الملف: القرار الدولي 1595

2 كانون الأول 2008

التقريرالحادي عشر للجنة التحقيق الدولية المستقلة المنشأة بموجب قرارات مجلس الأمن 1595 

معلومات جديدة قد تسمح بربط أشخاص إضافيين بالشبكة التي اغتالت الحريري

 

طلب رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري و20 اعتداء آخر في لبنان منذ تشرين الثاني 2004، القاضي الكندي دانيال بلمار التمديد للجنة حتى 28 شباط 2009 قبل مباشرة المحكمة الخاصة للبنان عملها في الأول من آذار 2009 في لاهاي، بغية استكمال جوانب التحقيقات، التي أكد أنه توصل خلالها الى "معلومات جديدة قد تسمح للجنة بربط أشخاص إضافيين بالشبكة التي نفذت اغتيال رئيس مجلس الوزراء سابقاً رفيق الحريري". وفي التقرير الحادي عشر للجنة والثاني له منذ توليه مهماته في الأول من كانون الثاني 2008، الى الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون، طلب بلمار تمديد عمل اللجنة التي ينتهي تفويضها الحالي في 31 كانون الأول الجاري، لمدة شهرين. وقدم تحديثاً للمعلومات التي "يمكن الإفادة عنها علناً" في شأن شبكة اغتيال الحريري، مؤكداً أن اللجنة "توصلت أيضاً الى أدلة أخرى تساعد على تحديد الأصل الجغرافي الممكن للمفجر الإنتحاري". وأوضح أن اللجنة "كشفت عناصر إضافية ذات علاقة بالصلة بين هجوم الحريري وقضايا أخرى كانت عثرت على صلات بينها"، متحدثاً عن "مؤشرات أولية تفيد أنه ربما كانت هناك صلة بين واحدة من هذه القضايا الإضافية وقضية الحريري"، منبهاً الى أنه "لا تفاصيل إضافية يمكن توفيرها في هذا الوقت" لأسباب تتصل بسرية التحقيق وحماية مصادر المعلومات.

 

وإذ أبدى رضاه التام عن تعاون السلطات اللبنانية مع التحقيق الدولي، لفت الى أن "الجمهورية العربية السورية قدمت عموماً تعاوناً مرضياً". وأكد أن "اطلاق عمل المحكمة لا يعني أن التحقيق قد استكمل"، موضحاً أنه "على رغم أن عملاً مكثفاً قد أنجز في التحقيق، فإن اللجنة – ومكتب المدعي العام، فور أن تبدأ عملها – يجب أن تواصل جمع الأدلة التي تدعم قراراً اتهامياً قبل المحكمة". وأضاف أن "مكتب المدعي العام للمحكمة سيحتاج الى استمرار التحقيق في كل القضايا الخاضعة للتفويض الحالي للجنة، من أجل التحقق أي من القضايا يرتبط بقضية الحريري بالطريقة المطلوبة من وضع المحكمة".

 

وأوضح أن تطلعات الرأي العام في شأن تسمية المتهمين بعد انتقال العمل الى المحكمة "مفهومة" بالنسبة اليه، مشدداً على "حقيقة" أن بدء عمل المحكمة في الأول من آذار "لا يعني أن التحقيق قد استكمل". وأشار الى أن الحوادث التي حصلت في أيار الماضي أدت الى "تقييد حركة أعضاء اللجنة في أماكن معينة". وكشف أن اللجنة "حصلت على سلاح يشتبه في أنه استخدم في الهجوم على الوزير السابق بيار الجميل"، مضيفاً أن "هذا السلاح أرسل الى مختبر أجنبي من أجل إجراء تحليل عليه للتحقق من أنه استخدم حقاً في الهجوم".

 

وأشاد بتعاون السلطات اللبنانية مع التحقيقات في كل جوانبها، لافتاً الى أن اللجنة تقدم كل ما يلزم للسلطات اللبنانية في شأن التوقيفات (في إشارة خصوصاً الى الضباط الأربعة) التي تنفذها من أجل اتخاذ "قرار مستقل في شأن مسائل التوقيف من دون اللجوء الى اللجنة" التي أبدت رأيها في الموضوع للمدعي العام اللبناني.

