نص تقرير براميرتس الذي رفعه

إلى الامين العام للأمم المتحدة كوفي انان يوم أمس الجمعة 10 حزيران 2006

براميرتس يؤيد طلب لبنان تمديد مهمة اللجنة عاماً آخر: تقدّم كبير في التحقيق وتعاون سوريا الكامل يبقى أساسياً

مليارات تسجيل صوتي يعتبر تحليلها مهمة اساسية

لا يزال وارداً الافتراض أن بنك المدينة ربما موّل تنفيذ الجريمة

النهار - 2006 / 6 / 11

 سلم امس القاضي البلجيكي سيرج برامرتس الامين العام للأمم المتحدة كوفي انان تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه. فاحاله انان فوراً على اعضاء مجلس الأمن، على ان يناقشه المجلس الاربعاء المقبل. وتنشر "النهار" هنا ترجمة لابرز ما تضمنه التقرير الذي يقع في 30 صفحة فولسكاب ومؤرخ: بيروت في 10 حزيران 2006.

التقرير الرابع للجنة التحقيق الدولية المستقلّة المنشأة بناءً على قرارات مجلس الأمن 1595 (2005) و1636 (2005) و1644 (2005)

 

ملخّص

طلب مجلس الأمن من لجنة التحقيق الدولية المستقلّة التابعة للأمم المتّحدة ("اللجنة") أن ترفع تقريراً إلى المجلس حول تقدّم التحقيق بما في ذلك التعاون الذي تحصل عليه من السلطات السورية، وذلك كلّ ثلاثة أشهر اعتباراً من تاريخ صدور القرار 1644 في 15 كانون الأول 2005.

يلقي التقرير الحالي الضوء على التقدّم الإضافي الذي أحرزته اللجنة في ترسيخ هيكليّتها وقدراتها التنظيمية، وتطوير نشاطاتها التحقيقيّة وتكييف إجراءاتها الداخلية مع معايير عمليّة قضائية مستقبلية ومتطلّباتها، والتي قد تكون على الأرجح محكمة ذات طابع دولي. وأعادت اللجنة في شكل خاص النظر في كلّ المعلومات التي جُمِعت سابقاً وهي تحقّق بمنهجيّة في كلّ الخيوط المحتملة. ولديها حالياً 24 مشروع تحقيق تغطّي مجموعة واسعة من المجالات. الأدلّة التي تمّ التوصّل إليها في مشاريع تحقيق منجَزة بطريقة منظّمة ومنهجيّة، وهي جاهزة كي تطّلع عليها السلطات القضائية المختصّة.

في ما يتعلّق بالمساعدة التقنية التي تقدّمها الى السلطات اللبنانية في القضايا الأربع عشرة الأخرى، تعتبر اللجنة أنّ ثمّة حاجة إلى جهود أكثر تناسقاً وقوّة لدفع التحقيق نحو الأمام وفي حين أنّ زيادة المساعدة أمر ضروري لتعزيز الإمكانات التقنية والتحقيقية الضرورية لسلطات التحقيق اللبنانية، تستطيع اللجنة أن تتصوّر لنفسها دوراً أكثر فاعلية في متابعة هذه التحقيقات.

وقد أصبح التعاون الذي تحصل عليه اللجنة من الدول الأعضاء شرطاً أكثر أهمّية لإنجاز عملها، إذ جرى رفع 32 طلباً إلى 13 دولة أثناء مرحلة العمل على إعداد التقرير، مما يلقي الضوء على النطاق الدولي الواسع الذي يصل إليه التحقيق. وتطوّر التعاون مع سوريا أكثر. وستستمرّ اللجنة في طلب التعاون الكامل من جانب سوريا، بما في ذلك جمع الوثائق والبحث عن معلومات محدّدة وتسهيل إجراء المقابلات مع مواطنين سوريين.

ترحّب اللجنة بطلب الحكومة اللبنانية من الأمين العام في 4 أيار 2006 تمديد مهمّتها "فترة إضافيّة تصل إلى سنة". ومن شأن هذا التمديد أن يؤمّن الاستمرارية والاستقرار، ويسمح بتنفيذ عمليّات تدريجية وتخطيط تدريجي، ويقدِّم تطمينات الى الفريق العامل.

II. التقدّم في التحقيق

10. أثناء العمل على إعداد التقرير، ركّزت اللجنة في تحقيقها على استكمال تثبيت العمل الموروث، ومتابعة التحقيق في نواحي الجريمة وتطوير عدد كبير من الخيوط الجديدة ومجالات التحقيق، وإرساء نظام يسمح بإدارة التحقيق بالطريقة المناسبة. من الضروري التوصّل إلى نتائج فعليّة في مجال الأدلّة في أسرع وقت ممكن.

11. بناءً عليه، تقدّم اللجنة في هذا التقرير لمحة سريعة عن عملها على مستويات القضيّة المختلفة، لا سيّما الجريمة ذاتها، والتعرّف إلى هويّة مرتكبيها ومن كانوا على علم بالعمليّة أو بالتخطيط لها، ومن أمروا بتنفيذها. ومن خلال ذلك، ستقدِّم اللجنة أكبر قدر ممكن من التفاصيل نظراً إلى الحاجة إلى الحفاظ على السرّية والأدلّة الخاصّة بالتحقيق.

أ. خصائص الجريمة

1. معايير العمل

12. كما أشرت في التقرير السابق، من الأمور الأساسية التي ركّز عليها التحقيق إنشاء نظريّة موحَّدة حول ما إذا كان انفجار العبوة الناسفة المرتجلة الذي أودى بحياة رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري و22 آخرين حصل "تحت الأرض" أو "فوق الأرض"، وهل كان عبارة عن انفجار واحد أم اثنين، أو هل سبّبه أيّ مزيج محتمل من هذه العوامل. إنّ النظر في هذه النواحي الأساسية للجريمة وتحديدها بطريقة منهجيّة وحاسمة، أساسيّ لتسهيل التقدّم الإضافي في التحقيق، ومطلوب لتلبية معايير الأدلّة في إجراء قضائي مستقبليّ.

13. إنّ تحديد عدد الانفجارات والموقع الدقيق للعبوة لحظة الانفجار، يسمح بتحقيق فهم أفضل لتخطيط الجريمة وتنفيذها، وطبيعة الفريق المنفِّذ وتركيبته، والمهارات والتنسيق، والوقت الذي خُصِّص لتخطيط الهجوم، والفترة التي اتُّخذ خلالها قرار قتل رفيق الحريري، ومدى تورّط أفراد آخرين أو معرفتهم بالأمر أو تواطؤهم.

