وجّهتها إليّ الحكومة السورية بتاريخ 26 نيسان 2005 والتي أبلغتني فيها انسحابها الكامل من لبنان إيفاءً لهذه الالتزامات وتنفيذاً للبند ذي الصلة في القرار 1559. وأوردت أيضاً في تقريري أنّني لم أتمكّن بعد من التحقّق من الانسحاب الكامل والشامل للقوّات والأعتدة العسكرية والاستخبارات السورية من لبنان لكنّني أرسلت، بموافقة حكومتَي سوريا ولبنان، بعثة تابعة للأمم المتّحدة لإجراء هذا التحقّق.

12. رفعتُ تقرير بعثة الأمم المتّحدة المكلّفة التحقّق من الانسحاب الكامل والشامل للقوّات السورية من لبنان بموجب قرار مجلس الأمن 1559 (2004) كملحق لتقريري الأخير في 23 أيار 2005 (S/2005/331). وأشارت لجنة التحقّق في تقريرها إلى أنّها "لم تجد قوّات أو أعتدة عسكرية أو استخبارات سورية على الأراضي اللبنانية" واستنتجت أنّه "انطلاقاً من أفضل الإمكانات المتاحة لها ومع الاستثناء المحتمل لمنطقة دير العشاير الذي لا يزال وضعها غير واضح (...) انسحبت القوّات والأعتدة العسكرية السورية انسحاباً كاملاً وشاملاً من الأراضي اللبنانية".

13. أشارت لجنة التحقّق أيضاً إلى أنّه "كان من الأصعب التحقّق من انسحاب الاستخبارات السورية لأنّ الأنشطة الاستخبارية غالباً ما تكون سرّية بطبيعتها". واستنتجت انطلاقاً من أفضل الإمكانات المتاحة لها أنّه "لم يعد هناك وجود للاستخبارات العسكرية السورية في لبنان في مواقع معروفة أو في بزّات عسكرية" وأضافت أنّها "لم تستطع أن تستنتج في شكل مؤكّد أنّ كلّ الأجهزة الاستخبارية قد انسحبت".

ب. سيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدة أراضيه واستقلاله السياسي

14. يركّز القرار 1559 في شكل أساسي على سيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي في ظلّ السلطة الوحيدة والحصرية للحكومة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية، معيداً باستمرار التأكيد على هذا الأمر. في بيانه الرئاسي المستند إلى تقرير الأخير بتاريخ 26 نيسان 2005، شدّد مجلس الأمن في 4 أيار 2005 على أنّ الاستقلال السياسي الكامل للبنان وممارسته الكاملة لسيادته هما الهدف الأقصى للقرار 1559 (2004).

15. استمررت في إعطاء هذه المسألة الأولوية القصوى في الجهود التي أبذلها وحافظت، انطلاقاً من قلقي حيال الهشاشة المستمرّة للوضع السياسي والأمني في لبنان، على اتّصال وثيق جداً بالسلطات اللبنانية والمسوؤلين اللبنانيين الرفيعي المستوى. وقد قدّمت الأمم المتّحدة مساعدةً في عدد من المجالات أو وسّعت نطاق مساعداتها بغية دعم جهود لبنان حكومةً وشعباً الآيلة إلى إعادة التأكيد على سيادتهم ووحدتهم واستقلالهم السياسي.

16. في تقريري الأخير إلى المجلس في 26 نيسان 2005، حدّدت ثلاثة عناصر ذات أهمّية خاصّة لإعادة إرساء سيادة لبنان ووحدته واستقلاله السياسي وفرض الاحترام الشديد لها. وهي: (1) وجود الاستخبارات السورية في لبنان وتأثيرها، (2) إقامة تمثيل ديبلوماسي متبادل بين سوريا ولبنان، و(3) تنظيم انتخابات نيابية حرّة ونزيهة في لبنان. والعنصر الرابع المهمّ بالدرجة نفسها في هذا السياق والذي برز في سياق انسحاب القوّات والأعتدة العسكرية والاستخبارات السورية، هو الحاجة إلى اتّفاق بين لبنان وسوريا حول الحدود الدولية بينهما وترسيمها على الأرض. وأشرت أيضاً إلى الطائرات الإسرائيلية التي تحلّق في الأجواء اللبنانية منتهكةً سلامة لبنان الإقليمية.

الاستخبارات السورية في لبنان

17. استنتجت في ما تقدّم أنّ لا وجود مرئيا أو مهمّا للاستخبارات السورية في لبنان. ولكن برزت تقارير من حين الى آخر تشير إلى أنّ الاستخبارات السورية لا تزال تعمل في لبنان وأنّها استمرّت في التأثير على الأحداث في لبنان.

18. لذلك طلبت على وجه السرعة من بعثة التحقّق التابعة للأمم المتّحدة العودة إلى لبنان وتوضيح مسائل متعلّقة بانسحاب الاستخبارات السورية وذلك من خلال الاتصال بمسؤولين لبنانيين من ضمنهم أمنيّون، ومسؤولين سوريين، وكذلك عبر الاجتماع بمدنيين لبنانيين ربما يملكون معلومات ذات صلة وبعثات ديبلوماسية وسواهما. قامت اللجنة بعملها من 12 حزيران حتى 11 تموز 2005 ورفعت إليّ تقريراً بعد ذلك بوقت قصير.

19. أجرى فريق التحقّق مجموعة واسعة من المشاورات والاجتماعات شملت في ذلك شخصيات سياسية لبنانية رفيعة المستوى ومسؤولين أمنيين وكذلك مع مسؤولين أمنيين سوريين. ولاحظ التبدّل في العلاقة بين لبنان وسوريا وأنّه يجب أخذ الروابط التاريخية الوثيقة وحتّى العائلية وكذلك مناخ الخوف والشكّ والاشاعات السائد في لبنان، في الاعتبار عند تقويم التقارير والاشاعات عن استمرار النشاط الاستخباري السوري في لبنان. ذكر الفريق أنّ مصادر عدّة بينها وزراء ووزراء سابقون ومسؤولون أمنيّون قالت له إنّه لا يزال هناك في رأيها نشاط استخباري سوري في لبنان. واعتبرت أنّ هناك بعض التقارير ذات الصدقيّة عن نشاط الاستخبارات السورية لكنّ معظمها مبالغٌ فيه. واستنتج الفريق أيضاً أنّه من الممكن أنّ بعض ضبّاط الاستخبارات السورية يقومون ببضع زيارات سريعة إلى لبنان بعد انسحابهم، وأنّه يُرجَّح أنّ ضبّاطاً في الاستخبارات السورية يجرون اتّصالات هاتفية للحفاظ على شبكات معارفهم وتعزيز نفوذهم والتلاعب بمهارة بالبيئة السياسية. لكن من الصعب تقويم حجم هذه الأنشطة وهدفها. واستنتج فريق التحقيق أنّه في شكل خاص، لم تكن الأنشطة المتعلّقة بالاتّصالات الهاتفية في سياق الانتخابات اللبنانية منتشرة بكثرة ولا يبدو أنّه كان لها تأثير مهمّ على الانتخابات.

