تقرير تيري رودلارسن إلى مجلس الأمن حول القرار 1559

قدم امدلس الأمن يوم الثلاثاء 19/4/2006

تقرير تيري رودلارسن دعا إلى فتح سفارتين بين لبنان وسوريا ودمج "حزب الله" بالجيش:

مزارع شبعا تبقى أراضي سورية محتلة حتى اتفاق البلدين ودمشق ضغطت للتمديد للحود

تقرير تيري رودلارسن يدعو إلى فتح سفارتين بين لبنان وسوريا ودمج "حزب الله" بالجيش

 

 دعا المبعوث الخاص للامم المتحدة لتطبيق القرار 1559 تيري رودلارسن في تقريره السنوي الثالث عن تطبيق القرار، دمشق الى التعاون مع بيروت لترسيم الحدود بين لبنان وسوريا وفتح سفارتين في البلدين معتبرا ان مزارع شبعا تبقى اراضي سورية محتلة الى ان تتفق الحكومتان اللبنانية والسورية على عكس ذلك. وطالب بنزع سلاح "حزب الله" ودمجه بالجيش اللبناني. كذلك قال ان سوريا هددت النواب اللبنانيين واعطتهم "تعليمات مباشرة" لضمان تمديد ولاية الرئيس اميل لحود ثلاث سنوات.

وهنا الترجمة غير الرسمية للتقرير:

 "التقرير نصف السنوي الثالث للأمين العام للأمم المتّحدة

إلى مجلس الأمن حول تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1559 (2004)

18 نيسان 2006

I. مقدّمة

1. هذا التقرير هو التقرير نصف السنوي الثالث الذي أرفعه إلى مجلس الأمن حول تطبيق القرار 1559 (2004) بناءً على طلب مجلس الأمن المعبَّر عنه في البيان الرئاسي الصادر في 19 تشرين الأول 2004 (S/PRST/2004/36) والذي يقضي بأن أستمرّ في رفع تقارير إلى المجلس حول تطبيق القرار كلّ ستّة أشهر.

 

2. كرر القرار 1559 (2004) الذي أقرّه مجلس الأمن في 2 أيلول 2004 (S/RES/1559) تأكيد دعم المجلس القويّ لسلامة لبنان الإقليمية وسيادته واستقلاله السياسي. ودعا القرار كلّ الأطراف المعنيين إلى التعاون الكامل والملحّ مع مجلس الأمن في سبيل التطبيق الكامل لهذا القرار وكلّ القرارات ذات الصلة التي تتعلّق باستعادة لبنان سلامته الإقليمية وسيادته الكاملة واستقلاله السياسي. وحدّد أيضاً عدداً من البنود بينها:

 

أ - انسحاب كلّ القوّات الأجنبية المتبقّية من لبنان،

ب - تفكيك كلّ الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها،

ج - بسط سلطة الحكومة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية ،

د - الاحترام الشديد لسيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي في ظلّ السلطة الوحيدة والحصرية للحكومة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية.

 

وأعلن المجلس أيضاً في القرار دعمه لانتخاب رئاسي حرّ ونزيه في لبنان يجري بموجب أحكام الدستور اللبناني وبدون تدخّل أو تأثير خارجي.

 

3. في تقريري الأخير إلى مجلس الأمن في 26 تشرين الأول 2006 (S/2005/673)، أشرت إلى أنّ الفئات المعنيّة حقّقت تقدّماً مهماً نحو تطبيق القرار 1559 (2004). واستنتجت أنّه تمّت تلبية عدد من المقتضيات العمليّة التي ينصّ عليها القرار من بينها انسحاب القوّات السورية من لبنان وإجراء انتخابات اشتراعية حرّة ونزيهة. وذكرت أيضاً أنّه لا تزال هناك متطلّبات أخرى ينبغي تطبيقها، لا سيّما حلّ الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها، وبسط سيطرة الحكومة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية، والإرساء الكامل والاحترام الشديد لسيادة لبنان ووحدته وسلامته الإقليمية واستقلاله السياسي، لا سيّما من خلال إقامة علاقات ديبلوماسية طبيعية وترسيم الحدود بين الجمهورية العربية السورية والجمهورية اللبنانية.

 

4. في بيانه الرئاسي في 23 كانون الثاني 2006 (S/PRST/2006/3)، رحّب مجلس الأمن بتقريري وأعاد تأكيد دعمه القويّ لسيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي. ولفت المجلس بأسف إلى أنّ بعض أحكام القرار 1559 (2004) لم تُطبَّق بعد لا سيّما حلّ الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها وبسط سلطة الحكومة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية، وإجراء انتخاب رئاسي حرّ ونزيه بموجب الدستور اللبناني بدون تدخّل وتأثير أجنبيَّين. وأثنى المجلس على الحوار الذي أطلقته الحكومة اللبنانية والخطوات التي اتّخذتها، ودعاها إلى متابعة جهدها في سبيل تحقيق تقدّم في كلّ هذه المسائل بموجب القرار 1559 (2004) وإجراء حوار وطنيّ شامل. كما دعا مجلس الأمن كلّ الأطراف الأخرى المعنيّة لا سيّما الحكومة السورية إلى التعاون من أجل تحقيق هذه الغاية.

II. الخلفيّة

5. في الأشهر الستّة التي انقضت منذ تقريري الأخير في 26 تشرين الأول 2005 (S/2005/673)، بقي الوضع في لبنان متوتّراً.

 

6. ألفت بارتياح إلى أنّ عدد الهجمات الإرهابية وأعمال الترهيب انخفض إلى حدّ كبير مقارنة بالأشهر الستّة السابقة. ولكن لا يزال يسود جوّ عام من الخوف وعدم الأمان. في عمل إرهابي نندد به بشدّة، قُتِل النائب والصحافي اللبناني جبران تويني مع آخرَين في انفجار سيّارة مفخّخة في ضواحي بيروت في 12 كانون الأوّل 2005. في بيانه الرئاسي في 12 كانون الأول 2005 (S/PRST/2005/61)، ندد مجلس الأمن بالهجوم بأقوى العبارات وأعاد تأكيد قلقه العميق من تأثير هذه الاغتيالات وحذّر رعاة الإرهاب في لبنان مرّة أخرى من أنّهم سيُحاسبون في نهاية المطاف على جرائمهم. وأعاد المجلس في بيانه تأكيد القرار 1559 وجدّد المطالبة بالاحترام الشديد لسيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي. وانضممت إلى المجلس في التنديد بالتفجير.

 

7. في هذا السياق، ألفت إلى أنّ لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتّحدة التي تحقّق في الاغتيال الإرهابي الذي أودى برئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري و22 آخرين في وسط بيروت، في 14 شباط 2005، تابعت عملها في لبنان. وأذكّر أيضاً أنّه بموجب القرار 1664 (2005) (S/RES/1644) الصادر في 15 كانون الأول 2005، قدّمت اللجنة مساعدة تقنيّة إلى السلطات اللبنانية في التحقيقات التي تجريها في الهجمات الإرهابية التي وقعت في لبنان منذ الأول من تشرين الأول 2004.

 

8. في تقريري الأخير في 26 تشرين الأول 2005 (S/2005/673)، أشرت إلى أنّ لبنان يشهد مرحلة انتقاليّة في غاية الأهمّية. وكتبت أنّ لبنان دخل مرحلة جديدة من تاريخه من شأنها أن تسمح للبنانيين بأن يتركوا بعد طول انتظار الماضي الأليم وراءهم وبأن يتّحدوا ويبنوا مستقبلاً قائماً على تقرير المصير والاستقلال والتعايش والسلام. وفي الأشهر الستّة الماضية، استمرّ لبنان في الانتقال إلى هذه المرحلة الجديدة من تاريخه، لكنّه شهد أيضاً انتكاسات موقّتة تذكِّر بقوّة بأنّ المرحلة الجديدة لا تزال هشّة جداً.

 

9. في 12 كانون الأول 2005، علّق وزراء حركة "أمل" و"حزب الله" مشاركتهم في الحكومة اللبنانية احتجاجاً على طلب الحكومة اللبنانية من الأمم المتّحدة إنشاء محكمة دولية لمحاكمة المتّهمين في اغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري. بقيت العمليّة السياسية معطَّلة إلى أن عاد الوزراء إلى الحكومة في الثاني من شباط 2006.

 

10. بناءً على مبادرة من رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي، اجتمع 14 قائداً من الفصائل والأحزاب اللبنانية المختلفة في الجلسة الأولى من مؤتمر الحوار الوطني في الثاني من آذار 2006. وتضمّن جدول الأعمال البنود الآتية: 1 - التحقيق في الاغتيال الإرهابي الذي استهدف رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، 2 - المسألة الفلسطينية في لبنان، 3 - العلاقات السورية - اللبنانية، 4 - وضع مزارع شبعا، 5 - مصير الرئاسة، 6 - سلاح "حزب الله". وتمّ التوصّل إلى عدد من الاتّفاقات حول البنود الأربعة الأولى قبل تأجيل الحوار في الثالث من نيسان.

 

11. في 10 نيسان، أعلنت القوى الأمنية اللبنانية أنّها أصدرت مذكّرات توقيف بحقّ 14 شخصاً يُشتبه في أنّهم ينوون تنفيذ هجمات إرهابية في لبنان، وقد جرى توقيف تسعة منهم. وقيل إنّ المجموعة كانت تخطّط لاغتيال الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله.

 

12. طوال فترة العمل على إعداد التقرير، سادت علاقة ثنائية متوتّرة بين سوريا ولبنان. جرى تبادل الاتّهامات في تصريحات علنيّة، وطال بعضها مسؤولين سياسيين.

