وماذا عن المغتربين !!!

الياس بجاني

مسؤول لجنة الإعلام في المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

"فلقونا وطوشونا" بالقانون الانتخابي الجاري إعداده في مطابخ عنجر، حيث تُبتَدع أشنع تقنيات التزوير الإقناع القومي الملتوي، والسبل المقاومتية التحريرية الوهمية المستنسخة عن إنجازات وابتكارات ستالين وموسوليني وهتلر، وتشوشيسكو وباقي قصابي البشر!!

أما في لبنان الداخل، داخل قصور الأذلاَّء الذين تخلوا عن الناس ومرجعياتهم والكرامات، فكل فريق يغني على ليلاه مستقتلاً ساعياً إلى قانون انتخابي مفصَّل على قياسه وقياس جماعته ومساحته، فيما تتطاير الاتهامات والتحذيرات والمقترحات والمخاوف من كل حدب وصوب وكلها تدور في فلك المصالح الشخصية والإقطاعية والأصولية بألوانها الفاقعة.

منهم من يُسَوِّق للقضاء، منهم للمحافظة، منهم للدائرة الواحدة، ومنهم للنسبية، "وهات إيدك والحقني". مشاريع "برج بابلية" ومُشرِّعين غب الطلب. غير أنهم جميعاً أغفلوا عن حقوق المغتربين ولم يأتِ أحد هؤلاء الجهابذة المنظِّرون على ذكر الاغتراب لا من قريب ولا من بعيد. كما أنهم تعامَوا عن حقيقة أن أي قانون مهما كان براقاً، عصرياً ومتوازناً على الورق، لا يمكن أن يطبق إلا على مزاج المحتل السوري وهواه، إن هو بقي ممسكاً بأرزاق وأعناق الناس، ولم يجبر على سحب جيشه ومخابراته تطبيقاً للقرار الدولي 1559، وبالتالي انكفاء دماه من حكام وسياسيين وأمنيين قبل إجراء أية انتخابات، ولنا في "فبركات وتركيبات" الانتخابات التي جرت في ظل حكم الطائف الأدلة الضاربة في الوقاحة الفاضحة على الساحة.

مع استمرارية الاحتلال السوري وبقاء مفاعليه وأدواته البشرية سوف تتحول الانتخابات إذا حصلت، إلى مسرحية تعيينات انتقائية بامتياز، وإلى "محمولات وحمولات" من البشر المخصيين وطنياً وأخلاقياً تنقلها الفانات السورية والبوسطات والمحادل إلى ساحة النجمة.

من هنا فإن أي جهد للمعارضة، إن كان من صدق في النوايا، يجب أن يصب في دعم تنفيذ القرار الدولي 1559 الذي وحده يؤمِّن في حال تطبيقه تحرير لبنان من الجيوش الغريبة، سورية، إيرانية فلسطينية أصولية وغيرها، يخلص البلد من كل أسلحة الميليشيات المقاومتية والفلسطينية والبعثية، ويريحه من المحميَّات الأمنية الأصولية والمذهبية.

على من يضحك هؤلاء صيادو المنافع والحصص والمغانم؟ لقد خبرهم  المواطن في كل الاستحقاقات والمحطات السياسية حيث أكدوا تكراراً ومراراً، أنهم دُمى لا يملكون حرية رأي أو خيار، حتى في مسائل أو مواقف «جزئية» ولنا في الترداد المزعوم للحود والهراوي أنهما كانا على الدوام مؤيدين إطلاق الدكتور سمير جعجع، في وقت كان الأول لست سنوات بيده الحل والربط في هذا المجال عبر توقيع مرسوم رئاسي خاص للعفو عنه، والثاني تسع سنوات، دون أن يفعلا شيئاً على هذا الصعيد.

سقف هؤلاء منخفض وطنياً تحت الحضيض، فالكرامات عندهم مُغيبة، الوجدان مُخدر والضمائر في إجازة نقاهة واستجمام، وهذا ما يظهر جلياً في تغاضيهم ودون استثناء عن التطرق في مشاريعهم الانتخابية المتداولة إلى حقوق المغتربين المشروعة، والتي في مقدمها المشاركة في الانتخابات ترشيحاً واقتراعاً.

تكرموا على المغترب السنة الماضية بمشروع بطاقة اغترابية تفتق عن عبقرية بنات أفكار فخامة "العماد" وعصام فارس، بطاقة خدعة واحتيال تحرمه من حقه في المواطنية، ولا تعطيه أية حقوق، بل تؤمن تسهيلات محددة، ليست هي بأكثر مما هو معطى للسواح العرب والعمال السيرلنكيين!!!.

بملء الفم نقولها آسفين، لا مصداقية لأي قانون انتخابي يُغفل حقوق المغتربين، ولا شرعية لأي حكم لا يقر بحقوقهم في المواطنية كاملة.

إن المشاريع التي يطرحها أهل الطائف والربع الخالي، وتتناول الاغتراب، هي وجبات "مسممة ومبعثتة" هدفها شل قدرات المغتربين الوطنية، اقتلاع جذورهم اللبنانية، اختراق تجمعاتهم،  إجهاض طموحاتهم، وإبقائهم "بقرة حلوب" تدر المال ليس إلا.

نلفت الحكام والسياسيين والرعاة العاملين في الشأنين الوطني والسياسي، أن انتهاكاتهم الفاضحة لحقوق المغتربين، هي خيانة تطاول الهوية والجذور، تنحر تاريخ الوطن ومواطنيه، وتغتال لبنانية الانتشار مع سابق التصور والتصميم.

كفاكم إجراماً بحق لبنان الانتشار، توبوا وإلى رشدكم ثوبوا، استغفروا وكفروا عن ذنوبكم قبل فوات الأوان، فساعة الحساب آتية، وهناك سيكون البكاء وصريف الأسنان.

7/1/2005