20. في الإجمال، أكّد الفريق على استنتاجه السابق عن غياب أيّ وجود أو نشاط مرئي أو مهمّ للاستخبارات السورية في لبنان، رغم  أنّه كان يجب أخذ الروابط التاريخية الوثيقة جداً وروابط أخرى بين البلدين في  الاعتبار عند تقويم أيّ تأثير يُحتَمل أن تكون الاستخبارات السورية لا تزال تمارسه في لبنان.

إقامة تمثيل ديبلوماسي متبادَل

21. تابعت مناقشاتي مع حكومتَي سوريا ولبنان حول موضوع التمثيل الديبلوماسي المتبادل. كرّرت لي الحكومتان عزمهما على إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات بين البلدين. في 17 تشرين الأوّل، أكّد لي رئيس مجلس الوزراء اللبناني السنيورة، أنّ حكومته تتطلّع إلى علاقة "قائمة على المساواة والاحترام المتبادل" بين سوريا ولبنان. وقال لي أيضاً إنّه يحبّذ إقامة تمثيل ديبلوماسي متبادل بين البلدين في المرحلة المقبلة.

22. أشير في هذا السياق إلى التعقيدات الناجمة عن غياب حدود متّفق عليها بوضوح ومرسومة بين لبنان وسوريا كما علّقت بعثة الأمم المتّحدة للتحقّق من الانسحاب الكامل للقوّات والأعتدة العسكرية والاستخبارات السورية من لبنان. لفتت البعثة إلى وجود كتيبة من الجنود السوريين في دير العشاير وأشارت إلى أنّه لم يكن بإمكانها التحقّق مما إذا كانت هذه الكتيبة داخل لبنان، أو كما قال قائد الكتيبة السوري، داخل الأراضي السورية. أستنتج أنّه في إطار إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات بين البلدين وفي سبيل ضمان سيادة لبنان واستقلاله السياسي ووحدة أراضيه، ثمّة حاجة إلى اتفاق رسمي حول الحدود وترسيم لهذه الحدود على الأرض. وألفت في شكل خاص إلى ما قاله لي رئيس مجلس الوزراء السنيورة في 17 تشرين الأوّل عن أنّ المحادثات بين حكومتَي لبنان وسوريا حول ترسيم الحدود بين البلدين والتي بدأت عام 1964 ثم توقّفت عام 1975، استؤنِفت أخيراً.

23. أتوقّع من حكومتَي لبنان وسوريا اتّخاذ خطوات ملموسة لإضفاء الطابع الرسمي على العلاقات بين البلدين كما هو الحال في الدول السيّدة والمستقلّة، وذلك في المستقبل القريب وقبل تقريري التالي إلى مجلس الأمن.

الانتخابات النيابية اللبنانية

24. في تقريري الأخير، اعتبرت تنظيم انتخابات اشتراعية حرّة وذات صدقيّة بحسب أحكام الدستور وبدون تدخّل أو تأثير خارجي، وسيلة أساسية لإعادة التأكيد على سيادة لبنان الكاملة ووحدته واستقلاله السياسي. وذكرت أنّه يجب إجراء انتخابات حرّة وذات صدقيّة في موعدها وبموجب قانون انتخابي يقبله الشعب اللبناني على نطاق واسع. وأوردت أيضاً أنني ناقشت مع الحكومة اللبنانية إمكان تقديم مساعدة تقنية من الأمم المتّحدة بناءً على طلب منها، وأنني شجّعت فكرة ارسال مراقبين دوليين لمراقبة الانتخابات وأنّني أنتظر من الحكومة اللبنانية تقديم طلب بهذا الصدد.

25. بعد وقت قصير من صدور تقريري، أُقرّ قانون 2000 الانتخابي بموافقة من معظم الأفرقاء اللبنانيين، كأساس لتنظيم الانتخابات بعدما أخفق البرلمان في الاتّفاق على مسودّة القانون التي أعدّتها حكومة رئيس الوزراء السابق [عمر] كرامي. تلقّت الأمم المتّحدة طلباً من الحكومة اللبنانية للحصول على دعم تقني في الانتخابات، فأُرسِل فريق من قسم المساعدة الانتخابية في الأمم المتّحدة إلى لبنان في 3 أيار 2005 لتقديم مساعدة تقنية في تنظيم الانتخابات وتنسيق عمل المراقبين الدوليين.

26. جرت الانتخابات النيابية اللبنانية في أربع دورات بدءاً من 29 أيار 2005 قبل يومين من انقضاء المهلة القانونية للمجلس المنتهية ولايته. استمرّت عمليّة الاقتراع حتى الدورة الرابعة والأخيرة في 19 حزيران 2005. في بيان صادر في 20 حزيران، هنّأت لبنان حكومةً وشعباً على الانتخابات الناجحة التي تمتّعت بالصدقية وكان تنظيمها جيداً من الناحية التقنية وجرت في مناخ حرّ وخالٍ من العنف. وأثنى مجلس الأمن في بيانه الرئاسي في 22 حزيران 2005 (S/PRST/2005/26) على عمليّة الاقتراع النزيهة وذات الصدقيّة وحيّا الشعب اللبناني على التزامه القويّ بالديموقراطية والحرية والاستقلال.