 III. تطبيق القرار 1559 (2004)

 

13. حقّق اللبنانيون تقدّماً مهماً نحو التطبيق الكامل لكلّ بنود القرار 1559، لا سيّما من خلال الاتّفاقات التي جرى التوصّل إليها في الحوار الوطني. والآن يتوقّف تطبيق هذه الاتّفاقات على التعاون من الفئات الأخرى غير اللبنانية من أجل التطبيق الكامل للقرار 1559. كلّف مؤتمر الحوار الوطني رئيس الوزراء فؤاد السنيورة زيارة دمشق في أقرب فرصة لمتابعة المسائل ذات الصلة التي يجب معالجتها من خلال الحوار الثنائي.

 

14. حتّى اليوم، لم تُطبَّق في شكل كامل بنود القرار 1559 التي تطالب بحلّ كلّ الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها، وبسط سلطة الحكومة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية، والاحترام الشديد لسيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي في ظلّ السلطة الوحيدة والحصرية للحكومة اللبنانية.

 

أ. انسحاب القوّات الأجنبية المنتشرة في لبنان

 

15. في تقريري الأخير في 26 تشرين الأول 2005 (S/2005/673)، ذكرت أنّ انسحاب الجنود السوريين والأعتدة العسكرية السورية قد أُنجِز. وأشرت إلى استثناء محتمل يتمثّل في منطقة دير العشاير التي كان وضعها غير واضح وكانت لا تزال تحتوي على وجود عسكري سوري. نتيجةً لذلك، لفتّ إلى التعقيدات الناجمة عن غياب الترسيم الواضح والمتّفق عليه للحدود بين لبنان وسوريا، مما ألقى الضوء على الحاجة إلى اتّفاق رسمي حول الحدود وإلى ترسيم الحدود بين البلدين.

 

ب. سيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي

 

16. في تقريري الأخير في 26 تشرين الأول 2005، ذكرت أنّ القرار 1559 يركّز كثيراً على سيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي في ظلّ السلطة الوحيدة والحصرية للحكومة اللبنانية. واستمررت في إيلاء الأهمّية القصوى لهذه المسألة في الجهود التي أبذلها للمساعدة على تطبيق القرار.

 

17. في تقريرَي  الأخيرين في 26 نيسان 2005 (S/2005/272) و26 تشرين الأول 2005 (S/2005/673)، حدّدت عدداً من العناصر التي ترتدي أهمّية خاصّة بالنسبة إلى إرساء سيادة لبنان ووحدته واستقلاله السياسي والاحترام الشديد لها. وهي:

 

1 - إجراء انتخابات برلمانية حرّة وذات صدقيّة في لبنان،

2 - وضع حدّ لوجود الاستخبارات السورية وتأثيرها في لبنان،

3 - إقامة تمثيل ديبلوماسي متبادل بين سوريا ولبنان،

4 - إبرام اتّفاق حول الحدود بين لبنان وسوريا وترسيم الحدود بين البلدين و،

5 - وقف تحليق الطيران الإسرائيلي الذي ينتهك سلامة لبنان الإقليمية.

 

 انتخابات برلمانية حرّة وذات صدقيّة

 

18. استنتجت في تقريري الأخير في 26 تشرين الأول 2005 (S/2005/673) أنّه رغم العمل المستمرّ والضروري لضمان حرّية العمليات الانتخابية في لبنان وصدقيّتها على نطاق واسع، جرت تلبية المقتضى العمليّ في القرار 1559 الذي ينصّ على إجراء انتخابات حرّة وذات صدقيّة.

 

 الاستخبارات السورية وأنشطتها في لبنان

 

19. في تقريري الأخير في 26 تشرين الأول 2005، أشرت إلى أنّ لجنة التحقّق التي أرسلتها إلى لبنان تحقّقت من الانسحاب الكامل والناجز للجنود السوريين والأعتدة العسكرية السورية من لبنان، مع استثناء محتمل يتمثّل بمنطقة دير العشاير. وذكرت أيضاً أنّ اللجنة لم تستطع أن تستنتج في شكل مؤكَّد أنّ الاستخبارات السورية انسحبت كلياً من لبنان. أعلمتني الحكومة اللبنانية أنّها واثقة من أنّ الاستخبارات السورية انسحبت إلى حدّ كبير، رغم بروز تقارير من حين الى آخر عن استمرار أنشطة الاستخبارات السورية في لبنان. وأبلغتني الحكومة اللبنانية أيضاً أنّ عملية إعادة تنظيم الأجهزة الأمنية جارية، وأنّها لم تسيطر بعد سيطرة كاملة على كلّ هذه الأجهزة. وأنكرت الحكومة السورية كلّ ما يقال عن وجود للاستخبارات السورية أو نشاط تقوم به في لبنان.

 

 إقامة تمثيل ديبلوماسي متبادل

 

20. في تقريري الأخير في 26 تشرين الأول 2005، أشرت إلى تطلّع لبنان وسوريا المستمرّ إلى إضفاء الطابع الرسمي على علاقاتها الثنائية. وأعربت عن أملي في أن تتّخذ الحكومتان اللبنانية والسورية خطوات ملموسة لإضفاء الطابع الرسمي على العلاقات بين البلدين بصفتهما دولتين سيّدتين ومستقلّتين، قبل رفع التقرير الحالي إلى مجلس الأمن.

 

21. في ما يتعلّق بإضفاء الطابع الرسمي على العلاقات الثنائية بين سوريا ولبنان، قرّر مؤتمر الحوار الوطني في 14 آذار 2006 1 جعل العلاقة بين البلدين "قائمة على مبادئ راسخة وواضحة من شأنها أن تصحِّح أيّ نقاط خلل شوّهت هذه العلاقات". ووافق مؤتمر الحوار الوطني في شكل خاص على أنّه ينبغي على كلّ طرف أن يمارس السيطرة على حدوده، وأنّه ينبغي على الحكومة اللبنانية أن تتّخذ الإجراءات اللازمة في سبيل تحقيق هذه الغاية. بالإضافة إلى ذلك، وافق مؤتمر الحوار على أنّ مبدأ عدم التدخّل في الشؤون الداخلية للدولة الأخرى يجب أن يوجِّه العلاقات الثنائية بين البلدين، وأنّ علاقة من الاحترام والثقة المتبادلين يجب أن تتجسّد في أسرع وقت ممكن في إقامة علاقة ديبلوماسية على مستوى السفارات بين البلدين. كما وافق المؤتمر على تفعيل لجنة سورية-لبنانية مشتركة لقفل ملفّ المفقودين والمحتجزين في البلدين في أسرع وقت ممكن.

 

22. ألفتُ وأذكّر أنّ الاّتفاقات التي جرى التوصّل إليها في مؤتمر الحوار الوطني تعكس بنود "وثيقة المصالحة الوطنية" لعام 1989 المعروفة ب"اتّفاق الطائف" وتعيد تأكيدها، وهي وثيقة جرى التفاوض عليها وإبرامها بين الأحزاب والفصائل السياسية اللبنانية برعاية جامعة الدول العربية في الطائف في السعودية. وقد صدّق البرلمان اللبناني على اتفاق الطائف الذي وضع حداً للعداوات والحرب الأهليّة الطويلة في لبنان، ووافق عليه مجلس الأمن. بالنسبة إلى العلاقات اللبنانية-السورية، نصّ اتفاق الطائف على ما يأتي: "يجب ألا يُسمَح للبنان بأن يشكِّل مصدر تهديد لأمن سوريا، ويجب ألا يُسمَح لسوريا بأن تشكل مصدر تهديد لأمن لبنان أياً تكن الظروف. بناءً عليه، يجب ألا يسمح لبنان بأن يكون ممراً أو قاعدة لأيّ قوّة أو دولة أو منظّمة تسعى إلى تقويض أمنه أو أمن سوريا. ويجب ألا تسمح سوريا الحريصة على أمن لبنان واستقلاله ووحدته والانسجام بين مواطنيه، بأيّ عمل من شأنه أن يهدّد أمن لبنان واستقلاله وسيادته".

 

23. إنّ الاتفاقات التي جرى التوصّل إليها في الحوار الوطني لم تُترجَم بعد أفعالاً. يتطلّب تنفيذها ويتوقّف حكماً على التعاون بين لبنان والجمهورية العربية السورية. ذكرت الحكومة السورية أنّ سوريا تعتبر أنّ "قنوات الاتّصال والتجارة فاعلة بما يكفي بحيث إنّه من غير الضروري إقامة سفارة رغم أنّ دمشق لا تستثني إمكان إنشاء بعثات ديبلوماسية في المستقبل"2.

 

24. طلب مؤتمر الحوار الوطني من رئيس الوزراء فؤاد السنيورة زيارة دمشق في أقرب فرصة ممكنة لمتابعة المسائل ذات الصلة التي يجب معالجتها من خلال الحوار الثنائي. لكن حتّى اليوم، لم تجرِ أيّ مناقشات إضافيّة بين الحكومتين اللبنانية والسورية حول مسألة فتح سفارة في عاصمة كلّ من البلدين. لقد كانت العلاقات الثنائية متوتّرة في الأشهر الستّة الماضية3.

 

ترسيم الحدود

 

25. كما ذكرت في تقريري الأخير في 26 تشرين الأول 2005، وكجزء من إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات بين البلدين وفي سبيل ضمان سيادة لبنان واستقلاله السياسي ووحدة أراضيه، ثمّة حاجة إلى اتّفاق رسمي حول الحدود بين سوريا ولبنان وترسيم تلك الحدود على الأرض. هذا ضروريّ جداً نظراً إلى الالتباس حول ما إذا كانت منطقة دير العشاير التي لا تزال تتمركز فيها كتيبة سورية، تقع ضمن الأراضي اللبنانية أم السورية.

