أسبوعان على اعتصام أهالي المعتقلين في سوريا و160 اسما جديدا

ممثل المفوضية السامية لحقوق الانسان فرج فنيش: نتابع الموضوع جديا ونتأكد من المعلومات قبل التحرك

كتبت مي عبود ابي عقل  - النهار 26/4/2005

اسبوعان منذ 11 نيسان تاريخ بدء اعتصام اهالي المعتقلين في السجون السورية واضرابهم عن الطعام الذي ينفذونه في الخيمة التي نصبوها في حديقة جبران خليل جبران قبالة مبنى "بيت الامم المتحدة" (الاسكوا) في ساحة رياض الصلح. واسبوع باق حتى انتهاء المدة وتسليم لائحة كاملة بالاسماء الى ممثل منظمة الامم المتحدة في لبنان. وبين هذين الموعدين المفصلين سلسلة من التحركات والنشاطات والندوات الاعلامية والزيارات التضامنية والصلوات، ومزيد من اسماء المفقودين وقصص العذاب وفضائح الابتزاز المادي والمعنوي.

اسماء جديدة

منذ بدء انسحاب الجيش السوري من لبنان بدأت تنكشف الامور وتتوضح اكثر. فمع انحسار النفوذ المخابراتي الذي كان يجثم كحجر ثقيل على قلوب الاهالي، وبعد زوال هذا الكابوس تدريجا من منطقة الى منطقة، بدأ الناس يتنفسون الصعداء واستعادوا الشجاعة التي خانتهم منذ اعوام، وانبعثت الجرأة التي خمدت فيهم سنين طويلة. فكسروا جدار الصمت، وصبوا بالعشرات يوميا يكشفون اسماء احبائهم المفقودين منذ عشر او عشرين او حتى ثلاثين عاما واضافوا الى لائحة الاسماء التي تجمعها "هيئة دعم المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية" (سوليد) 160 اسما خلال اسبوعين فقط، تمهيدا لتقديمها الى الامم المتحدة.

قبل اسبوعين، اي في اليوم الاول من الاعتصام، رفعت "سوليد" مذكرة الى الامم المتحدة ضمنتها ثلاث نقاط:

"اولا: اعتبار القرار 1559 غير مكتمل التنفيذ اذا لم تعالج قضية المعتقلين.

ثانيا: الطلب الى مجلس الامن انشاء لجنة تحقيق واسعة الصلاحايت للتحقق من جرائم الاختفاء القسري والاعتقال الاعتباطي على يد القوات السورية في لبنان.

ثالثا: الطلب الى اللجنة الدولية للصليب الاحمر دخول السجون السورية للتأكد من خلوها من اللبنانيين".

وتسلم المذكرة الناطق الاعلامي باسم الامم المتحدة في بيروت نجيب فريجي وارسلها في اليوم نفسه الى مكتب الامين العام للامم المتحدة في نيويورك، كما وضع تقريرا عن الموضوع وقدم نسخة منه الى المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة تيري رودلارسن.

من ناحيته، التقى الممثل الاقليمي للمفوضية السامية المتحدة لحقوق الانسان فرج فنيش وفدا من اهالي المعتقلين برئاسة "هيئة دعم المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية" (سوليد) غازي عاد بناء على طلبهم وتسلم المذكرة نفسها. وكل يوم، وقبل ان يتوجه الى مكتبه وبعيد مغادرته، يتفقد المعتصمين ويطمئن اليهم ويسأل عن جديدهم.

وفي لقاء مع "النهار" اكد فنيش "ارسال المذكرة الى الامين العام للامم المتحدة، ونسخة ثانية الى المفوضة السامية لحقوق الانسان في المنظمة لويس اربور في مقرها في جنيف. واضاف: "ابلغناهم الرسائل واوضحنا لهم ملابسات الموضوع، والاثنان حريصان على كل ما يتعلق بحقوق الانسان. وهذه القضية انسانية وهي انتهاك لحقوق الانسان. الوثائق اصبحت بين ايديهما وانا متأكد انهما سيتصرفان طبقا للاجراءات المعمول بها في الامم المتحدة في مثل هذه الحالات".

التأكد اولا

ما هو التحرك الذي تقوم به الامم المتحدة عادة بعد تسلمها مذكرات مماثلة؟

- عمليا، سيتم التثبت اولا من المعلومات وسيطلب الامين العام او المفوضة السامية التأكد من صحتها. ثم هناك اجراءات مختلفة داخل الامم المتحدة تعنى بمثل هذه القضايا منها فريق العمل الخاص بالاعتقال التعسفي وفريق العمل الخاص بالاختفاء القسري لان الحالات الملحوظة في المذكرة هي حالات اختفاء قسري واعتقال تعسفي. فرق العمل هذه تتدخل لدى السلطات المعنية اي سوريا. وسبق ان تدخلت قبل اعوام في بعض المواضيع التي وصلتها،وفي ضوء المعلومات الجديدة ستتحرك للاتصال بالسلطات المعنية لطلب توضيحات ومعلومات. وعلى الاثر تتخذ اجراءات مثل الزيارة الميدانية والتدخل لدى السلطات من اجل الافراج وغيرها من الاجراءات التي تقررها الامم المتحدة بحسب الحالة. وهذا يعني ان ليس هناك طريق واحدة بل هناك اكثر من امكانية للتحرك.