وسيناقش مجلس الامن التقرير في جلسة يعقدها في 16 كانون الأول الجاري.

 

وهنا ترجمة غير رسمية للتقرير:

"التقرير الحادي عشر للجنة التحقيق الدولية المستقلة المنشأة بموجب قرارات مجلس الأمن 1595 (2005) و1636 (2005) و1644 (2005) و1686 (2006) و1748 (2007) و1815 (2008)

 

ملخّص

 

طلب مجلس الأمن من لجنة التحقيق الدولية المستقلة رفع تقرير عن سير التحقيق في غضون ستة أشهر من اعتماد قرار مجلس الأمن 1815 (2008) في الثاني من حزيران 2008. هذا هو التقرير الحادي عشر للجنة، والتقرير الثاني للمفوّض د. أ. بلمار الذي تسلّم مهماته في الأول من كانون الثاني 2008.

 

يواكب التقرير التقدّم الذي يمكن الكشف عنه علناً. لقد حصلت اللجنة على معلومات جديدة قد تسمح لها بأن تربط أفراداً إضافيين بالشبكة التي نفّذت اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. وتوصلت اللجنة أيضاً إلى استنتاجات أخرى تساعد على تحديد الأصل الجغرافي المحتمل للانتحاري.

 

منذ التقرير الأخير، كشفت اللجنة أيضاً النقاب عن عناصر إضافية تؤكّد الرابط بين الاعتداء على الحريري والقضايا الأخرى التي سبق أن عُثِر على رابط بينها وبين الاعتداء المذكور. وبحسب المؤشرات الأولية، قد يكون هناك أيضاً رابط بين قضية إضافية وقضية الحريري.

 

تحافظ اللجنة على تواصل منتظم وتفاعل وثيق مع السلطات اللبنانية في المسائل المتعلّقة بتحقيقاتها، وكذلك في المسائل المتعلقة بأمن اللجنة وموظّفيها. وقد قدّمت الجمهورية العربية السورية تعاوناً مرضياً عموماً.

 

تنتهي ولاية اللجنة الحالية في 31 كانون الأول 2008. وقد أعلن الأمين العام أن الاستعدادات للمحكمة الخاصة للبنان جارية على قدم وساق وستباشر عملها في الأول من آذار 2009. تطلب اللجنة تمديد تفويضها حتى 28 شباط 2009 كي تتمكن من مواصلة تحقيقاتها من دون توقف. وخلال المرحلة الممدَّدة، من شأن اللجنة أن تنقل العمليات والموظفين والموجودات تدريجاً إلى لاهاي وتتطلّع إلى إتمام هذا الانتقال بحلول التاريخ الذي ستباشر فيه المحكمة عملها.

 

لا يعني إطلاق المحكمة أن التحقيق اكتمل. ففي حين أُنجِز عمل واسع النطاق على التحقيق، يجب أن تواصل اللجنة – ومكتب المدّعي العام عندما يبدأ العمل – جمع الأدلة التي تدعم قراراً اتهامياً قبل المحكمة.

 

يتعيّن على مكتب المدعي العام في المحكمة متابعة التحقيق في كل القضايا المندرجة ضمن التفويض الحالي للجنة، من أجل تحديد القضايا المتصلة بقضية الحريري بالطريقة المنصوص عليها في النظام الأساسي للمحكمة. ويحتاج أيضاً إلى التعاون والدعم الكاملَين من السلطات اللبنانية، وكذلك من كل الدول الأعضاء الأخرى، من أجل تحقيق الفاعلية في التحقيقات والمقاضاة.

 

مقدّمة

 

1. هذا التقرير هو الحادي عشر للجنة التحقيق الدولية المستقلة، والتقرير الثاني لرئيس اللجنة د. أ. بلمار الذي تسلّم مهماته في الأول من كانون الثاني 2008.

2. في نيسان 2005، غداة اغتيال رفيق الحريري، قرّر مجلس الأمن إنشاء "لجنة تحقيق دولية مستقلة تتخذ لبنان مقراً لها لمساعدة السلطات اللبنانية في التحقيقات التي تجريها في مختلف جوانب هذا العمل الإرهابي"1. وكانت المقاربة التي وضعها مجلس الأمن آنذاك تقضي بأن تقود السلطات اللبنانية التحقيق بمساعدة من اللجنة، وبأن تجري المقاضاة أمام المحاكم اللبنانية.

