تقرير الأمين العام للأمم المتحدة النصف السنوي السادس عشر حول تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 1559

الأمين العام يوجه رسائل تحذير شديدة اللهجة وغير مسبوقة

بان: أدعو ايران وسوريا الىنزع سلاح "حزب الله"

اعداد وترجمة: صلاح تقي الدين

المستقبل/19 تشرين الأول/2012

لم يوفر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فقرة من تقريره نصف السنوي السادس عشر حول تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 1559، إلا واستخدمها لتمرير رسالة قاسية اللهجة إلى النظام السوري و"حزب الله" الذي اعتبر أنه "على الرغم من كونه فريقاً اساسياً في الائتلاف الحكومي في لبنان، إلا أنه يقوّض سياسة النأي بالنفس التي يتبناها لبنان الرسمي".

واعتبر بان أن "اعتراف قيادة حزب الله بامتلاك ترسانة أسلحة منفصلة عن الدولة وأنها تسعى لأن تستمر في ذلك" يشكل "تحدياً صارخاً" للقرار 1559 وان اعتراف حزب الله بإطلاق طائرة من دون طيار فوق إسرائيل "استفزاز متهوّر قد يؤدي إلى تصعيد خطير يهدد استقرار لبنان".

وفي الوقت الذي اعترف فيه بأن "الأحكام المتبقية من القرار 1559 هي الأكثر صعوبة وحساسية وأن الوضع في المنطقة لم يساعد على تحقيق المزيد من التقدم في مجال تطبيق القرار"، عبّر عن قلقه العميق جراء الخطر المتمثل بـ "احتفاظ حزب الله بقدرات عسكرية متطورة خارج سلطة الحكومة اللبنانية" لأن ذلك يخلق جواً من الترهيب في البلد ويشكل عامل تحد رئيسي لسلامة المواطنين اللبنانيين".

ودعا الحكومة اللبنانية التي "ليست لديها القدرة على تصنيع الأسلحة، إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع حزب الله من امتلاك أسلحة وبناء قدرات شبه عسكرية خارج سلطة الدولة مناشداًَ الدول الإقليمية وبخاصة الجمهورية الإسلامية في إيران "الى تشجيع تحوّل حزب الله إلى حزب سياسي فقط ونزع سلاحه".

وشجّع الأمين العام للأمم المتحدة القادة السياسيين اللبنانيين على استكمال مسار "الحوار الوطني" لحل مسألة سلاح "حزب الله" معبّراً عن قناعته بأن الحوار هو الوسيلة الأفضل لمعالجة مسألة "نزع سلاح المجموعات المسلحة علماً أنه لا يمكن تحقيق تقدم كبير إلا إذا توقفت الدول الإقليمية عن دعم الحزب عسكريا".

وشجّع رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي "على تطبيق القرارات التي اتخذها الحوار الوطني في ما يتعلق بحل القواعد الفلسطينية المسلحة خارج المخيمات" مشيراً بشكل خاص إلى قواعد "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة"، وإلى منظمة "فتح الانتفاضة" اللتين "تتخذان من دمشق مقراً لقيادتهما، مع الأخذ بالاعتبار أن لهاتين المنظمتين علاقات إقليمية وثيقة" متوقعاً في هذا المجال أن تقدم "الحكومة السورية تعاوناً بنّاء" لتحقيق هذا المطلب.

وإذ أشار إلى أن "ترسيم وتحديد الحدود بين لبنان وسوريا يبقى العنصر الأساس لضمان سيادة الدولة وسلامة أراضيها" رأى أن "الظروف الحالية التي تسود على طول الحدود وشكوى المسؤولين السوريين من تهريب الأسلحة من لبنان إلى قوى المعارضة السورية، تزيد من أهمية ترسيم الحدود".

وأثنى على قرار "القوى المسلحة اللبنانية بعدم السماح باستخدام أي طرف للأراضي اللبنانية لجرّ لبنان نحو التطورات التي تجري في الدول المجاورة" مشيداً بتصميمها "على الدفاع عن الأراضي اللبنانية ومواجهة أي انتهاكات بغض النظر عن الجهة المسؤولة عن ذلك".