 

26. أكّدت لي الحكومة اللبنانية والقوّات المسلّحة اللبنانية أنّ تهريب البضائع، ومن بينها الأسلحة،  لا يزال مستمراً، ويقولون إنّه من الصعب منعه إذ إنّ هناك عدداً من القرى على طول الحدود اللبنانية-السورية يقع ضمن البلدين، وإنّه لم يجرِ ترسيم الحدود بوضوح على الأرض. بحسب قيادة الجيش اللبناني، هناك عدد من المواقع ذات وضع ملتبس، وهناك اختلافات بين الخرائط اللبنانية والسورية الرسمية.

 

27. في تقريري الأخير في 26 تشرين الأول 2005، أشرت إلى ما قاله لي رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة عن انطلاق المحادثات بين لبنان وسوريا حول ترسيم الحدود في إعادة إحياء لحوار بدأ عام 1964 وتوقّف عام 1975.

 

28. في أيار 2005، وجدت لجنة عسكرية سورية - لبنانية مشتركة شُكِّلت لمعرفة إذا كانت دير العشاير تقع ضمن الأراضي اللبنانية أم السورية، أنّ هناك اختلافاً بين خرائط البلدَين. اقترحت اللجنة إعادة تفعيل لجنة الحدود التي عملت حتّى عام 1975 لكنّها لم تكمل عملها، وذلك من أجل تبديد الاختلاف كي يجري "ترسيم الحدود بطريقة لا لبس فيها والتزامها".

 

29. في أيلول 2005، وجّه رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة رسالة إلى الأمين العام للمجلس السوري-اللبناني الأعلى يطلعه فيها على خلافات بين مزارعين لبنانيين وسوريين حول ملكيّة أراضٍ على طول الحدود، ويقترح إعادة تفعيل لجنة الحدود المشتركة بناءً على توصية اللجنة العسكرية المشتركة. في تشرين الثاني 2005، أبلغ رئيس الوزراء السوري العطري نظيره اللبناني من خلال الأمين العام للمجلس السوري - اللبناني الأعلى أنّ سوريا وافقت على إعادة تفعيل لجنة الحدود المشتركة لكنّه وضع مجموعة من الشروط. وأبرزها اقتراح تقدّمت به سوريا لإجراء عمليّة ترسيم الحدود على خمس مراحل، بدءاً بالحدود البحرية والبرّية في الشمال قبل المتابعة نحو منطقة دير العشاير/عرسال. علاوةً على ذلك، وفي ما يتعلّق بمزارع شبعا، اشترطت سوريا عدم ترسيم الحدود في المناطق المحتلّة إلا بعد التوصّل إلى اتفاق سلام عادل وشامل.

 

30. في رسالة موجّهة في كانون الأول 2005، أعرب رئيس الوزراء اللبناني لنظيره السوري عن تقديره للموافقة السورية على ترسيم الحدود. وفي ما يتعلّق باشتراط سوريا عدم ترسيم الحدود في المناطق التي تحتلّها إسرائيل، كتب السنيورة ان "من الضروري إنشاء آليّة مشتركة لترسيم الحدود بين بلدينا الشقيقين بالتعاون مع الأمم المتّحدة لأنّ من شأن هذا أن يساهم في تحرير المزارع من الاحتلال الإسرائيلي". واقترح السنيورة "ترسيماً عاجلاً وشاملاً يشمل مزارع شبعا نظراً إلى أهمّيتها الوطنية، مما  يتطلّب جهوداً مشتركة وعاجلة من أجل اتّخاذ الخطوات العمليّة الضرورية لإرساء هذه الآلية في سبيل إنجاز هذا العمل الوطني المهمّ في أقرب فرصة". لم يتلقَّ أيّ جواب ولم تلقَ هذه الرسالة أيّ متابعة.

 

31. في هذا السياق، أشير إلى أنّ وضع مزارع شبعا بقي قيد المناقشة بين اللبنانيين وفي المنطقة. ومن المهمّ الإشارة في شكل خاص إلى أنّ المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني اللبناني أكّدوا دعمهم في 14 آذار 2006 لكلّ الاتّصالات التي تجريها الحكومة اللبنانية ل"تثبيت هويّة مزارع شبعا اللبنانية" و"ترسيم حدود المنطقة بحسب الإجراءات والمبادئ التي وافقت عليها الأمم المتّحدة وقبلتها".

 

32. كما ذكرت بتفصيل أكبر في تقاريري السابقة، أكّد مجلس الأمن مراراً وتكراراً أنّ إسرائيل سحبت قوّاتها من كلّ الأراضي اللبنانية تطبيقاً لقرار مجلس الأمن 425 (1978) عام 2000، وأنّه يعتبر مزارع شبعا أرضاً سوريّة محتلّة بموجب المعلومات التي توافرت للأمم المتّحدة حول الحدود الدولية عند رسم الخطّ الأزرق.

 

33. كما أشرت في تقريري إلى مجلس الأمن في 22 أيار 2000 (S/2000/460) ثم في 16 حزيران 2000 (S/2000/590)، لا تترتّب عن تحديد وضع مزارع شبعا من جانب الأمم المتّحدة "أيّ مفاعيل على أيّ اتفاق حول الحدود معترف به دولياً قد يرغب لبنان والجمهورية العربية السورية في إبرامه في المستقبل". لكنّ وضعها الحالي كأرض سوريّة محتلّة يبقى قائماً إلا إذا، وبانتظار، أن تتّخذ الحكومتان اللبنانية والسورية خطوات لتغيير ذلك الوضع بموجب القانون الدولي.

 

34. التزم لبنان احترام الخط الازرق مراراً وتكراراً، كتابةً وفي تصريحات علنيّة مثل تصريح وزير الخارجية فوزي صلوخ بعد اجتماعه بمبعوثي الخاص لتطبيق القرار 1559 في بيروت في 24 آذار 2006. في هذا السياق، أتذكّر الرسالة التي وجّهها إليّ الرئيس لحود في 12 حزيران 2000 (S/2000/564) والتي التزمت فيها السلطات اللبنانية قبول الخط الأزرق واحترامه في انتظار التوصّل إلى اتفاق حول ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا.

 

35. انطلاقاً من الوقائع المذكورة آنفاً، أي تبادل الرسائل بين حكومتَي لبنان وسوريا والاتّفاقات التي جرى التوصّل إليها في الحوار الوطني في لبنان، يبدو أنّ هناك إجماعاً على الحاجة إلى ترسيم الحدود اللبنانية-السورية. ويبدو أيضاً أنّ هناك اتّفاقاً بين اللبنانيين على أنّ مزارع شبعا أرض لبنانية5. أطلق ممثّلو الجمهورية العربية السورية مراراً وتكراراً تصريحات علنيّة مفادها أنّ سوريا توافق في المبدأ على مفهوم أنّ مزارع شبعا لبنانية6.

 

36. بناءً عليه، يقع على عاتق الحكومتين اللبنانية والسورية أن يسيرا في سرعة نحو التوصّل إلى اتّفاق حول الحدود يعكس إجماع الآراء الذي يبدو أنّه موجود. شدّد اللبنانيون على استعدادهم للقيام بذلك في مؤتمر الحوار الوطني ومن خلال مبادرة السنيورة وتصريحاته المتكرّرة. وآمل في أن تتعاون سوريا في هذا المجال.

 

37. كما ذكرت سابقاً، من شأن التوصّل إلى اتفاق لترسيم الحدود أن يشكّل خطوة ملموسة ومهمّة نحو إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات بين البلدين ونحو إعادة تأكيد سيادة لبنان وسلامته الإقليمية واستقلاله السياسي. وفي حين أنّ التفاوض على هذا الاتّفاق وإبرامه هما من صلاحيّة البلدين دون سواهما، يجب أن تركّز المناقشات في شكل خاص على تلك المزارع التي لا يزال وضعها ملتبساً أو محطّ خلاف، بدون أن يترتّب على ذلك أيّ مفعول على وضعها كأراضٍ محتلّة من طرف ثالث أو خاضعة لقراري مجلس الأمن 242 (1967) و338 (1973).

 

تحليق الطيران الإسرائيلي منتهكاً سلامة لبنان الإقليمية

 

38. منذ تقريري الأخير إلى مجلس الأمن في 26 تشرين الأول 2005، استمرّت الطائرات الإسرائيلية التي تحلّق في المجال الجوّي اللبناني في انتهاك السلامة الإقليمية اللبنانية. واستمرّت الحكومة الإسرائيلية في الإصرار على أنّ عمليّات التحليق هذه هي لأسباب أمنيّة. وقد وجّهنا أنا وممثّلي في المنطقة بانتظام دعوات إلى إسرائيل كي توقف هذه الطلعات التي تتعارض مع قراري مجلس الأمن 425 و426، ومع الجهود التي أبذلها للمساعدة في التطبيق الكامل للقرار 1559. في مرحلة معيّنة، تحديداً في تشرين الثاني 2005، وكما أشرت في تقرير آخر، كانت الطلعات كثيرة واقتحامية واستفزازية جداً لكنّ عددها تراجع لاحقاً.

 

ج. بسط سلطة الحكومة اللبنانية على كامل أراضيها

 

39. في تقريري إلى مجلس الأمن في 26 تشرين الأول 2005، ذكرت أنّه في الأشهر الستّة السابقة، وقعت حوادث تظهر أنّ الحكومة اللبنانية لا تسيطر في شكل كامل على كلّ أراضيها. وقد ظلت الأمور على هذه الحال في الأشهر الستّة الماضية.