 

3. عام 2007، تغيّرت هذه المقاربة. فبناء على طلب الحكومة اللبنانية2، أنشأ مجلس الأمن هيئة دولية تُعرَف بـ"المحكمة الخاصة للبنان" (المحكمة) ولديها تفويض مزدوج: التحقيق في شأن منفّذي اغتيال الحريري والاعتداءات ذات الصلة ومحاكمتهم. ستتولّى هذه المحكمة الجديدة قيادة التحقيق وتجري المحاكمات في نهاية المطاف3.

 

4. في 30 تشرين الثاني 2008، أعلن الأمين العام أن "الاستعدادات للمحكمة الخاصة بلبنان جارية على قدم وساق وستباشر عملها في الأول من آذار 2009"4. يعني ذلك أنه اعتباراً من ذلك التاريخ، سيقود مكتب مدعي عام المحكمة في لاهاي التحقيق.

 

5. في حين أن اللجنة قامت بعمل واسع النطاق في التحقيقات، يتعيّن عليها – وعلى مكتب المدعي العام عندما يباشر عمله – أن تستمر في جمع الأدلة التي تدعم صدور قرار اتهامي قبل المحاكمة.

 

6. يجب الحفاظ على زخم التحقيق في إطار الانتقال من لجنة التحقيق إلى مكتب المدعي العام. ومن أجل الحد من أي خلل قد يحصل خلال عملية الانتقال، تلفت اللجنة إلى أنه من شأن تمديد ولايتها حتى اليوم الذي تباشر فيه المحكمة عملها، أن يسمح للتحقيق بأن يستمر من دون توقّف ويسهّل اختيار الموظفين ونقلهم على مراحل.

 

7. تعي اللجنة أن اقتراب مباشرة اللجنة عملها والانتقال إلى لاهاي جعل التوقّعات تصل إلى الذروة. وتعتبر هذه التوقّعات أن القرارات الاتهامية التي تسمّي المرتكبين ستصدر ما إن يُنجَز الانتقال إلى المحكمة. على رغم  أننا نتفهّم هذه التوقّعات، فإن الانتقال لا يعني أن التحقيق اكتمل.

 

8. تشارك اللجنة الشعب اللبناني استياءه من عدم وضوح الرؤية في شأن الوقت الضروري لإتمام التحقيق. غير أن اللجنة لا يسعها سوى أن تفي بموجب الاسترشاد بالحقائق والأدلة فقط لا غير، وإجراء التحقيق طبقاً للمعايير الدولية.

 

9. بينما تقترب اللجنة من الانتقال إلى لاهاي، تعي أنه من أجل الفوز بالالتزام المستمر من  الشعب اللبناني والمجتمع الدولي، يجب أن تظل استقلاليتها ومهنيتها محط ثقة من الرأي العام.

 

10. تساهم الثقة العامة باللجنة والمحكمة أيضاً في جعل الناس يشعرون بالأمان عند مقاربتهم للاطّلاع منهم على المعلومات المتوافرة لهم، وعبر القيام بذلك يساعدون على وضع حد للإفلات من العقاب في لبنان. ويجب أن يشعر الضحايا أيضاً بالثقة حيال الآلية، ولذلك جدّدت اللجنة التركيز على التواصل مع الضحايا.

 

11. من أجل تعزيز الثقة العامة، تحتاج اللجنة إلى شركاء. ولدى الإعلام، وخصوصاً الإعلام اللبناني، دور أساسي يؤدّيه في هذا الإطار. ستسعى اللجنة جاهدة كي يحصل الرأي العام من خلال الصحافة على معلومات دقيقة ومستمرّة عن طبيعة عمل اللجنة والخطوات المقبلة في الآلية. ولهذه الغاية، ستساعد اللجنة وسائل الإعلام من أجل تعزيز فهمها للإجراءات والمفاهيم القانونية المتعلقة بعمل اللجنة ومكتب المدعي العام.