وقال إن " لبنان كان يشتكي من الانتهاكات السورية لأراضيه بطريقة متكتمة وبواسطة القنوات العسكرية فقط" غير أنه بعد طلب الرئيس سليمان في 23 تموز "اعترض لبنان على هذه الانتهاكات على المستوى السياسي للمرة الأولى من خلال القنوات الديبلوماسية".

وبعد أن تناول وضع مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من الناحيتين الإنسانية والأمنية، دعا الحكومة اللبنانية إلى إصدار "التشريعات اللازمة التي تتيح اندماج اللاجئين في سوق العمل اللبناني" متوجهاً إلى الدول المانحة بنداء عاجل لتقديم الدعم اللازم "للأونروا لكي تستمر في دعم اللاجئين في لبنان".

وفي إشارة إلى التحقيق مع الوزير والنائب السابق ميشال سماحة، دعا بان "إلى إنهاء التحقيقات بصورة شفافة لكي يصار إلى جلب جميع المتهمين في هذه القضية أمام العدالة"، وهم كما ورد في التقرير "المسؤولين السوريين العميد علي مملوك والعقيد علي عدنان المتهمين في القضية، ومستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان التي راجت معلومات حول تورطها في القضية نفسها

غير أن بان مرر رسالة واضحة في تقريره إلى الدول الإقليمية الفاعلة بضرورة "عدم السماح بجر لبنان إلى الفوضى الإقليمية وعدم السماح باستخدام لبنان بعد الآن كميدان معارك قوى تعمل على تقديم مصالحها الخاصة على حساب البلد أو لزعزعة استقرار المنطقة" مناشدأً المجتمع الدولي إعطاء "أولوية لحماية لبنان الذي يمكنه أن يعبر هذه المرحلة الدقيقة بأمان".

اعداد وترجمة: صلاح تقي الدين

1 ـ خلفية

1 ـ إن التقرير الحالي هو تقريري السادس عشر نصف السنوي حول تطبيق قرار مجلس الأمن برقم 1559 (2004). إنه يراجع ويقيّم مسار تطبيق القرار منذ تقريري السابق الصادر في 20 نيسان 2012 (S/2012/244). ويلحظ غياب أي تقدم إضافي ملموس لأحكام القرار، ويلقي الضوء على المخاوف التي لا تزال تهدد سيادة لبنان، ووحدة أراضيه، واستقلاليته السياسية، على الرغم من السياسة الحريصة للرئيس ميشال سليمان ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي في نأي لبنان بنفسه عن الأزمة السورية، واستئناف الحوار الوطني.

2 ـ خلال الأشهر الستة الماضية، تأثر لبنان بالأحداث الجارية في الجمهورية العربية السورية والتي زادت من حدة الاستقطاب السياسي والقلق بأن تؤدي الأحداث في سوريا إلى نتائج سلبية على استقرار لبنان. لقد تكثّفت حوادث إطلاق النار عبر الحدود، الانتهاكات، عمليات الخطف وتهريب السلاح عبر الحدود اللبنانية السورية، بما فيها القصف المتقطع من سوريا على لبنان. سببت هذه الحوادث بوقوع قتلى وألحقت أضراراً بالممتلكات في لبنان.

3 ـ لقد فرضت الأزمة في سوريا تحديات جديدة على أمن وسيادة الدولة اللبنانية. وبشكل خاص، ازداد التوتر الداخلي في لبنان بين المجموعات التي تتخذ مواقف متباينة من الأزمة السورية، ما أدى إلى وقوع اشتباكات مسلحة نتج عنها وقوع قتلى وإصابات في شمال البلاد. إضافة إلى ذلك، استمر لبنان في استضافة عدد كبير من المواطنين السوريين الذين فروا من الحوادث الدموية في بلادهم، كما استقبل لاجئين فلسطينيين كانوا مقيمين في سوريا.