 

40. في هذا السياق، أشير إلى أنّ العوامل الأساسية التي تحول دون بسط الحكومة اللبنانية سلطتها على كامل أراضيها هي وجود مجموعات مسلّحة خارج سيطرة الحكومة اللبنانية والالتباس بشأن الحدود الدقيقة للأراضي اللبنانية. سيشكّل تطبيق إجراءات ملموسة في الوقت المناسب من أجل حلّ الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها وترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، خطوة مهمّة نحو بسط سلطة الحكومة اللبنانية على كامل أراضيها.

 

41. ألفت في هذا السياق أيضاً إلى بندين في اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية بعد حوار بين اللبنانيين. أولاً، نصّ اتفاق الطائف على ضرورة أن يتّخذ لبنان "كلّ الخطوات الضرورية لتحرير كلّ الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي وبسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية ونشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل". ثانياً، نصّ اتفاق الطائف على حلّ كل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها في إطار إجراء مرتبط ببند أوسع نطاقاً جاء فيه: "نظراً إلى أنّ كلّ الفصائل اللبنانية وافقت على بناء دولة قويّة على أساس الوفاق الوطني، ينبغي على حكومة الوفاق الوطني أن تعدّ خطّة مفصّلة ممتدّة لسنة واحدة تهدف إلى بسط سيادة الدولة اللبنانية على كلّ الأراضي اللبنانية تدريجاً من خلال القوّات التابعة للدولة".

 

42. كما وصفت في مكان آخر بتفصيل أكبر8، بقيت سلطة الحكومة اللبنانية محدودة في جنوب البلاد في شكل عام، وفي مناطق الخط الأزرق في شكل خاص، في الأشهر الستّة السابقة. يا للأسف، لا يزال الجيش اللبناني يعمل على مسافة بعيدة من الخطّ الأزرق. ويبدو أنّ السيطرة على الخطّ الأزرق والمنطقة المحيطة به لا تزال في الجزء الأكبر تحت سيطرة "حزب الله". في هذه الظروف، أبقى "حزب الله" على وجود واضح وعزّزه في المنطقة، مع مراكز مراقبة دائمة وحواجز ودوريّات موقّتة، وبعض مواقعه هي على مقربة من مواقع الأمم المتّحدة. وهذا الوجود يتعارض مع بنود اتّفاق الطائف وقرارات مجلس الأمن 425 و426 و1559.

 

43. تابعت أنا وممثّليّ المناقشات التي نجريها حول بسط سلطة الحكومة اللبنانية في الجنوب. حتّى الآن، لم يحصل أيّ تقدّم في هذا المجال. أبلغتني قيادة الجيش اللبناني أنّه ليس هناك ما يمنعها من الناحية التشغيلية من الوجود في الجنوب وعلى طول الخطّ الأزرق، لكنّها لم تتلقَّ تعليمات سياسية في هذا الخصوص.

 

44. ألقى عدد من الحوادث الضوء على ضرورة أن تبسط الحكومة اللبنانية، من خلال قوّاتها الأمنية والمسلّحة النظامية، سلطتها على كل أراضيها من أجل الحفاظ على الهدوء على طول الخطّ الأزرق. يجب أن تبذل الحكومة اللبنانية، بوصفها السلطة الشرعية الوحيدة التي يحقّ لها احتكار استعمال القوّة على كل أراضيها، المزيد من الجهود لبسط سلطتها على هذا الأساس.

 

45. في قراره رقم 1665 في 31 كانون الثاني 2006، أشار مجلس الأمن مجددا إلى الحاجة الملحّة إلى ان تبسط الحكومة اللبنانية سلطتها على أراضيها كاملة وتمارس احتكارها لاستعمال القوّة على هذه الأراضي. وجدّد المجلس دعوة الحكومة اللبنانية إلى بسط سلطتها الوحيدة والفعليّة في الجنوب، وحضّ الحكومة على فعل المزيد من أجل تثبيت سلطتها في الجنوب، وممارسة احتكارها لاستعمال القوّة والحفاظ على القانون والنظام في كل أراضيها ومنع الهجمات من لبنان عبر الخط الأزرق بما في ذلك من خلال نشر أعداد إضافيّة من القوّات المسلحة وقوى الأمن الداخلي اللبنانية وتطبيق اقتراحات اليونيفيل التي تدعو إلى تعزيز التنسيق بين تلك القوّات واليونيفيل على الأرض وإنشاء خليّة تخطيط مشتركة.

 

46. في تقريري الأخير في 26 تشرين الأول 2005، اشرت إلى أنّه ينبغي على القوات المسلحة اللبنانية أن تظهر الآن أنّها قادرة على الحفاظ على الأمن في مختلف أنحاء البلاد. وذكرت أنّني أخذت علماً بالوجود المتزايد للجيش اللبناني في المناطق التي فيها مجموعات فلسطينية مسلّحة، وأنّ هذه الخطوات تشكّل إجراءات إيجابية نحو بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على كل أراضيها وممارسة الحكومة لحقّ احتكار استعمال القوّة على كل أراضيها. واضفت أنّني أبشرت خيراً بالالتزام الذي قطعته لي حكومة السنيورة بالعمل على تثبيت احتكارها لاستخدام القوة وبسط سلطتها على كل الأراضي اللبنانية كاملة من خلال حوار وطني مع كلّ الأطراف المعنيين. وأشرت أيضاً إلى انتشار متزايد للقوات المسلحة اللبنانية على طول الحدود مع سوريا بهدف وقف تهريب الأسلحة والأشخاص، وإلى وجود متزايد للقوّات المسلّحة اللبنانية حول مواقع المجموعات المسلّحة الفلسطينية جنوب بيروت وفي سهل البقاع.

 

47. في الاشهر الستة الماضية، تجدّد تهريب الأسلحة عبر الحدود اللبنانية - السورية في اتّجاه لبنان، وهذا ما أكّدته الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني لمبعوثي الخاص، الأمر الذي يتعارض مع القرار 1559 الذي ينصّ على حلّ الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها.

 

48. في 14 شباط 2006، أعلنت قيادة الجيش اللبناني أنّها "تتّخذ إجراءات لإغلاق كلّ المعابر الحدودية غير الشرعية". وأضافت أنّ الخط الساحلي يخضع للمراقبة أيضاً في محاولة لوقف التهريب، وأن الجيش بسط سيطرته على معظم المعابر البحرية والبرّية في لبنان. وأبلغت قيادة الجيش مبعوثي الخاص أنّها عززّت سيطرتها على الحدود مع سوريا عبر نشر المزيد من الجنود وإنشاء حواجز تفتيش جديدة. وأضافت أنّه جرى إغلاق كلّ الطرق غير الرسمية عبر الحدود. وأقرّت قيادة الجيش أنّها لا تزال عاجزة عن تأمين سيطرة فعليّة وكاملة على الحدود، لكنها أكّدت أنّ قدراتها تزيد تدريجاً وأنها تريد أن تبسط سيطرتها الفعليّة على الحدود اللبنانية. أكّد كلّ من الحكومة اللبنانية وقيادة الجيش لمبعوثي الخاص أنّ القرار السياسي بوقف تجارة الأسلحة عبر الحدود السورية - اللبنانية قد اتُّخذ، ويعمل الجيش اللبناني على تنفيذه بأفضل ما أوتي من إمكانات. وأبلغتا مبعوثي الخاص أنّهما في حاجة إلى درجة كافية من التعاون من جانب سوريا في سبيل إرساء سيطرة محكمة على الحدود بين لبنان وسوريا. وقالت قيادة الجيش اللبناني لمبعوثي الخاص أنّ كلّ حالات تهريب الأسلحة إلى داخل البلاد ستخضع من الآن فصاعداً لقرار مباشر من رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة. لم تُسجَّل حتّى الآن حالات تهريب أسلحة إضافية.

 

د. حلّ الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها

 

49. كما أشرت في تقاريري السابقة، ما زالت ميليشيات لبنانية وغير لبنانية موجودة وتعمل في لبنان وتتحدّى الحكومة التي يحقّ لها وحدها احتكار استعمال القوة على أراضيها. الميليشيا اللبنانية الأبرز هي "حزب الله". وهناك أيضاً الميليشيات فلسطينية في لبنان. بالإضافة إلى النداء المباشر الذي وجّهه القرار 1559 لحلّ الميلشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها، أشرت في تقريري الأخير في 26 تشرين الأول 2005، إلى أنّ وجود مجموعات مسلّحة تتحدّى سلطة الحكومة الشرعية يتعارض مع استعادة لبنان سيادته وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي وتأمين الاحترام الكامل لها. ويعرقل وجود الميليشيات أيضاً بسط سلطة الحكومة اللبنانية على أراضيها كاملة.

 

50. أشرت سابقاً إلى اتفاق الطائف أو وثيقة المصالحة الوطنية. نصّ الاتفاق الذي يلتقي في شكل كامل مع القرار 1559 حول هذه المسألة على "حلّ كل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية. يجب أن تسلِّم الميليشيات أسلحتها إلى الحكومة اللبنانية في فترة ستة أشهر اعتباراً من تاريخ الموافقة" على الوثيقة. شدّدنا أنا وممثّلي المهتمّون بهذه المسألة، مراراً وتكراراً على ضرورة التطبيق الكامل لاتفاق الطائف الذي تمّ التوصّل إليه نتيجة إجماع بين كلّ الأحزاب والفصائل اللبنانية، وأنّه ينبغي اعتبار القرار 1559 بمثابة تعبير عن دعم الأمم المتحدة لهذا الاتفاق.