14. يجب التركيز على أهمّية العمل الجنائي الشامل في تقدّم التحقيق. تؤمّن المعاينة والتحليل الجنائيان الأساس لكثير من الخطوات التحقيقية الأخرى والفرضيّات حول القضيّة وبناء الأدلّة. وفي حين تقرّ اللجنة بالعمل الممتاز الذي قامت به الفرق الجنائية السابقة، تعتبر أنّه كان ولا يزال من الضروري إجراء المزيد من المعاينات الجنائية.

2. المعاينة الجنائية

لمسرح الجريمة

15. قامت اللجنة بخطوات تحقيقية أساسيّة مكثّفة لتوضيح النواحي المتعلّقة بالانفجار، بما في ذلك جمع معلومات من الشهود ومقارنتها. وأجرت أيضاً اختبارات جنائية شاملة لا يزال بعضها مستمراً. وسيسمح هذا للجنة بأن تحدّد من خلال درجة مرضية من الأدلّة، ملابسات الانفجار في ذلك اليوم.

16. بدأت اللجنة المعاينة الجنائية الأخيرة لمسرح الجريمة في أواخر أيار 2006، وقد أجراها فريق من الخبراء في الأدلّة الجنائية ومسرح الجريمة. وكان الهدف من هذا المشروع إجراء تحقيقات منهجيّة في مسرح الجريمة بهدف جمع أدلّة جنائية بما في ذلك تحديد إذا كانت شاحنة الـ"ميتسوبيشي" قد استُعمِلت لنقل العبوة، وإذا كان شخص معيّن قد فجّر العبوة، وموقع العبوة بالضبط عند انفجارها. اضافة الى ذلك، هدف المشروع إلى جمع أدلّة جنائية لتحديد الملابسات الدقيقة للانفجار: هل حصل الانفجار فوق الأرض أم تحتها؟ وهل فُجِّرت عبوة ثانية في الوقت نفسه تقريبا؟ تطلّب المشروع معاينة دقيقة لأطنان من الركام والأجزاء المعدنيّة والبلاستيكية ضمن مساحة 41 ألف متر مربّع.

17. هدفت المعاينة الأخيرة لمسرح الجريمة أيضاً إلى إجراء تحاليل للحمض النووي لبقايا جثث بشريّة. ويساعد هذا على التعرّف الى هويّة الشخص الذي شغّل العبوة وهويّات أيّ ضحايا سقطوا في الهجوم. كما هدف المشروع إلى تأكيد خيوط التحقيق الجديدة الحاليّة والتي يجري تطويرها في ما يتعلّق بتخطيط العمليّة وتنفيذها. في شكل عام، سمح هذا المجهود بالحصول على أكثر من 1900 دليل إضافي تخضع كلّها للمزيد من المعاينة الجنائية.

18. فضلا عن ذلك، أتمّت اللجنة في آذار 2006، المعاينة الجنائية للمركبات التي كانت في موكب الحريري. وضعت المركبات في مواقعها التقريبية قبل الانفجار مباشرة. وكان الهدف من هذا الإجراء تقصّي آثار الانفجار على المركبات والبحث عن مزيد من الأدلّة. وقد جُمِعت 76 عيّنة من أجزاء معدنيّة مبعثرة على مساحة واسعة، ووُضِعت في المركبات على علوّ مختلف فوق الأرض. ونظراً إلى حجمها وشكلها وطبيعتها الفيزيائية، يرجح أنّ الأجزاء هي من حاوية المتفجّرات (أي شاحنة الميتسوبيشي) أو غرض معدنيّ كان على مقربة من المتفجِّرة.

19. أخضعت الأجزاء لتحليل الدهان المعدنيّ والجنائي بهدف تحديد مصدرها. وسيجري تحليل مسارها لتحديد الموقع الدقيق للمتفجِّرة. ستحدّد هذه التحليلات إذا كان مصدر الأجزاء الحاوية، وترسم الاتّجاه الذي سلكته هذه الأجزاء في اللحظات التي تلت الانفجار مباشرةً. وستجري مقارنة النتائج مع تحليل خصائص موقعَي المتفجّرة المحتملين، أي فوق الأرض أو تحتها، للمساعدة على تحديد الموقع الثلاثي الأبعاد للمتفجّرة مباشرة بعد انفجارها.

خصائص الانفجار

20. كما أشرت سابقاً، من الأولوية بالنسبة إلى اللجنة أن تحدّد إذا كان الانفجار قد حصل نتيجة تفجير فوق الأرض أو تحتها، أو الأمرين معاً. تختلف خصائص الانفجار كثيراً من حيث حصوله تحت الأرض أو فوقها، وذلك في ما يتعلّق بخصائص الفوهة ومسار الركام وطبيعته، وآثار الانفجار وخصائصه مثل كرة النار والحرارة والتأثير على المباني المجاورة. ويسمح العمل الجنائي المكثَّف للجنة بتحديد أيّ من الخصائص المذكورة ينطبق على الانفجار الذي استهدف الحريري.

21. لمزيد من الوضوح حول النظريات المختلفة التي تحيط بخصائص الانفجار، يجري حالياً العمل على تحليل أخير للمعلومات الزلزالية المتعلّقة بالانفجار. ستسمح النتائج بإجراء مقارنة مع أشكال أخرى من الأدلّة تتعلّق بمسألة حصول انفجار واحد أو انفجارين، وقوّة الانفجار، وكمّية المتفجّرات المستعملة، وتحديد إذا كان الهجوم حصل فوق الأرض أو تحتها. وإحدى النواحي المرتبطة بهذه المعلومات كانت تحديد الوقت الدقيق للانفجار، الذي عُيِّن بأنّه الساعة 12:55:05. والسبب وراء الإرباك في تحديد الوقت الدقيق للانفجار هو الساعة غير المضبوطة بدقّة في تلفزيون مصرف "إيتش إس بي سي". سيجري أيضاً تحليل مقارَن لانفجارات أخرى حصلت في لبنان، بهدف تقويم حجمها مقارنةً بالانفجار الذي أودى بحياة الحريري في 14 شباط 2005.