4 ـ في 5 تموز الماضي، تعرض النائب في البرلمان اللبناني بطرس حرب لمحاولة اغتيال في المبنى الذي يقع فيه مكتبه في بيروت. هذه كانت الحادثة الثانية من هذا النوع خلال العام الحالي بعد محاولة اغتيال قائد القوات اللبنانية سمير جعجع بالقرب من منزله في آذار الماضي.

5 ـ في 9 آب الماضي، اعتقلت السلطات اللبنانية الوزير والنائب السابق ميشال سماحة لتورطه في عملية تهريب متفجرات من سوريا، يزعم أنها كانت في إطار مؤامرة لاستهداف شخصيات في لبنان، بهدف اثارة نزاع طائفي. ووجهت المحكمة العسكرية اللبنانية الاتهام إلى الجنرال السوري علي المملوك، والعقيد السوري علي عدنان في القضية نفسها التي تهدف لاغتيال شخصيات سياسية ودينية في البلاد والتخطيط لشن هجمات إرهابية. ومن فترة قريبة كانت المحكمة العسكرية تدرس أدلة تثبت تورط مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان في القضية. إن الانحياز العلني لسماحة الى جانب الحكومة السورية عمّق من المخاوف حول احتمالات جر لبنان إلى الأحداث الإقليمية.

6 ـ في 16 أيلول، أعلن رئيس الحرس الثوري الايراني، علي الجعفري، أن عناصر نخبة من قوة القدس موجودون في لبنان كمستشارين. لقد طلب رئيس وحكومة لبنان توضيحات فورية من حكومة الجمهورية الإسلامية في إيران. وبعد فترة قصيرة، نفت وزارة خارجية الجمهورية الإسلامية في إيران الكلام المنسوب إلى رئيس الحرس الثوري الإيراني.

7 ـ في 11 تشرين الأول الحالي، أكّد أمين عام حزب الله علناً أن حزبه أطلق طائرة من دون طيار إيرانية الصنع جمعت في لبنان، فوق إسرائيل في مهمة استطلاعية. وكانت القوات الجوية الإسرائيلية أسقطت الطائرة في 6 تشرين الأول الحالي فوق جنوب إسرائيل.

2 ـ تطبيق القرار 1559 (2004)

8 ـ منذ صدور قرار مجلس الأمن الدولي 1559 في 2 ايلول 2004، تم تطبيق عدة احكام منه كما ذكرت في تقاريري السابقة, لقد أجريت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بطريقة حرة وعادلة. سحبت سوريا قواتها ومراكزها العسكرية من لبنان في نيسان 2005. أقام لبنان وسوريا علاقات ديبلوماسية كاملة بينهما في العام 2009.

9 ـ استمر الرئيس ميشال سليمان ورئيس الحكومة ميقاتي في التأكيد خلال فترة التقارير احترام لبنان لجميع قرارت الأمم المتحدة. غير أن تفاقم الأزمة في سوريا أعاقت مسار الأحكام الباقية الضرورية لتطبيق هذا القرار وباقي قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بلبنان. إضافة الى ذلك، لقد أدى تفاقم الأزمة في سوريا إلى زيارة مستوى التوتر السياسي في البلاد.

10 ـ إن ترسيم الحدود السورية اللبنانية الذي حظي بدعم كبير من مجلس الأمن الدولي بموجب القرار 1680 (2006) لم يطبق بعد. إضافة الى ذلك، إن وجود ونشاطات الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية لا تزال تشكل تهديداً لاستقرار البلد والمنطقة، ويلقي الضوء على ضرورة أن تزيد حكومة لبنان والقوات اللبنانية المسلحة من جهودها للوصول إلى احتكار مطلق لحيازة السلاح واستخدام القوة على جميع الأراضي اللبنانية.

11 ـ لقد ظل الممثلون الشخصيون لي وأنا على اتصال دائم مع جميع الفرقاء في لبنان خلال فترة إعداد التقارير، وعلى اتصال مماثل مع المسؤولين الإقليميين والدوليين. لقد التقيت رئيس الوزراء ميقاتي في نيويورك في 27 ايلول الماضي. واثناء هذه المناسبة، شددت على الالتزام غير المشروط للأمم المتحدة باستقرار لبنان وأمنه في هذه الأوقات الصعبة التي يمر بها البلد، كما على ضرورة أن يستمر لبنان في جهوده لتطبيق كافة التزاماته وخاصة تلك المتعلقة بقرارات مجلس الأمن الدولي.

