النائب مخيبر وجه سؤالا الى الحكومة عن قضية المفقودين والمختفين وطالبها بتوضيح موقفها وسياساتها من اجل حل هذه القضية الانسانية/ جلاء الحقائق سيمكن اللبنانيين من توظيفها ايجابا لتعزيز المصالحة

وطنية - 13/4/2006 (سياسة) وجه النائب غسان مخيبر اليوم، سؤالا الى الحكومة عبر مجلس النواب، في موضوع "قضية المفقودين المختفين قسريا وتنقية ذاكرة الحروب"، هنا نصه: "يحل علينا كل عام يوم 13 نيسان ليعيد رمزيا الى الأذهان ذاكرة الحروب البغيضة التي عصفت بلبنان منذ العام 1975، والتي طويت الى غير رجعة باتحاد وتوافق جميع اللبنانيين. وفي هذه المناسبة، شاركت في اعتصام نظمه أهالي المعتقلين والمفقودين بمختلف فئاتهم، في اسرائيل، في سوريا وفي لبنان. فوجدت العائلات والمواطنين المشاركين، متضامنين ومتحدين بالألم وفي السعي الى الحقيقة والعدالة والمصالحة.

اقتربت مني احدى الأمهات التي فقدت احد ابنائها في سوريا وهي تبكي، تقول لي: "نريد عودة ابنائنا احياء من السجون السورية، والا فليعطونا رفاتهم. نريد على الأقل قبرا نبكي عليه".

وقالت اخرى: "حين شاهدت نبش المقبرة الجماعية في عنجر على شاشة التلفزيون، اهتزت روحي وكأن ولدي اختفى البارحة وليس منذ خمس عشرة سنة ونيف، خلت ان كل عظمة نبشت قد تكون من عظامه، أين إبني؟ ماذا تفعلون لكي اعرف مصيره؟".

لم يعد في استطاعة احد ان يوقف هذه الدموع وتلك الصرخات، او ان يبقى لامباليا حيالها، وحيال القضية الإنسانية والقانونية الكبيرة المحقة التي تنتظر حلا جذريا منذ سنوات طويلة. هذه القضية التي تتمثل بآلاف الحالات الموثقة لضحايا لبنانية جرى اختطافها منذ ان بدأت الحروب في لبنان منذ العام 1975، والأصح القول انهم "اختفوا قسريا" بحسب التعبير المعتمد في القانون الدولي، أي انه "جرى القبض عليهم واحتجازهم رغما عنهم بمخالفة القانون من قبل قوى نظامية أو غير نظامية مختلفة -ابرزها اسرائيلية، سورية، فلسطينية او لبنانية- التي رفضت الكشف عن مصيرهم او عن اماكن وجودهم او رفضت الإعتراف بحرمانهم من حريتهم، مما جرد هؤلاء الأشخاص من حماية القانون".

ان لهذه المسألة وجها مأساويا انسانيا بامتياز، يتجاوز كل الإعتبارات السياسية والفئوية، لأن لأهالي هؤلاء المفقودين المختفين قسريا الحق في زيارتهم أينما كانوا والمطالبة باطلاق سراحهم اذا كانوا أحياء، أو الحق باستلام جثامينهم أو رفاتهم اذا توفوا ليجري دفنها بحسب الواجب واللائق، وفي مطلق الأحوال، لهم الحق في معرفة الحقيقة عن ظروف اختفائهم واسبابها، والتعويض عن الضحايا او عن عائلاتهم تعويضا ماديا ومعنويا ملائما.

كما ان لهذه المأساة الانسانية أيضا وجها قانونيا يرتكز على مبادىء دولة الحق، بحيث لا يمكن حجز حرية اي انسان خارج اطار القانون، ايا كانت الظروف وايا كانت التهم المدعى بها، ووفق اجراءات قانونية وعلنية متفقة مع أصول المحاكمات الجزائية اللبنانية ومعايير حقوق الانسان ومعاهدات جنيف بالنسبة الى حالات النزاعات المسلحة.

