التقرير نصف السنوي الثامن للأمين العام للامم المتحدة حول تطبيق القرار 1559

أحداث أيار كادت أن تجر لبنان إلى حرب أهلية وقلق لظهور متطرّفين في طرابلس

ترحيب بالتطورات الإيجابية للعلاقات بين بيروت ودمشق وتطلّع إلى فتح السفارتين

17/10/08

 

لاحظ التقرير نصف السنوي الثامن للامين العام للامم المتحدة بان كي – مون حول تطبيق القرار 1559، انه لم يتحقق تقدم ملموس نحو حل الميليشيات ونزع سلاحها وفق ما هو منصوص عليه في القرار 1559. واعرب عن قلقه من قابلية الحدود السورية للاختراق، داعياً الى تقيد الدول بحظر تهريب السلاح الى لبنان وفق القرار 1701. وقال انه يشعر بقلق بالغ لظهور متطرفين ومقاتلين اجانب ولا سيما في طرابلس ومحيطها. وحذّر من ان احداث 7 ايار كادت ان توقع البلاد في حرب اهلية وتطلق سباق تسلح داخلياً لا يمكن توقع عقباه. واعتبر ان احتفاظ "حزب الله" بسلاحه يشكّل تحديا للدولة وتهديداً للسلام والاستقرار في المنطقة.

ورحب باطلاق الحوار الوطني بين الاطراف اللبنانيين برعاية رئيس الجمهورية وبدعم من جامعة الدول العربية، واكد ان انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان شكّل خطوة مهمة على طريق تطبيق القرار 1559، وطالب بالتزام عدم استخدام السلاح لتسوية النزاعات السياسية الداخلية.

وقال انه متشجع بالتطورات الايجابية التي طرأت على العلاقات بين لبنان وسوريا بما ينسجم مع القرار 1680. واكد نه يتطلع الى فتح سفارة في كل من بيروت ودمشق بحلول نهاية السنة الجارية.

ومن المقرر ان يناقش مجلس الامن التقرير في 30 تشرين الأول الجاري.

وهنا ترجمة غير رسمية للتقرير:

 

التقرير نصف السنوي الثامن للأمين العام للأمم المتحدة حول تطبيق قرار مجلس الأمن 1559 (2004)

 

 

 

I. الخلفية

 

1. هذا التقرير هو تقريري نصف السنوي الثامن حول تطبيق قرار مجلس الأمن 1559 (2004). يعرض للتقدّم الذي أُحرِز في تطبيق القرار، ويسلّط الضوء على المجالات المثيرة للقلق التي لا تزال تعرقل الجهود الآيلة إلى تعزيز سيادة لبنان وسلامته الإقليمية واستقلاله السياسي.

2. في الأشهر الستة الماضية، شهد لبنان الآثار المدمّرة للعنف المذهبي كما عرف الأمل والتفاؤل.

3. في 6 أيار أعلنت الحكومة اللبنانية أن شبكة اتصالات "حزب الله" المنفصلة عن شبكة الدولة "غير شرعية وغير دستورية" وأقالت المسؤول عن جهاز الأمن في مطار بيروت الدولي. وتعبيراً عن احتجاجه، أغلق "حزب الله" كل الطرق من مطار بيروت واليه وطرقا رئيسية أخرى في أجزاء من العاصمة. وأعلن أنه سيمضي في تحركاته حتى تلغي الحكومة القرارين. وفي وقت لاحق يومذاك، حصل تبادل للنار بين عناصر من المعارضة وعناصر موالية للحكومة في مناطق عدة من بيروت. وأغلقت مجموعات موالية للحكومة المعبر الحدودي الرئيس بين لبنان وسوريا. تصاعد العنف وانتشر إلى أجزاء أخرى من البلاد، وجرى استخدام الأسلحة الثقيلة في بعض الأحيان. فدخلت البلاد مرحلة من المواجهة الفعلية. واستمرت الأعمال الحربية حتى 14 أيار وأسفرت عن مقتل 69 شخصاً وإصابة أكثر من 180 بجروح. خلال هذه الصدامات، سُجِّل العديد من الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان، بما في ذلك التوقيف غير القانوني وسوء المعاملة، ومقتل مدنيين، وتصفية أشخاص وتدمير أملاك خاصة والتعدي على وسائل الإعلام وحرية التعبير.

4. في 11 أيار، عقدت جامعة الدول العربية اجتماعاً طارئاً وقررت إرسال وفد إلى بيروت، وأدانت استعمال العنف المسلح لتحقيق غايات سياسية. في 14 أيار، توجهت لجنة وزارية مؤلفة من وزراء الخارجية العرب برئاسة رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، إلى لبنان. وأجرت اللجنة محادثات مع الأطراف بهدف وضع حد للأزمة. وفي 15 أيار، ألغت الحكومة القرارين اللذين كانت قد اتخذتهما في السادس من أيار. بعد ذلك بوقت قصير، أعلنت اللجنة العربية التوصل إلى تفاهم بين اللبنانيين دعا إلى الهدوء في الشارع وسحب كل العناصر المسلحة. ودعا الاتفاق أيضاً إلى حوار وطني لبناني يبدأ في اليوم التالي في الدوحة بغية التوصل إلى توافق حول المسائل المتعلقة بإنشاء حكومة الوحدة الوطنية وبعض الجوانب في قانون انتخابي جديد، مما يتيح انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

5. توجّه القادة السياسيون اللبنانيون إلى الدوحة في 16 أيار. ومن خلال جهود حثيثة قادها أمير قطر ورئيس وزرائه والأمين العام لجامعة العربية، توصّل الزعماء اللبنانيون إلى تفاهم سياسي شامل في 21 أيار، مما أدى إلى انتخاب الجنرال ميشال سليمان رئيساً للجمهورية اللبنانية في 25 أيار. وعشية هذه الانتخابات، رُفِع الاعتصام المستمر منذ وقت طويل خارج مقر رئاسة الوزراء.