22. جرت معاينة دقيقة للخصائص الجنائية والفيزيائية والكيميائية للانفجارات تحت الأرض أو فوقها مع وضع قضيّة الحريري نصب أعيننا. إنّها متعلّقة بطبيعة كرة النار والخصائص الحرارية، ومسار الركام والمسافة التي تفصله عن الحاوية أو حاملة المتفجّرة وعن الأرض والبقايا البشريّة المرتبطة بالحاوية والموكب والجوار، ومفاعيل الانفجار على الضحايا والبنى المجاورة، والخصائص الفيزيائية للفوهة والمنطقة المجاورة قبل الانفجار وبعده، وعوامل الموجات الصوتيّة المتعلّقة باختبارات وأدلّة الشهود عند حصول الانفجار، والارتجاجات الزلزاليّة التي سُجِّلت عند وقوع الانفجار، والمضاعفات الإضافية لديناميّات موجة الانفجار والصدمة الهوائية الناجمة عن البيئة المدينية المحيطة بالمكان.

23. الفوهة التي كوّنها الانفجار هي ناحية جنائية مهمّة جداً يجب دراستها. لقد ثبت الآن أنّ كمّية المتفجّرات الضرورية لتكوين فوهة مماثلة لتلك التي سبّبها الهجوم في 14 شباط 2005، هي نحو 500 كلغ من مادّة موازية للـ"تي إن تي" على عمق 1,7 متر تحت الأرض، أو 1200 كلغ إذا كانت المتفجّرة وُضعت فوق الأرض، أو 1800 كلغ إذا كانت المتفجرة على علو نحو 0,80 متر فوق الأرض. بناء عليه، إذا كانت شاحنة الميتسوبيشي قد استعملت فعلاً حاوية للمتفجّرات، فلا بد من أن كمية المتفجرات المستخدمة كانت على الأقل 1200 كلغ من مادّة موازية للـ"تي إن تي".

24. كما أظهرت الأدلّة التي جُمعت من التربة داخل الفوهة أنّ المتفجّرة كانت على الأرجح فوق الأرض والانفجار دفعها نحو الأرض. ستخضع كلّ الأجزاء التي جُمعت في هذه المنطقة لتحليل المسار وسيجري إدماجها في استنتاجات أخرى عن المسار لتحديد الموقع الدقيق للمتفجّرة قبل انفجارها في نموذج ثلاثي الأبعاد من 360 درجة. وأجريت أيضاً معاينة للإمدادات تحت الأرض في الطريق ومحيطها، ولم يتمّ العثور على أيّ آثار لأداة تفجير.

25. في هذا السياق، ما زالت اللجنة تدرس كيفية وضع شحنة المتفجّرات في الشاحنة لتحقيق النتائج المرجوّة، وكيف جرى توصيل المتفجّرات كي تنفجر على هذا النحو. وسيساعد هذا على تحديد ما إذا تمّ استعمال أساليب توقيع معيَّنة في صنع المتفجّرة وما هي درجة الضروريّة لجمعها.

حاوية المتفجرات

26. كما ذكرت سابقاً، تخضع أجزاء المركبات المختلفة التي جمعت أثناء المعاينة الجنائية حالياً لتحاليل بيولوجية وجنائية إضافيّة لتحديد مصدرها، لا سيّما إذا كانت عائدة للميتسوبيشي والتي جرى ذكرها في تقارير اللجنة السابقة. سُحِبت قطعة معدنية قد تكون سقف مركبة آليّة من ذراع رافعة معلّقة بمبنى في مسرح الجريمة (مبنى بيبلوس) على علو نحو خمسين متراً فوق الأرض. كما وجد مفتاح إشعال قرب مبنى لم تجرِ معاينته جنائياً من قبل.

27. علاوة على ذلك، وُجد تروس مركبة آليّة في الأرض قرب الفوهة، على انخفاض نحو 40 سم تحت الأرض. ويخضع أيضاً لتحليل المسار والتحليل الجنائي لتحديد خصائص المركبة التي ربّما ينتمي إليها. ويشير التقويم الأوّلي إلى أنّ هذا الجهاز انغرز في أرض الفوهة بفعل انفجار فوق الأرض.

البقايا البشرية

28. جمع 119 دليلاً بيولوجيا محتملاً من العديد من المواقع المختلفة حول مسرح الجريمة. لدى المعاينة الأوّلية، ثبت أنّ 44 دليلاً على الأقلّ عبارة عن بقايا بشريّة، ومن المتوقّع أن يجري التثبّت من 12 قطعة أخرى على أنّها بقايا بشرية ما إن تكتمل المعاينات الجنائية. فهي تخضع أيضاً للتحديد وتحليل الحمض النووي والمسار. ستعمل اللجنة عن كثب مع السلطات الجنائية اللبنانية في مطابقة الحمض النووي الموجود مع أيّ حمض نووي جديد يجري التعرّف عليه.

طريق الموكب

29. يوشك مشروع منهجيّ لمقابلة أو إعادة مقابلة كلّ أعضاء الفريق الأمني الذي كان تابعاً لرفيق الحريري، بمن فيهم الناجون في موكبه ومن يديرون أمنه والأعضاء في الفريق الشخصيّ المباشر – يوشك إذاً على الانتهاء. والأهداف هي تحديد الطريق الذي سلكه الموكب والتوقيت الدقيق لتقدّمه وأوقات التوقّف والانطلاق، وتوقيت اختيار الطريق والاطّلاع على الطريق الذي سيسلكه الموكب، واستخدام سيّارة "مرسيدس بنز 600" أو أكثر في الموكب، يوم الهجوم وقبله، ومتى سلك الموكب طريق فندق السان جورج من قبل بما في ذلك في الزيارة السابقة إلى البرلمان في 8 شباط 2005، واستخدام أجهزة إلكترونية مضادّة وإمكاناتها الدقيقة، وخطّة المنفّذين الإجمالية، وموقع وتوقيت إدخال شاحنة الميتسوبيشي، وتفاصيل آخر يومين من حياة الحريري، ونقاط ضعف وقوّة الفريق الأمني الذي كان محيطاً بالحريري في ذلك الوقت.

30. بالتزامن، جرى إعداد خريطة عن التحرّكات الثنائية البعد للموكب يوم الهجوم ورُبِطت بصور وأشرطة فيديو جوّية لمعرفة حركة الموكب على الطريق في التوقيت الدقيق.

31. نظراً إلى طبيعة الطريق التي سلكها الموكب والحاجة إلى إدخال شاحنة الميتسوبيشي إلى تلك الطريق، لم تقتنع اللجنة كلياً بعد بأنّه كان من المقرّر فعلاً أن تكون منطقة فندق السان جورج المباشرة الموقع المحدّد للهجوم. من المحتمل أنّ الخطّة كانت تقضي بأن تنفجر العبوة المرتجلة في مرحلة لاحقة من الطريق، على الأرجح بعد عبور فندق السان جورج، لكن ليس قبل وصوله وهذا شبه مؤكّد، وذلك بسبب المسائل اللوجستية والمتعلّقة بالتوقيت. لهذا السبب، لا تزال اللجنة تدرس الصور التي التقطتها كاميرات المراقبة يوم الهجوم، وتستمرّ في البحث عن صور أخرى قد تكون مؤرشَفة عن الطريق المقرّرة لشاحنة الميتسوبيشي.