وقد اعتبر "الاعلان لحماية كل الاشخاص من الإختفاء القسري" الصادر عن الجميعة العمومية للامم المتحدة عام 1992، أن الإختفاء القسري يشكل جريمة متمادية ومستمرة في حق الضحية واهله ومجتمعه -كما يشكل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية بالنسبة للاختفاءات القسرية في اسرائيل وفي سوريا- ونص الإعلان العالمي صراحة على ان التحقيق يجب ان يستمر حتى معرفة مصير الشخص الضحية.

ومن نتائج ذلك التحديد القانوني ان جرائم الإختفاء القسري لا تسقط بقوانين العفو الخاصة او العامة، لا سيما قانون العفو الصادر عام 1991، كما انها لا تسقط بمرور الزمن. وقد اكد على ذلك المبدأ، عدد من الأحكام والقرارات الصادرة عن المحاكم اللبنانية.

كل ذلك يوجب الإقتصاص من المجرمين الفاعلين والمحرضين على تلك الجرائم متى امكن واقامة المصالحة بعدها متى امكن ايضا.

إن المطالبة بمعرفة مصير ضحايا الإختفاء القسري والعمل على عودتهم احياء الى ديارهم أو عودة رفاتهم هو أمر طبيعي وبديهي جدا، وقد كان موضوع تحركات مطلبية وقانونية عديدة قديمة كنت شخصيا مشاركا دائما فيها. لقد حاول البعض، عن جهل او عن سوء نية، تقسيم المشكلة في شكل سياسي او فئوي او طائفي، لكن هذه المحاولات ليست إلا تعمية للحقيقة التي هي أن الآلاف من مختلف الطوائف والمناطق والتيارات السياسية وقعوا ضحية الإختفاء القسري.

وبالتالي، فان المنطق القانوني والانساني يقضي بأن يكون جميع ضحايا جريمة "الإختفاء القسري" موضع الاهتمام البالغ من قبل مجلس النواب والحكومة والقضاء المختص والمجتمع، حتى يكون حل هذه القضية ايا كان تاريخ او مكان الإختفاء، أفي اسرائيل او في ليبيا أو في سوريا أو في لبنان. يتطلب حل مسألة الإختفاء القسري، الإعتراف اولا بوجود المشكلة وتحديد معالمها وحجمها، والخروج من سياسة الهروب او التعامي الى مواجهة جريئة من اجل اعتماد الآليات والسياسات التي تسمح بتحقيق الأهداف المرجوة بالنسبة الى كل فئة من فئات الإختفاء القسري. ذلك ما سوف نستعرضه في ما يأتي بإيجاز قبل طرح اسئلة محددة.

أولا: فئة المعتقلين والمفقودين المختفين قسريا في اسرائيل شكل مطلب تحرير المعتقلين والمخفيين قسريا في السجون الإسرائيلية موضع اجماع لبناني، كان له صدى في تحرك علني وفاعل للعديد من الأهالي والأحزاب السياسية وهيئات حقوق الإنسان طوال الفترة التي تلت الإحتلال الإسرائيلي لأجزاء من لبنان ودون انقطاع حتى يومنا هذا. وقد شارك الشعب اللبناني بأسره عام 2004 الفرحة بمناسبة تحرير الأسرى والمعتقلين من سجون العدو الإسرائيلي، كما شعر بالإرتياح الشديد لعودة رفات من قضى منهم ومن كان مختفيا قسريا في اسرائيل. وكنت من الذين دعوا حينها السلطات اللبنانية وجميع المسؤولين الى التمثل بهذا الإنجاز الكبير لإكمال تحرير الأسير سمير القنطار ومن بقي من رفاقه في اسرائيل، والعمل على جلاء الحقيقة الكاملة في شأن جميع من بقي قيد الإعتقال أو الإختفاء القسري، أيا كان سبب او مكان أو زمان هذا الإختفاء، ان في سوريا أو في ليبيا او في لبنان، وذلك تمهيدا لحل قضيتهم حلا نهائيا. وبالرغم من اعلان النيات المستمر من قبل الحكومات المتعاقبة، والجهود التي يضطلع بها عدد من الأحزاب الهيئات اللبنانية والدولية، لم تتوضح لنا بعد الخطوات التي تنوي الحكومة اتباعها من اجل حل قضية المعتقلين في السجون الإسرائيلية.