كيف يمكن الامم المتحدة ان تتثبت من وجود معتقلين لبنانيين في السجون السورية اذا لم تقم بتحرك ميداني منذ البداية؟

- ذكرت ان من بين الطرق التحرك الميداني، وقد تقر هذه الدوائر طلب زيارة ميدانية.

هل تقبلون مذكرات مقدمة من هيئات اهلية وليس من دولة؟ اي هل انتم كأمم متحدة تتعاملون مع دولة ام تقبلون المذكرات الصادرة من منظمات اهلية؟

- الامم المتحدة تتقبل المعلومات والشكاوى من الافراد والمنظمات الاهلية والحكومات والمؤسسات ومن كل من لديه معلومة قد تكون صحيحة وتستحق التدخل لاتخاذ اجراء لحماية حقوق الانسان.

هل من آلية معينة يجب اتباعها من اجل تشكيل لجنة تحقيق دولية كما يطالب الاهالي، ام تتخذون قرارا في هذا الشأن في ضوء الابحاث التي تجرونها؟

هذا الامر سابق لاوانه. للاهالي الحق في ان يطالبوا لانهم يعانون بسبب غياب اعزائهم وعدم معرفة اي شيء عن مصيرهم ووجودهم وعدم تمكنهم من زيارتهم. هذا كله شرعي. ونحن لا يمكننا الا ان نتضامن مع الاهالي الذي يفقدون احد افرادهم او مع من هو مسجون من دون محاكمة او من دون الحق بزيارة. نحن نتضامن مع هؤلاء ونحاول قدر الامكان فتح حوار مع الدول المعنية لايجاد حلول.

هل يمكنكم التعاون مع اللجنة الدولية للصليب الاحمر ومنظمات دولية اخرى، ام تشكلون فريق عمل مستقلا من الامم المتحدة؟

- اللجنة الدولية للصليب الاحمر لها رسالة واضحة واعتقد انها قامت بكل الجهود المطلوبة وهي تواصلها. هناك تعاون طبعا لكن للجنة الدولية قواعد عمل تختلف ونحن نحترمها. اذا كان هناك قرار للتحرك من الامم المتحدة فهي ستتحرك بمفردها وطبقا لقواعدها.

آخر الاسبوع سيقدم الاهالي لكم لوائح كاملة باسماء معتقلين، هل تتبع هذه اللوائح مسار المذكرة؟

- كما سبق ان قلت ليس من مهمات مكتب المفوضية السامية لحقوق الانسان ومكتب الامم المتحدة في بيروت اتخاذ قرار للتحقق او التثبت من المعلومات، بل يرسلان المذكرات واللوائح الى الجهات المعنية داخل الامم المتحدة فهي ستتحرك بمفردها وطبقا لقواعدها.

آخر الاسبوع سيقدم الاهالي لكم لوائح كاملة باسماء معتقلين، هل تتبع هذه اللوائح مسار المذكرة؟

- كما سبق ان قلت ليس من مهمات مكتب المفوضية السامية لحقوق الانسان ومكتب الامم المتحدة في بيروت اتخاذ قرار للتحقق او التثبت من المعلومات، بل يرسلان المذكرات واللوائح الى الجهات المعنية داخل الامم المتحدة حيث لجان عديدة، وستصل اللائحة الى اللجنة المختصة مثل فريق العمل الخاص بالاحتجاز التعسفي او الاختفاء القسري. وسيدرس هذا الملف بكل جدية، هي ليست المرة الاولى تعالج الامم المتحدة هذه الامور بجدية. عموما نحن نرحب بكل معلومة ترد في الموضوع ونبلغها الى الهيئات المختصة.

هل يستغرق بدء التحرك وقتا طويلا؟

- طبعا.

لكن الناس محروقون؟

- نحن نقدر هذا الامر، انما للامم المتحدة حركتها التي لا تسير بالسرعة المطلوبة ولا بد من ان تحترم، كما عليها ان تتأكد قبل ان تخطو. ومن المفيد لها ان يكون تحركها ذا فاعلية وان يؤدي الى نتيجة اساسية هي حماية الضحايا.

هل ستتدخلون ايضا لدى الحكومة اللبنانية؟

- في بيروت ليس لنا صلاحية للتدخل في المسائل، انما نبلغ الجهات المعنية وهي تتخذ الاجراءات الضرورية أو ما تراه مناسبا في المقر في جنيف. وانا اطمئن كل الناس الى ان الامم المتحدة تتابع جديا هذا الملف.