6. في 11 تموز، أصدر الرئيس سليمان مرسوماً شكّل بموجبه الحكومة اللبنانية السبعين. وفي 12 آب، نالت الحكومة الجديدة وبيانها الوزاري الثقة بالغالبية الساحقة في مجلس النواب.

7. بناء على دعوة من الرئيس بشار الأسد، زار الرئيس سليمان سوريا في 13 آب و14 منه، وجرى التوصل إلى سلسلة من الترتيبات ترتدي أهمية بالنسبة إلى تطبيق القرار 1559 (2004). في 15 تشرين الأول، وقّع وزيرا الخارجية اللبناني والسوري بياناً مشتركاً في دمشق نص على إقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين.

8. على رغم اتفاق المصالحة الذي جرى التوصل إليه في الدوحة، حصلت في الفترة التي يشملها التقرير صدامات عنيفة أسفرت عن سقوط ضحايا، ولا سيما في مدينة طرابلس الشمالية ومحيطها. ونذكر خصوصا انفجار عبوة في 13 آب في محطة للحافلات يستعملها جنود الجيش اللبناني في صورة مستمرة في طرابلس، مما أدى إلى مقتل 15 شخصاً بينهم عشرة جنود.

9. في 10 أيلول، قتل صالح العريضي، العضو البارز في الحزب الديموقراطي اللبناني، بانفجار عبوة موضوعة في سيارته في بيصور. كان هذا الاغتيال السياسي الأول في البلاد منذ توقيع اتفاق المصالحة في الدوحة.

10. في 16 أيلول، عقد الرئيس ميشال سليمان في قصر بعبدا أولى جلسات الحوار الوطني عقب اتفاق الدوحة لمناقشة تعزيز سلطة الدولة في أنحاء البلاد، وفي استراتيجية للدفاع الوطني. حضر الأمين العام لجامعة الدول العربية الجلسة. وفي موازاة ذلك، تبذل الأحزاب السياسية اللبنانية سلسلة جهود لتحقيق مصالحات.

11. في 29 أيلول، استهدف هجوم إرهابي جديد القوات المسلحة اللبنانية في مدينة طرابلس، مما أسفر عن مقتل ستة أشخاص بينهم أربعة جنود. وأصيب 32 شخصاً بجروح بينهم 18 جنديا.

 

 

 

II. تطبيق القرار 1559 (2004)

 

12. منذ اعتماد قرار مجلس الأمن 1559 في أيلول 2004، طُبِّق عدد كبير من أحكامه. في تقريري نصف السنوي الثاني في 26 تشرين الأول 2005 (S/2005/673)، استطعت أن أؤكّد حدوث انتخابات نيابية حرة ونزيهة في ربيع 2005. وأعلنت أيضاً انسحاب القوات السورية والأعتدة العسكرية وأجهزة الاستخبارات العسكرية السورية من لبنان. في المرحلة التي يشملها هذا التقرير، انتُخِب أخيراً رئيس للجمهورية، بما ينسجم مع أحكام القرار، مما أعاد إحياء المؤسسات الدستورية في البلاد. فضلاً عن ذلك، انخرط لبنان وسوريا في محادثات رفيعة المستوى في مسائل على صلة بسيادة لبنان واستقلاله السياسي وسلامته الإقليمية مثل إقامة علاقات ديبلوماسية وترسيم حدود دولية بين البلدين، وهي أمور يشجّع عليها مجلس الأمن بقوة في القرار 1680 (2006). يسرني تالياً أن أعلن قطع أشواط كبيرة نحو التطبيق الكامل لأحكام القرار 1559 (2004).

13. غير أن الصدامات التي حصلت في أيار الماضي والحوادث الأمنية المتعددة في المرحلة التي يشملها التقرير، ولا سيما في شمال لبنان، لا تزال تسلّط الضوء على التهديدات التي يشكلها وجود الميليشيات على استقرار البلاد، والحاجة إلى ممارسة الحكومة اللبنانية والقوات المسلحة اللبنانية احتكارها لاستخدام القوة في مختلف أنحاء لبنان. بناء عليه لا يزال يجب تطبيق القرار 1559 تطبيقاً كاملاً.

14. في الأشهر الستة الماضية، بقينا أنا وممثليّ على اتصال وثيق ومنتظم بمختلف الأفرقاء في لبنان، وكذلك باللاعبين الإقليميين والدوليين المعنيين.

 

أ. سيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي

15. الهدف الأساسي من القرار 1559 (2004) هو تعزيز سيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي في ظل السلطة الوحيدة والحصرية للحكومة اللبنانية في مختلف أنحاء لبنان، بما ينسجم مع اتفاق الطائف لعام 1989، الذي التزمته كل الأحزاب السياسية في لبنان. استمررت في إيلاء الأولوية القصوى لهذه المسألة في جهودي الرامية إلى المساعدة على تطبيق القرار. في هذا السياق، أرحّب بالنداء الذي وجّهه الرئيس سليمان في خطاب القسم من أجل الوحدة والحوار الوطني، وبتعهده حماية دستور البلاد وسيادته واستقلاله. وأرحب أيضاً بالتزامه ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها.

16. واصلت بذل الجهود لتشجيع الانطلاقة المبكرة لعملية بين لبنان وسوريا تستند إلى جدول أعمال متفق عليه وتقود في نهاية المطاف إلى إقامة علاقات ديبلوماسية كاملة تلبية للأحكام ذات الصلة في قراري مجلس الأمن 1680 (2006) و1701 (2006) والمنبثقة من القرار 1559 (2004).