ثانيا: فئة المفقودين المختفين قسريا في سوريا يفترض بالدولة إعارة هذه الفئة من جرائم الإختفاء القسري اولوية خاصة من الإهتمام، لأنها تعني عددا كبيرا من الحالات التي تثبت ادلة وقرائن وشهادات كثيرة، ان عددا من ضحاياها ما زالوا على قيد الحياة في السجون السورية. وهناك ما يناهز ال640 استمارة موثقة عن حالات الإختفاء القسري في السجون السورية، تقدم بها اهالي المفقودين الى جمعية "سوليد" في خيمة الإعتصام في حديقة جبران في وسط بيروت، وذلك خلال السنة الكاملة التي استغرقها هذا الإعتصام للأهالي، وهو غير مسبوق في تاريخ لبنان. لقد اصبحت هذه الفئة من الإختفاءات القسرية في التداول العام والحمد لله، بعد سنوات كثيرة من التعامي والإهمال وسوء التعامل معها طوال فترة الهيمنة السورية على لبنان، وكأن هذا التعامي اخفاء قسري آخر للقضية برمتها بعد الضحايا الأفراد. وقد ساهم في اعادة دفع هذه القضية الى واجهة الإهتمام العام التحرك الدائم لأهالي المفقودين، ومساهمة عدد من هيئات حقوق الإنسان ونقابة المحامين وهيئات مدنية مختلفة، دعمها مشكورا الإعلام وعدد من التيارات والأحزاب السياسية المختلفة، حتى اصبح مطلب حل قضية المخفيين قسريا في السجون السورية احد الإلتزامات التي وعدت الحكومة الحالية بتحقيقه، كما دخل الى جدول اعمال مؤتمر الحوار في ساحة النجمة، وصار حولها توافق بان يكون الحل من خلال اللجنة المشتركة اللبنانية - السورية.

انما لا يخفى على احد ان هذه اللجنة اللبنانية - السورية لا يمكن ان يكتب لها تحقيق اي تقدم جدي، اذا استمرت السلطات السورية في التباطؤ وعدم التجاوب او رفض التعامل بأية جدية مع هذا الملف، وهي لجأت مؤخرا الى تقديم لوائح عن سجناء، تبين لاحقا انها تعود لأناس محكوم عليهم بجرائم عادية وليسوا من عداد المختفين قسريا، البعض منهم كان اطلق سراحه ولم يعد سجينا.

كما يجب التأكيد على ان اللجنة اللبنانية - السورية ليست سوى احدى الوسائل المتاحة للمساهمة في حل قضية المختفين قسريا، ولا تعفي السلطات السياسية من واجب التحرك السريع في مثل هذه القضية الإنسانية. لذلك، يجب الا تتلطى السلطات اللبنانية والسورية وراءها للتأجيل او التسويف.

كما يجب تفعيل العمل باتفاقية التبادل القضائي اللبنانية - السورية، للمطالبة بلوائح كاملة عن المعتقلين اللبنانيين، ليس في السجون الرسمية وحسب، انما ايضا في سجون الفروع السرية التي لم يرد في شأنها اي معلومات بعد. أما اذا استمرت السلطات السورية في عدم التعاون السريع المطلوب لحل قضية الإختفاء القسري في سجونها، فلن يبقى امام لبنان حينها الا خيار مطالبة مجلس الأمن بتشكيل لجنة تحقيق دولية او احالة القضية برمتها الى المدعي العام التابع للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة.