3. شهود مسرح الجريمة

32. تجري حالياً مقابلة وإعادة مقابلة أكثر من 25 شاهداً كانوا حاضرين في مسرح الجريمة، لمقارنة أقوالهم مع الأعمال الجنائية المكثّفة. يهدف هذا المشروع جزئياً إلى التحرّكات الدقيقة لشاحنة الميتسوبيشي وموضعها في المراحل الأخيرة من العمليّة، وفهم الأحداث التي جرت لحظة الانفجار، وتطوير خيوط تحقيقية إضافية، وتحديد ما إذا كان قد سُمِع صوتان واستخدمت عبوتان ناسفتان مرتجلتان. في هذا الصدد، يجري تحليل للانفجار والصوت بهدف خصائص الانفجار السمعيّة بحسب موقع كلّ شاهد في مسرح الجريمة. سيسمح هذا بإجراء تحديد جنائي ومقارنة بين الإفادات لمعرفة إن كان قد وقع انفجار واحد أم انفجاران.

4. الاستنتاج الأوّلي

33. بالاستناد إلى الأدلّة الجنائية وإفادات الشهود التي جمعت ودرست حتى الآن، وبانتظار نتائج سلسلة من المقابلات والتحاليل الجنائية النهائية، تعتبر اللجنة أنّ انفجاراً واحداً فوق الأرض حصل يوم الهجوم الساعة 12:55:05. وقد سبّبته عبوة ناسفة مرتجلة كبيرة جداً زنتها 1200 كلغ كحدّ أدنى ومصنوعة من مزيج من "تي إن تي" و/أو "بي إي تي إن" و/أو بلاستيك "آر دي إكس".

34. تعتبر اللجنة أيضاً أنه بالاستناد إلى الأدلّة الحسّية التي تمّ جمعها، بما في ذلك مسارات الأجزاء المعدنية ومواقعها، والأضرار التي لحقت بمركبات الموكب وتلك المركونة على الطريق، وما أظهرته الصور التي التقطتها كاميرات المراقبة في "إيتش إس بي سي"، كانت شاحنة الميتسوبيشي تحتوي على العبوة الناسفة المرتجلة التي شُغِّلت عند مرور موكب الحريري. يخضع هذا الاستنتاج للمعاينة الجنائية النهائية.

35. على الأرجح أنّ شخصاً داخل الشاحنة أو أمامها مباشرةً هو الذي فجّر العبوة. لقد حُدِّد بأنّ الـ27 جزءاً من البقايا البشرية التي جمعت سابقاً من مسرح الجريمة تنتمي إلى الشخص نفسه، وهو ذكر. على الأرجح أنّه هو من فجّر العبوة، ومن الأسباب أنّ بقاياه صغيرة جداً في الحجم وجُمعت في المنطقة نفسها، وكلّها في الاتّجاه الأمامي نفسه انطلاقاً من بؤرة الانفجار. في هذه المرحلة، تفضّل اللجنة ألا تصف الشخص بـ"الانتحاري". يبقى أن نحدّد إذا كان قد فجّر العبوة بإرادته أو أُرغِم على القيام بذلك.

36. يبدو أنّه جرى حساب كمية المتفجرات المستخدمة لضمان نجاح العمليّة، مع الأخذ بالاعتبار المنطقة المختارة لتنفيذ الهجوم والمسافة الضرورية التي يجب أن تتوافر بين شاحنة الميتسوبيشي وسيارة الحريري. وإذا يُقدّر وزن الشحنة بـ1200 كلغ كحدّ أدنى، فقد رُفِع الهجوم إلى مستوى شبه مضمون.

37. نظراً إلى أنّه ينبغي اعتبار الجريمة اغتيالاً محدّد الهدف، كان من الضروري تخطّي وسائل الحماية التقنية مثل أدوات التعطيل في الموكب، والأخطاء البشرية في الخطة. اختيرت كمية عالية من المتفجرات لضمان نجاح العملية حتى وإن لم تصب سيارة الحريري مباشرة بل كانت على بعد مسافة معيّنة من العبوة. لقد صُممت المتفجرات بطريقة تضمن أن يؤدّي شعاع الصدمة القاتل وقوّة الضغط الناجمة عن حجم الانفجار إلى مقتل رفيق الحريري حتّى وإن لم ينجح بذلك الانفجار الفوري أو تحطّم المركبة وأغراض أخرى بسرعة كبيرة أو كرة النار التي يسبّبها الانفجار.

ب. أشخاص متورّطون في تنفيذ الجريمة

1. فرضيّات العمل

38. كما جاء في التقرير الأخير، تميّز اللجنة بين ثلاثة أنواع من التورّط في الهجوم الذي استهدف الحريري، من دون أن يتضمّن هذا التمييز أي غاية خاصّة أو مسؤولية جرمية: أشخاص شاركوا في تنفيذ الجريمة، أشخاص على علم بالعملية أو بالتخطيط لها، وأشخاص أمروا بتنفيذ الجريمة. بحسب درجة الترابط بين هذه الفئات الثلاث من الأشخاص، طوّرت اللجنة فرضيّتَي العمل الأساسيتين الآتيتين:

39. من جهة، يمكن أن يكون التخطيط والتنفيذ قد تمّا من خلال مبدأ التقسيم إلى أجزاء. يعني هذا عمليّة معقّدة قُسِّمت إلى مكوّناتها الأساسية ونفّذها أفراد أو مجموعات غير مدركين للنواحي الأخرى من العمليّة أو لا يعرفون المشاركين الآخرين فيها. على سبيل المثال، من المحتمل انّ الحصول على العبوة الناسفة المرتجلة وتحضيرها ونقلها إلى مسرح الجريمة قام بها أفراد غير مشاركين في تخطيط العمليّة أو تنفيذها. وكذلك، يمكن أن يكون أشخاص لم يشاركوا في النواحي الأخرى من العمليّة، أعدّوا شريط أبو عدس وسلّموه. تزيد هذه الفرضيّة من عدد الأشخاص الذين شاركوا أو كانوا ربّما على اطّلاع على ناحية واحدة على الأقلّ من الخطّة أو العمليّة.