 

12. انطلاقاً من هذه الاعتبارات، سيحاول هذا التقرير إرساء توازن دقيق، بحيث يتوخّى الإعلام قدر الإمكان مع الحفاظ على السرية الضرورية للتحقيق. وسيعرض (1) المناخ الذي تعمل فيه اللجنة، و(2) التحديات التي تواجهها والتقدّم الذي تحقق، و(3) التعاون من الدول الأعضاء، و(4) آلية الانتقال إلى مكتب المدعي العام في المحكمة، و(5) خلاصات.

 

1- مناخ العمل

 

13. في المرحلة التي يشملها هذا التقرير، كان الوضع الأمني هشاً وأسفر عن أعمال عنف خطيرة في أيار 2008. في تلك الفترة، كانت تحركات اللجنة مقيّدة إلى حد كبير، وجرى إرجاء المقابلات والنشاطات الأخرى التي كانت مقرّرة في إطار التحقيق.

 

14. عقب حوادث أيار، استمر اندلاع أعمال عنف متفرّقة في أنحاء مختلفة من البلاد. في الأسابيع الأخيرة تحسّن الوضع الأمني، غير أن المناخ الأمني في لبنان والمنطقة لا يزال هشاً. نتيجة لذلك، لا تزال حركة أعضاء اللجنة مقيّدة في بعض المناطق. فضلاً عن ذلك، بينما تقترب اللجنة من التسليم والتسلّم مع المحكمة، تعي تماماً الحاجة إلى حماية موظّفيها ومقرها وموجوداتها. انطلاقاً من ذلك ومن مشاغل أخرى تتعلق بالسلامة والأمن، اتُّخذت تدابير إضافية لحماية موظفي اللجنة وموجوداتها في هذه المرحلة.

 

15. شهدت المرحلة التي يشملها التقرير تطورات مهمة على الصعيد السياسي في لبنان، بما في ذلك توقيع اتفاق الدوحة وانتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة وحدة وطنية ومعاودة الحوار الوطني. وقد أكّد كل من الرئيس والحكومة الجديدة التزامهما المستمر المحكمة5. فقد جاء في البيان الوزاري للحكومة الجديدة الذي نال ثقة مجلس النواب: "تؤكّد الحكومة [اللبنانية] التزامها المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، من أجل محاكمة المجرمين وردعهم من دون السعي وراء الانتقام أو التسييس"6.

 

 2- التقدم في التحقيق

 

أ. مناخ آمن للتعاون

16. تعي اللجنة الدور الأساسي الذي يؤدّيه الشهود والمصادر السرية مع تقدّم تحقيقاتها، وكذاك أهمية تحديد أشخاص مستعدين للإدلاء بشهاداتهم في المحاكمات في المستقبل.

 

17. نتيجة لذلك، أدخلت اللجنة تحسينات في إجراءاتها من أجل تأمين مناخ آمن لأي شاهد محتمل يبدو أنه معرّض لخطر جسدي. بموجب هذه الإجراءات، فإن الأشخاص الذين تعتبر اللجنة أنهم يملكون معلومات مهمة تتعلق بالتحقيق، والذين سيُطلَب منهم على الأرجح الإدلاء بشهاداتهم في الإجراءات القضائية اللاحقة، سيُعتبَرون مؤهّلين للحصول على الحماية إذا رأت اللجنة أنهم معرّضون لخطر جسدي بسبب تعاونهم.

 

18. تأميناً للاستمرارية، ستتشارك اللجنة في إجراءات حماية الشهود مع وحدة الضحايا والشهود في قلم المحكمة، وتقوم بتنسيقها معها.

 

19. كما أعرب عدد من البلدان التي جرت مقاربتها من اللجنة عن استعداده للتعاون معها واستقبال الشهود والمصادر السرية الذين يحتاجون إلى الحماية. وقد وُضِعت إجراءات لضمان سلامة من هم معرّضون للخطر وأمنهم، خلال فترة عمل اللجنة وبعد الانتقال إلى المحكمة.

 

ب. تحديات التحقيق

20. التحديات العملانية ذات الأحجام المختلفة هي جزء لا يتجزأ من التحقيقات المعقّدة. لكن هناك تحديات إضافية خاصة بالتحقيق الذي تجريه اللجنة، وقد ذُكِر بعضها في تقارير سابقة.

 

21. في المرحلة التي يشملها التقرير، كان لعدد من هذه التحديات تأثير في سير عمل اللجنة.