 

51. في هذا السياق، ألفت إلى أنّ أعضاء مجلس الأمن رحّبوا، في بيانات رئاسية في 7 تشرين الثاني 1989 و22 تشرين الثاني 1989 و27 كانون الاول 1989 وفي إعادة تأكيد لبيانات سابقة دعمت محادثات الطائف، بمصادقة البرلمان اللبناني على اتفاق الطائف في 5 تشرين الثاني 1989 و"أعادوا تأكيد دعمهم لاتفاق الطائف" الذي رأوا فيه "الأساس الوحيد لضمان سيادة لبنان الكاملة واستقلاله وسلامته الإقليمية ووحدته".

 

الميليشيات الفلسطينية

 

52. في تقريري الأخير في 26 تشرين الأول 2005، ذكرت أنني أخذت علماً بتأكيدات الحكومة اللبنانية ان لا حاجة إلى السلاح خارج مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين. وأكّد الحوار الوطني في لبنان هذا الكلام عبر اتّخاذ قرار بالإجماع في 14 آذار 2006 يقضي بضرورة نزع سلاح الفلسطينيين خارج المخيمات في مهلة ستة أشهر، ووجوب معالجة مشكلة السلاح داخل المخيّمات، مع التركيز على مسؤولية لبنان والتزامه حماية المخيمات الفلسطينية على أراضيه من أيّ اعتداء. وقرّر مؤتمر الحوار الوطني أيضاً أنّه ينبغي على الحكومة اللبنانية أن تستمرّ في بذل الجهود لتحسين أوضاع الفلسطينيين الذين يعيشون داخل المخيمات وخارجها.

 

53. في 24 آذار 2006، أرسِل وفد وزاري في زيارة غير مسبوقة إلى عدد من مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين في صور، حيث التقى ممثلين للمجموعات الفلسطينية واطّلع على ظروف العيش داخل المخيّمات. وقد أرجئت زيارة ثانية مماثلة لمخيّم عين الحلوة، على ما يبدو بسبب الانقسامات الداخلية بين الفصائل الفلسطينية المختلفة. وقد أبلغتني الحكومة اللبنانية أنّها تنوي إرسال المزيد من الوفود.

 

54. قبل توصّل الحوار الوطني إلى اتّفاق حول المسألة، استمرّت الحكومة اللبنانية في تطبيق إجراءات تهدف إلى الحدّ من انتشار الأسلحة الفلسطينية خارج المخيّمات، وذلك عبر تكثيف وجودها حول المواقع الفلسطينية شبه العسكرية جنوب بيروت وفي سهل البقاع التي يتألّف عناصرها في شكل اساسي من "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامّة" و"فتح - الانتفاضة" اللتين تتخذان من سوريا مقراً رئيسياً لهما9. ألفت إلى تأكيد قيادة الجيش اللبناني أنّها تملك القدرة على جمع أسلحة الميليشيات الفلسطينية إذا اتُّخذ قرار سياسي بهذا الخصوص10.

 

55. رداً على الاتفاقات التي جرى التوصل إليها في مؤتمر الحوار الوطني، بدأ قادة "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة" الذين كانوا قد رفضوا مراراً وتكراراً نزع سلاح المجموعة، يبدون استعداداً لوضع أسلحتهم في تصرّف الدولة والتنسيق مع الحكومة اللبنانية من أجل إعداد سياسات مشتركة. أرحّب بهذه التصريحات وآمل أن تقترن بأفعال. في هذا السياق، أخذت علماً بالزيارة التي قام بها الامين العام لـ "الجبهة الشعبية" أحمد جبريل للبنان في الأول من نيسان والمحادثات التي أجراها مع قادة سياسيين حصلوا على تفويض من الحوار الوطني، وهم رئيس الوزراء فؤاد السنيورة ورئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب سعد الحريري والامين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله.

 

56. أعلنت حركة "فتح"، وهي أكبر فصيل فلسطيني في لبنان، في 19 آذار 2006، أي بعد خمسة أيام من التوصّل إلى اتفاق على مسألة السلاح الفلسطيني في مؤتمر الحوار الوطني، أنّها قرّرت "جمع كلّ الأسلحة التي نملكها بما فيها الأسلحة الفردية ووضعها في أماكن آمنة (داخل المخيّمات) تماشياً مع رغبات مؤتمر الحوار الوطني". أرحّب بشدّة بهذه التصريحات وأثني عليها، وآمل أن تحظى بالمتابعة السريعة لتحويلها واقعاً، فتشكّل بذلك الخطوة الأولى نحو حلّ كل الميليشيات في لبنان ونزع سلاحها في شكل كامل.

 

57. بقيت على اتّصال وثيق بقيادة منظّمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية التي جدّدت، من خلال رئيس المنظّمة ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، دعمها للتطبيق الكامل لكلّ بنود القرار 1559. في هذا السياق، ألفت إلى الاختلاف الملحوظ  في التعبير علناً عن الرغبة في التعاون مع الحكومة اللبنانية من أجل التطبيق الكامل للقرار 1559 بين المجموعات الفلسطينية التي تخضع للسلطة المباشرة لمنظمة التحرير الفلسطينية، والمجموعات التي تتخذ من دمشق مقراً رئيسياً لها ولا تعترف بمنظّمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني.

 

58. أبلغني الرئيس عباس أنّ منظمة التحرير الفلسطينية ملتزمة التعاون مع الحكومة اللبنانية من أجل تطبيق القرار 1559 لكنّها لا تملك سيطرة كاملة على كلّ المجموعات الفلسطينية في لبنان. وقال لي أيضاً إن المنظمة تسعى إلى إعادة فتح مكاتبها التمثيلية في بيروت كي تتمكّن من مساعدة الحكومة اللبنانية والتعاون معها في شكل أفضل.

 

في هذا السياق، أثني على قرار مجلس الوزراء اللبناني في 5 كانون الثاني 2006 إعادة فتح المكاتب التمثيلية التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية في بيروت، تجاوباً مع طلب المنظمة إرسال بعثة ديبلوماسية إلى بيروت، والذي أشرت إليه في تقريري الأخير في 26 تشرين الاول 2005. قال لي الرئيس عباس إنّ منظمة التحرير في صدد تعيين ممثّل لرئاسة مكتبها في بيروت. أتطلّع إلى الافتتاح المبكر لبعثة منظّمة التحرير الديبلوماسية في بيروت.

 

 "حزب الله"

 

59. لم يحصل تغيير ملحوظ في الوضع والإمكانات التشغيلية لـ"حزب الله". وقد وُضِعت مسألة سلاح المنظّمة في جدول أعمال مؤتمر الحوار الوطني الذي أرجئ إلى 28 نيسان 2006. لم يُناقَش هذا البند بعد.

 

60. أذكّر بما قلته في تقريري الأخير لمجلس الأمن في 26 تشرين الأول 2005، حيث ذكرت أنّ مجموعة تشارك في العملية السياسية الديموقراطية القائمة على تكوّن الآراء واتّخاذ القرارات، لا تستطيع أن تمتلك في الوقت نفسه إمكانات مسلّحة مستقلّة خارج سلطة الدولة. وأذكّر أيضاً بأنّه تطبيقاً لاتفاق الطائف، دُمِجت غالبيّة الميليشيات اللبنانية بالجيش اللبناني في التسعينات بموجب البند الذي ينصّ على "حلّ كلّ الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية" وعلى "وجوب أن تسلِّم الميليشيات أسلحتها إلى الحكومة اللبنانية خلال ستة أشهر اعتباراً من تاريخ المصادقة على الاتفاق".

 

61. في هذا السياق، ألفت إلى ما تبلّغته من قيادة الجيش اللبناني عن أنّ دمج "حزب الله" في القوّات المسلّحة لا يطرح أيّ مشكلة من الناحية التشغيلية شرط اتّخاذ قرار في هذا الخصوص. وأذكّر في هذا الإطار بما أوردته في تقريري الأخير في 26 تشرين الأول 2005، عن أنّ مشاركة "حزب الله" لأول مرة في الحكومة تلقي الضوء على أهمّية تحوّله المحتمل حزباً سياسياً فقط. وأؤكّد مجدداً اعتقادي أنّه لا يمكن التوفيق بين حمل السلاح خارج إطار القوّات المسلّحة الرسمية والمشاركة في السلطة والحكومة في نظام ديموقراطي.

 

62. علاوة على ذلك، ألفت إلى أنّ قادة معظم الفصائل السياسية في لبنان قالوا لي إنّهم يؤيّدون دمج "حزب الله" في الجيش اللبناني. وأكّد القادة السياسيون اللبنانيون باستمرار التزامهم التطبيق الكامل لاتفاق الطائف.

 

63. شعرت بالقلق عندما علمت في شباط من هذا العام بحادثة نقل أسلحة إلى "حزب الله" من سوريا في اتّجاه لبنان. عبرت 12 شاحنة محمَّلة ذخائر وأسلحة من مختلف الأنواع، بما فيها صواريخ كاتيوشا، الحدود من سوريا. وعند اكتشاف أمر الشاحنات بعد بضعة أيام عند حاجز تفتيش داخل لبنان، سُمِح لها بأن تكمل طريقها في اتجاه وجهتها في جنوب لبنان. وجاء في بيان صادر عن الجيش اللبناني بعد الحادثة في 6 شباط 2006، أنّ نقل الذخائر التي تعود إلى "المقاومة" وتخزينها بعد أن تصبح داخل لبنان، خاضع للبيان الوزاري للحكومة اللبنانية الحالية والذي اعتبر أنّ "المقاومة" شرعيّة. وكما أكّدت الحكومة اللبنانية، لم يُسمَح للجيش اللبناني بأن يمنع تقدّم الشاحنات، وهي ممارسة شائعة منذ اكثر من 15 عاماً. وأكّد "حزب الله" علناً أنّ الأسلحة مرسَلة إليه. وأبلغت الحكومة اللبنانية وقيادة الجيش مبعوثي الخاص أنّه في حال تسجيل حالات إضافيّة من نقل الأسلحة، فستكون خاضعة لقرار رئيس الوزراء المباشر، وأنّه لم يحصل أيّ نقل إضافي للذخائر والأسلحة منذ تلك الحادثة.