40. من جهة أخرى، ربما وضع فريق واحد فكرة قتل الحريري وتولّى الاستطلاع والمراقبة وحضّر فيديو تبنّي العمليّة وحصل على المتفجّرات وحصل على شاحنة الميتسوبيشي وجهّزها واستعمل شخصاً لتفجير العبوة ونفّذ العملية. بالاستناد إلى هذه النظرية، قد يكون عدد المشاركين قليلاً.

2. الأشخاص الذين شاركوا في الجريمة

طريقة العمل التي استخدمها المنفّذون

41. في التقرير السابق، ألقت اللجنة الضوء على مقاربتها التحقيقية الإجمالية الآيلة إلى كشف النقاب عن العمل التحضيري الذي سبق الهجوم، والتعرّف على هويّة المشاركين ومهمّات كلّ منهم، ومضمون تلك المهمّات قبل الهجوم وأثناءه وبعده، وتوضيح طريقة العمل التي استخدمها المرتكبون.

42. في سبيل توضيح طريقة العمل، قابلت اللجنة شهوداً وضحايا ومشتبهاً فيهم، واستخدمت التحقيقات والخبرات الجنائية في تقويم الوسائل والأساليب، وأخيراً، درست تحاليل الاتصّالات التي جرت يوم الجريمة وفي سياق التحضير لها.

43. تتابع اللجنة تحقيقاتها في المسائل المذكورة آنفاً بهدف التوصّل إلى فهم أفضل للجريمة: كيف ومتى وأين اجتمعت مجموعة من الأشخاص لرسم عناصر العملية، كيف ومتى وأين أجريت عمليّات الاستطلاع للتحضير للهجوم، كيف استُعملت الاتّصالات أو لم تستعمل لأهداف محدّدة وبدرجة عالية من الانضباط، في تنفيذ العملية وفي مراحل التحضير والتخطيط، وحتى بعد الهجوم، وهل ومتى عُلم أي طريق سيسلك الحريري من أجل بناء الخطة.

44. في هذا السياق، تستمرّ اللجنة في التحقيق لمعرفة إن كان سائق شاحنة الميتسوبيشي جزءاً أساسياً من الفريق أو أضيف إليه مباشرة قبل الهجوم الفعليّ، وهويّة الشخص الذي فجّر العبوة، وهل شارك في الجريمة بإرادته أو أرغم على ذلك، وما عدد الأشخاص الذين ارتكبوا الجريمة وعدد من سهّلوها، ومن كان على اتّصال بالفريق في الأسابيع والأيام والساعات التي سبقت الهجوم، وما هي الكيانات التي تملك القدرة والإمكانات لتنفيذ هجوم بهذا التعقيد وبالطريقة التي نُفِّذ بها، وما هو مصدر المتفجّرات، ومن يملك المعارف والإمكانات اللازمة لصنع العبوة الناسفة المتفجرة، ومتى وأين صنعت ومن صنعها، وكيف وصلت الشاحنة إلى مسرح الجريمة.

45. أخيراً، تتابع اللجنة، بالتعاون مع مكتب المدّعي العام اللبناني، تحقيقاتها في مصدر الميتسوبيشي وكيفية الحصول عليها وتحرّكاتها بين تاريخ الحصول عليها وتاريخ استعمالها في الهجوم، باعتباره خيطاً يحتلّ الأولوية في التحقيق. ويشكّل الحصول على الشاحنة ناحية أساسية في التحقيق، ما يؤمّن فهماً أفضل لطريقة عمل الفريق الذي نفّذ الجريمة.

الشخص الذي فجّر العبوة

46. كما ذُكِر سابقاً، هويّة وطريقة مشاركة الشخص الذي فجّر العبوة إمّا من داخل الميتسوبيشي أو من أمامها، ناحيتان أساسيتان في التحقيق. نتيجة لذلك، تركّز اللجنة لمعرفة إذا كان الشخص أساسياً في الفريق الذي حضّر الجريمة ونفّذها، أو أدخِل في العمليّة مباشرة قبل الهجوم الفعلي.

47. في هذا السياق، من المهم تحديد الهدف من مشاركة ذلك الشخص، وهل تمّت بإرادته أم رغماً عنه. يقود كلّ احتمال إلى استنتاجات مختلفة في ما يتعلّق بحوافز العمليّة. ويتطلّب هذا معرفة معمّقة بحوافز "التفجيرات الانتحارية" وأساليبها ووسائلها في المنطقة. يجري حالياً تحليل الحمض النووي كما تُجرى تحاليل مقارَنة، حيث تبحث اللجنة على الصعيدين المحلي والإقليمي وأبعد من ذلك عن أحماض نووية قريبة من الحمض النووي للشخص الذي يُشتبَه في أنّه قام بتفجير العبوة. قد يسمح هذا للجنة بأن تحدّد المصدر الجغرافي لهذا الشخص.

48. التثبّت من صحّة تبنّي المسؤولية في الرسالة المصوّرة لأحمد أبو عدس مهمّ جداً في إطار الجهود التي تبذلها اللجنة لتحديد هويّة الشخص الذي فجّر العبوة وطبيعة مشاركته. تدرس اللجنة النواحي الدينية والسياسية للإعلان المصوّر على شريط الفيديو، وكذلك وسائل تسليمه بما في ذلك كيف ومتى ومن سلّمه. وتحقّق أيضاً في الاتصالات الهاتفية الخمسة التي تلقتها "رويترز" و"الجزيرة" بعد الهجوم، والتي تبنّى اثنان منها الهجوم وكانت الاتصالات الثلاثة الأخرى على صلة بالشريط. تجري استشارة خبراء لتمكين اللجنة من توضيح بعض المسائل المتعلّقة بهذه الناحية من الجريمة.

49. تجرى تحاليل جنائية وتحاليل جنائية إعلامية حول تلك النواحي في الشريط الذي يتبنّى فيه أحمد أبو عدس الهجوم، وحول مسائل أخرى ذات صلة، وعلى الأساليب الحسّية لتسليم الرسالة. جرى جمع البصمات وأجريت أبحاث حول الحمض النووي، ويجري العمل على مطابقتها مع بصمات أحمد أبو عدس وآخرين وحمضهم النووي. كما يجرى ايضاً تحليل جنائي لكومبيوتر أبو عدس، ويُحلل محتوى النتائج ونواحٍ أخرى ذات صلة. وأجريت أيضاً مقابلات مع أشخاص على صلة بهذه الناحية من القضيّة.