 

22. أولاً، واجهت اللجنة صعوبات في الحصول على معلومات قد تكون حسّاسة في خيوط أساسية.

 

23. ترسل اللجنة أيضاً باستمرار طلبات مساعدة إلى الدول الأعضاء للحصول على معلومات محدّدة. تعي اللجنة العبء الذي تتكبّده الدول للرد على هذه الطلبات. وفي حين جرى الرد على الغالبية العظمى من الطلبات في الوقت المحدّد وبطريقة شاملة، تلفت اللجنة إلى أن الإجابات المتأخرة أو غير المكتملة، تؤخّر التقدّم في التحقيق.

 

24. أخيراً، لا تزال اللجنة بحاجة ماسة إلى خبرات في عدد من الميادين المتخصصة الأساسية. وستواظب على السعي الى الحصول على دعم الدول الأعضاء لتلبية هذه الحاجة في الوقت المناسب.

 

ج. التقدّم الذي أحرز منذ التقرير الأخير

25. مقابل كل شبر من التقدّم، هناك كم هائل من العمل. والتقدّم في التحقيق يقوم على استبعاد بعض الخيوط بقدر ما يقوم على متابعة خيوط أخرى. في المرحلة التي يشملها التقرير، اعتُبِرت بعض المعلومات التي تم جمعها جديرة بالثقة وقادت إلى تحقيقات إضافية، في حين سمحت معلومات أخرى باستبعاد بعض الخيوط.

 

26. كان المسؤولون عن الهجوم محترفين واتّخذوا تدابير مكثفة لتغطية تحركاتهم وإخفاء هويتهم. يركّز الجزء الأكبر من نشاط اللجنة في هذه المرحلة من التحقيق على اختراق حاجز الدخان للتوصل إلى الحقيقة.

 

1- التحقيق في اغتيال الحريري

 

27. لا يزال التحقيق في قضية الحريري ناشطاً في كل المجالات. في المرحلة التي يشملها التقرير، تضمّن عمل اللجنة المعاينات الجنائية وجمع المعلومات من مجموعة واسعة من المصادر وتحليلها، و288 مقابلة.

 

28. لقد أُحرِز تقدم. غير أن وصف جوانب محددة في هذا التقدّم هو أيضاً كشف لهوية أشخاص ربما يملكون معلومات مهمة في سير التحقيق، وتعريض حياتهم للخطر. وقد يقوّض أيضاً الفرص التي تجري متابعتها الآن في التحقيق، لأن من شأنه أن يعلن عن الخطوات التالية للجنة.

 

29. في التقرير الأخير، أشارت اللجنة إلى أنها جمعت أدلة تظهر أن شبكة من الأشخاص، "شبكة الحريري"، تصرّفت بالتنسيق في ما بينها لاغتيال رفيق الحريري.

 

30. نتيجة للتحقيقات والتحاليل، توصّلت اللجنة إلى معلومات جديدة قد تسمح لها بأن تربط أشخاصاً إضافيين بهذه الشبكة. وقد حصلت اللجنة من مصادر متنوّعة على معلومات تثبّت هذا الأمر، وعززّت هذه المعلومات استنتاج اللجنة حول ارتباط أفراد في شبكة الحريري بهجمات أخرى.

 

31. واصلت اللجنة أيضاً تحقيقاتها لتحديد هوية الانتحاري في هجوم الحريري. وتضمّنت نشاطات التحقيق في المرحلة التي يشملها التقرير جمع عيّنات إضافية من التربة والرمال والمياه من دول في المنطقة وتحقيقات إضافية لدراسة النظائر (إيزوتوب). تساعد نتائج هذه النشاطات على تحديد الأصل الجغرافي المحتمل للانتحاري.

 

32. من المعروف أن "مسار المال" أساسي في معظم الأحيان في التحقيقات في الأعمال الإرهابية. من هذا المنطلق، جدّدت اللجنة التركيز على مراجعة العمليات المالية التي قد تكون على صلة بالهجمات. وقد ولّدت تحقيقات اللجنة في هذا المجال خيوطاً تجري متابعتها.