17. في 12 تموز، عقد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قمة في باريس حضرها إلى جانبه الرئيس اللبناني ميشال سليمان والرئيس السوري بشار الأسد والأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر. وفي ختام القمة، أعلن الرئيس الفرنسي أن الرئيسين اللبناني والسوري أطلعاه على استعدادهما لتبادل السفراء. وفي 14 آب، أصدر الرئيسان اللبناني والسوري في ختام يومين من المحادثات في دمشق، بياناً مشتركاً جرت تلاوته في مؤتمر صحافي عقده وزيرا خارجية البلدين فوزي صلوخ ووليد المعلم. وانسجاماً مع الالتزام في باريس، أعلن البيان أن البلدين اتفقا على إقامة علاقات ديبلوماسية على مستوى تبادل السفارات. وفي 21 آب، أقرت الحكومة اللبنانية مرسوم إقامة علاقات ديبلوماسية مع الجمهورية العربية السورية وفتح سفارة في دمشق. وفي 14 تشرين الأول، وقع الرئيس بشار الأسد مرسوم إقامة علاقات ديبلوماسية بين سوريا ولبنان. ونص المرسوم أيضاً على فتح سفارة سورية في بيروت. وفي 15 تشرين الأول، وقّع وزيرا الخارجية السوري واللبناني بياناً مشتركاً حول إقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين اعتباراً من اليوم نفسه. وفي الوثيقة نفسها، أعاد الفريقان تأكيد عزمهما على تعزيز علاقاتهما وترسيخها على أساس الاحترام المتبادل لسيادتهما واستقلالهما. وقد أعلمني الرئيسان اللبناني والسوري أنه سيتم فتح سفارة في كل من العاصمتين بحلول نهاية العام الجاري. أهنّئ القادة اللبنانيين والسوريين على هذه الخطوات الجديدة والمهمة نحو التطبيق الكامل للقرارين 1559 (2004) و1680 (2006)، وأتطلع إلى فتح سفارة في كل من العاصمتين.

18. واصلت أيضاً بذل الجهود لتشجيع سوريا ولبنان على إنجاز الترسيم الكامل لحدودهما المشتركة، الأمر الذي يبقى ذا أهمية محورية لعدد من الأحكام العملانية الواضحة في القرارات 1559 (2004) و1680 (2006) و1701 (2006). في المرحلة التي يشملها التقرير، لم يتحقق تقدم مهم في هذه المسألة.

19. في هذا السياق، أخذت علماً بأنه في ختام القمة اللبنانية-السورية التي انعقدت في دمشق في 13-14 آب، أعلن الفريقان استئناف العمل باللجنة المشتركة لترسيم الحدود بالاستناد إلى أولويات يحددها الجانبان. أرحب بالنية المتجددة لدى سوريا ولبنان بتحقيق تقدم في هذه المسألة وأتوقع أن تتجسد عاجلاً على أرض الواقع، ولا سيما في المناطق حيث الحدود غير أكيدة ومتنازع عليها.

20. في 30 آب، ندّد مجلس الوزراء اللبناني بتجاوز مواطنين سوريين الحدود ودخولهم الأراضي اللبنانية في دير العشاير شرق سهل البقاع، لحفر بئرين في الأراضي اللبنانية كما ذكرت التقارير. أذكّر مجدداً بأنني سبق أن أشرت في رسالتي إلى مجلس الأمن في 23 أيار 2005 (S/2005/331) وفي تقريري نصف السنوي الثاني حول تطبيق القرار 1559 (2004) (S/2005/673)، إلى أن وضع منطقة دير العشاير لا يزال غير واضح ويجب معالجته في اتفاق رسمي حول الحدود لضمان سلامة لبنان الإقليمية. هذا الحادث دليل على أهمية تطبيق إجراءات ملموسة في الوقت المناسب من أجل ترسيم الحدود بين سوريا ولبنان.

21. واصلت جهودي الخرائطية والديبلوماسية المتصلة بموضوع مزارع شبعا، وسوف أتحدث بمزيد من التفصيل عن هذه المسألة في تقريري المقبل عن تطبيق القرار 1701 (2006).

22. منع خروق حظر السلاح عنصر أساسي لتعزيز سيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي. ما زلت قلقاً من قابلية الحدود السورية-اللبنانية للاختراق في شكل عام مما يجعل عبورها سهلاً. اضافة الى ذلك، إن الوجود الدائم لبنى تحتية شبه عسكرية تابعة لـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة" و"فتح الانتفاضة" عند جهتَي الحدود يمنح هذه المجموعات سيطرة بحكم الأمر الواقع على أجزاء من الحدود. كما أعرب لي عدد من الدول الأعضاء عن القلق المتزايد من استمرار تدفق السلاح والمقاتلين عبر الحدود السورية-اللبنانية. أذكّر بالاستنتاج الذي توصل إليه التقرير الأخير للفريق المستقل لتقويم الحدود في لبنان (ليبات 2) (S/2008/582) واعتبر أنه عموماً، لم ينجح لبنان بعد في تعزيز الأمن الإجمالي لحدوده تعزيزاً قوياً. في هذا السياق، من المهم أن تتقيد كل الدول، ولا سيما الدول المجاورة، بحظر السلاح كما هو منصوص عليه في القرار 1701 (2006).

23. استمرت سوريا في إنكار أي تورط لها في خروق حظر السلاح. في ختام القمة السورية - اللبنانية في دمشق في 13 - 14 آب، وافق الفريقان على العمل معاً لضبط الحدود ووقف عمليات التهريب من خلال اتخاذ السلطات المختصة الإجراءات المناسبة وتنسيق النشاطات عند طرفَي الحدود. وقد أكّد لي الرئيس اللبناني أنه سيتم إنشاء لجان خاصة لمعالجة هذه المسألة. أرحّب بهذا الالتزام.

24. في الأسابيع القليلة الماضية، كثّف الجيش السوري انتشاره على طول الحدود الشمالية بين سوريا ولبنان. وأعلن الرئيس ميشال سليمان أن نظيره السوري بشار الأسد أبلغه أن نشر الجنود على طول الحدود الشمالية للبنان يهدف إلى احتواء نشاطات التهريب، ويقع في إطار نتائج القمة اللبنانية-السورية التي انعقدت في دمشق في آب الماضي، وينسجم مع أحكام القرار 1701 (2006). غير أن بعض القادة اللبنانيين أعربوا عن قلقهم من الانتشار.

25. في المرحلة التي يشملها التقرير، واصلت الطائرات الحربية الإسرائيلية انتهاك المجال الجوي اللبناني. واستمرت الحكومة الإسرائيلية في الزعم أن هذا التحليق يتم لأسباب أمنية، في انتظار إرساء نظام أمني محسّن على طول الحدود اللبنانية - السورية، والتطبيق الكامل لحظر السلاح بموجب القرار 1701 (2006). وقد ناشدت إسرائيل باستمرار وقف هذه الطلعات الجوية التي تشكل انتهاكاً لسيادة لبنان وقرارات مجلس الأمن.