27. للمرّة الاولى في تاريخ لبنان، ورداً على طلب من الحكومة اللبنانية، راقب الانتخابات أكثر من مئة مراقب دولي بينهم في شكل خاص بعثة كبيرة من المراقبين الانتخابيين التابعين للاتحاد الأوروبي ومؤلّفة من مراقبين لمدة قصيرة الأمد وطويلة الأمد وخبراء انتخابيين. وفي مرحلة الانتخابات، استمرّت الأمم المتحدة في تقديم المساعدة التقنية وتنسيق عمل المراقبين الانتخابيين المتعدّدي الجنسية.

28. قوّمت بعثة المراقبين التابعة للاتّحاد الأوروبي العملية الانتخابية برمّتها بما في ذلك الإطار القانوني والبيئة السياسية والحملات الانتخابية والاستعدادات للانتخابات والتصويت وفرز الأصوات وكذلك المرحلة التي تلت الانتخابات، واستنتجت أنّ عمليّات الاقتراع "أديرت بطريقة جيّدة وجرت بطريقة سلميّة من ضمن الإطار الحالي للانتخابات". وشدّد المراقبون الانتخابيون أيضاً على أنّ هناك حاجة إلى إصلاح فوري للإطار القانوني والانتخابي بسبب غياب الأحكام المتعلّقة بالحملات الانتخابية ونظراً إلى الحاجة إلى تنظيم الحملات وإلى الشفافية المالية. ولاحظ المراقبون أيضاً أنّ بعض الأحكام الدستورية الأساسية المستندة إلى اتفاق الطائف لم تُطبَّق بعد بما  ذلك إنشاء نظام برلماني مؤلّف من مجلسين والحدّ من دور الطائفية في الحياة العامّة. وعلّق المراقبون أيضاً على الشوائب في إدارة الانتخابات وفي نظام تسجيل الناخبين واللذين يحتاجان إلى إصلاح فوري.

29. ألقت هذه الاستنتاجات الضوء على الحاجة إلى المزيد من العمل لضمان حرّية العمليات الانتخابية في لبنان ونزاهتها. ومن المجالات المحدّدة في هذا السياق نظام التمثيل السياسي وإطار الانتخابات اللذين يجب أن يسعيا إلى تخطيّ التأثير الكبير للطائفية، والقانون الانتخابي الذي يجب أن يُعَدّ مسبقاً ويكون شاملاً، وتقسيم الدوائر الانتخابية بطريقة تخدم بأفضل الطرق مبادئ المساواة في التصويت والتمثيل السياسي الملائم، وتسجيل الناخبين، ومجموع الأصوات الفعلي، وتمويل الحملات.

30. بناء على طلب السلطة اللبنانية، أستمرّ في بذل جهود لمساعدة الشعب اللبناني في إقامة إطار قانوني ومؤسّسي ملائم وثابت لضمان عمليات انتخابية حرّة ونزيهة في لبنان. وتستمرّ الأمم المتّحدة في دعم اللجنة الوطنية اللبنانية المؤلّفة من شخصيات بارزة عيّنها رئيس الوزراء السنيورة مباشرةً بعد الانتخابات النيابية لإعداد قانون انتخابي جديد ودائم. رغم العمل الجاري حالياً والضروري لضمان حرية العمليات الانتخابية وصدقيّتها في لبنان على نطاق واسع، أشير إلى أنّه تمّت تلبية المقتضى العملي المنبثق من القرار 1559 والمتمثّل بتنظيم انتخابات حرّة وذات صدقية.

تحليق الطيران الإسرائيلي فوق الأجواء اللبنانية منتهكاً سلامة لبنان الإقليمية

31. منذ تقريري الأخير إلى مجلس الأمن في 26 نيسان 2005، استمرّت الطائرات الإسرائيلية المحلِّقة في الأجواء اللبنانية في انتهاك سلامة لبنان الإقليمية في شكل منتظم. لا تزال الحكومة الإسرائيلية تصرّ على زعمها أنّها تنفّذ عمليّات التحليق هذه لأسباب أمنية. وقد وجهت مع ممثّلي في المنطقة باستمرار الدعوة إلى إسرائيل كي تتوقّف عن التحليق بطائراتها فوق الأراضي اللبنانية.

ج. بسط سلطة الحكومة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية

32. يدعم القرار 1559 بسط سلطة الحكومة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية. ويدعو أيضاً كل الأفرقاء المعنيين إلى التعاون في شكل كامل وفوريّ مع مجلس الأمن من أجل التطبيق الكامل لهذا القرار وكلّ القرارات ذات الصلة المتعلّقة باستعادة لبنان سلامته الإقليمية وسيادته الكاملة واستقلاله السياسي.

33. في التقرير الذي رفعته إلى مجلس الأمن في 1 تشرين الأول 2004، أشرت إلى أنّ الحكومة اللبنانية لم تبسط سيطرتها على كامل أراضيها. وأعدت تأكيد هذا الأمر في تقريري الأخير في 26 نيسان 2005.

34. في الأشهر الستّة الأخيرة، وقعت مجدداً أحداث تثبت أن الحكومة اللبنانية لا تمارس بعد سلطتها الكاملة على كلّ أراضيها. وشعرت بقلق شديد عندما بدا مطلع حزيران من هذا العام أنّ الجيش اللبناني يقلّص وجوده وسيطرته في جنوب البلاد، بينما يعزّز "حزب الله" وجوده هناك. قالت لي السلطات اللبنانية إنّ تقليص وجود الجيش هو جزء من إعادة انتشار شاملة للجيش في مختلف أنحاء البلاد نتيجة خفض عديد الجنود من 60 ألفاً إلى 40 ألفاً. بعدما أبدت الأمم المتّحدة قلقها حيال الموضوع، استعاد الجيش اللبناني في 1 تموز وجوده السابق.

35. على طول الخطّ الأزرق، ساد هدوء هشّ في الفترة الممتدّة منذ صدور تقريري الأخير رغم أنّ الانتهاكات المتكرّرة أدّت في إحدى المرّات إلى تدهور خطير سبّب وقوع قتلى وجرحى. في 29 حزيران، أدّى حادث مقلق جداً عندما تبادل "حزب الله" وإسرائيل تبادلاً كثيفاً لإطلاق النار، إلى وفاة جندي إسرائيلي وإصابة أربعة آخرين بجروح ووفاة مقاتلَين من "حزب الله". جدّد مجلس الأمن في بيان صحافي عن الحادث مناشدته الحكومة اللبنانية بسط سيطرتها على كامل أراضيها باجراءات من ضمنها نشر القوّات المسلّحة اللبنانية كي تحتكر استعمال القوّة وتضع حدّاً لكلّ الهجمات التي تنطلق من أراضيها. وحصلت حوادث مماثلة على طول الخطّ الأزرق انطلقت من داخل الأراضي اللبنانية في تموز وآب من هذا العام.