 

33. أنجزت اللجنة أيضاً جردة بالأدلة وراجعتها، وبينها أدلة كانت سابقاً في حيازة السلطات اللبنانية. وتتألف هذه الجردة من أكثر من 10000 دليل جنائي بينها أكثر من 7000 تتعلّق بقضية الحريري.

 

2- التحقيقات الأخرى

 

34. تملك اللجنة حالياً تفويضاً بمساعدة السلطات اللبنانية في التحقيق في 20 هجوماً غير هجوم الحريري. وتدعم التحقيقات في هذه القضايا الأخرى التحقيق في قضية الحريري.

 

35. في التقرير الأخير، أوردت اللجنة أن شبكة الحريري، أو أجزاء منها، على صلة ببعض القضايا الأخرى المندرجة ضمن تفويض اللجنة.

 

36. منذ ذلك الوقت، وجد التحقيق الذي تجريه اللجنة عناصر إضافية تثبّت تلك الصلات. وحدّدت اللجنة أيضاً رابطاً محتملاً بين قضية إضافية وقضية الحريري. نظراً إلى حساسية هذه الناحية في التحقيق، لا يمكن إعطاء أي تفصيل إضافي في المرحلة الراهنة.

 

37. من المرتقب أيضاً أن يُنجَز قريباً تقريراً يقارن بين المتفجرات المستعملة في قضية الحريري وتلك المستعملة في كل القضايا الأخرى. وقد يكشف روابط إضافية.

 

38. كشفت نتائج المعاينات الجنائية التي أجريت في الآونة الأخيرة معلومات عن المتفجرات المستخدمة في بعض الهجمات الاستهدافية المندرجة ضمن تفويض اللجنة، وموضعها في المركبات التي استُعملت في الهجمات.

 

39. فضلاً عن ذلك، كشفت المعاينات الجنائية في خمس من الهجمات الاستهدافية أنماطاً جديدة من الحمض النووي وبصمات جديدة نُزِعت عن المركبات ومواد أخرى مستعملة في الهجمات. ورفعت هذه النتائج الجديدة مجموع البصمات وأنماط الحمض الريبي النووي التي وُجِدت على أغراض يُتوَقَّع أن يكون مرتكبو الجرائم قد استخدموها.

 

40. حصلت اللجنة أيضاً على سلاح قد يكون استُعمِل في الاعتداء على الوزير السابق بيار الجميل. وقد أرسلت اللجنة هذا السلاح إلى مختبر أجنبي لإجراء تحليل بالستي لمعرفة ما إذا كان هذا السلاح قد استُخدِم فعلاً في الهجوم. ومن المتوقع أن تصدر النتائج في الأسابيع المقبلة.

 

41. منذ آذار 2008، اتُّهِم 29 شخصاً في قضية تفجير الحافلتين في عين علق7. قُدِّمت مساعدة تقنية للسلطات اللبنانية لتحليل المتفجّرات المستعملة في الهجمات وسُلِّمت النتائج إلى هذه السلطات. كذلك عثرت اللجنة على أربعة أنماط من الحمض الريبي النووي في أجزاء من ساحة الجريمة وأطلعت السلطات القضائية اللبنانية عليها بهدف استعمالها المحتمل في الإجراءات.

 

42. لا يزال هناك كمّ كبير من التحقيقات الإضافية التي يجب القيام بها في كل القضايا الواقعة ضمن نطاق تفويض اللجنة. وبناء عليه، يتعيّن على المدعي العام أن يواصل التحقيق في هذه القضايا عندما يتسلّم مهماته من أجل تحديد القضايا المتصلة بقضية الحريري بحسب ما هو منصوص عليه في النظام الأساسي للمحكمة.

 

3- التعاون مع السلطات الوطنية والدولية

 

أ. السلطات اللبنانية

43. لا تزال اللجنة على تواصل منتظم وتفاعل وثيق مع السلطات اللبنانية في المسائل المتعلقة بالتحقيق الذي تجريه، وكذلك في المسائل المرتبطة بأمن اللجنة وطاقمها.

 

44. لا تنفك اللجنة تعرب عن امتنانها الشديد للقوى الأمنية  اللبنانية على جهودها الحثيثة والفعالة من أجل الدعم والمساعدة في حماية موظفي اللجنة ومقرها، ولولا هذا الدعم لما تمكّنت اللجنة من مواصلة عملها.