ولا بد لي في ختام هذه الفقرة المخصصة للاخفاء القسري في السجون السورية، من التذكير بتقصير السلطات اللبنانية في كشف الحقيقة المتعلقة بالمقبرة الجماعية التي كشف النقاب عنها في منطقة عنجر قرب مركز المخابرات السورية، وذلك ان بالنسبة الى التقنيات السيئة جدا وغير العلمية التي اعتمدت في نبش هذه المقبرة الجماعية، او بالنسبة الى التباطؤ والتقصير في التحقيق المفتوح في شأنها، خصوصا في جرائم التعذيب والإختفاء القسري والقتل خارج اطار القانون التي كثرت الشهادات المنقولة اعلاميا في شأنها من قبل معتقلين سابقين في ذلك المركز.

الحكومة مطالبة باتخاذ تدابير عملية لتصحيح هذه الأخطاء، بما فيه الطلب من النيابات العامة المختصة الإسراع في اتمام التحقيقات في الظروف والجرائم التي انتجت المقبرة الجماعية في منطقة عنجر.

ثالثا: فئة المفقودين المختفين قسريا في ليبيا وهم الإمام موسى الصدر ورفيقاه تشكل هذه القضية موضوع اجماع وطني منذ تغييب كل من سماحة الإمام موسى الصدر وسماحة الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدرالدين، وجميع القرائن والأدلة تشير الى ان عملية اختفائهم القسري حصلت في ليبيا. التزمت الحكومة في بيانها حل هذه القضية، انما وبعد سؤالها مرارا، وبعد عودة وفد رسمي من ايطاليا حيث اثيرت هذه القضية رسميا مع السلطات المعنية هناك، لم تتقدم الجهود الرسمية اكثر في سبيل جلاء الحقيقة في هذه القضية، ولم تتوضح لنا في شكل كاف الوقائع والأدلة المتوافرة في الملف المتكون لدى الدولة، كما لم تتوضح لنا بعد الخطوات التي تنوي الحكومة اتباعها من اجل حل هذه القضية.

رابعا: فئة المفقودين المختفين قسريا في لبنان اقتصرت المطالبة بمعرفة مصير المفقودين والمختفين قسريا على يد الميليشيات اللبنانية والفلسطينية المختلفة، على مجموعة الأهالي وبعض مؤسسات حقوق الإنسان واثيرت في بعض المنتديات والمؤتمرات والإعتصامات الشعبية التي خصصت لهذة المسألة الإنسانية الكبيرة ولمسألة ذاكرة الحروب اللبنانية وكيفية التعامل معها وتنقيتها. وقد زاد من وقت الى آخر من حدة المطالبة العلنية في هذا المجال، اكتشاف مقابر جماعية او فردية ونبشها في مناطق مختلفة من لبنان. وقد دلت الوقائع الى أن عددا من الرفات المكتشفة تعود لأناس قد يكون عدد منهم من المفقودين المختفين قسريا -كان آخرها اكتشاف رفات الباحث الفرنسي ميشال سورا.

ويفترض أن يكون هناك عدد من تلك المقابر منتشرة في مختلف المناطق اللبنانية، اماكنها معروفة أو يمكن معرفتها او تحديدها. اصبح من واجب لبنان العمل على حل قضية المفقودين المختفين قسريا في لبنان في شكل جذري. وان ادى فتح هذه الملفات كما المقابر الجماعية الى اعادة فتح بعض جراح الماضي، فسوف يكون ذلك من اجل بلسمتها في شكل صحيح ونهائي، من دون ان يهدد ذلك، كما يخشى البعض، السلم الأهلي والمصالحة الوطنية.

أؤمن عميق الأيمان، المعزز بالتجارب العالمية المقارنة، بأن معالجة متأنية ومدروسة، تجري ادارتها في شكل مناسب، سوف تساهم اولا في تلبية المطالبة الملحة والمحقة للأهالي، وتؤدي ثانيا الى تنقية ذاكرة الحروب في لبنان، لما فيه مصلحة جميع اللبنانيين أيا كانت الفئة التي ينتمون اليها.