36. ناشد مجلس الأمن في قراره 1614 (2005) الحكومة اللبنانية بسط سلطتها الوحيدة والحصرية على كلّ أراضي الجنوب وممارسة هذه السلطة في شكل كامل، بما في ذلك عبر نشر أعداد كافية من القوّات المسلّحة والأمنية اللبنانية لتأمين الهدوء في المنطقة ومن ضمنها الخطّ الأزرق بطوله، وممارسة السيطرة والاحتكار على استعمال القوّة على كامل أراضيها ومنع الهجمات من داخل لبنان عبر الخطّ الأزرق. ورحّب أيضاً بعزمي على مناقشة الخطوات التالية مع الحكومة اللبنانية استعداداً لبسط سلطتها في الجنوب. تابعت الحوار مع السلطات اللبنانية حول المسألة وأتطلّع نحو الإنجاز المبكر لهذه الموجبات. ويشجّعني في هذا السياق التعهّد الذي قطعته لي حكومة رئيس مجلس الوزراء السنيورة بأنّها ستسعى إلى فرض احتكارها لاستعمال القوّة وبسط سيطرتها على كامل الأراضي اللبنانية من خلال حوار وطني مع كلّ الأطراف المعنيين، وإعلامي بأنّها باشرت اتّخاذ خطوات في هذا الصدد.

37. أعلمني رئيس مجلس الوزراء السنيورة أيضاً أنّه جرى أخيراً تعزيز انتشار القوّات المسلّحة اللبنانية على الحدود مع سوريا بغية وقف تهريب الأسلحة والأشخاص. وأعلمني كذلك أنّ القوّات المسلحة اللبنانية أقامت حواجز وعزّزت وجودها حول مواقع المجموعات الفلسطينية المسلّحة جنوب بيروت وفي وادي البقاع في الأسابيع الأخيرة، وأنّ حكومة لبنان بدأت حواراً مع هذه المجموعات حول سلاحها.

د. تفكيك الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية

38. يدعو القرار 1559 (2004) إلى تفكيك كلّ الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها. في التقرير الذي رفعته إلى مجلس الأمن في 1 تشرين الأول 2004، أشرت إلى أنّه رغم الجهود الناجحة التي بذلتها الحكومة اللبنانية لتحقيق خفض كبير في عدد الميليشيات الموجودة في لبنان، بقي هناك العديد من المجموعات المسلّحة. وقلت إنّ أبرز هذه المجموعات "حزب الله". في تقريري الأخير في 26 نيسان 2005، أشرت إلى الحوار الذي أجريه مع بعض الأفرقاء المعنيّين حول مسألة تفكيك الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها، وإلى أنّ الأمم المتّحدة لم تتوصّل بعد إلى استنتاجات عمليّة في هذا الصدد. وذكّرت أيضاً أنّ اتفاق الطائف الموقّع عام 1989 والذي ينسجم تماماً مع القرار 1559 في هذه المسألة، يدعو إلى تفكيك كل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتسليم أسلحتها إلى الحكومة اللبنانية.

39. إلى جانب "حزب الله"، وكما ذكرت في تقريري إلى مجلس الأمن في 1 تشرين الأول 2004، هناك الميليشيات الفلسطينية في لبنان. تمتّعت هذه المجموعات المسلّحة باستقلال ذاتي نسبي داخل مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين التي لا تدخلها السلطات اللبنانية عموماً. في حين لم يحصل أيّ تغيير أساسي في وضع هذه المجموعات، أشار عدد من التقارير في المدة الأخيرة إلى تدفّق متزايد للأسلحة والأشخاص من سوريا باتّجاه بعض من هذه المجموعات. وقد طرح عدد من المسؤولين اللبنانيين الرفيعي المستوى ومسؤولون آخرون الموضوع معي أيضاً. أعلمتني الحكومة السورية أنّ هناك فعلاً تهريباً للأسلحة والأشخاص عبر الحدود السورية-اللبنانية لكن في الاتّجاهين.

40. أعلمتني الحكومة اللبنانية أنّها اتّخذت إجراءات مهمّة للحدّ من هذا التدفّق للأسلحة والأشخاص ومن حرية تنقّل السلاح والعناصر المسلّحين من المخيّمات الفلسطينية في لبنان وإليها في الأسابيع الأخيرة لا سيما منذ نهاية أيلول 2005. عزّزت القوات المسلّحة اللبنانية انتشارها على طول الحدود مع سوريا وزادت الدوريات المؤلَّلة والراجلة على حدّ سواء. وأعلمتني الحكومة اللبنانية أيضاً أنّ القوات المسلّحة اللبنانية عزّزت وجودها وأقامت حواجز جديدة وشدّدت إجراءات التفتيش حول مواقع المجموعات المسلّحة الفلسطينية التي تتّخذ من سوريا مقراً رئيسياً لها، والمتمركزة جنوب بيروت وفي وادي البقاع. في 7 تشرين الأول، دهم الجيش اللبناني مواقع في وادي البقاع لمجموعات فلسطينية مسلّحة تتّخذ من سوريا مقراً رئيسياً لها وصادر أسلحة. وأعلمتني الحكومة اللبنانية بأنّ القوات المسلّحة اللبنانية احتجزت أيضاً عدداً من المتسلّلين من أصل فلسطيني يحملون أوراقاً ثبوتية سورية وقامت بترحيلهم.

41 – اخذت في الاعتبار تأكيد حكومة لبنان ان "لا حاجة الى اسلحة خارج مخيمات اللاجئين (الفلسطينيين التي لا تخدم القضية الفلسطينية ولا يقبلها اللبنانيون"، كما صرح رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة في 7 تشرين الاول. واكد لي السيد السنيورة اضافة الى ذلك عزمه على الاستمرار في الحوار الداخلي توصلاً الى نزع سلاح المجموعات الفلسطينية المسلحة سلماً، من دون مواجهات مع هذه المنظمات. في 13 تشرين الاول، وافق مجلس الوزراء بالاجماع على موقف رئيس مجلس الوزراء في "رفض اي وجود فلسطيني مسلح خارج مخيمات اللاجئين". وابلغ الي رئيس مجلس الوزراء انه سيسعى في خطوة اولية الى تأمين النظام والسيطرة على هذه المجموعات المسلحة داخل المخيمات.