50. في هذه المرحلة، ونتيجة التحاليل الجنائية المكثّفة ومعلومات وأدلة أخرى جمعت حتى الآن، وبانتظار نتائج تحاليل الحمض النووي النهائية التي جمعت حديثاً من مسرح الجريمة، لا أدلة تشير إلى أن أحمد أبو عدس هو الشخص الذي فجّر العبوة، كما جاء في إعلان تبنّي المسؤولية. كما أنه ليست هناك أي أدلة تشير إلى أن أحمد أبو عدس كان حاضراً في مسرح الجريمة، في أيّ صفة كانت، في 14 شباط 2005. ولا تستثني اللجنة احتمال أن يكون متورّطاً في نواحٍ أخرى من العملية أبعد من مشاركته في شريط الفيديو الذي يتبنّى فيه العمليّة.

الاتصّالات

51. تحليل الاتصالات مهمة أساسية، حيث تعمل اللجنة حالياً على جمع خمسة مليارات شريط مسجّل سيجري تصنيفها كلّها ومقارنتها وتحليلها. العمل شاقّ جداً ومن شأن ايّ رابط يجري التوصّل إليه أن يقود إلى روابط إضافيّة. كلّفت اللجنة فريقاً من المحللين والمحققين بهذه المهمة، وهي في صدد الحصول على برامج ومعدات إلكترونية متخصصة لتلبية متطلبات المشروع. يتطلب هذا العمل التحليلي الكثير من التركيز. لذلك تركّز اللجنة على النواحي الفوريّة في قضيّة الحريري والروابط الوثيقة بالعمليّة ومسائل أخرى ذات صلة، ويجري دمج النتائج باستمرار في مكوّنات القضية الأوسع.

52. توسّع تحليل الاتصّالات إلى أبعد من الاستعمال الفوري لبطاقات الخلوي الستّ التي جاءت تقارير اللجنة السابقة على ذكرها، يوم الهجوم. يجري التدقيق في الروابط المعقّدة والاتّصالات والمواقع الجغرافية في فترة أكبر من الوقت وتضاف النتائج إلى الاستنتاجات الإجمالية للتحقيق. وللاتصالات التي يجري تحليلها حالياً بعد دولي أيضاً رغم أنّ اللجنة ليست في موقع يخوّلها التوصل إلى استنتاجات نهائية حول أهمية هذه الاتصالات في المرحلة الحالية.

3. الأشخاص الذين كانوا على علم بالعملية أو بالتخطيط لها

53. يهدف التحقيق إلى فهم طريقة عمل الفريق الذي حضّر الهجوم ونفّذه، وتحديد هوية الأشخاص الذين كانوا ربما على علم بالجريمة. من المهم أن نحدّد مَن غير المرتكبين، كان على علم بالعملية أو بالتخطيط لها أو بأجزاء منها. من شأن تحديد هؤلاء الأشخاص ومقابلتهم أن يؤمّنا معلومات وأدلّة مهمّة تتعلّق بالجريمة.

4. الأشخاص الذين أمروا بتنفيذ الجريمة

دوافع الهجوم

54. في حين تسعى اللجنة إلى امتلاك معلومات إضافية عن خصائص الجريمة والأشخاص المتورّطين في تنفيذها، تدرس أيضاً عدداً من الحوافز المختلفة وراء قتل رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. تعتبر اللجنة أنّه ربما كان هناك أكثر من سبب واحد لقتل الحريري. فهي لا تدرس عاملاً واحداً فقط بل تحقّق في فرضيّات تتعلّق بعدد من العوامل التي اجتمعت في مراحل معيّنة وزادت تالياً من الدوافع لإصدار الأوامر بتنفيذ العمليّة. تختلف كلّ فرضيّة في مستوى تعقيدها، فبعضها متعدّد الطبقة وبعضها الآخر مباشر نوعاً ما. نظراً إلى نشاطات رفيق الحريري الكثيرة ومناصبه المرموقة، تحقّق اللجنة في الدوافع السياسية والانتقام الشخصي والظروف الماديّة والأيديولوجيات المتطرّفة وكذلك في أي مزيج من العوامل السابقة لتطوير فرضيّاتها بشأن الدوافع المحتملة للأشخاص الذين أمروا بتنفيذ الجريمة.

55. ما زالت اللجنة تدرس الأسباب والموجبات السياسية المحتملة وراء اغتيال الحريري. في هذا الصدد، من المهم جداً للجنة الحصول على معلومات داخليّة معمّقة حول الظروف السياسية التي كانت تسود في لبنان والمنطقة وقت حدوث الهجوم. ويجب إيلاء أهمية خاصّة لسير العمل في المنظمات والهيكليات السياسية والأمنية والعسكرية والمدنية في لبنان، وكيف كانت تُتخذ القرارات ومن يتخذها، بحكم الشرع والأمر الواقع على السواء.

56. لا تزال اللجنة تنظر في الافتراض أن الوضع الذي أعقب انهيار "بنك المدينة" كان عاملاً مؤثراً في مقتل الحريري. وفي حين سرى الكثير من التكهّنات حول انهيار المصرف، تعتبر اللجنة ان من الضروري التوصّل إلى وقائع في شأن هذا الافتراض، بما في ذلك احتمال أن تكون أموال من المصرف قد استُخدمت في تمويل العملية. لكن اللجنة لن تخصص موارد لمتابعة شؤون بنك المدينة على نطاق أوسع.

57. تتمعّن اللجنة أكثر في احتمال أن تكون مجموعة واحدة ذات غاية وإمكانات واحدة، ارتكبت الجريمة. على سبيل المثال، لا تزال اللجنة تطوّر معلوماتها عن الأشخاص الذين كانوا أو لا يزالون محتجزين لدى السلطات اللبنانية للاشتباه في كونهم أعضاء في مجموعات إرهابية. ما زالت التحقيقات مستمرّة في هذا المجال، ويجري التركيز على صلات هؤلاء الأشخاص وغايتهم وإمكاناتهم ودوافعهم.

58. في المقابل، تدرس اللجنة مفاهيم متعدّدة المستوى عن أشخاص أو مجموعات متفرّقة اجتمعت معاً في ظلّ دوافع وغايات مختلفة من أجل ارتكاب الجريمة نفسها.

جمع الأدلّة

59. في هذا السياق، تستمرّ اللجنة في إجراء مقابلات مع أفراد يستطيعون المساعدة على تحديد الهيكليات الرسمية وغير الرسمية التي كانت ظاهرة في لبنان عند مقتل الحريري. يشمل ذلك مقابلات مع المسؤولين السوريين واللبنانيين من عدد من المنظّمات والوكالات المختلفة، وأفراد آخرين ليسوا جزءاً من هذه الهيكليات التنظيمية. وتظنّ اللجنة أنّ هذه العملية ستستمرّ لفترة ممدّدة من الوقت.