26. لا تزال إسرائيل تحتل الجزء الشمالي من الغجر، مما يشكل انتهاكاً لسيادة لبنان والقرار 1701 (2006). تنشط القوة الموقتة للامم المتحدة في لبنان "اليونيفيل" في العمل مع القوات المسلحة اللبنانية وقوات الدفاع الإسرائيلية للتوصل الى حل عاجل لهذه المسألة. وسوف أتطرق إلى هذه المسألة بمزيد من التفصيل في تقريري المقبل إلى المجلس حول تطبيق القرار 1701 (2006).

27. تقلقني التبادلات المتكررة للاتهامات بين إسرائيل وحزب الله عبر وسائل الإعلام. أحض كل الأطراف على الإقلاع عن هذا الخطاب العام الذي يولد أجواء من القلق لدى المدنيين من الطرفَين.

 

ب. بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على كل الأراضي اللبنانية

28. جدّد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء في لبنان التأكيد أن لديهما مصلحة حيوية في بسط سلطة الحكومة على كامل الأراضي اللبنانية بحيث تصير القوة المسلحة الوحيدة في البلاد باستثناء قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. والتزما أيضاً تحسين مراقبة الحدود البرية لمنع الدخول غيرالشرعي للأسلحة والعتاد والأشخاص إلى البلاد. وتتخذ القوات المسلحة اللبنانية خطوات ضمن إمكاناتها لفرض السلام والاستقرار في البلاد على رغم انتشارها على أكثر من جبهة نتيجة التحديات الأمنية الكثيرة، ولا سيما الصدامات التي حصلت الربيع الماضي والأحداث العنيفة التي وقعت هذا الصيف في طرابلس ومحيطها. ولهذه الغاية، نفّذت القوات المسلحة اللبنانية في مطلع أيلول إعادة انتشار موقتة للجنود من جنوب لبنان بهدف معالجة هذه المشاغل الأمنية. وسوف أتطرق بالتفصيل إلى هذه المسألة في تقريري المقبل حول القرار 1701.

29. إن الوجود والنشاطات المستمرة للميليشيات وكذلك المزاعم عن إعادة تسلح واسعة النطاق وتدريبات شبه عسكرية من جانب مجموعات تنتمي إلى مختلف الاتجاهات في الطيف السياسي اللبناني تشكّل تحدياً للسلطة العسكرية الحصرية للحكومة اللبنانية.

30. أشعر ببالغ القلق لبروز متطرفين ومقاتلين أجانب ولا سيما في طرابلس ومحيطها، وتناميهم الظاهري. وليست هذه الظاهرة سوى تحد إضافي لترسيخ سلطة الحكومة.

31. تؤدي القوات المسلحة اللبنانية دوراً محورياً في تعزيز سيادة لبنان والسيطرة على كامل البلاد، مما يعزز الاستقرار في لبنان وخارجه. في هذا السياق، أدعو الدول المانحة إلى مساعدة القوات المسلحة اللبنانية على تلبية الموجبات التي تلقيها على عاتقها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

 

ج. حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها

32. يقوّض الوجود المستمر للميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية تعزيز الدولة اللبنانية واستقرار البلاد والمنطقة. ويتعارض أيضاً مع هدف ترسيخ سيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي. والميليشيا اللبنانية الأكبر هي الجناح العسكري لـ"حزب الله". علاوة على ذلك، تعمل ميليشيات فلسطينية عدة في البلاد، داخل مخيمات اللاجئين وخارجها.

33. في المرحلة التي يشملها التقرير، لم يتحقق تقدم ملموس نحو حل الميليشيات ونزع سلاحها كما هو منصوص عليه في اتفاق الطائف والقرار 1559 (2004).

 

 

 

الميليشيات اللبنانية

 

34. مرة أخرى أظهر العنف الذي اجتاح لبنان في أيار التهديد الخطير الذي تشكّله المجموعات المسلحة الواقعة خارج سيطرة الدولة على استقرار لبنان. فقد خاض "حزب الله" ومجموعات مسلحة أخرى صدامات عنيفة في مناطق عدة في أنحاء البلاد، مما أدى إلى سقوط ضحايا ووقوع إصابات وإلحاق أضرار بالممتلكات وتسبب بمناخ عام من عدم الاستقرار. واستُخدِمت في القتال قذائف صاروخية وقذائف هاون وقصف مدفعي.

35. منذ توقيع اتفاق الدوحة، وقعت سلسلة من الصدامات ولا سيما في طرابلس ومحيطها، وكانت مذهبية وسياسية في طبيعتها. واستُخدِم فيها القصف المدفعي والقنابل اليدوية ومورست أعمال تخريب في الأحياء المأهولة. وأسفرت عن مقتل أكثر من 25 شخصاً.

36. في المرحلة التي يشملها التقرير شهد لبنان كذلك نمطاً متزايداً من الهجمات ضد قواته المسلحة. على سبيل المثال، أحبط الجيش في 31 أيار محاولة قام بها رجل يضع حزاماً ناسفاً بحسب التقارير (كيلوغرامان من الـ"ت. ان. ت") لتفجير نفسه قرب حاجز للجيش خارج مخيم عين الحلوة. وفي 11 حزيران، حصل تبادل للنار بين الجيش اللبناني ومسلّحين عند حاجز للجيش خارج مخيم عين الحلوة. وأصيب جندي بجروح. وفي 30 تموز، أطلق مسلحون مجهولو الهوية النار على حاجز للجيش اللبناني في الهرمل، وأردوا جندياً. وفي 13 آب، انفجرت عبوة في طرابلس مما أسفر عن مقتل 15 شخصاً بينهم عشرة جنود. وفي 29 أيلول لقي أربعة جنود حتفهم بانفجار في طرابلس. أدين بشدة هذه الهجمات الإرهابية ضد رموز السيادة اللبنانية. وهذه الأعمال هي أيضاً تهديدات مقلقة جداً لاستقرار البلاد في المدى الطويل.