ان جلاء هذه الحقائق سوف يمكن اللبنانيين من توظيفها ايجابيا "ذاكرة للمستقبل" في سبيل تعزيز المصالحة الوطنية والسلم الأهلي. يجب ان نعمل لجلاء الحقيقة في ملفات المفقودين، لكي لا تقبع هذه الذاكرة اللبنانية الفردية والجماعية في مستنقعات الماضي، تغطيها طبقة رقيقة من النسيان او التعامي الظرفي، بل لتبقى هذه الذاكرة شاهدة على ما تجره الحروب من ويلات ومآس متبادلة، خصوصا بالنسبة الى الشعب الضحية بمختلف فئاته، ولكي تبقى شاهدة على حاجة اللبنانيين -والسوريين والفلسطينيين أيضا- الى حل جميع خلافاتهم بالطرق الديموقراطية والقانونية والسلمية، بلا قهر أو ظلم أو احباط. فالاتعاظ من الماضي ضروري لكي لا تتكرر تجارب الحروب. باختصار وبحسب الشعار الذي ترفعه احدى الجمعيات اللبنانية الناشطة في هذا المجال، كي: "تنذكر ت ما تنعاد".

أما الوسائل الضرورية التي تسمح بترجمة هذه المبادىء في الواقع، والتي نطالب الحكومة باعتمادها، فهي:

أولا: على المستوى العملي تطوير التقنيات العلمية الضرورية في نبش مقابر الحروب -الفردية والجماعية- في شكل سليم. وضع قاعدة بيانات وطنية للحمض النووي DNA لأهالي الضحايا تسمح بالتعرف سريعا على هوية اية رفات قد تكتشف. إنشاء "هيئة وطنية للحقيقة والمصالحة"، على غرار تجارب مماثلة ابرزها في جنوب افريقيا والمغرب، لتكون آلية تتم من خلالها متابعة ومعالجة مسألة المفقودين الشائكة التي تتداخل فيها الإعتبارات الإنسانية والقانونية والسياسية والتاريخية والنفسية، والتي تفترض معالجتها عن طريق متابعة دؤوبة ومستمرة ومتخصصة. على أن تتألف هذه الهيئة وفق المعايير المعتبرة دوليا في مثل هذه الهيئات لتتمتع بالفعالية والإستقلالية والمصداقية والحياد، وان تمنح هذه الهيئة صلاحيات واسعة للاستقصاء والتحقيق. ثانيا: على المستويين الرمزي والتربوي إعلان الثالث عشر من نيسان من كل سنة يوما لذاكرة الحروب في لبنان ولضحاياها وشهدائها كما للسلام المستعاد، على قاعدة "تنذكر ت ما تنعاد".

اقامة نصب وطني تذكاري جامع لضحايا وشهداء الحروب في لبنان -واقترح أن يكون هذا النصب في وسط غابة تزرع او تعتمد فيها شجرة عن كل ضحية- إقامة متحف للحروب والسلام في لبنان يكون عنوانه "تنذكر ت ما تنعاد"، تشرف عليه لجنة "حكماء" مستقلة تساهم في ادارة حوار وطني جامع يتعلق بجمع مواد ذاكرة هذه الحروب وحفظها وكتابة تاريخها وعرضها على المواطنين عموما والطلاب خصوصا، من أجل بناء مصالحة حقيقية تتجاوز الجراح والمآسي.

في الختام، وبالنظر الى الأهمية البالغة التي تتسم بها ضرورة حل قضية المفقودين المختفين قسريا في شكل جدي وتنقية ذاكرة الحروب، فإننا نتقدم من الحكومة بهذا السؤال طالبين منها توضيح موقفها من مجمل المواضيع المطروحة فيه وتوضيح السياسات التي تعتمدها او التي تنوي اعتمادها من اجل حل هذه القضية الإنسانية الوطنية الكبيرة. وبالتحديد، نطلب من الحكومة الإجابة عن الأسئلة الآتية بالنسبة الى كل فئة من فئات الإختفاءات القسرية:

