حزب حرَّاس الأرز ــ حركة القوميّة اللبنانية

صدر عن حزب حرَّاس الأرز ــ حركة القوميّة اللبنانية، البيان التالي:

 

بعد مغادرة الرئيس الإيراني وانتهاء زيارته للبنان، لا بُدّ من قراءَةٍ هادئة تسمح بتقييم هذه الزيارة والوقوف على أبعادها وتداعياتها المحلية والإقليمية، بعيداً من الضجيج السياسي والإعلامي الذي رافقها نسبةً لضخامة عناوينها ورسائلها وشعاراتها.

 

ان الإنطباع العام الذي خرج به اللبنانيون الذين تابعوا تفاصيل هذه الزيارة عن كثب، نلخّصها بالنقاط التالية:

 

الأولى، انحرافها عن مسارها الرسمي ونبرتها المعتدلة ما ان غادر الرئيس الإيراني القصر الجمهوري في بعبدا وحلّ ضيفاً على "جمهورية" الضاحية وامتداداتها في الجنوب اللبناني، حيث اعتمد لغتين متناقضتين، الأولى موجّهة إلى الشعب اللبناني عامةً تدعو إلى دعم الدولة ومؤسساتها الرسمية، وتشيد بالوحدة الوطنية والتعايش بين الطوائف والسِلم الأهلي... إلخ، فتركت أثراً إيجابياً لديه. والثانية موجّهة إلى "شعبه" الخاص وتدعو إلى الجهاد وضمّ لبنان إلى "جبهة مقاومة الشعوب" الممتدّة من فلسطين إلى سوريا والعراق وتركيا وإيران ضُدّ قوى الإستكبار العالمي كما يسمّيه، فتركت أثراً سلبياً لدى بقية الفئات اللبنانية التي تخشى ان يصبح لبنان قاعدة إيرانية متقدّمة لسياسة إقليمية تتعدّى حجمه وقدراته وتعيده إلى دوّامة الحروب العبثية وتكاليفها البشرية والمادية الباهظة.

 

الثانية، الحشود الشعبية التي استقبلته على طريق المطار وفي ملعب "الراية" في الضاحية وبعض قرى الجنوب كانت بغالبيتها الساحقة من لونٍ واحد مِمّا أضفى على هذه الزيارة الطابع الفئوي خلافاً للطابع القومي الذي حظيت به زيارة سلفه الرئيس محمّد خاتمي.

 

الثالثة، لقد أقحم الرئيس الإيراني نفسه في الصراع اللبناني الداخلي الساخن جداً الدائر حول مسألة المحكمة الدولية بعد ان تبنّى وجهة نظر جماعته المشككة في صدقيتها، الأمر الذي قد يزيد في تأجيج هذا الصراع المتوقع انفجاره في أول جلسة حكومية مقبلة.

 

كثيراً ما سمع اللبنانيون الرئيس الإيراني، ومن منبر الأمم المتحدة بالذات، يندّد بتدخّل الدول الكبرى في شؤون إيران الداخلية وبالإنتقاص من كرامتها، ويهاجم الإستكبار العالمي... واليوم وبعد زيارته لبلدهم يسألونه: وماذا عن تدخّل إيران السّافر في شؤونهم الداخلية والخارجية؟ وكيف يحترم سيادة هذا البلد وقد أقام فيه مستعمرة مسلحة إيرانية النهج والإمرة والعقيدة راحت بدورها تمارس الإستكبار على بقيّة الفئات اللبنانية غير المسلحة التي تخالفها الرأي والرؤية؟؟؟

 

الشعب اللبناني كان يتمنّى ان تبقى هذه الزيارة ضمن الأصول البروتوكولية المعمول بها بين الدول ذات السيادة، وان تحترم خصوصية لبنان، وتساهم في رأب الصدع بين مذاهبه وطوائفه، وتساعد خصوصاً في إنجاح مشروع الاستراتيجية الدفاعية الهادف إلى دمج تلك الدويلة المسلحة بالدولة اللبنانية... ولو فعل ذلك لتمّ له احتلال قلوب اللبنانيين جميعاً عوضاً عن احتلال أرضهم، ولهتفوا له مع جمهوره ومؤيديه "خوش آمديد" أي أهلاً وسهلاً.

 

لبَّـيك لبـنان

  أبو أرز

 في ۱٥ تشرين الأول ٢٠١٠.