37. في 28 آب، لقي الملازم أول في الجيش سامر حنا حتفه عندما تعرضت مروحيته لإطلاق نار فوق تلال سجد جنوب لبنان. أقرّ "حزب الله" بمسؤوليته عن الحادث وسلّم أحد عناصره الى السلطات القضائية. وفتح المدعي العام العسكري تحقيقاً في الحادث.

38. كل هذه الحوادث هي تذكير قوي لنا بالحاجة الملحة إلى تأمين احتكار الحكومة لاستعمال القوة في لبنان وأهمية هذا الأمر. أنا قلق جداً من أن الندوب التي خلفتها صدامات الربيع الفائت قد تسرّع في الواقع، لا بل تطلق سباق تسلّح داخلياً في لبنان لا يمكن توقع عقباه. وتتعارض النشاطات شبه العسكرية أيضاً مع إجراء انتخابات نيابية حرة وعادلة في الربيع المقبل كما هو مقرر. نتيجة التفاهم الذي جرى التوصل إليه في إطار اتفاق الطائف عقب الحرب الأهلية، والذي قضى بحل كل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها، تخلت الميليشيات اللبنانية عدا "حزب الله" عن إمكاناتها المسلحة. يجب المحافظة على هذا التفاهم لتفادي شبح تجدد المواجهات بين اللبنانيين.

39. احتفاظ "حزب الله" بجناح مسلّح واسع النطاق وبنية تحتية شبه عسكرية منفصلة عن الدولة، بما في ذلك شبكة اتصالات يعتبرها التنظيم نفسه جزءاً لا يتجزأ من ترسانته، هو تحد مباشر لسلطة الحكومة اللبنانية وقواتها الأمنية، ويحول دون تمكنها من بسط سيطرتها الحصرية على كل الأراضي اللبنانية. كما أن هيكليات "حزب الله" التي تسير بموازاة هيكليات الدولة والمتمايزة عنها، لا تزال تشكّل تهديداً للسلام والاستقرار في المنطقة. ولذلك أجدّد دعوتي حزب الله التقيد بكل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وأحض كل الفئات التي تقيم روابط وثيقة معه وتستطيع التأثير فيه، ولا سيما سوريا وإيران، أن تدعم تحوله حزباً سياسياً بكل معنى الكلمة، بما ينسجم مع بنود اتفاق الطائف والقرار 1559.

40. يسرني أن أبلغ مجلس الأمن أنه في ختام الحوار الوطني الذي انعقد في الدوحة بين 16 ايار و21 منه، عقب الصدامات الدموية في لبنان، أعاد الزعماء السياسيون اللبنانيون تأكيد التزامهم مبدأ الدستور اللبناني واتفاق الطائف. كما تعهد الزعماء اللبنانيون منع استخدام السلاح أو العنف في أي نزاع داخلي محافظة على شراكة التعايش الوطنية. وتعهدوا أيضاً متابعة الحوار الوطني برعاية رئيس الجمهورية، وتعزيز سلطة الحكومة اللبنانية على كل أراضيها وعلاقاتها بالمجموعات المختلفة بما يضمن أمن الدولة ومواطنيها.

41. في 16 أيلول، ترأس الرئيس سليمان جلسة الحوار الوطني الأولى التي جمعت 14 شخصية لبنانية شاركت في توقيع اتفاق الدوحة: رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء فؤاد السنيورة ورئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس "التيار الوطني الحر" ميشال عون والنائب محمد رعد (ممثلاً أمين عام حزب الله) ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ورئيس الجمهورية السابق ورئيس حزب الكتائب أمين الجميل والوزيران الياس سكاف ومحمد الصفدي والنواب اغوب بقردونيان وغسان تويني وبطرس حرب وميشال المر. كما حضر الجلسة الأمين العام لجامعة الدول العربية. في خطاب الافتتاح، شدد الرئيس سليمان على الحاجة إلى وضع استراتيجية دفاعية وطنية تحت سلطة الدولة.

42. بعد جلسة دامت ثلاث ساعات، تم الاتفاق على بيان ختامي من ست نقاط:

1. الشروع في المحادثات حول الاستراتيجية الدفاعية واعتبارها أولوية في ضوء الآراء المتعددة للمشاركين في الحوار، من أجل التوصل إلى رؤية مشتركة لهذه الاستراتيجية بالاستناد إلى مقررات الحوار الوطني واتفاق الدوحة.

2. اتخاذ إجراءات فورية وجدية لمعالجة التوترات الأمنية والتوصل إلى اتفاق حول آلية تضع حداً لهذه الحالة من أجل تعزيز جهود المصالحة في المناطق المختلفة ونشر المصالحة بين كل المجموعات في لبنان.

3. اعتماد ميثاق شرف يلزم المشاركين النقاط الأساسية لخطاب الرئيس في افتتاح الجلسة، والامتناع عن أي شكل من الاستفزاز السياسي، والتخفيف من حدة الخطاب السياسي والإعلامي وإعلان هذا الالتزام عبر وسائل الإعلام.

4. تأكيد المقررات التي جرى التوصل إليها في جلسات الحوار السابقة، والعمل من أجل تطبيقها.

5. سوف يجري الرئيس محادثات ثنائية من أجل ترسيخ المصالحات وتشجيع اللقاءات لتعزيز فرص نجاح الحوار استعداداً للجلسة المقبلة.

6. تحديد موعد جلسة الحوار المقبلة في 5 تشرين الثاني 2008 في قصر بعبدا.

43. في سياق إطلاق الحوار الوطني، بُذِل العديد من جهود المصالحة بين الزعماء اللبنانيين. أرحّب بالاتفاق الذي وقّعته أكثر من 20 شخصية سياسية ودينية أساسية في طرابلس في 8 أيلول لتعزيز الأمن وتلبية الحاجات الإنسانية.