أ ـ سيادة لبنان وسلامة اراضيه

وحدته واستقلاليته السياسية

12 ـ يهدف القرار 1559 (2004) إلى تعزيز سيادة، وسلامة أراضي، وحدة والاستقلالية السياسية للبنان تحت السلطة المطلقة والحصرية لحكومة لبنان على جميع اراضي البلد، تماشياً مع اتفاق الطائف في العام 1989 التي التزمت به جميع الأطراف السياسية في لبنان. لقد ظل هذا الهدف اولوية بالنسبة لجهودي في تسهيل تطبيق جميع القرارات المتعلقة بلبنان.

13 ـ في القرار 1680 (2006) شجّع مجلس الأمن بقوة حكومة الجمهورية العربية السورية على الاستجابة لطلب الحكومة اللبنانية بترسيم حدودهما المشتركة. لقد استمريت في دعوة سوريا ولبنان الى تنفيذ الترسيم الكامل لحدودهما المشتركة. لكن ونظراً للاضطراب في سوريا المجاورة، لم تتخذ أي خطوات ملموسة من اي من الجانبين خلال هذه الفترة لترسيم وتحديد الحدود بين لبنان وسوريا.

14 ـ أذكر أن ترسيم وتحديد حدود لبنان يبقى العنصر الأساسي لضمان سيادة الدولة وسلامة أراضيها. كما أنها خطوة ضرورية من أجل السماح بمراقبة فعالة للحدود. إن الوضع الأمني المعقد على طول الحدود اللبنانية السورية في ظل الظروف الحالية، تزيد من أهمية ترسيم الحدود. وبما أن المسؤولين السوريين يشتكون اليوم من تهريب السلاح من لبنان إلى قوى المعارضة السورية، فذلك يزيد من الضرورة الملحة لترسيم الحدود. وفي الوقت الذي اعترف به بالطبيعة الثنائية لترسيم الحدود، فإن التقدّم في هذه المسألة يبقى إلزامياً على الدولتين بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1680 (2006) المنبثق من القرار 1559 (2004).

15 ـ خلال فترة إعداد التقرير، كانت هناك زيادة ملحوظة في حوادث القصف والانتهاكات من قبل القوات الحكومية السورية، وبعضها استهدف قرى لبنانية على الحدود. من 1 كانون الثاني حتى 30 حزيران 2012، تم الإبلاغ عن 7 حوادث قصف في شمال لبنان فقط، مقابل 31 حادثة في تموز الماضي وحده. هذه الحوادث أدت لسقوط ضحايا لبنانيين ودفعت حكومة لبنان إلى زيادة انتشار القوات اللبنانية المسلحة على الحدود الشمالية بموجب قرار اتخذته الحكومة اللبنانية في 9 تموز 2012. وفي 17 أيلول، وللمرة الأولى، أصابت صواريخ أطلقتها طائرات حربية سورية منطقة نائية على أطراف بلدة عرسال اللبنانية. في 21 ايلول، ذكرت القوى اللبنانية المسلحة أنه وقعت حوادث في شرق البقاع بين عناصرها وعناصر من المعارضة السورية. لم يذكر وقوع إصابات. وقالت القوى المسلحة اللبنانية أنها لن تسمح لأي طرف ساتخدام الأراضي اللبنانية لجر لبنان نحو التطورات التي تجري في الدول المجاورة، وجددث تصميمها على الدفاع عن الأراضي اللبنانية ومواجهة أي انتهاكات بغض النظر عن الجهة المسؤولة عن ذلك.