60. في إطار البحث عن الدوافع، أجرت اللجنة تحاليل سياسية وحدّدت جداول زمنيّة لمواضيع ومسائل عدّة، وأعادت بناء أحداث، ودرست محتوى اجتماعات وحلّلت محادثات ووثائق، وتستمرّ في القيام بذلك. تتعلّق هذه الناحية من عمل اللجنة بأشكال عدّة من تحديد الأدلّة واستعمال إفادات الشهود والمعلومات التقنيّة والبيانات الجنائية والوثائق وإفادات الخبراء، والمصادر المفتوحة. تحديد صلات مبنيّة على أدلّة بين الشخص/الأشخاص الذين أمروا بتنفيذ الهجوم والعمليّة ذاتها أمر بغاية التعقيد.

رابعاً. التعاون الخارجي

أ – التفاعل مع السلطات اللبنانية

93. إن اللجنة تواصل التفاعل عن كثب مع السلطات اللبنانية في كل الجوانب العملية أو ذات الصلة القانونية بالتحقيق. وبشكل خاص، فإن الالتزام الذي أظهره المدعي العام في لبنان ومكتبه وكذلك القاضي المكلف التحقيق في (اغتيال) الحريري كانا أساسين في التقدم الذي تحقق في الفترة التي شملها التحقيق. وقد التقت اللجنة مرات عدة وزير العدل وعززت تعاونها مع أجنحة عدة في الجهاز القانوني اللبناني ووكالات إنفاذ القانون، بما في ذلك الرئيس وأعضاء نقابة المحامين.

95. إن التعاون القانوني وتبادل المعلومات بين اللجنة والسلطات اللبنانية كان أساسياً في مضي التحقيق قدماً. وواصلت اللجنة مشاركة السلطات القضائية اللبنانية في معظم الوثائق والشهادات والمعلومات المادية والأدلة التي حصلت عليها في سياق التحقيق. ومن الطبيعي ان مشاركة المعلومات تخضع لمتطلبات مشاطرة السرية والطبيعة السرية لبعض المعلومات.

96. إن الاستثمار الحالي الأخير لمسرح الجريمة هو مثال آخر على التعاون الوثيق ذي الدعم المتبادل بين اللجنة والسلطات اللبنانية. ومع ان المدعي العام ومكتبه والسلطات اللبنانية قدموا ونسقوا الكثير من الدعم القضائي والأمني والميداني وأشكال الدعم الأخرى للعمل الشرعي للجنة، ومع احتمال إقامة محكمة ذات طابع دولي، فإن هذا التفاعل الوثيق والفاعل سيكون أساسياً أكثر، لضمان ان نتائج التحقيقات للجنة والسلطات اللبنانية ستستجيب للمتطلبات القضائية في المستقبل.

ب – التعاون الدولي

1 – التعاون مع الجمهورية العربية السورية

98. مطلوب من سوريا التعاون كلياً مع اللجنة. هذا ما نص عليه تحديداً قرار مجلس الأمن 1595 (2005) والقراران 1636 (2005) و1644 (2005) بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وكما جاء في التقرير إلى مجلس الأمن في 14 شباط 2006، فإن اللجنة وسوريا توصلتا إلى تفاهم مشترك على الأطر القانونية وبعض الأشكال العملية للتعاون. ولتسهيل التعاون، عقد الكثير من الاجتماعات القانونية بين ممثلين كبار لسوريا واللجنة، في بيروت ودمشق.

اجتماعات مع الرئيس السوري ونائب الرئيس

99. كما جاء في التقرير السابق، فإن اللجنة والسلطات السورية توصلتا إلى تفاهم عام على اجتماعات خلال شهر نيسان 2006 مع الرئيس السوري ونائبه. إن رئيس اللجنة التقى رئيس الجمهورية العربية السورية ونائبه في 25 نيسان في دمشق.

100. طرح المحقق عدداً من الأسئلة المحددة التي تتعلق بالوضع السياسي الإقليمي والأمني قبل اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري وبعده، وآليات تقديم التقارير إلى الرئيس ونائب الرئيس عن الوضع في لبنان قبل انسحاب القوات السورية من لبنان في 26 نيسان 2005، والتداخل بين السلطات السورية واللبنانية في تلك الفترة، بما في ذلك العلاقات المهنية والشخصية بين الرئيس السوري ونائب الرئيس ومسؤولين سوريين آخرين مع رئيس الوزراء الراحل الحريري. وقدم الرئيس ونائب الرئيس إجابات مفيدة للتحقيق. ووضعت اللجنة تسجيلاً حرفياً لكل اجتماع.

طلبات أخرى للمساعدة طلبات لمعلومات ووثائق

101. خلال فترة التقرير، سلمت اللجنة 16 طلباً رسمياً للمساعدة من سوريا. طلبت اللجنة ان تقدم سوريا، في إطار مهلة زمنية مشروطة، معلومات محددة ومفصلة ذات صلة بتحقيق اللجنة، بما في ذلك معلومات ووثائق تتعلق بوضع الاستخبارات العسكرية والمدنية السورية في الشؤون اللبنانية، ومعلومات محددة عن بعض المدنيين السوريين ومعلومات وبيانات حُصل عليها من مدنيين سوريين في إطار التحقيقات التي أجرتها السلطات السورية. وسلمت ثلاثة طلبات نتيجة الاجتماع بين رئيس اللجنة والرئيس السوري.

طلبات لمقابلات مع شهود سوريين

102. طلبت اللجنة كذلك من حكومة سوريا المساعدة في تسهيل مقابلة شهود مدنيين سوريين في سوريا. وحتى الساعة، أجرت اللجنة مقابلات مع ستة شهود في سوريا، وقد دُبرت كما طلبت وحين طُلبت. وتدرس اللجنة حالياً عمق الردود التي قدمت في المقابلات مع المسؤولين الحكوميين وصحتها، وستجري مقابلات لتعزيزها في المستقبل القريب.

تقويم الردود لطلبات اللجنة

103. إن مستوى المساعدة الذي قدمته السلطات السورية خلال فترة التحقيق مرض بشكل عام. لقد استجابت سوريا لكل طلبات اللجنة، وفعلت ذلك في حينه، وفي بعض الحالات قُدمت ردود شاملة.