وآمل في  أن تساعد هذه الجهود على منع حصول مزيد من العنف، ولا سيما في شمال لبنان ومختلف أنحاء البلاد. وأحض كل الزعماء اللبنانيين على تشجيع المصالحة.

4. أرحب بإطلاق الحوار الوطني برعاية رئيس الجمهورية وبدعم من الجامعة العربية. وأحض كل الزعماء اللبنانيين على مقاربة هذه العملية بروح من التعاون وعلى بذل كل الجهود اللازمة للتوصل إلى نتيجة إيجابية.

 

 

 

الميليشيات الفلسطينية

 

45. تشكّل المجموعات المسلحة غير اللبنانية تهديداً جدياً آخر لاستقرار لبنان وسيادته. في الأشهر الستة الماضية، لم يتحقق أي تقدم نحو نزع سلاح الميليشيات الفلسطينية، بموجب الاتفاق الذي جرى التوصل إليه في الحوار الوطني اللبناني عام 2006 والذي قضى بنزع سلاح الميليشيات الفلسطينية خارج المخيمات.

46. في حين رفضت الحكومة اللبنانية في بيانها الوزاري توطين الفلسطينيين الدائم في لبنان، أقرت بحقهم في حياة كريمة وتعهدت بمواصلة جهودها لمعالجة مشاغلهم الإنسانية والاجتماعية داخل المخيمات وخارجها. وشدد البيان الوزاري على وجوب أن يحترم الفلسطينيون سيادة الدولة وقوانينها. كما أعربت الحكومة عن نيتها العمل مع الفلسطينيين لتطبيق مقررات الحوار الوطني 2006، مع تحمل مسؤولية حماية المخيمات من أي هجوم.

47. خلال زيارة تاريخية إلى لبنان في 28 و29 آب، جدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس دعمه لمقررات الحوار الوطني 2006 الآنفة الذكر ووجوب أن يحترم الفلسطينيون في لبنان سيادة لبنان واستقلاله السياسي. وأثنى على جهود الحكومة اللبنانية لتحسين ظروف عيش اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

48. تحتفظ "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة" و"فتح الانتفاضة" ببنى تحتية شبه عسكرية واسعة النطاق داخل مخيمات اللاجئين وخارجها وعلى طول الحدود بين لبنان وسوريا. وبما أن هاتين المجموعتين الميليشيويتين الفلسطينيتين تتخذان من دمشق مقراً لهما وتماشياً مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، أحض الحكومة السورية، بوصفها دولة عضوا، على التأكد من تقيد هاتين المجموعتين بقرارات الحكومة اللبنانية والقانون اللبناني.

49. تشير الحوادث الأمنية المستمرة في مخيم عين الحلوة والوضع الهش في مخيم البداوي إلى أن إعادة إرساء القانون والنظام في مخيمات اللاجئين ستشكل عنصراً أساسياً لنشر الاستقرار والأمن في لبنان. تؤمن مخيمات اللاجئين ملاذاً آمناً لمن يسعون إلى التفلت من سلطة الدولة مثل المقاتلين والمتطرفين والمجرمين ومهرّبي الأسلحة إلى جانب الفصائل المسلحة الفلسطينية من مختلف الأحزاب. في حين تحسّن التنسيق والتعاون الأمنيان بين الوكالات الأمنية اللبنانية والفصائل الفلسطينية، وحققت محاولات منظمة التحرير الفلسطينية استعادة السيطرة الأمنية في بعض المخيمات بعض النتائج الإيجابية، وما عدا مخيم نهر البارد المدمر، لا تتمتع السلطات اللبنانية حتى الآن بوجود دائم داخل المخيمات. هذه الوقائع هي تذكير بالتهديد الخطير التي تشكله المجموعات المسلحة على استقرار لبنان وسيادته، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى نزع سلاحها.

50. نظراً إلى الآثار المضرة لظروف العيش في المخيمات على الوضع الأمني الأوسع في لبنان، ما زلت مقتنعاً بأن من الضروري تحقيق تقدم ليس فقط نحو حل الميليشيات الفلسطينية في لبنان ونزع سلاحها، إنما أيضاً نحو تحسين ظروف عيش اللاجئين من دون إلحاق الأذى بتسوية مسألة اللاجئين الفلسطينيين في سياق اتفاق سلام محتمل بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

51. في هذا السياق، أرحّب بالتزام رئيس الوزراء فؤاد السنيورة والحكومة اللبنانية الذي جرى التفاوض عليه مع السلطات الفلسطينية المختصة وتم اعلانه في مؤتمر المانحين الدولي في 23 حزيران في فيينا حول إعادة إعمار مخيم نهر البارد، من أجل تحمل مسؤولية مشتركة عن الأمن داخل المخيم الذي تجري إعادة إعماره. آمل في أن يُعتمَد هذا الإجراء نموذجاً لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين الأخرى في لبنان. وأود أيضاً أن أهنّئ الحكومة اللبنانية على دعمها المستمر لبرنامج وكالة غوث اللاجئين (الأونروا) الشامل لتحسين ظروف العيش في المخيمات، وأشجّع المانحين على تزويد الوكالة الموارد الضرورية لهذه الغاية.

52. في حين تجاوب عدد كبير من الدول الأعضاء بسخاء مع المناشدات التي أطلقتها الحكومة اللبنانية لتمويل إعادة إعمار مخيم نهر البارد وتأهيل القرى اللبنانية المحيطة به، لا تكفي المبالغ التي جُمِعت حتى الآن للسماح باستكمال هذا المشروع المهم. وتواجه الأونروا أيضاً نقصاً حاداً في الأموال المطلوبة لإعالة نحو 27000 نازح في المرحلة المقبلة. انطلاقاً من التداعيات السياسية والأمنية المحتملة لأي إخفاق في إعالة النازحين وتحقيق تقدم عاجل وواضح للعيان في إعادة إعمار المخيم، أحض كل من هم في موقع يخولهم مساعدة الأمم المتحدة في جهودها الرامية إلى معالجة أزمة نهر البارد، على أن يبادروا إلى القيام بذلك على وجه السرعة.