16 ـ وحتى منتصف تموز، اشتكى لبنان من هذه الانتهاكات السورية والحوادث بشكل متكتم وبواسطة القنوات العسكرية فقط. في 23 تموز، وبطلب من الرئيس سليمان، اعترض لبنان على هذه الانتهاكات على المستوى السياسي للمرة الأولى من خلال القنوات الديبلوماسية. وفي 4 ايلول، أمر رئيس الحكومة ميقاتي السفير اللبناني في دمشق لتقديم احتجاج على قصف الجيش السوري على طول وبعد الحدود مع لبنان. وعبّر لي رئيس الحكومة اللبنانية عن تصميمه على حماية لبنان من هذه الانتهاكات لسيادة لبنان وسلامة أراضيه. وفي تصريحات علنية، حث الرئيس سليمان السلطات السورية والمعارضة على تجنّب العبور إلى الأراضي اللبنانية وقصف المناطق الحدودية. أدين بشدة هذه الانتهاكات الكبيرة لسلامة الأراضي اللبنانية والخسائر بالأرواح. لقد دعيت الحكومة السورية لاحترام سيادة لبنان وسلامة أراضيه تماشياً مع قرارات مجلس الأمن الدولي. كما عبر مجلس الأمن عن قلقه العميق حيال هذه الحوادث المتكررة في بيان أصدره في 18 تموز. لا يزال الوضع على الحدود الشمالية للبنان متوتراً، ما يؤكد الحاجة لاستمرار اليقظة الدولية حيال خطر المزيد من تمدد الأزمة في سوريا إلى الخارج.

17 ـ إن استمرار احتلال القوات الإسرائيلية للجزء الشمالي من قرية الغجر، ومنطقة محاذية لشمال الخط الأزرق، يشكل انتهاكاً لسيادة لبنان والقرارات 1559 (2004) و 1701 (2006). لقد استمريت أنا والممثلين الخاصين في التعاون الوثيق مع الفريقين بهدف تسهيل انسحاب القوات الإسرائيلية من المنطقة تطبيقاً للقرار 1701 (2006).

18 ـ لم يلحظ أي تقدم أيضاً في ما يتعلق بقضية منطقة مزارع شبعا. لم تتجاوب حكومة الجمهورية العربية السورية ولا إسرائيل في مسألة التوصيف المبدئي للمنطقة كما وردت في تقرير عن تطبيق القرار 1701 (2006) الصادر في 30 تشرين الأول 2007(S/2207/641).

19 ـ استمرت القوات الإسرائيلية في عمليات اختراق يومية للمجال الجوي اللبناني عموماً بواسطة طائرات من دون طيار، لكن بواسطة طائرات مقاتلة أيضاً. هذه الخروقات الجوية هي انتهاك لسيادة لبنان وللقرارات 1559 (2004) و 1701 (2006). لقد اعترضت الحكومة اللبنانية بشكل مستمر على هذه الانتهاكات. لقد أدنت هذه الانتهاكات وطلبت بأن تتوقف فوراً. وتزعم السلطات الإسرائيلية بالمقابل، أن هذا التحليق يتم لأسباب أمنية.

ب ـ بسط سيطرة الحكومة اللبنانية

على جميع الأراضي اللبنانية

20 ـ أكّدت حكومة لبنان للأمم المتحدة نيتها بسط سيادة الدولة فوق جميع الأراضي اللبنانية كما نص على ذلك اتفاق الطائف في العام 1989 والقرار 159 (2004) ولعبت القوات اللبنانية المسلحة وقوى الأمن الداخلي دوراً حيوياً في تطبيق هذا الالتزام.، وفي ظروف أمنية صعبة. غير أن قدرة الدولة اللبنانية على بسط سيادتها كاملة فوق جميع أراضيها تبقى منقوصة وتواجه تحديات ما يؤكد الحاجة لاستمرار الدعم الدولي للحكومة والقوى اللبنانية المسلحة.

21 ـ خلال الأشهر الستة الماضية، استمر لبنان في مواجهة تحديات لأمنه واستقراره داخلياً، على ارتباط مباشر أو غير مباشر بالأزمة السورية. ألقت سلسلة من الحوادث الأمنية الضوء مرة أخرى على المخاطر التي يواجهها أمن لبنان والتي تشكلها المجموعات المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة وعمليات تهريب الأسلحة.