 

64. لا يزال "حزب الله" يبرّر وجوده كحركة "مقاومة" من خلال الاحتلال الإسرائيلي المستمرّ لمزارع شبعا التي حدّدت الأمم المتّحدة بأنها أرض سورية محتلّة من إسرائيل، بينما لا يزال عدد كبير من اللبنانيين يؤكّد أنّها لبنانية11. وأكرّر أيضاً ما قلته في تقريري الأخير في 26 تشرين الأول 2005، حيث ذكرت أنّه حتّى ولو كانت المطالبة اللبنانية بمزارع شبعا مشروعة، يقع على عاتق الحكومة اللبنانية وحدها أن تعالج هذه المسألة بحسب القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، فهي ليست من مسؤولية مجموعة مسلّحة خارجة عن سيطرة الحكومة.

 

65. لكن تجدر الإشارة الى أنّ "حزب الله"، ومن خلال مشاركته في الحوار الوطني، وافق على دعم كلّ الاتصالات التي تجريها الحكومة اللبنانية لـ"تثبيث هوية مزارع شبعا اللبنانية" و"تحديد حدود المنطقة بحسب الإجراءات والمبادئ التي توافق عليها وتقبلها الأمم المتّحدة". وتعني موافقة "حزب الله" أنّه يقرّ بأنّ آليّة تقودها الحكومة اللبنانية لترسيم الحدود بين لبنان وسوريا من خلال الإجراءات المناسبة، هي السبيل الشرعي الوحيد والحصري لبسط سيادة لبنان على مزارع شبعا.

 

66. تجدر الإشارة في شكل خاص إلى أنّ "حزب الله" وافق على المشاركة في الحوار الوطني، وهو مستعدّ، من خلال جلوسه إلى الطاولة المستديرة وموافقته على جدول أعمال الحوار، أن يناقش موضوع سلاحه. ويجدر التركيز على أنّ الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله كان من القادة اللبنانيين الذين روّجوا لفكرة إجراء حوار وطني بين اللبنانيين بالاستناد إلى اتفاق الطائف. وألفُتُ أيضاً بإيجابية إلى التصريحات المتكرّرة الصادرة عن قادة "حزب الله" والتي تشير إلى استعدادهم للتخلي عن السلاح من خلال إعداد استراتيجيا دفاعية وطنية شاملة من أجل حماية لبنان وإدماج الحزب فيها. إنّها تطوّرات تستحقّ الثناء.

 

67. في هذا السياق، أشير مجدداً إلى أنّ الحوار مع الأطراف الآخرين غير السلطات اللبنانية ضروريّ لتطبيق البند المضمَّن في القرار 1559 والذي ينصّ على حلّ كل الميليشيات اللبنانية  وغير اللبنانية ونزع سلاحها.

 

هـ. الانتخابات الرئاسية

 

68. أعلن مجلس الأمن في القرار 1559 دعمه لانتخابات رئاسية حرة ونزيهة في لبنان بحسب الدستور اللبناني وبدون تدخل أو تأثير خارجي.

 

69. في تقريري إلى مجلس الأمن في أول تشرين الاول 2004، أشرت إلى العمليّة التي جرى من خلالها تمديد ولاية الرئيس لحود ثلاث سنوات إضافية في 4 أيلول 2004. في بيانه الرئاسي في 23 كانون الثاني 2006، لفت مجلس الأمن بأسف إلى أنّ احكام القرار 1559 لم تُطبَّق بعد، وجاء في شكل خاص على ذكر الانتخابات الرئاسية الحرة والنزيهة التي يجب أن تجرى بحسب الدستور اللبناني وبدون تدخل أو تأثير خارجي.

 

70. قرّر مؤتمر الحوار الوطني في 14 آذار 2006 أنّ ثمة حاجة إلى مناقشة موضوع رئاسة الجمهورية اللبنانية بهدف معالجة أزمة الحكومة الحالية. جرى تأجيل الموضوع إلى حين استئناف الحوار في 28 نيسان 2006. وقد احتلّ موضوع الانتخابات الرئاسية موقعاً متقدّماً جداً في جدول الأعمال في لبنان في الأشهر الستة الماضية. أحيا مئات آلاف اللبنانيين الذكرى الأولى لاغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري و22 آخرين في وسط بيروت في 14 شباط 2006. هاجم عدد كبير من القادة السياسيين الذين خطبوا في الحشود الرئيس لحود ودعوا إلى استقالته. أرجئ عدد من جلسات مجلس الوزراء أو ألغي أو لم يكتمل فيه النصاب بسبب الجدل حول دور الرئيس لحود ووجوده.

 

IV. ملاحظات

 

71. منذ تقريري الأخير إلى مجلس الأمن في 26 تشرين الأول 2005، حقّق اللبنانيون المزيد من التقدّم نحو التطبيق الكامل لكلّ بنود القرار 1559 ولا سيّما من خلال الاتفاقات التي جرى التوصّل إليها في الحوار الوطني. لكنّ بنود القرار 1559 المتعلّقة بحلّ الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها، والاحترام الشديد لسيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي في ظلّ السلطة الحصرية والوحيدة للحكومة اللبنانية لم تُطبَّق بعد. لم تجرِ عملية انتخابات رئاسية كما نصّ عليه القرار وبيان مجلس الأمن الرئاسي في 23 كانون الثاني 2006.

 

72. تابع لبنان سيره نحو حقبة جديدة من تاريخه. لكنّ لبنان الجديد لا يزال هشاً. ثمة حاجة ملحّة إلى اتخاذ خطوات ملموسة للحفاظ على الزخم وتقدّم لبنان نحو إعادة التأكيد الكاملة لسيادته وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي بما يتناسب مع اتفاق الطائف والقرار 1559.

 

73. إنّ تطبيق الاتفاقات التي جرى التوصّل إليها في الحوار الوطني يتوقّف على التعاون من الفئات غير اللبنانية من أجل التطبيق الكامل للقرار 1559. أشدّد في هذا السياق على أنّ القرار 1559 يدعو بوضوح كلّ الفئات المعنية إلى التعاون الكامل والملحّ مع مجلس الأمن من أجل التطبيق الكامل لهذا القرار وكلّ القرارات ذات الصلة المتعلّقة باستعادة لبنان سلامته الإقليمية وسيادته الكاملة واستقلاله السياسي، وعلى أن مجلس الأمن دعا في بيانه الرئاسي في 23 كانون الثاني 2006، كلّ الاطراف الآخرين المعنيّين لا سيما الحكومة السورية إلى التعاون من أجل تطبيق القرار 1559.

 

74. انطلاقاً من الاتفاقات التي جرى التوصل اليها بالإجماع في الحوار الوطني والمبادرة التي أطلقها المجتمعون للعمل بطريقة بنّاءة وفاعلة مع سوريا، مدّ لبنان الموحَّد يده إلى سوريا. أدعو سوريا إلى قبول هذا العرض واتّخاذ الإجراءات الضرورية ولا سيما في ما يتعلق بإنشاء سفارات وترسيم الحدود بين البلدين. التمثيل الديبلوماسي والترسيم الواضح للحدود الوطنية مؤشّران أساسيان وجزء لا يتجزّأ من سيادة أيّ دولة وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي. والتمثيل الديبلوماسي المتبادل هو أيضاً الطريقة الأنسب لمعالجة أيّ توتّر في العلاقات بين البلدين، ومن شأن الخطوات التي تتخذ في هذا الاتّجاه أن تساهم في تحسين العلاقات الثنائية بين الجارين اللذين تجمعهما روابط تاريخية. إنشاء سفارات واستعمالها أداة أساسية لتخفيف التوتّر وإرساء الاستقرار في العلاقات بين الدول. لذلك أناشد سوريا مجدداً وبإلحاح أن تتعاون مع لبنان من أجل إنشاء سفارات وترسيم الحدود بين البلدين، واتخاذ أي إجراءات أخرى ضرورية لتطبيق القرار 1559 تطبيقاً كاملاً.

 

75. أشرت إلى ان ترسيم الحدود بين سوريا ولبنان عنصر مهم جداً لعدد من المقتضيات العملية الواضحة في القرار 1559 الذي يركّز على سيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسية تحت السيطرة الوحيدة والحصرية للحكومة اللبنانية. لكنّ السلامة الإقليمية والسيادة على أرض معيّنة غير ممكنة إذا كانت حدود هذه الأرض غير واضحة أو ملتبسة أو محطّ خلاف. علاوة على ذلك، لا يمكن تطبيق البند الواضح في القرار 1559 حول بسط سلطة الحكومة اللبنانية على كل أراضيها إلا إذا عرفت الحكومة وكلّ الأطراف المعنيين الآخرين ما هي هذه الأراضي مع ترسيم واضح لحدودها. التطبيق السريع للإجراءات الملموسة التي من شأنها أن تسمح بترسيم الحدود بين سوريا ولبنان وحلّ الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها خطوة مهمّة نحو بسط الحكومة اللبنانية سلطتها على كل أراضيها.