42- في هذا الاطار، اخذت في الاعتبار خصوصاً دعوة الرئيس السنيورة "القيادة السورية الى ممارسة ضبط النفس الضروري في هذه القضية من طريق علاقاتها بالمنظمات الفلسطينية". كما دونت التزام السيد السنيورة "واجب الدولة اللبنانية والمؤسسات الامنية فيها حماية الاشخاص، مدنيين وضيوفا، بمن فيهم الفلسطينيون. جدير بالذكر ايضاً ان مسؤولين لبنانيين كباراً  آخرين، كرئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي صرحوا انه " يجب الا يكون هناك سلاح داخل المخيمات او خارجها".

43 – في تصريح علني اصدرته في 4 تشرين الاول من مقر قيادتها في دمشق، اعترضت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة" بشدة على اصرار "بعض الجهات في الحكومة اللبنانية على التعامل مع مسألة السلاح الفلسطيني من زاوية امنية ضيقة (...) للتعجيل في تطبيق القرار 1559". ورفض التصريح تطبيق القرار 1559 (2004)، مضيفاً ان "محاولة التضحية بسلاح الفلسطينيين في لبنان انسجاماً مع القرار 1559 لن يقابَل بالصمت ولا بالتسوية"، مؤكداً ان السنيورة سيتحمل "المسؤولية المباشرةعن التدابير المعادية  لشعبنا الفلسطيني تحت غطاء سياسي وحملة تضليل اعلامية". في 7 تشرين الاول، ردت المجموعات الفلسطينية المسلحة بالمثل على اعلان القوة اللبنانية المسلحة حالة الاستنفار الكاملة .

44 - في 8 تشرين الاول 2005، قاد الرئيس السنيورة محادثات مهمة هي الاولى من نوعها مع ممثلي الفصائل الفلسطينية في لبنان في ما يتعلق بسلاحها. وشاركت الفصائل في محادثات منفصلة بوفدين. ومثًّل الوفد الاول الفصائل المنضوية تحت لواء "منظمة التحرير الفلسطينية". ووافق اعضاء هذا الوفد الرئيس السنيورة على "البدء بتنظيم الوجود المسلح داخل المخيمات للمحافظة على الامن". وتوصل الرئيس السنيورة الى تفاهم مع اعضاء الوفد الآخر المؤلف من مجموعات فلسطينية مسلحة مقرها دمشق على انشاء لجنة متابعة للبحث في كل هذه المسائل، بما فيها قضية السلاح. في 13 تشرين الاول، بعدما وافق مجلس الوزراء اللبناني بالاجماع على موقف الرئيس السنيورة، قرر (المجلس) انشاء لجنة كتلك المذكورة، بغية حل مسألة السلاح الفلسطيني داخل المخيمات من طريق الحوار.

45  -  حافظت على اتصال وثيق بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، اللتين اكدتا لي دعمهما الكامل لتنفيذ كل بنود القرار 1559 (2004). وادلى رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بتصريح علني مفاده ان الموقف الذي اتخذته بعض المجموعات الفلسطينية لا يعكس موقف منظمة التحرير، مشدداً على ان الفلسطينيين "ضيوف في لبنان يحترمون قوانينه وامنه". وابلغ الي الرئيس عباس ان "انتقال كميات مهمة من الاسلحة الى مخيمات اللاجئين من طريق مجموعات فلسطينية محددة يعرض لبنان للخطر ولا يخدم القضية الفلسطينية". في هذا الاطار، اضيف ان الرئيس عباس اشار الى طلب السلطة الفلسطينية انشاء بعثة ديبلوماسية فلسطينية في بيروت، مما قد يساهم في اعطاء العلاقات بين الشعبين الفلسطيني واللبناني طابعاً رسمياً. ادعم هذه المبادرة بالكامل.

46  -  بتوصية مني، التقى الرئيسان السنيورة وعباس في 18 تشرين الاول في باريس للبحث في المسائل المتعلقة بوجود لاجئين فلسطينيين في لبنان. في خطاب مشترك، شدد الزعيمان على الحاجة الى احترام سيادة لبنان واستقلاله السياسي، والى احترام القوانين اللبنانية ومتطلبات الامن. وابديا قلقهما البالغ حيال عمليات نقل السلاح غير الشرعية، واعتبرا ان لها اثراً سلبياً على سيادة لبنان واستقلاله السياسي كما انها لا تخدم القضية الفلسطينية. وفي خطابه، أعرب الرئيس عباس عن دعمه الكامل للتدابير التي اتخذتها حكومة لبنان للحؤول دون حمل السلاح خارج مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، ولمنع تهريب الاسلحة والافراد ولتأمين احتكارها (اي الحكومة اللبنانية) استخدام القوة وبسط سلطتها على اراضيها كافة. الى ذلك، ناقش الرئيسان عباس والسنيورة اقامة حوار لبناني – فلسطيني لتوفير رفاه اجتماعي واقتصادي وامني، ولتمثيل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. وشدد الزعيمان على ان حواراً كهذا من شأنه ان يوصل الى تطبيق كل بنود اتفاق الطائف المتعلقة بهذا الموضوع، والى تطبيق كل القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الامن والمتعلقة بسلاح الميليشيات الفلسطينية في لبنان، من دون مواجهات بين السلطات اللبنانية والمنظمات الفلسطينية. وتوافق الطرفان على استكمال الحوار بغية تعزيز علاقاتهما الثنائية توصلا الى اقامة علاقات ديبلوماسية متبادلة.

47 – لم يطرأ اي تغيير ملحوظ على الاوضاع الحربية وقدرات "حزب الله" الذي يملك وفق قيادته اكثر من 12 الف صاروخ بتصرفه.