22 ـ منذ ايار الماضي، وقعت اشتباكات متقطعة في طرابلس بين ضاحيتي باب التبانة ذات الغالبية السنية وجبل محسن ذات الغالبية العلوية، والتي استمرت في كل مرة أياماً عدة. لقد استخدمت في هذه الاشتباكات أسلحة ثقيلة وأدت لوقوع اعداد كبيرة من القتلى والجرحى. أدى انتشار القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي في المنطقة إلى احتواء القتال لكن الوضع لا يزال هشاً. كما صادرت القوى المسلحة اللبنانية مسدسات وذخائر وأسلحة ثقيلة من المنطقة.

23 ـ في 15 اب، اختطف عشرات المواطنين السوريين ومواطن تركي من قبل عشيرة شيعية في بيروت، رداً على اختطاف أحد ابناء العشيرة قبل أسبوع في سوريا. أدانت الحكومة اللبنانية هذه التطورات ودعت الجميع للهدوء وأسست لجنة أمنية لمتابعة هذه الأحداث. أدنت بشدة عمليات الخطف والخطف المضاد في سوريا ولبنان، ودعوت إلى إطلاق سراح جميع الذين تم احتجازهم دون مراعاة الإجراءات القانونية وفي انتهاك لحقوقهم الإنسانية. في 11 أيلول، تمكنت القوى المسلحة اللبنانية من تحرير الرهينة الأخيرة التي احتجزت في 15 آب، في حين أن اربعة سوريين وتركي تم تحريرهم في عملية في جنوب بيروت في 8 أيلول، القت خلالها القوات الحكومية القبض على العديدين ممن لهم علاقة بعمليات الخطف. وبعد تحرير أحد الحجاج اللبنانيين المحتجزين في سوريا في 25 ايلول، لا يزال تسعة آخرون قيد الاحتجاز.

24 ـ الرأي العام اللبناني منقسم بعمق حيال الأحداث الجارية في سوريا. لقد وقعت أحداث أمنية، وسارت تظاهرات في بيروت، صيدا، ومنطقة عكار خصوصاً بعضها دام والآخر سلمي- عكست التوترات الطائفية وشكلت تحدياً لسلطة الدولة، مثل قطع بعض الطرقات الرئيسية على سبيل المثال، وحرق الإطارات وإطلاق النار في الهواء.

25 ـ إن مجمل الحوادث المذكورة أعلاه تشكل مؤشراً على التهديدات الأمنية التي تواجها البلاد وعلى تهريب السلاح الذي تقوم به جهات نافذة غير حكومية. كما أنها تذكير بأن على السلطات اللبنانية بذل المزيد من أجل فرض القانون والنظام في جميع أنحاء البلاد. في 20 أيلول، وافقت الحكومة على خطة واسعة على المدى المتوسط بقيمة 1.6 مليار دولار لتسليح وزيادة قدرات القوات المسلحة اللبنانية بما في ذلك إدارة ضبط الحدود. لقد أشارت السلطات اللبنانية إلى أنها تتطلع إلى المساعدة من الأمم المتحدة ودعم هذه الخطة في إطار تطبيق القرار 1701 (2006). لقد رحبت بقرار الحكومة.

26 ـ خلال فترة إعداد التقرير، كان الوضع في منطقة عمليات اليونيفيل يشهد هدوءاً حذراً ومستقراً. وفيما سحبت القوات اللبنانية المسلحة بعضاً من قواتها في جنوب قطاع الليطاني لتعزيز انتشارها في منطقة الحدود الشمالية الشرقية من البلاد، عززت اليونيفيل من نشاطاتها العملانية في المنطقة. لقد أكّدت القوات اللبنانية المسلحة للأمم المتحدة أن هذا التدبير مؤقت وبأن القوات ستعود إلى الجنوب فور سماح الظروف. وفي هذه الاثناء، وفي بعض الحالات، واجهت اليونيفيل بعض القيود على حرية تحركها في منطقة عملياتها، والتي في بعض الأحيان عرضت أمن وسلامة عناصر قوات حفظ السلام للأمم المتحدة للخطر. إن حرية حركة اليونيفيل وأمن وسلامة موظفيها جزء لا يتجزأ من تنفيذ التفويض الموكل إليها. إن المسؤولية الرئيسية لضمان أمن وحرية حركة اليونيفيل في منطقة عملياتها تقع على عاتق حكومة لبنان. سوف أبلغ مجلس الأمن بالمزيد من التفاصيل الإضافية عن هذه المسائل في تقريري المقبل حول تطبيق القرار 1701 (2006).