 

76. بالإشارة إلى تصريحات متكرّرة للممثّلين للحكومة السورية تفيد أن مزارع شبعا لبنانية وليست أراضي سورية (محتلة من إسرائيل بحسب ما حدّدته الأمم المتّحدة على أساس الخط الأزرق، أكرّر توضيحي السابق أنّ تحديد الأمم المتّحدة لوضع مزارع شبعا لا يؤثّر في أيّ اتفاق لترسيم الحدود بين سوريا ولبنان. على العكس، نظراً إلى الاتفاق الواضح بين كلّ الأطراف المعنيين، أكرّر دعوتي الحكومتين اللبنانية والسورية إلى اتخاذ خطوات عاجلة لترسيم الحدود بموجب القانون الدولي. وكما ذكرت سابقاً، من شأن التوصّل إلى اتفاق كهذا أن يشكّل خطوة ملموسة ومهمة نحو إضفاء طابع رسمي على العلاقات بين البلدين في سبيل إعادة تأكيد سيادة لبنان وسلامته الإقليمية واستقلاله السياسي، والتطبيق الكامل لبنود القرار 1559. لكنّ وضعها الحالي كأرض سورية تحت الاحتلال الإسرائيلي يبقى قائماً في انتظار أن تتخذ الحكومتان اللبنانية والسورية الخطوات الضرورية بموجب القانون الدولي لتغيير ذلك الوضع.

 

77. في هذا السياق، أكرّر أنّه في حين أنّ التفاوض على اتّفاق ترسيم الحدود وإبرامه هما من صلاحيّة سوريا ولبنان دون سواهما، يجب أن تركّز النقاشات في شكل خاص وملحّ على تلك المزارع التي لا يزال وضعها ملتبساً أو محطّ خلاف، بدون أن يترتّب على ذلك أيّ مفعول على وضعها كأراضٍ محتلّة من طرف ثالث أو خاضعة لقراري مجلس الأمن 242 (1967) و338 (1973).

 

78. أشرت سابقاً إلى أنّ وجود مجموعات مسلّحة تتحدّى سلطة الحكومة الشرعية التي يحقّ لها وحدها احتكار استعمال القوّة على كل أراضيها، يتعارض مع استعادة لبنان سيادته وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي وتأمين الاحترام الكامل لها. وذكّرت أيضاً أنّ اتفاق الطائف الذي ينسجم كلياً مع القرار 1559 في هذا المجال، يدعو إلى حلّ كل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتسليم سلاحها إلى الحكومة اللبنانية. ومن خلال الدعوة الملحّة إلى التطبيق الكامل لاتفاق الطائف بعد طول انتظار، والذي صادق عليه مجلس الأمن في عدد من البيانات الرئاسية الصادرة عام 1989، أدعو إلى التطبيق العاجل والملحّ لكلّ بنود القرار 1559.

 

79. أذكّر أيضاً بتعبير مجلس الأمن عن قلقه حيال حركة الأسلحة والأشخاص في اتّجاه الأراضي اللبنانية، وإشادته بالإجراءات التي اتّخذتها الحكومة اللبنانية لمعالجة هذه المسألة في بيانه الرئاسي في 23 كانون الثاني 2006. وأكرّر ايضاً بإلحاح دعوة مجلس الأمن الحكومة السورية في البيان نفسه إلى اتخاذ خطوات مماثلة، وألفت في هذا السياق إلى أنّ التطبيق السريع لإجراءات ملموسة تهدف إلى ترسيم الحدود كاملةً بين سوريا ولبنان سيشكّل خطوة مهمة نحو منع أيّ حركة غير شرعية عبر الحدود وبسط سيطرة الحكومة اللبنانية على كل أراضيها.

 

80. الحوار الوطني في لبنان حدث تاريخي وغير مسبوق بكل معنى الكلمة. يجب عدم التقليل من أهمّيته كونه الحوار الوطني الحقيقي الأول في لبنان بدون وجود أيّ طرف ثالث. إنها المرة الأولى  يجتمع فيها اللبنانيون بهذه الطريقة للتحدّث بصراحة عن مسائل كانت تعتبر من المحرمات قبل بضعة أشهر. إنّه إنجاز لافت بذاته، وأشيد بالرئيس بري لإطلاقه مبادرة الحوار الوطني. وألفت أيضاً إلى انّ مؤتمر الحوار الوطني يتناسب تماماً مع الدعوات التي أطلقناها أنا ومجلس الأمن من أجل الحوار الوطني المستمرّ كما جاء في تقريري الأخير في 26 تشرين الأول 2005 وفي البيان الرئاسي في 23 كانون الثاني 2006.

 

81. توصّل الحوار الوطني إلى اتفاقات مهمة حتى الآن، وهي في انسجام تام مع اتفاق الطائف والقرار 1559. كما أشرت سابقاً، ثمّة حاجة ملحة الآن للإفادة من الزخم الحالي وتحويل الاتفاقات واقعاً ملموساً. لهذه الغاية، الحوار والشراكة ضروريان بين لبنان وسوريا، وينبغي على كلّ الأطراف أن يتعاونوا في هذا الإطار.

 

82. الاتفاق الذي جرى التوصّل إليه في الحوار الوطني حول سلاح الميليشيات الفلسطينية خارج المخيمات الفلسطينية خطوة مهمة جداً نحو تطبيق القرار 1559. وعبر التركيز على أنّ هذا الاتفاق التاريخي هو في انسجام تام مع اتفاق الطائف والقرار 1559، أدعو إلى تطبيقه خلال فترة الستة أشهر التي حدّدها مؤتمر الحوار الوطني. وأثني على اللبنانيين، وفي شكل خاص رئيس الحكومة السنيورة، لحكمته ومقاربته المتبصِّرة التي لا تسعى فقط إلى معالجة مسألة السلاح الفلسطيني إنما أيضاً ظروف عيش الفلسطينيين في لبنان وأوضاعهم، بدون أن يضرّ ذلك بأيّ تسوية شاملة محتملة لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين. في هذا الإطار، أدعو كلّ الأطراف إلى دعم تطبيق الاتفاق الذي جرى التوصّل إليه، والجهود اللبنانية الآيلة إلى معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين في لبنان.

 

83. آمل أن يعالج الحوار الوطني المسائل المتبقية في جدول أعماله ببعد نظر مماثل وبالتصميم نفسه على النجاح، بالاستناد إلى اتفاق الطائف، من أجل التوصل إلى إجماع آراء من شأنه أن يساهم في التطبيق السريع والكامل لكل بنود القرار 1559. من المقرر أن يستأنف الحوار في 28 نيسان 2006. وأودّ أن أجدّد دعمي القوي للحوار الوطني الذي يحظى بالدعم الكامل من المجتمع الدولي.

 

84. أذكّر أيضاً بأنه في سبيل إعادة تأكيد السيادة والوحدة والاستقلال السياسي وبسط الحكومة سيطرتها على كل أراضيها، من الضروري والمهمّ أن تخضع كلّ المجموعات المسلحة الخارجة عن سيطرة الحكومة لسلطة الأخيرة. في هذا السياق، أذكّر بأنّه في إطار تطبيق اتفاق الطائف، دُمجت غالبية الميليشيات اللبنانية في الجيش اللبناني في التسعينات.

 

85. بناءً عليه، أدعو إلى اتخاذ خطوات مماثلة مع الميليشيات اللبنانية المتبقّية تطبيقاً لاتفاق الطائف والقرار 1559، مع إيلاء أهمية خاصة لإعداد آلية دفاعية وطنية تؤمّن الحماية المناسبة للبنان وأراضيه وشعبه. وأناشد أيضاً كل الأطراف القادرين على التأثير في "حزب الله" والميليشيات الأخرى أن يدعموا التطبيق الكامل للقرار 1559.

 

86. في هذا السياق، ألفت إلى أنّ تطبيق القرار 1559 هو جزء من عمليّة تحوّل تاريخي أوسع نطاقاً تشمل أيضاً التحقيقات في الاغتيال الإرهابي الذي أودى بحياة رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري و22 آخرين في وسط بيروت، وفي الاغتيالات والأعمال الإرهابية التي وقعت في لبنان في الفترة الأخيرة، والعمل المستمرّ لإصلاح العمليات الانتخابية في لبنان على نطاق أوسع، والاستعدادات الجارية حالياً لتنفيذ إصلاحات اقتصادية. أدعو كل الأفرقاء إلى دعم عمليّة التحول الواسعة النطاق في لبنان، لما يخدم مصلحة اللبنانيين والدول المجاورة واستقرار المنطقة، وإلى المسارعة إلى اتخاذ كل الخطوات الضرورية لهذه الغاية.

 

87. في الختام، أناشد مجددا  وبإلحاح كل الأطراف المعنيّين التزام مقتضيات القرار 1559 بدون اي تأخير، والتطبيق الكامل لهذا القرار وكل القرارات ذات الصلة المتعلقة بسلامة لبنان الإقليمية وسيادته الكاملة واستقلاله السياسي.

 

88. ما زلت أعتبر أنّه يجب تطبيق القرار 1559 بطريقة تؤمّن استقرار لبنان وسوريا والمنطقة ووحدتها بأفضل الوسائل. في هذا الإطار، أجدّد التزامي تطبيق كلّ قرارات مجلس الأمن والتوصّل إلى سلام عادل ودائم وشامل في الشرق الأوسط.