 

45. تستمر اللجنة في التعاون مع السلطات اللبنانية. ومع تواصل التحقيق، أولاً تحت رعاية اللجنة ثم مكتب مدعي عام المحكمة، من المتوقع أن يستمر تأمين المستوى نفسه من التعاون.

 

46. يبقى المدعي العام اللبناني الشخص الأساسي الذي تتحاور اللجنة معه. منذ التقرير الأخير، كانت هناك زيادة كبيرة في عدد طلبات المساعدة المرفوعة إلى السلطات اللبنانية وتعقيداتها. وقد ردت هذه السلطات عليها بسرعة وشمولية، وتشكرها اللجنة على تعاونها.

 

47. خلال المرحلة التي يشملها التقرير، عقدت اللجنة أيضاً اجتماعات مع قاضي التحقيق في قضية الحريري والقضاة الذين يحقّقون في القضايا الأخرى المندرجة ضمن تفويض اللجنة.

 

48. مع تقدّم التحقيق، لا تزال اللجنة تتشارك مع السلطات اللبنانية المختصة جوهر كل المعلومات ذات الصلة التي يتم الحصول عليها. تدرك اللجنة أن احتجاز أفراد في لبنان أو الإفراج عنهم يقع ضمن الاختصاص الحصري للسلطات اللبنانية. في هذا السياق، استمرت اللجنة في تزويد السلطات اللبنانية كل المعلومات التي تحتاج إليها لاتخاذ قرار مستقل في موضوع الاحتجاز من دون اللجوء إلى اللجنة. ورفعت اللجنة أيضاً آراءها حول هذه المسألة إلى المدعي العام.

 

ب. الجمهورية العربية السورية

49. منذ التقرير الأخيرة، رفعت اللجنة 24 طلب مساعدة إلى الجمهورية العربية السورية (سوريا). وقدّمت سوريا أجوبة ضمن المهل التي حدّدتها اللجنة. كما سهّلت السلطات السورية في مرحلة التقرير، تسع مهمات في سوريا.

 

50. اللجنة ممتنّة للتدابير اللوجستية والأمنية التي اتخذتها السلطات السورية كي تتمكن اللجنة من تنفيذ مهماتها في سوريا. لا يزال التعاون من السلطات السورية مرضياً في شكل عام.

 

51. ستستمر اللجنة في طلب التعاون الكامل من سوريا في إطار الاضطلاع بتفويضها.

 

ج. دول أخرى

52. من أصل 619 طلب مساعدة أصدرتها اللجنة في المرحلة التي يشملها التقرير، أُرسِل 96 طلباً إلى دول أعضاء غير لبنان وسوريا.

53. تجاوبت الدول الأعضاء مع طلبات اللجنة. تشكر اللجنة للدول الأعضاء دعمها المستمر لعمل اللجنة، وتجدّد دعوتها إلى الرد ضمن الوقت المحدّد وبطريقة شاملة.

 

 

4. الانتقال إلى المحكمة

 

54. تنتهي ولاية اللجنة الحالية في 31 كانون الأول 2008. في 30 تشرين الثاني 2008،و أعلن الأمين العام أن الاستعدادات للمحكمة جارية على قدم وساق وستباشر عملها في الأول من آذار 2009. نتيجة لذلك، تطلب اللجنة تمديد ولايتها من أجل مواصلة التحقيقات بانتظار مباشرة اللجنة عملها.

 

55. في الفترة الممدَّدة، ستنقل اللجنة تدريجاً عملياتها وموظفيها وموجوداتها إلى لاهاي وتتطلع إلى إتمام هذا الانتقال بحلول موعد بدء المحكمة عملها. وكما قال الأمين العام8، سيظل طاقم اللجنة موظّفاً لديها طوال هذه الفترة – أي حتى 28 شباط.

 

56. سيسمح هذا الانتقال على مراحل لمكتب المدعي العام بالحصول على الطاقم الضروري لمباشرة العمل في شكل كامل في لاهاي عند انطلاقة المحكمة. ويجب اتخاذ كل التدابير اللازمة للحؤول دون حصول أي تأخير في النشاطات المتصلة بالتحقيق المزمع إجراؤها في هذه المرحلة.