27 ـ هناك المزيد من التقارير حول إطلاق نار وانفجارات في داخل وحول منشآت شبه عسكرية في منطقة البقاع الشرقية والتي تعود للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة وفتح الانتفاضة اللتين تتخذان من دمشق مقراً لقيادتهما، ما يؤكد أن تدريبات عسكرية تجري في هذه المنشآت. إن الوجود الدائم لمثل هذه القواعد على طول الحدود السورية اللبنانية يزيد من سهولة اختراق الأراضي اللبنانية ويشكل تهديداً لعمل مراقبة وضبط الحدود من قبل القوات اللبنانية الأمنية. كما تزيد من صعوبة ترسيم الحدود.

28 ـ وفي ما يتعلق بحدود لبنان مع الجمهورية العربية السورية، لا تزال ترد تقارير عن تهريب أسلحة من الجانبين. لقد عبرت العديد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عن قلقها العميق من النقل غير الشرعي للأسلحة عبر الحدود البرية. لقد نجحت القوى اللبنانية المسلحة خلال الأشهر الماضية في اعتراض شحنات أسلحة يبدو أنها كانت متجهة إلى سوريا. وفي الوقت نفسه، كان الرئيس سليمان والقوات المسلحة اللبنانية واضحين جداً في رفض التلميحات بوجود عمليات تهريب أسلحة كبيرة وواسعة باتجاه سوريا. غير أن السلطات اللبنانية أشارت إلى أن الحدود الأرضية بين لبنان وسوريا تبقى صعبة على المراقبة، لكن القوات المسلحة اللبنانية تم نشرها وهي سعت لتشديد المراقبة على طول الحدود بافضل الوسائل المتاحة لها من خلال زيادة عدد الدوريات ومهمات المراقبة. أنظر إلى هذه التقارير بغاية الجدية لكن الأمم المتحدة لا تملك الوسائل للتحقق منها بطريقة مستقلة. لقد عبرت مراراً عن قلقي حيال عمليات تهريب السلاح من الجانبين عبر الحدود اللبنانية السورية والذي يشكل خطراً على الدولتين وعلى قيادة الدولتين.

28 ـ إن مزاعم تهريب السلاح عبر الحدود السورية- اللبنانية والحوادث المتكررة على طول الحدود والتي أدت إلى مقتل وجرح مدنيين يؤكد الحاجة الضرورية والملحة لتحسين إدارة وضبط الحدود البرية للبنان. وهذه ايضاً ضرورة من أجل تجنيب المجموعات المسلحة والميليشيات في لبنان من توسيع ترسانة أسلحتها، والتي تشكل تهديداً للسلام المحلي والإقليمي. وعلى الرغم من الالتزام الذي عبرت عنه الحكومة اللبنانية باعتماد إستراتيجية وطنية شاملة لإدارة الحدود، فإن أي تقدم ملموس لم يسجل على هذه المسألة في هذه المرحلة. وفي هذه الأثناء، يبقى استناداً لقرارات مجلس الأمن الدولي واجب على جميع الدول اتخاذ التدابير الضرورية من أجل منع نقل الأسلحة إلى مجموعات تقع خارج سيطرة حكومة لبنان.

ج ـ حل ونزع سلاح الميليشيات اللبنانية

وغير اللبنانية

30 ـ دعا مجلس الأمن الدولي في قراره 1559 (2004) الى حل ونزع سلاح جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية. هذا المبدأ الرئيسي من القرار لم يطبق لغاية الآن. إنه يعكس ويعيد التأكيد على قرار التزم به جميع اللبنانيين في اتفاق الطائف في العام 1989، والذي صدر بعد نهاية الحرب الأهلية. وهذا القرار أوجب في حينه على جميع الميليشيات اللبنانية باستثناء حزب الله- تسليم جميع أسلحتها. يجب المحافظة على هذا الاتفاق وتطبيقه من قبل الجميع من أجل تجنب احتمال تجدد المواجهة بين اللبنانيين.