48  -  يؤكد عدد من اللبنانيين ان "حزب الله" ليس ميليشيا في الواقع ، بل "حركة مقاومة شرعية" تناضل من اجل تحرير منطقة مزارع شبعا من الاحتلال الاسرائيلي. ان هذا التفسير لوضع  مزارع شبعا، كما اشرت في تقاريري السابقة عن تطبيق القرار 1559 وايضاً في مناسبات اخرى، لا يزال يتناقض بشدة مع موقف منظمة الامم المتحدة (انظر الملحق). كنت اكدت في تقريري الى مجلس الامن في 16 حزيران 2000 (S/2000/590) ان اسرائيل استجابت منذ تاريخه متطلبات قراري مجلس الامن رقم 425 (1978) و426 (1978) و"سحبت قواتها من كل الاراضي اللبنانية". ووافق المجلس على هذا الاستنتاج في اعلان رئيسه (S/PRST/2000/21) في 18 حزيران 2000. واكدنا مراراً مجلس الامن وانا هذا الموقف  القائل بأن مزارع شبعا ليست جزءاً من لبنان. وعليه،  اي "مقاومة" لبنانية "لتحرير" المنطقة من احتلال اسرائيلي مستمر لا يمكن اعتبارها شرعية. فضلاً عن ذلك، حتى لو صحت مطالبة اللبنانيين بمزارع شبعا، من مسؤولية حكومة لبنان وحدها تقديم طلب كهذا بما يتلاءم والقانون الدولي والقرارات الدولية المتعلقة بهذا الشأن.

49 – اكدت لي الحكومة اللبنانية التزامها تطبيق كل بنود القرار 1559 (2004 ولكنها طلبت وقتاً.  واعلمني الرئيس السنيورة خصوصاً ان بند القرار الذي ينص على تجريد الميليشيات من سلاحها وتفكيكها يخضع الى حوار الداخلي الذي بدأ به أخيراً ويلتزم انجاحه في هذا الاطار، طلب الرئيس السنيورة  دعم الأمم المتحدة واشرافها الدائمين على هذا الحوار الداخلي لحل قضية الميليشيات اللبنانية والاجنبية في لبنان بما يتناسب تماماً مع اتفاق الطائف.

50 – جدير بالذكر ان حكومة لبنان ارتأت اشراك "حزب الله"، الذي ذكرت في تقريري السابق عن تطبيق القرار 1559 (2004) انه يعمل ايضاً كحزب سياسي  في الحكومة. وللمرة الاولى، يتولى عضو من "حزب الله" حقيبة وزارية. جدير بالذكر ايضاً ان قادة "حزب الله"  تحدثوا عن استعدادهم لـ "اي مناقشة داخلية، اي ضمانات، واي حلول تحفظ فاعلية المقاومة وقدرتها على الردع والحماية. التفاصيل ستترك للمناقشة (...) فهذه قضية لبنانية تتعلق بمصيرنا وتخصنا جميعاً. لذا دعونا نجلس ونناقش الامور". وفي حين يشكل اشراك "حزب الله" في الحكومة والتصريحات التي ادلى بها قادته دليلا على اهمية الحوار الداخلي وعلى امكان تحويل الحزب من ميليشيا مسلحة الى حزب سياسي، يُلاحظ وجود تناقضات في العمل كحزب سياسي وكميليشيا. يستحيل التوفيق بين حمل السلاح خارج اطار القوة الشرعية المسلحة والمشاركة في السلطة والحكومة في ديموقراطية ما.

51 – تابعت حواري مع الفئات غير اللبنانية الملائمة حيال موضوع نزع سلاح وتسريح المليشيات اللبنانية وغير اللبنانية. هذا الحوار سيستمر.

IV  _ المراقبة

52 – في انعكاس لاستمرار عدم الاستقرار والهشاشة، تعرض لبنان لـ 14 إنفجاراً في غضون سنة واحدة منذ تشرين الأول الماضي. إن الأعمال الارهابية والترويعية كهذه، التي تشكل مثالاً للحملة الدامية التي يتعرض لها ليس الشعب اللبناني فحسب، بل أيضاً ضد مبادىء الديموقراطية والمجتمع المنفتح، ومنه حرية الصحافة، يجب أن تتوقف. لحسن الحظ، لم ينجح الإرهاب  في اي حال عبر التفجيرات والإغتيالات ومحاولات القتل، في زعزعة لبنان، أو في تعريض الإنتخابات النيابية الحرة والنزيهة للخطر، أو في تقويض الوحدة الوطنية ولا الإستقلال السياسي.

53 – منذ تقريري الأخير الى المجلس في 26 نيسان 2005، حقق الاطراف المعنيون تقدماً ملحوظاً آخر في اتجاه تطبيق القرار 1559 (2004).  تحققت متطلبات انسحاب القوات السورية وتوابعها العسكرية، بالإضافة إلى إجراء انتخابات اشتراعية حرة ونزيهة. أحرز تقدم كذلك في العمل الجاري لإجراء إصلاحات إنتخابية أوسع بمساعدة الأمم المتحدة. إن تسريح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع اسلحتها موضع مناقشة حالياً في حوار داخلي بين اللبنانيين، وبين اللبنانيين والفلسطينيين. وأنا متشجع بالحوار الذي أجريه مع الحكومة اللبنانية في شأن توسيع سيطرتها على جميع الأراضي اللبنانية. هناك نتائج ملموسة يجب إحرازها في هذين المجالين، وسأتابع جهودي في هذا الإطار.

54 – في أعقاب الإنسحاب السوري من لبنان، بدأت للتو إعادة تعريف للعلاقة بين الجارين المتقاربين تاريخياً. إن إقامة صلات رسمية في المرحلة المقبلة ستكون ذات أهمية كبرى وستبرهن التقدم الذي يحاول الطرفان تحقيقه نحو الإستعادة التامة والمحترمة لسيادة لبنان وسلامته ووحدته واستقلاله السياسي.

55 – لقد ظهرت، لسوء الحظ، مضاعفات للإفتقار إلى حدود مرسومة متفق عليها وواضحة بين لبنان وسوريا، مما سلط الضوء على الحاجة إلى اتفاق حدودي رسمي وترسيم للحدود على الأرض بين البلدين. هناك صعوبات مرتبطة ليس فقط بالتحقق من الإنسحاب السوري الناجز فحسب، علماً أن ثمة كتيبة للجيش السوري متمركزة في دير العشائر في منطقة وجدت الأمم المتحدة أنه يستحيل التأكد ما إذا كانت تقع في الأراضي اللبنانية أو السورية. هناك أيضاً صعوبات تتصل بالسيطرة على الخط الحدودي بين لبنان وسوريا، وبموضوع النقل غير الشرعي للأسلحة والناس إلى الجماعات الفلسطينية المسلحة في لبنان، مما يهدد بإلقاء ظلال على الجهود الرامية الى دعم سيادة لبنان ووحدة أراضيه واستقلاله السياسي. أكرر اعلان أملي في أن إقامة علاقات ثنائية رسمية تساهم بفاعلية في تبديد هذه المخاوف.

