حزب حرَّاس الأرز ــ حركة القوميّة اللبنانية

 

صدر عن حزب حرَّاس الأرز ــ حركة القوميّة اللبنانية، البيان التالي:

 

تعوّد اللبنانيون ان يحمّلوا الغير دائماً مسؤولية النكبات التي تحلّ بهم من وقتٍ إلى آخر، فتارةً يقولون انها نكبات من صنع القدر ولا بُدّ من الإستسلام لها إذ لا طاقة لهم على مواجهتها، وتارةً أخرى انها من صنع دول كبرى على شكل مؤامرات خارجية حاكها ضدّهم الأعداء في غفلةٍ منهم.

 

هذا الكلام فيه شيء من الحقيقة وليس كل الحقيقة، حيث تعرّض لبنان بالفعل وما يزال لمؤامراتٍ خارجية كثيرة متداخلة ومتشعّبة. فالغزو الفلسطيني للبنان في منتصف سبعينات القرن الماضي كان مؤامرة فلسطينية ـ عربية ـ دولية كاملة الأوصاف، وهدفها كان حَلّ مسألة الشرق الأوسط على حساب هذا البلد، ولكن الحقيقة الكاملة ان هذه المؤامرة ما كانت لتمُرّ لولا التأييد الواسع الذي لاقته من قِبَل العديد من الزعامات المحلية السياسية منها والروحية، وما كانت لتنوجد أصلاً لولا الجريمة الكبرى التي ارتكبتها حكومة بشاره الخوري في العام ١٩٤٨ يوم سمحت لعشرات الألوف من الفلسطينيين باللجؤ والإقامة على أرضنا من دون التنبّه إلى الأخطار الديموغرافية والأمنية الجسيمة التي تشكلها هذه الأعداد الهائلة على مستقبل البلاد ومصيرها.

 

وما ان اندحر الغزو الفلسطيني على يد المقاومة اللبنانية، حتى سارع زعماء لبنان، وبخاصةٍ الموارنة منهم، إلى الترحيب بالغزو السوري وتقديم الدعم اللازم له للبقاء ثلاثين عاماً جاثماً على صدرنا بكل ثقله وطغيانه.

 

وما ان أفل نجم النفوذ السوري في العام ٢٠٠٥ حتى هرع عدد من قادة البلاد إلى الترحيب بالنفوذ الإيراني وتأمين التغطية المريحة له لتحويل لبنان إلى جرمٍ يدور في فلك الجمهورية الإسلامية الإيرانية... ونحن على يقين انه فور زوال هذا النفوذ، سنجد حتماً نَفَراً من السياسيين اللبنانيين يفتّش عن قوة خارجية بديلة لإستقدامها إلى لبنان والإستقواء بها لتعزيز مكانته السياسية ومحاربة خصومه المحليين.

 

قصَدنا من هذه المقدمة ان ندل على مكمن الداء، وان نؤكد ان مرض لبنان داخلي بامتياز، والرياح الغريبة التي تعصف به باستمرار هي نتيجة طبيعية لهذا المرض العضال، وان العلّة الأساسية في كل مآسيه ونكباته تكمن في نفسية سياسييه الرخيصة، وميلها الغريزي إلى الإرتماء في أحضان الغرباء، واستسهال الخيانة، وسرعة تبديل المواقف تبعاً للمصالح الشخصية.

 

غير ان هذا لا يعفي اللبنانيين من مسؤولية هذا الإهتراء السياسي الذي وصلنا إليه، أولاً، لأن معظمهم يهوى تملّق الزعماء ولو كانوا على خطأ مما يشجعهم على التمادي في الضلال. ثانياً، لانهم لم يبادروا مَرّة إلى محاسبتهم حتى في عز المحن، بل إلى تبرير خياناتهم بشتّى الحجج والأعذار. ثالثاً، لانهم ما زالوا ينساقون كقطيعٍ من الغنم إلى صناديق الإقتراع لتجديد الولاء لهم.

 

من المستحيل ان تستقيم الأوضاع في بلدٍ ما في العالم إلا إذا تعلّم الشعب كيف ومتى يحاسب مسؤوليه... وإلا سيظل يدفع غالياً من دمه وعرقه ثمن استكانته وسكوته المتواصل عن جلاّديه.

لبَّـيك لبـنان

أبو أرز

في ٢٦ آب ٢٠١٠.