31 ـ تستمر الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية في العمل في البلاد خارج سيطرة الحكومة في انتهاك جدي للقرار 1559 (2004). وفي حين أن العديد من المجموعات السياسية في لبنان تمتلك أسلحة خارجة عن سيطرة الحكومة، فإن مجموعة حزب الله المسلحة هي أكثر الميليشيات اللبنانية المسلحة في البلاد، وتصل قدراتها غلى ما يساوي قدرات جيش عادي. إن الاحتفاظ بالسلاح من قبل حزب الله ومجموعات أخرى يشكل تحدياً جدياً لقدرة الدولة على ممارسة سلطتها الكاملة على جميع اراضيها. إضافة إلى ذلك، هناك سلسلة من المجموعات الفلسطينية المسلحة التي تعمل في البلاد داخل وخارج مخيمات اللاجئين.

32 ـ لقد عبرت مراراً عن قلقي العميق للقادة اللبنانيين عن الأخطار الجدية التي يشكلها استمرار وجود هذه الميليشيات على استقرار البلد والمنطقة. لقد حثيتهم على معالجة هذه المسألة دون تأخير إذ أن ذلك من واجبهم وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 1559 (2004). ومع ذلك، فإن قيادة حزب الله تعترف أنها تحتفظ بترسانة عسكرية كبيرة منفصلة عن الدولة، وتزعم أنها لأسباب دفاعية ضد إسرائيل. وفي خطابات علنية، زعمت قيادة حزب الله أنها زادت من قدراتها العسكرية وسوف تسعى لأن تستمر في ذلك. هذا تحد صارخ للقرار 1559 (2004). لقد اعترف أمين عام حزب الله أيضاً في 11 تشرين الأول بأن ميليشياته أطلقت طائرة من دون طيار باتجاه إسرائيل اعترضتها القوات الجوية الإسرائيلية في 6 تشرين الأول. حزب الله حزب سياسي لبناني أيضاً. لقد قال المسؤولون الإسرائيليون إنه نظراً لمشاركة حزب الله في الحكومة اللبنانية، فإن أي رد ستقوم به على هجوم لحزب الله على إسرائيل سوف يشمل الدولة اللبنانية.

33 ـ في 3 تشرين الأول، قتل ما لا يقل عن ثلاثة عناصر من حزب الله وجرح العديد الآخرين نتيجة انفجار مستودع للذخيرة في بلدة النبي شيت البقاعية. وفوراً بعد وقوع الانفجار، سارع مقاتلو حزب الله إلى إغلاق المنطقة. هذا الحادث كان تذكيراً صارخاً للخطر الذي يشكله وجود ذخائر تحتفظ بها مجموعات غير حكومية، وخاصة في مناطق مكتظة سكانياً. وبعد وقوع هذا الحادث، سارع عدد من أعضاء المعارضة اللبنانية الى إعادة التشديد على دعوتهم للحاجة الملحة لحل مسألة سلاح حزب الله.

34 ـ في الأشهر الأخيرة، وردت تقارير ذات مصداقية تشير إلى تورط حزب الله وقوى لبنانية سياسية أخرى في دعم أفرقاء النزاع في سوريا. لقد اثارت الدول الأعضاء هذه المسألة معي وعبرت عن قلقها، خاصة على ضوء التقارير الأخيرة التي تحدثت عن مقتل عناصر من حزب الله في المعارك ضد عناصر مسلحة من المعارضة السورية. مثل هذه النشاطات القتالية لحزب الله في سوريا تتناقض وتقوّض سياسة النأي بالنفس التي تنتهجها الحكومة اللبنانية والتي يشارك فيها حزب الله.

35 ـ خلال فترة إعداد التقرير، لم يتم إحراز أي تقدم ملموس ايضا

في المستقبل لبنان اشتكى من الانتهاكات السورية بتكتّم عبر القنوات العسكرية