 

89. أنا على أتمّ اليقين أنّ الدعم المستمرّ من مجلس الأمن واستمرار الحوار الوطني ووحدة اللبنانيين والقيادة الحكيمة للحكومة اللبنانية بالإضافة إلى التعاون الضروري من كلّ الجهات المعنية بما فيها سوريا وإيران، ستسمح بتخطّي صعوبات الماضي وتحقيق تقدّم مهمّ نحو التطبيق الكامل للقرار 1559. أبقى في تصرّف مجلس الأمن وعلى استعداد للاستمرار في مساعدة الأطراف على التطبيق الكامل للقرار 1559.

 

وأُرفِق التقرير بثلاثة ملاحق، الأوّل بعنوان "مقرّرات مؤتمر الحوار الوطني اللبناني (14 آذار 2006)" والثاني عبارة عن الرسالة التي رفعها 14 نائباً حالياً وسابقاً إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري في 20 شباط 2006، والثالث يحمل عنوان "محاضر اجتماع اللجنة العسكرية اللبنانية-السورية المشتركة (9 أيار 2005)".

 

هوامش:

1- أرفِقت نسخة بمقرّرات مؤتمر الحوار الوطني حتّى موعد صدور هذا التقرير، في الملحق رقم 1.

2- صدرت هذه التعليقات العلنية عن وزير الخارجية السوري وليد المعلم في 6 نيسان 2006.

3 -  على سبيل المثال، رفعت محكمة جزائية ابتدائية سورية دعوى في حق وزير الاتصالات اللبناني مروان حماده والنائب وليد جنبلاط والصحافي فارس خشان في 13 آذار 2006 بعد شكوى تقدّمت بها نقابة المحامين السوريين اتّهمت فيها اللبنانيين الثلاثة بالتحريض على الوحدة الوطنية السورية. في 14 نيسان 2006، أعلن المدّعي العام في المحكمة العسكرية السورية أن قراراً صدر باتّخاذ إجراءات قانونية في حقّ الوزير مروان حماده والنائبين سعد الحريري ووليد جنبلاط والصحافي فارس خشان بسبب تصريحاتهم ضدّ سوريا ولأنّهم "يحرضّون الدول الأجنبية على معاداة سوريا وقادتها".

4 - في هذه الرسالة الموجَّهة الي  في تاريخ 12 حزيران 2000، شرح الرئيس اللبناني إميل لحود الموقف اللبناني من الخطّ الأزرق وكتب فيها "في ما يتعلق بمزارع شبعا، يبدو واضحاً من تقرير الأمين العام أنّه جرى اعتماد خطّ في المنطقة فرضه الأمر الواقع نظراً إلى عدم وجود خرائط قديمة تثبّت الحدود بين لبنان وسوريا. بناءً عليه، إنّه الخطّ الذي يفصل بين منطقتَي تواجد اليونيفيل والأوندوف، في حين تشير الولايات المتّحدة إلى أنّ هذا الخط لا يؤثّر على الإطلاق في حقوق الأطراف المعنيين في ما يتعلّق بالحدود الدولية. قبل لبنان هذا التقويم إلى أن يجري الاتفاق بين لبنان وسوريا على صيغة مشتركة لمزارع شبعا تجري إحالتها على الأمم المتحدة".

5. انظر التقريرين اللذين رفعتهما إلى مجلس الأمن في 22 أيار 2000 (S/2000/460) و16 حزيران 2000 (S/2000/590)، والبيانين الرئاسيين في 23 أيار 2000 (S/PRST/2000/18) و18 حزيران 2000 (S/PRST/2000/21).

6. أذكّر بتصريحات نائب الرئيس السوري فاروق الشرع إلى الصحافة بعد اجتماعه بالرئيس المصري حسني مبارك في شرم الشيخ في 23 آذار 2006 وتصريح الرئيس الأسد في مقابلة مع الصحيفة الفرنسية "الفيغارو" في 23 حزيران 2001، حيث نُقِل عنه قوله "بحسب القانون الدولي، يقع على عاتق الدول المتجاورة أن تحدّد وضع أرض ما. بعد انتهاء المناقشات، يجب تسجيل الاتفاق لدى السلطات الدولية. في حالة مزارع شبعا، إنّها المسؤولية الحصرية لسوريا ولبنان. ولا يحقّ لأيّ طرف ثالث أن يتّخذ موقفاً حول "جنسية" مزارع شبعا".

7. انظر تقريري حول قوات اليونيفيل في الفترة الممتدّة من 22 تموز 2005 إلى 20 كانون الثاني 2006 الصادر في 18 كانون الثاني 2006 (S/2006/26).

8. المرجع نفسه.

9. بحسب ما أبلغته قيادة الجيش اللبناني لمبعوثي الخاص في الأشهر الماضية، أنشأ الجيش اللبناني 17 موقعاً جديداً في جوار المواقع الفلسطينية خارج المخيمات ونشر فيها 400 جندي.

 

10. في حادثة ألقت الضوء على الحاجة إلى وضع حدّ لانتشار الأسلحة في أوساط مجموعات خارجة عن سيطرة الحكومة، أطلق عناصر من الجبهة الشعبية النار على شرطيين لبنانيين وأصابوهما بجروح أثناء قيامهما بدورية خارج قاعدة المجموعة المحصَّنة في الناعمة جنوب بيروت في 10 كانون الثاني 2006. لاحقاً سلّمت الجبهة الشعبية مطلق النار إلى السلطات اللبنانية. استنكرت السلطة الفلسطينية التي تمثل الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة الحادثة وجدّدت التأكيد أن الفلسطينيين في لبنان خاضعون للقوانين اللبنانية ويجب عليهم احترامها، وأعلنت أنها تعتبر أنّ هذه الحوادث ضارة بالقضية الفلسطينية والعلاقات اللبنانية - الفلسطينية.

 

11. في الفقرات 13-37 أعلاه، شرحت بتفصيل أكبر تصميم مجلس الأمن على أنّه في انتظار التوصّل إلى اتفاق حول ترسيم الحدود بالطرق المناسبة بين لبنان وسوريا ورفعه إلى الأمم المتحدة، لا يمكن اعتبار مزارع شبعا أرضاً لبنانية بل هي أرض سورية خاضعة للاحتلال الإسرائيلي.

 

12 - يحافظ "حزب الله" على علاقات وثيقة واتّصالات متكرّرة ومنتظمة مع الجمهورية العربية السورية وجمهورية إيران الإسلامية. في هذا السياق، أخذت علماً بتصريحات مسؤولين سوريين رفيعي المستوى تدعو إلى استمرار "المقاومة" أذكر منها على سبيل المثال ما قاله الرئيس السوري في مؤتمره الصحافي مع الرئيس الإيراني أثناء زيارته  لدمشق في 19 كانون الثاني 2006، أو وزير الخارجية السوري في مقابلة مع الصحيفة اللبنانية "السفير" نُشِرت في 28 آذار 2006.

 

13. في 20 شباط، رفع 13 نائباً حالياً ونائب سابق عريضة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري يؤكّدون فيها أنّهم تعرّضوا لضغوط وتهديدات من الأجهزة الأمنية السورية واللبنانية للموافقة على تعديل الدستور لتمديد ولاية الرئيس إميل لحود.

 

وأضاف النواب  أنّه نظراً إلى أنّه لا قيمة لأصواتهم بسبب غياب الإرادة الحرّة، فإنهم يعتبرون أن عملية التصويت على التعديل الدستوري لتمديد ولاية الرئيس باطلة برمّتها، وبما أنهم صوّتوا لمصلحة التمديد تحت الإكراه، فإن أصواتهم تعتبر تالياً باطلة ولاغية، والقانون الذي عُدِّل الدستور بموجبه يعد باطلاً لكونه لم يحصل تقنياً على غالبيّة الثلثين المطلوبة لتعديل الدستور. في الختام، طلب النوّاب من رئيس مجلس النواب نبيه بري اتخاذ الإجراءات الدستورية المناسبة للتعامل مع نتيجة العملية التي اعتبروها باطلة. وقد رفع إليّ النواب نسخة عن العريضة أرفقتها بهذا التقرير.

 

أثناء زيارة بيروت، التقى مبعوثي الخاص لتطبيق القرار 1559، 11 من 14 نائباً وقّعوا  العريضة (كان ثلاثة منهم خارج البلاد فلم يتمكّنوا من حضور الاجتماع). في الاجتماع، روى النوّاب بالتفصيل تجاربهم الفردية في ما يتعلّق بالتصويت على التمديد للرئيس لحود. أكّدت  النواب بغالبيتهم الساحقة أنّهم تلقّوا تعليمات مباشرة من الاستخبارات العسكرية السورية في لبنان. وقالوا إنّ رئيس الاستخبارات العسكرية السورية في لبنان العميد رستم غزالي و/ أو رئيس فرع الاستخبارات السورية في بيروت محمد خلوف، هما اللذان نقلا هذه التعليمات إليهم إما في اجتماعات في مقر الاستخبارات السورية في عنجر واما في البوريفاج واما بواسطة الهاتف.

 

وروت غالبية النوّاب الساحقة أنّه قيل لهم إنّ قراراً اتُّخذ بالتمديد للرئيس لحود وأنّه ينبغي التزامه.  وقيل لهم أيضاً إنّ عدم التزامه من شأنه أن يعرّض أمن لبنان واستقراره للخطر ويهدِّد أمنهم الشخصي. وروى عدد منهم تفاصيل أحاديث أجروها مع رئيس مجلس الوزراء السابق رفيق الحريري الذي أكّد التعليمات وقال إنّ حياته في خطر إذا لم يمرّ التمديد في البرلمان. أنكرت الحكومة السورية بشدّة كلّ هذه الأقوال.

 

ترجمة نسرين ناضر