1- ما هي الخطوات العملية التي اتخذتها الحكومة او التي تنوي اتخاذها من اجل تحرير المعتقلين في السجون الإسرائيلية؟

2- ما هي الخطوات العملية -في ما عدا انتظار نتائج اعمال اللجنة المشتركة اللبنانية السورية- التي اتخذتها الحكومة او التي تنوي اتخاذها من اجل حل قضية الإختفاء القسري في سوريا؟

3- اذا استمرت السلطات السورية في نهج عدم التعاون مع اللجنة ومع السلطات اللبنانية بأية جدية، هل تعتزم الحكومة مطالبة مجلس الأمن بلجنة تحقيق دولية خصوصا في هذه القضية او احالتها الى المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية الدائمة؟

4- ما هي الخطوات العملية التي اتخذتها الحكومة او التي تنوي اتخاذها من اجل جلاء الحقيقة بالنسبة الى مصير سماحة الإمام موسى الصدر ورفيقية سماحة الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين؟

5- ما هي الخطوات العملية التي اتخذتها الحكومة لكي لا تتكرر في المستقبل الإجراءات السيئة التي اتبعت في نبش المقبرة الجماعية في منطقة عنجر؟ واين اصبحت التحقيقات في هذا الملف؟

6- ما هي الخطوات التي تعتزم الحكومة اتخاذها من اجل حل قضية الإختفاء القسري في لبنان؟ وبالتحديد: هل لدى الحكومة أية سياسة او آلية متكاملتين تؤديان الى تحديد أماكن المقابر الجماعية ونبشها؟ والتعامل مع ما يترتب على مثل هذه الإكتشافات من واجب التحقق من ظروف الوفاة وهوية الرفات وتسليمها الى ذويها؟ هل توافق الحكومة على انشاء قاعدة بيانات وطنية عن الحمض النووي لجميع ذوي المختفين قسريا؟ هل توافق الحكومة على تشكيل "الهيئة الوطنية للحقيقة والمصالحة" من اجل معالجة قضية الإختفاء القسري في لبنان على غرار تجربة جنوب افريقيا والمغرب؟

7- ما هي الخطوات التي تعتزم الحكومة اتخاذها على الصعيدين الرمزي والتربوي؟ وبالتحديد: هل توافق الحكومة على اعلان الثالث عشر من نيسان يوما وطنيا، واقامة نصب تذكاري، ومتحف لذاكرة الحروب؟ كيف تعتزم الحكومة الإشراف على كتابة تاريخ الحروب منذ العام 1975؟ نأمل من الحكومة الإجابة عن هذا السؤال في اقرب وقت ممكن، وفي مطلق الأحوال ضمن المهلة القانونية".

 

اعتصام اهالي المخطوفين في ذكرى 13 نيسان امام قصر العدل في صيدا

وطنية- 13/4/2006 (متفرقات) نفذت لجنة اهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان، في الذكرى الواحدة والثلاثين لاندلاع الحرب الاهلية، اعتصاما امام قصر العدل في مدينة صيدا تحت عنوان "تنذكر ت ما تنعاد"، حملت خلاله نحو 50 امرأة وأم صور اولادهن وازواجهن الذين خطفوا اثناء الحرب ولم يعرف مصيرهم حتى الآن. وطالب المعتصمون مؤتمر الحوار الوطني ب"وضع قضية المخطوفين والمفقودين على جدول اعمالهم والعمل لكشف مصيرهم. واكد ممثل رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب اسامة سعد (الموجود خارج لبنان) طلال ارقدان خلال الاعتصام التضامني مع المخطوفين والمفقودين والمربي محي الدين حشيشو امام قصر العدل في صيدا "ان قضية المفقودين يجب ان لا تطوى ليس على قاعدة نكأ جراح الحرب ومآسيها، انما كونها قضية وطنية وانسانية". مطالبا "بكشف ومعرفة مصير عشرات الصيداويين الذين اختطفوا على ايدي جهات لبنانية تعاملت مع الاحتلال الاسرائيلي".