 

 

 

عموميات

 

53. في الخلاصة، أثارت الصدامات في أيار والحوادث العنيفة التي أعقبتها، مخاوف لدي من أن مجموعات تنتمي إلى مختلف الاتجاهات في الطيف السياسي تعمد ربما إلى إعادة التسلح بما يتعارض مع اتفاق الطائف والقرار 1559. أدعو الأفرقاء اللبنانيين إلى المبادرة فوراً إلى وقف كل الجهود الرامية إلى اكتساب وبناء إمكانات شبه عسكرية وبنائها. كما أنني أدرك الأبعاد الإقليمية لهذه المسألة. فأي تدخل أجنبي يشكل انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن.

54. أجدد اقتناعي الراسخ بوجوب أن يتم نزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية من خلال عملية سياسية تقود إلى احتكار استعمال الحكومة اللبنانية للقوة على مختلف أراضيها. الهدف الأقصى لنزع السلاح هو بناء دولة لبنانية قوية لجميع سكانها، كما نص عليه اتفاق الطائف. تفترض هذه العملية السياسية في المقام الأول، احترام الدستور من جميع الأطراف وكذلك حواراً وروحاً من التعاون والمصالحة بين القوى السياسية المختلفة في لبنان.

 

د. الانتخابات الرئاسية

55. التقدم الأهم الذي تحقق في تطبيق القرار خلال المرحلة التي يشملها التقرير هو التقيد بالبند المتعلق بإجراء انتخابات حرة ونزيهة بموجب أحكام الدستور اللبناني، بحسب النداءات المتكررة لمجلس الأمن منذ 2004. بفضل الجهود الدؤوبة لأمير قطر ورئيس وزرائه والامين العام لجامعة الدول العربية، وبعد 18 محاولة وإرجاء للجلسات، انعقد مجلس النواب اللبناني في 25 أيار لانتخاب رئيس جديد للجمهورية جزءا من الاتفاق الشامل الذي جرى التوصل إليه في الدوحة. حضر نحو مئتي شخصية عربية وأجنبية جلسة الانتخاب. وقد مثّلني مبعوثي الخاص. نال العماد ميشال سليمان 118 صوتاً من أصل 127. وهو أول رئيس للجمهورية في لبنان منذ انسحاب الجنود السوريين عام 2005.

56. يسرني أن أعلن لمجلس الأمن أن انتخاب الرئيس أعاد إحياء العملية السياسية الدستورية في لبنان، ولا سيما انعقاد مجلس النواب الذي كان مشلولاً منذ تشرين الثاني 2006.

57. في 11 تموز، بعد سبعة أسابيع من المفاوضات الكثيفة، أصدر الرئيس سليمان مرسوماً شكّل بموجبه حكومة الوحدة الوطنية برئاسة فؤاد السنيورة. بموجب اتفاق الدوحة، تضمنت الحكومة المؤلفة من 30 وزيراً، 16 مقعداً للأكثرية النيابية و11 مقعداً للمعارضة وثلاثة للرئيس. وتتقيد الحكومة الجديدة أيضاً بالمعايير المعتمدة سابقاً فتعكس التركيبة الطائفية للبلاد. في 12 آب، منح مجلس النواب الثقة للحكومة الجديدة وبيانها الوزاري بغالبية ساحقة.

58. في 30 أيلول، أقر مجلس النواب اللبناني قانوناً انتخابياً جديداً بالاستناد إلى الاتفاق الذي جرى التوصل إليه في الدوحة في أيار. يمهد القانون الجديد الطريق لإجراء انتخابات نيابية الربيع المقبل. كما يشكل الخطوة النهائية في تطبيق النقاط العملانية الثلاث في اتفاق الدوحة (انتخاب رئيس للجمهورية؛ تشكيل حكومة وحدة وطنية؛ إقرار قانون الانتخابات).

 

 

 

III. ملاحظات

 

59. منذ تقريري الأخير إلى مجلس الأمن، وصل لبنان إلى شفا الحرب الأهلية ثم عاد.

60. شكّل العنف الذي اندلع في لبنان في أيار احد أخطر التهديدات لأسس الدولة اللبنانية في الأعوام الأخيرة، وتذكيراً مؤلماً لجميع اللبنانيين بالتهديدات التي يتسبب بها وجود مجموعات مسلحة خارج سيطرة الدولة. وهكذا لا تزال البنود المتبقية في القرار 1559 صالحة لكونها تتعلق بنزع سلاح كل المجموعات المسلحة وبسط سيطرة الحكومة على كل أراضيها.

61. على رغم ذلك، يسرني أن أعلن أن انتخاب الرئيس سليمان في 25 أيار 2008 شكّل خطوة مهمة نحو الأمام في تطبيق القرار 1559. أعادت هذه الانتخابات إحياء العملية الدستورية في لبنان التي أعاد جميع الأفرقاء في لبنان التزامها.

62. عبر القيام بذلك، قام اللبنانيون بخطوة نحو الأمام من أجل تعزيز سيادة لبنان واستقراره ووحدته واستقلاله السياسي. من المهم أن يواصل الأفرقاء السير على هذا الطريق من خلال التطبيق الكامل لبنود اتفاق الدوحة بما في ذلك الالتزام من بين أمور أخرى بالامتناع عن استعمال السلاح لتسوية النزاعات السياسية الداخلية.

63. تشجّعني الجهود التي يبذلها الرئيس سليمان في هذا السياق، وأرحب بجلسة الحوار الوطني الأولى في 16 أيلول لمعالجة مسألة الاستراتيجية الدفاعية الوطنية ووضع المجموعات المسلحة. يشكل هذا أيضاً خطوة لافتة في تطبيق القرار.

64. لكن يبقى أن هذه العملية لا تزال في مراحلها الأولى ولا يزال على الأفرقاء قطع أشواط كبيرة. أنا مدرك لحساسية المسائل المرتبطة بها وتعقيداتها، وللتحديات التي قد تنجم عنها. إذا أراد لبنان أن يتم العملية التي بدأها لتعزيز سيادته ووحدته الإقليمية، فيجب أن تنخرط كل الفئات اللبنانية انخراطاً كاملاً في هذه العملية الوطنية بروح من التعاون الحقيقي، وتلتزم تحقيق تقدم فعلي. أتطلع إلى الجلسة المقبلة في 5 تشرين الثاني.

