عذر أقبح من ذنب

جورج الياس ‏- كاتب ومحلل سياسي


الاعتراف بالخطأ فضيلة... لكن! بعد فوات الأوان وبعد سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى، إضافة ‏إلى الدمار الهائل والخسائر الفادحة التي لحقت بالوطن والمواطن، بعد هذا كله يصبح الاعتراف ‏بالخطأ خطيئة لا بل خطيئة مميتة!‏
سماحة السيد حسن نصر الله، العالم، العلامة، المطّلع، المثقف والواعي دائما لشؤون البلاد والعباد، ‏الساهر على امن الوطن والشعب... هذا السيد وقع في خطأ تقدير حجم الرد الإسرائيلي على عملية ‏خطف الجنديين الإسرائيليين!! فكانت النتيجة كارثية ربما يعادل تسع درجات على مقياس ريختر ‏للهزات الأرضية!. ‏
هذا الهروب من واقع الهزيمة التي أصبحت نصرا " على الطريقة العروبية" لا يتطلب اعتذارا من ‏الشعب، ولا اعترافا أمام الإعلام بالخطأ في حجم الرد، ولا الخطب النارية ولا التطمينات المالية ‏تجدي، كل ما يتطلبه هذا الواقع وهذه الحقيقة التي بدأت تنجلي مع جلاء غبار المعركة وظهور ‏النتائج العكسية شيئا فشيئا، اعترافا واضحا وردا مقنعا على جملة من الأسئلة البسيطة التي تراود ‏المواطنين خصوصا الجنوبيين ونيابة عن هؤلاء ( الأحرار غير الأحرار) نأمل من سماحته وقيادته ‏ومرجعيته ان يمتلكوا الجرأة ويتفضلوا بالإجابة بكل صراحة ودون مواربة والتفاف.‏
‏- تقولون ان قرار الحرب على لبنان كان متخذا ونحن فاجأنا الإسرائيلي بالتوقيت...‏
إذا، انتم من بدأ الحرب، وقصفتم عشرات القرى والمدن الإسرائيلية بآلاف الصواريخ ثم تقولون لقد ‏فوجئنا بالرد، ولو قدرنا انه سيكون على هذا النحو لما بدأنا!!‏
وهل كنتم تتوقعون أن تمطركم الطائرات بالورود والأرز؟
أم توقعتم الهدايا من الدبابات؟ ‏
أم رسائل الود والغرام من فوهات المدافع؟!‏
أم باقات المعايدة من البوارج؟!‏
‏- تقولون إن عملية اسر الجنديين جاءت لفك اسر سمير القنطار ورفاقه...‏
وهل سمير القنطار "قاتل النساء والأطفال" يعادل 1200 قتيل و4000 جريح من الشعب اللبناني؟ ‏إضافة إلى حوالي 600 قتيل و1000 جريح من عناصر الحزب؟‏
‏- تقولون اننا نرسم صفحات المجد ونسطر ملاحم البطولات، ونبني أجيالا ونصنع التاريخ...‏
فالقادة والخطباء والأئمة أصبحوا في الجحور والدهاليز، وصفحات المجد رسمتها رايات الاستسلام ‏البيضاء التي رفعها مليون نازح جنوبي، والأجيال الصاعدة تسأل:‏
أين أبي؟ أين أخي؟ هل استشهدوا فداء لسمير القنطار؟!! ‏
الأيتام يسألون عن أبنائهم والثكالى يسألن عن أبنائهم، والتاريخ يسأل عن تلك الصفحات المشرفة؟! ‏فأين جوابكم؟؟؟
‏" لقد حررنا سمير القنطار!" يا للسخرية!‏
‏- عندما يقوض الاقتصاد اللبناني نتيجة المغامرات والمؤامرات، وعندما تهدم المنازل والجسور ‏والمؤسسات والمدارس... هل يصدق الشعب اللبناني ان دولارات طهران ستعيد هذا كله؟ أم انها ‏دواء مهدئ؟ وعندما يصبح لإيران مفاعلا نوويا أكان للحرب ام للطاقة هل ستمدنا الشقيقة إيران ‏بالكهرباء؟ ‏
هل ستغذي لبنان بهذه الطاقة؟ طبعا لا.
هل ستقدم لنا بواخر النفط مجانا؟ طبعا لا.‏
هل ستغدق علينا البترول والغاز، وكل الموارد التي وهبها اياها الله؟ طبعا لا.‏
إذا لندع احمدي نجاد وحده يغرق اليهود في البحر، بالفجر والرعد والخيبر والزلزال والشهاب... هذه ‏حربه، وهذه مغامرته، وهذه رؤيته.‏
اما نحن فعلينا ان نغرق لبنان بالعزة والكرامة والعافية والازدهار...‏
اليس كذلك يا سماحة السيد؟
ويبقى السؤال الأخير، هل حزب الله هو حزب لبناني؟ ان كان جوابكم نعم! اذا كيف تشرح لنا معاني ‏البيان التأسيسي لهذا الحزب والذي يقول:‏
‏( نحن أبناء امة حزب الله التي نصر الله طليعتها في إيران، وأسست من جديد نواة الدولة الإسلامية ‏المركزية في العالم... نلتزم بأوامر قيادة واحدة حكيمة عادلة تتمثل بالولي الفقيه، وتتجسد حاضرا ‏بالإمام آية الله روح الله الموسوي الخميني قدس سره ودام ظله، مفجر ثورة المسلمين وباعث ‏نهضتهم المجيدة...) ان حزب الله هم الغالبون –القرآن الكريم- ‏
وهذا السؤال موجه ايضا الى الحكومة اللبنانية، هل هكذا مبادئ تعطى تصريحا؟ وبموجبه يصبح ‏حزب الله حزبا لبنانيا؟؟؟
اليس الجيش السري الايرلندي والجيش الأحمر الياباني، وثوار التاميل في سيرسلنكا وجبهة ‏البوليساريو في المغرب وجيش المهدي، والبشمركة، والجنجويد وقبائل الهوتو والزولو والتوتسي... ‏اليست هذه الحركات والتنظيمات اقرب الى النظام والتركيبة اللبنانية من مبادئ حزب الله؟؟
فلنعطها تصاريح وتأشيرات دخول! وتساعدنا في تحرير الجنوب... وتساعد حزب الله ايضا بتحرير ‏القدس وغزة والجولان وتحرير لبنان من اللبنانيين!!.‏