104. في سبيل مساعدة التحقيق، يبقى التعاون الكامل وغير المشروط من سوريا أساسياً للجنة. واستناداً الى المعلومات المتلقاة، ستعد طلبات إضافية وتوجه إلى سوريا. وفي كل لقاءاتها مع المسؤولين السوريين، حصلت اللجنة على تعهدات بشأن نية سوريا الالتزام الكامل بكل الطلبات ودعم مطاردة اللجنة قتلة رئيس الوزراء السابق الحريري. وعرض المسؤولون السوريون التعاون الفاعل ومساعدة اللجنة بتقديم معلومات في حوزتهم قد تكون ذات صلة بالتحقيق. وستواصل اللجنة طلب التعاون الكامل من السلطات السورية، بما في ذلك جمع وثائق، وطلب معلومات محددة، وتسهيل مقابلات مواطنين سوريين.

2. التعاون مع دول أعضاء أخرى

105. على رغم تقوية طاقاتها الخاصة، ونظراً إلى تعقيد بعض أدلة التحقيق، فإن اللجنة تطلب الدعم الخارجي الفاعل من الدول الأعضاء في الشؤون التقنية والقضائية. إن استخدام كل الوسائل الضرورية لضمان التطبيق السريع لطلبات المساعدة ذو أهمية فائقة.

106. خلال فترة التقرير، كانت هناك زيادة ملحوظة في عدد طلبات المساعدة المقدمة إلى الدول الأعضاء. منذ 15 آذار 2006، أرسل 32 طلباً رسمياً للمساعدة إلى 13 دولة عضواً، ليس فيها طلبات إلى سوريا والتعاون مع السلطات اللبنانية. وبشكل عام، فإن الدول الأعضاء استجابت بإيجابية لمثل هذه الطلبات ودعمت عمل اللجنة، بما في ذلك تقديم أدوات مساعدة شرعية، ودعم تكنولوجي، وتعقب اتصالات هاتفية، واستيعاب موارد، وتحل

سادساً. الخلاصات

128. تحقق تقدم كبير في التحقيق باغتيال الحريري. إن اللجنة أنهت تقريباً العمل الشديد الأهمية المتعلق بمسرح الجريمة، بموكب الحريري والأحداث المترابطة في ذلك اليوم. وبحلول الخريف، تتوقع ان تكون المشاريع الأساسية المتعلقة بهذا الجانب من الجريمة قد اكتملت، ولتضم مستوى مرضياً للأدلة وكل النتائج الجنائية والاستنتاجات النهائية. في الوقت الراهن، إن مجموعات أساسية لبناء التحقيق في الجريمة، خصوصاً ما يتعلق بالانفجار، الصهريج/الناقلة، ووسائل النقل، تم فهمها على شكل واسع وتوافر الأساس لعملية التحقيق في ما يتعلق بمنفذي الجريمة. إن اللجنة تتوقع ان تحليلاً لنتائج مشاريعها الشرعية الأخيرة، خصوصاً بعد استغلال مسرح الجريمة والممتلكات فيه، سيؤدي إلى تعزيز بعض الافتراضات القائمة في القضية أو استبعادها.

129. إن اللجنة تواصل تسريع وتيرة التحقيق على عدد من الجبهات الأخرى، وستعزز تركيزها على جوانب ارتكاب الجريمة وتوظيف موارد مهمة لإقامة ترابط مع فحص مسرح الجريمة. إن الترابط وتوظيف أوجه التحقيق هما الأولوية الأساسية على المدى القصير، وفهم هذه الجوانب للجريمة، هو هدف اللجنة الأساسي في المستقبل المنظور.

130. أما بالنسبة إلى الحالات الـ14 الأخرى، فإن الكثير من زخم التحقيق فقد بالنظر إلى الطبيعة المجزأة لنظام إنفاذ القانون اللبناني والنظام القضائي ونقص القدرات الخبيرة. وفي ظل أهميته الكبيرة لتحقيق الحريري ودلالتها بالنسبة إلى المجتمع اللبناني كذلك، فإن اللجنة تعتقد ان جهداً أكثر تناغماً وصلابة مطلوب للمضي في هذه التحقيقات قدماً. وفي حين ان زيادة المساعدة الخارجية مطلوبة لتقوية الطاقات التقنية والتحقيقية لدى السلطات اللبنانية المعنية، فإن اللجنة تستطيع أيضاً الاضطلاع بدور أكثر فاعلية لنفسها في هذه التحقيقات. وهذا قد يشمل اتخاذ خطوات تحقيق ملموسة مثل استجواب شهود وضحايا أو مشتبه فيهم متى يكون ذلك مناسباً.

131. وفي حين ان الكثير من التقدم تحقق في تقوية البنية التنظيمية للجنة وطاقتها، وضمان موارد ملائمة ضمن الوقت المحدد، فإن التعرف على الخبراء الضروريين وتوظيفهم في مهل قصيرة، وتحقيق الطاقة العملانية الكاملة يبقيان تحديات مؤسساتية أساسية للجنة. وبينما يتقدم التحقيق ويصير أكثر تعقيداً، فإن مساعدة سريعة وغير بيروقراطية من الدول الأعضاء والمنظمات الدولية يستمر أساسياً لضمان استقرار عمل اللجنة واستمراريته. وفي هذا الإطار، فإن التعرف على عدد كبير من الموظفين الكفيين لغوياً (عربي-انكليزي) يبقى أحد الاهتمامات الأكثر إلحاحاً بالنسبة إلى اللجنة.

132. في هذا الإطار، ترحّب اللجنة بمبادرة الحكومة اللبنانية التوصية بتمديد تفويض اللجنة لنحو سنة. هذا سيقدم حساً مطلوباً من الاستمرار والاستقرار، ويضمن عمليات ومتولية وتخطيط، ويوفر ضمانات لفريق العمل. وبالفعل فإن توقع الحصول على موارد مالية وإنسانية وغير ذلك هو الأساس للأداء التنظيمي الناجح. هذه تشكل جزءاً أساسياً من الأسلوب المنهجي والتنظيمي في تقرير اللجنة الأخير.

133. أخيراً فإن اللجنة تود ان تنتهز هذه الفرصة لتكرر شكرها للحكومة اللبنانية لدعمها الجوهري واللوجستي. وبشكل خاص، تود اللجنة ان تبدي امتنانها لفريق العمل في القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي التي تضمن أمنها وسلامتها بشكل يومي. إن خدمتهم المتفانية سمحت للجنة بمواصلة عمليات من دون تعطيل جدي أو تأثير على معنويات الفريق