56 – يشهد لبنان تحولاً بالغ الأهمية. إن الأحداث التي شهدتها البلاد منذ 3 أيلول 2004 قادت الشعب اللبناني إلى خرق جدار الصمت والتكلم بصوت عال وواضح. لقد كسرت محظورات الماضي، والموضوعات التي كانت سابقاً بالغة الحساسية في المناقشة علناً باتت حالياً  عرضة للمناقشة المفتوحة. خلال الأشهر الستة الماضية، مع إجراء أول انتخابات نيابية بعد انسحاب سوريا من لبنان وتأليف حكومة جديدة، دخل لبنان حقبة جديدة من تاريخه، حقبة  تتضمن امكانات تتيح للبنانيين ان يدعوا خلفهم ماضياً مأسوياً ليتحدوا، ويصنعوا مستقبلاً جديداً يسمح بأن يقرروا مصيرهم، إستقلالهم، عيشهم المشترك وسلامهم.

57 – كل الأطراف يطلبون التسامح والوقت للتكيف مع الأوضاع الجديدة. وبهذا المعنى، حصل تطور إيجابي يتمثل في أن السلطات اللبنانية والمجتمع الدولي، من خلال المجموعة التأسيسية لدعم لبنان (Core Group on Lebanon) التي تشمل الأمم المتحدة، بالإضافة إلى مصر، السعودية، المفوضية الأوروبية، البنك الدولي، الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، إيطاليا والإتحاد الأوروبي، باشرت العمل معاً من أجل تطبيق خطط الحكومة اللبنانية للإصلاحات السياسية والإقتصادية والدستورية في لبنان، بغية تشجيع الإستقرار فيه وفي المنطقة بأسرها. إن الأمم المتحدة ستبقى ملتزمة بحزم دعم عملية الإصلاح، والإعانة في تطوير المؤسسات الديموقراطية، والعمل يداً بيد مع الحكومة والشعب اللبنانيين بغية تأكيد سيادة لبنان ووحدته واستقلاله السياسي.

58 – كنت قلقاً جداً بعيد انسحاب القوات السورية، وتوابعها العسكرية وعناصر المخابرات، إذ أغلقت سوريا حدودها مع لبنان أمام سائقي الشاحنات اللبنانيين. إن إغلاق الحدود كانت له آثار كبيرة على الإقتصاد اللبناني الذي لا يزال في وضع صعب، ولا يمكن أن ينتعش فقط بمساعدة كل شركاء لبنان الإقليميين والدوليين. لقد انتعشت عندما حلت الحكومتان اللبنانية والسورية الأزمة في غضون أسابيع.

59 – على القوات المسلحة اللبنانية حالياً أن تظهر قدرتها على حفظ الأمن بفاعلية في انحاء البلاد في وقت تقلص حجم الجيش جوهرياً. في هذا المعنى، حصلت على ملاحظة إيجابية عن زيادة العمليات والحضور المرئي للقوات المسلحة اللبنانية في بداية حزيران 2005، خلال الإنتخابات النيابية في الجنوب. لقد تدخلت القوات المسلحة اللبنانية في مناسبات قليلة لتنظيم التظاهرات ولمنع المتظاهرين من الإقتراب إلى الخط الأزرق.  سجلت أيضاً ملاحظة في شأن زيادة الحضور والإشتراك أخيراً للقوات المسلحة اللبنانية في مناطق وجود الجماعات الفلسطينية المسلحة. هذه خطوات إيجابية نحو توسيع سيطرة الحكومة اللبنانية على كل أراضيها وممارسة الحكومة حقها في احتكار استخدام القوة على أرضها. في أي حال، وكما قلت سابقاً، هناك حاجة إلى المزيد من العمل لتحقيق دعوة مجلس الأمن الى اتخاذ إجراءات ملموسة لضمان عودة السلطة الحكومية الفاعلة على كل جنوب لبنان، بما في ذلك نشر المزيد من القوات المسلحة اللبنانية، وتوسيع السيطرة الحكومية على كل لبنان.

60 – يجب أيضاً تسجيل ملاحظة أنه في أعقاب انسحاب الجيش والمخابرات السورية، تحتاج القوى الأمنية والإستخبارية اللبنانية إلى استعادة ثقة الناس. وبهذا المعنى، لاحظت ان السلطات اللبنانية اتخذت خطوات لتعيين مديرين عامين متخصصين ودائمين يمكنهم التمتع بثقة الناس، وفي سبيل تغيير الأشخاص، الثقافة، التدريب والتجهيز. سيتطلب الأمر سنوات لتحقيق التحول الكامل نحو أجواء استخبارية وأمنية جديدة. ولكنني لاحظت أن البداية تحققت مع إقرار مجلس الوزراء التعيينات في 4 تشرين الأول. ولاحظت أيضاً، بالتحديد، خطاب رئيس مجلس الوزراء السنيورة في جلسة نيابية عن القضايا الأمنية في 4 تشرين الأول، حين أعلن أن حكومته تنوي بناء "دولة آمنة، لا دولة أمنية (...) من حق اللبنانيين أن يشعروا بالأمان في النهاية، بعد 30 سنة من التوتر السياسي والأمني".

61. بينما بدأ حوار داخلي في مسألة سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية في لبنان، يبقى عدد من الأمور المقلقة الأساسية. وكما أشرتُ، فإن مجموعة منخرطة في العملية السياسية الديموقراطية لتشكيل الرأي وصنع القرار لا يمكن ان تمتلك في الوقت نفسه طاقة مسلحة مستقلة جاهزة للعمل خارج سلطة الدولة. وبشكل أوسع، إن وجود مجموعات مسلحة تتحدى سيطرة الحكومة الشرعية المخولة احتكار استخدام القوة في أراضيها، يتضارب مع إعادة السيادة واحترامها الكامل وسلامة الأراضي ووحدة البلاد واستقلالها السياسي.