65. ما زلت قلقاً من الاغتيالات السياسية والانفجارات التي تتواصل في لبنان. وأدين بشدة هذه الأعمال الإرهابية التي تستهدف سيادة لبنان واستقراره السياسي ووحدته. ويقلقني في شكل خاص ما يبدو أنه نمط صاعد من الهجمات ضد القوات المسلحة اللبنانية التي هي رمز أساسي لسلطة الدولة. وأناشد السلطات اللبنانية محاكمة كل مرتكبي هذه الجرائم. تسلط هذه الحوادث الضوء على انتشار الأسلحة والمجموعات المسلحة التي لا تزال تعمل في لبنان، والتي يشكل وجودها انتهاكاً مستمراً للقرارين 1559 و1701 وتهديداً مباشراً لاستقرار لبنان والمنطقة.

66. لا تزال مسألة سلاح "حزب الله" محورية في المناقشة السياسية في لبنان وقرارات مجلس الأمن حول لبنان. احتفاظ حزب الله بأعتدة وبنى تحتية عسكرية منفصلة هو تحدٍ أساسي لمحاولات الحكومة ترسيخ سيادة الدولة اللبنانية وسلطتها، ويعرقل الحوار البناء حول المسائل السياسية والأمنية.

67. أجدد اقتناعي بوجوب أن يتم نزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وحلها من خلال حوار سياسي شامل يأخذ في الاعتبار المصالح السياسية لجميع اللبنانيين إنما يثبّت في نهاية المطاف السلطة السياسية والعسكرية الحصرية للحكومة اللبنانية. ومن خلال عقد الجلسة الأولى من الحوار الوطني في المدة الأخيرة، يبدو أن اللبنانيين قاموا بما آمل في أن يتبين أنه خطوة أولى مهمة في هذا الإطار. أحض الأفرقاء اللبنانيين على المحافظة على هذا الزخم وتطويره. في نهاية المطاف، ستتطلب هذه العملية الدعم من البلدان المجاورة للبنان.

68. تشجعني التطورات الإيجابية في العلاقات بين لبنان وسوريا وإطلاق عملية التطبيع بين الجارين القريبين تاريخياً في إطار من الاحترام المتبادل وبما ينسجم مع القرار 1680. في هذا الإطار، أرحّب بما توصلت إليه القمة السورية - اللبنانية في دمشق في آب الماضي والتي اعلنت فيها خطوات مهمة سيتخذها البلدان لأجل هذه الغاية. يبدو أن هذه التطورات تؤشّر إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين بعد ثلاث سنوات من انسحاب القوات السورية.

69. أتطلع إلى فتح سفارة في كل من بيروت ودمشق بحلول نهاية السنة الجارية، وأثني على الخطوات التاريخية التي اتخذها حتى الآن الرئيسان سليمان والأسد من اجل تحقيق هذه الغاية. للمرة الاولى منذ استقلالهما، تقيم الدولتان الجارتان علاقات ديبلوماسية بينهما. ومن المهم أيضاً أن يتخذ لبنان وسوريا خطوات ملموسة نحو تطبيق كل النقاط الأخرى للاتفاق الذي جرى التوصل إليه في دمشق ولا سيما إعادة العمل باللجنة المشتركة لترسيم الحدود؛ والعمل المشترك من أجل تحسين الإجراءات الأمنية على طول الحدود؛ وتسريع عمل اللجنة المشتركة في موضوع المفقودين في البلدَين؛ وإجراء إعادة نظر موضوعية في العلاقات بما يخدم مصالح البلدين؛ والتعاون التجاري والاقتصادي. وأجدد اقتناعي بأن كل هذه الإجراءات هي ذات فائدة مشتركة للبلدين وسوف تساعد في تحقيق الاستقرار والتقدم في علاقاتهما الثنائية مما يعزز الاستقرار في المنطقة. وأنا جاهز لدعم لبنان وسوريا من أجل تحقيق هذه الأهداف.

70. أود أن أثني على جهود اللجنة الوزارية لجامعة الدول العربية برئاسة رئيس الوزراء القطري والامين العالم لجامعة الدول العربية وعضوية وزراء خارجية الأردن والإمارات العربية المتحدة والبحرين والجزائر وجيبوتي وعمان والمغرب واليمن، من أجل تشجيع المصالحة بين اللبنانيين بعد الصدامات الدموية في أيار. وأود أن أثني في شكل خاص على سمو الأمير، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لاستضافته اتفاق الدوحة واضطلاعه بدور الوسيط لتسهيل التوصل إلى هذا الاتفاق الذي أدى إلى إعادة إحياء المؤسسات الدستورية اللبنانية.

71. يشكل اتفاق الدوحة إطار العمل السياسي الذي قرر الزعماء اللبنانيون التعاون على أساسه في إطار السعي إلى تحقيق الاستقرار السياسي ونشر الأمن. لكنني ازال قلقاً من أن مزيج عدم الثقة بين الأطراف والتنافس السياسي في سياق الانتخابات النيابية والوجود المستمر للميليشيات يعرقل التطبيق الكامل لاتفاق الدوحة وقد يؤدي إلى تشنجات ومزيد من انعدام الأمن والاستقرار في لبنان وخارجه. من الضروري أن يحافظ لبنان على إطاره السياسي الشامل للتعايش – كما هو محدد في اتفاق الطائف – في أجواء خالية من الترهيب.

72. أدعو كل الأطراف والفاعلين إلى التقيد تقيداً تاماً بالقرارات 1559 (2004) و1680 (2006) و1701 (2006). سأواصل بذل الجهود من أجل التطبيق الكامل لهذه القرارات وكل قرارات مجلس الأمن الأخرى ذات الصلة المتعلقة باستعادة لبنان سلامته الإقليمية وسيادته الكاملة واستقلاله السياسي.

 

 

نيويورك – من سيلفيان زحيل     

(ترجمة نسرين ناصر )