 

57. في اليوم الذي تباشر فيه المحكمة عملها، يبدأ رئيس اللجنة بالاضطلاع بوظائفه في منصب المدعي العام ويتولى قيادة التحقيق.

 

58. لن يصدر أي قرار اتهامي قبل أن يتأكد المدعي العام من توافر أدلة كافية تلبّي المعايير القانونية المعمول بها. عندئذٍ يرفع قراراً اتهامياً إلى قاضي الإجراءات التمهيدية لتثبيته.

 

59. نرفق ربطاً في ملحق جدولاً يعرض لمحة عامة عن آلية التحقيق والمقاضاة المزمع اعتمادها في المحكمة.

 

 5. خلاصات

 

60. تبقى اللجنة ملتزمة التحقيق في الجرائم المندرجة ضمن تفويضها.

 

61. تنتهي ولاية اللجنة الحالية في 31 كانون الأول 2008، وقد أعلن الأمين العام أن الاستعدادات للمحكمة الخاصة للبنان جارية على قدم وساق وستباشر عملها في الأول من آذار 2009. ولذلك تطلب اللجنة تمديد تفويضها إلى 28 شباط 2009، كي تتمكن من متابعة تحقيقاتها من دون توقف، وتنقل تدريجاً عملياتها وموظفيها وموجوداتها إلى لاهاي.

 

62. لا يزال هناك كم كبير من التحقيقات الإضافية التي يجب القيام بها في كل القضايا الواقعة ضمن نطاق تفويض اللجنة. وبناء عليه يتعيّن على المدعي العام أن يواصل التحقيق في هذه القضايا عندما يتسلّم مهماته من أجل تحديد القضايا المتصلة بقضية الحريري بحسب ما هو منصوص عليه في النظام الأساسي للمحكمة.

 

63. تحتاج اللجنة ومكتب المدعي العام إلى الدعم الراسخ والتعاون الكامل من الدول الأعضاء من أجل التمكن من إجراء تحقيقات ومحاكمات فعالة.

 

64. أظهر الشعب اللبناني التزاماً حقيقياً بقضية العدالة. ومع تواصل المسيرة نحو إحقاق العدالة، يجب أن يترافق هذا الالتزام مع احترام الاستقلالية والحياد في الآلية القضائية، واللذين لا يتركان مجالاً لجدول أعمال معدّ مسبقاً أو نتيجة مقرّرة مسبقاً".

 

جريدة النهار/ترجمة نسرين ناضر

 

 

 

هوامش

1 - انظر قرار مجلس الأمن 1595 (2005). منذ ذلك الوقت، فوّض مجلس الأمن الى اللجنة أيضاً تقديم مساعدة تقنية للسلطات اللبنانية في التحقيق في 20 هجوماً آخر.

2 - رسالة في تاريخ 15 أيار 2007 موجّهة من الأمين العام إلى رئيس مجلس الأمن، وثيقة الأمم المتحدة S/2007/281.

3 - انظر نظام المحكمة الخاصة بلبنان، قرار مجلس الأمن 1757، المرفق، المادة 4.

4 - تصريح الأمين العام للأمم المتحدة بعد لقائه رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة في الدوحة في 30 تشرين الثاني 2008. انظر أيضاً التقرير الثالث للأمين العام حول قرار مجلس الأمن 1757 (2007)، S/2008/734، 26 تشرين الثاني 2008.

5 - كلمة العماد ميشال سليمان، رئيس الجمهورية اللبنانية، في الجلسة الثالثة والستين للجمعية العمومية للأمم المتحدة، نيويورك، 23 أيلول 2008، ص.3. انظر أيضاً خطاب القسم الذي ألقاه الرئيس سليمان، 25 أيار 2008.

6 - البيان الوزاري، 12 آب 2008، الفقرة 26.

7 - في 13 شباط 2007، تم تفجير حافلتين في قرية عين علق القريبة من بيروت، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 20 آخرين بجروح. انظر التقرير السابع للجنة التحقيق الدولية المستقلة، S/2007/150، 15 آذار 2007.

8 - التقرير الثالث للأمين العام عن تطبيق قرار مجلس الأمن 1757، S/2008/734، 26 تشرين الثاني 2008، الفقرة 21.