62. أنا متشجع بتصميم آلية رسمية لحوار داخلي في مسألة سلاح الميليشيات الفلسطينية في لبنان، وبالقمة التاريخية الأخيرة بين رئيس الوزراء السنيورة والرئيس عباس. لقد وضع الزعيمان أسس حوار متواصل بين لبنان والفلسطينيين، يقدم في رأيي خطوة مهمة نحو تجاوز ماض صعب في صورة نهائية، ونحو إعادة التأكيد على سيادة لبنان واستقلاله السياسي. أنا أدعم بقوة جعل الحوار اللبناني-الفلسطيني رسمياً من خلال خلق لجنة ثنائية منظمة تؤدي إلى علاقات ديبلوماسية رسمية. وأتطلع إلى جعل الحوار الداخلي المتنامي في مسائل سلاح الميليشيات اللبنانية وحلها، رسمياً. أنا ملتزم تقديم مساعدة الأمم المتحدة إلى هذين الحوارين استجابة لطلب رئيس الوزراء السنيورة مني.

63.  رغم تحقيق تقدم مهم، سأواصل إيلاء مسألة الاستعادة الكاملة للسيادة والاستقلال السياسي للبنان الأولوية القصوى في جهودي لمساعدة الأطراف على التطبيق الكامل للقرار 1559 لسنة 2004 في الأشهر المقبلة. سأركز بشكل خاص على العمل مع السلطات اللبنانية على الممارسة الكاملة للسيطرة والسلطة الحكوميتين في كل لبنان، والتي لا يعترضها وجود مجموعات لبنانية وغير لبنانية مستقلة ولا تخضع للرقابة.

64. أكرر مناشدتي العاجلة لكل الأطراف المعنيين استجابة كل متطلبات القرار 1559 لسنة 2004 من دون تأخير وتطبيقها كاملة. وكذلك القرارات الأخرى المتعلقة باستعادة سلامة الأراضي والسيادة الكاملة والاستقلال السياسي للبنان، خصوصاً القرار 1614 لسنة 2005.

65. أواصل الاعتقاد أن تنفيذ القرار 1559 لسنة 2005 يجب أن يُتابع بطريقة تضمن بأفضل السبل استقرار، ووحدة لبنان وسوريا والمنطقة الأوسع. في هذا الإطار، أبقى أيضاً ملتزماً تطبيق كل قرارات مجلس الأمن والتحقيق النهائي لسلام عادل ودائم وشامل في الشرق الأوسط.

66. أبقى في تصرف مجلس الأمن وجاهزاً لمواصلة مساعدة الأطراف في التطبيق الكامل للقرار 1559.

ملحق

بعدما أبلغتني الحكومة الاسرائيلية نيتها الانسحاب من جنوب لبنان وتطبيق  المتطلبات المفروضة عليها كاملة بموجب قراري مجلس الأمن 425 لسنة 1978 و426 لسنة 1978، سلمت مجلس الأمن في 22 أيار 2000 تقريراً حدد شروط التطبيق الكامل للقرارين 425 و426 في أيار 2000.

أشرت في ذلك التقرير إلى أني راجعت ما مجموعه 81 خريطة، 25 منها أصدرتها حكومتا لبنان وسوريا، وأنه كانت لدي عشر خرائط صدرت بعد عام 1996 عن مؤسسات حكومية لبنانية مختلفة، بينها وزارة الدفاع والجيش، وكلها وضعت المزارع التي نحن في صددها داخل الأراضي السورية، باستثناء خريطة لبنانية تعود إلى 1966 مشكوك في صحتها. بالإضافة إلى ذلك، أشرت إلى أن المنطقة المذكورة وقعت في شكل ثابت في منطقة عمليات قوة فك الاشتباك التابعة للأمم المتحدة في مرتفعات الجولان (اندوف) منذ عام 1974، وهذا الأمر لم يفنده أي طرف ولم يتغير حتى مع إنشاء قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) عام 1978.

وبنتيجة أدلة قانونية وخريطية وتاريخية، ومع إشارتي إلى أن المنطقة كانت محتلة من اسرائيل، وكانت تالياً تخضع لقراري مجلس الأمن 242 لسنة 1967 و338 لسنة 1973، خلصتُ إلى أن منطقة مزارع شبعا التي يطالب بها لبنان، يمكن، "من دون إبداء رأي مسبق في أي اتفاق حدودي معترف به دولياً قد يرغب لبنان والجمهورية العربية السورية في إتمامه في المستقبل"، ألا تُعتبر أراضي لبنانية. وبعد ذلك سلمت  مجلس الأمن تقريراً في 16 حزيران 2000 استنتجت فيه ان "اسرائيل استجابت المتطلبات المحددة" وأن "القوات الاسرائيلية انسحبت من لبنان استجابة للقرار 425 لسنة 1978"، أي من كل الأراضي اللبنانية.

أقر مجلس الأمن هذا الاستنتاج في بيان أصدره رئيسه نيابة عن المجلس في 18 حزيران 2000.

في رسالة موجهة إلي بتاريخ 12 حزيران 2000 (564/2000/S )، أوجز الرئيس اللبناني لحود موقف لبنان بالنسبة إلى الخط الأزرق وكتب: "في ما يتعلق بمزارع شبعا، من الواضح من تقرير الأمين العام أن الخط المعتمد تم تبنيه للمنطقة في ضوء عدم وجود خرائط قديمة للمنطقة يمكن ان تؤكد الحدود بين لبنان وسوريا. وتالياً، إن الخط المعتمد هو الخط الذي يفصل بين مناطق عمل اليونيفيل والاندوف، بينما تشير الأمم المتحدة إلى أن هذا الخط لا يمكن في أي حال اعتباره مؤثرا على حقوق الأطراف المعنيين بالنسبة إلى حدودهم الدولية. وقد وافق لبنان على هذا التقويم الى ان يأتي وقت تكون هناك صيغة مشتركة للمزارع يمكن ان يوافق عليها لبنان وسوريا لتسليمها إلى الأمم المتحدة".

وفي عدد من المناسبات، كرر مجلس الأمن تأكيده انسحاب اسرائيل من كل الأراضي اللبنانية.