ميقاتي شكّل لجنة جديدة للمعتقلين اللبنانيين في سوريا

 الاهالي يرفضونها "لإنها لا تخضع للمعايير الدولية" 

مي عبود ابي عقل- النهار  23 حزيران 2005

ذكرت شهران ونيف مرا على الاعتصام الذي ينفذه اهالي المعتقلين في السجون السورية في حديقة جبران خليل جبران قبالة مبنى" الاسكوا" في وسط بيروت لمطالبة الدولة اللبنانية ومنظمة الامم المتحدة بالتحرك الفاعل والجدي لدى الدولة السورية للكشف عن مصير احبائهم المختفين قسرا واطلاق الاحياء وتسليم جثث الاموات منهم.

قد يكون استحقاق الانتخابات النيابية أثر بعض الشيء في توافد الاهالي اليومي الى المكان، لكنه لم يحد من ايمانهم واملهم، ولا من نشاط"لجنة دعم المعتقلين والمنفيين اللبنانيين" (سوليد ) وتحركها للوصول الى الهدف المنشود. والجديد في هذا الشأن القرار الرقم 43/2005 الذي اصدره رئيس الحكومة نجيب ميقاتي امس، ايفاء للوعد الذي سبق ان قطعه لهم منذ شهر ونصف الشهر" بفتح الملف بجدية لنصل الى الخبر اليقين عن الأحباء، احياء كانوا ام امواتا، وتشكيل لجنة خاصة برئاسة قاض نزيه"، عقب المحادثات التي سبق ان اجراها في هذا الشأن قبل 48 ساعة مع الرئيس السوري بشار الاسد وما تضمنه البيان اللبناني - السوري المشترك من فقرة خاصة عن قضية المفقودين واعلان تشكيل لجنة مشتركة من الطرفين لمعالجة هذه المسألة.

"القرار"

وتضمن القرار النص الآتي:

"المادة الأولى: تؤلف لجنة قوامها السادة: النائب العام لدى محكمة الاستئناف في بيروت القاضي جوزف معماري رئيسا، قاضي التحقيق لدى المحكمة العسكرية القاضي جورج رزق والعقيد في قوى الأمن الداخلي طارق نجيم عضوين، رئيس الكتبة لدى النيابة العامة الاستئنافية في بيروت عبد الحفيظ عيتاني أمينا للسر، مهمتها جمع المعلومات المتوافرة عن المواطنين اللبنانيين المعتقلين في سجون الجمهورية العربية السورية، وتأمين الاتصال بالسلطات القضائية والأمنية والسورية المختصة لتحديد أمكنة وجودهم والتهم المنسوبة اليهم أو الأحكام القضائية الصادرة في حقهم، والعمل على اطلاقهم وتسليمهم الى القضاء اللبناني لاتخاذ الاجراءات المناسبة في حقهم وفق أحكام القوانين اللبنانية النافذة. المادة الثانية: يتولى الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني - السوري نصري خوري التنسيق بين اللجنة والسلطات السورية المختصة. المادة الثالثة: تجتمع اللجنة مرتين في الأسبوع على الأقل، وكلما دعت الحاجة، خارج أوقات الدوام الرسمي في السرايا الكبير، كما يمكنها أن تجتمع في مكتب رئيسها في قصر العدل. وتضع المديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء بتصرف اللجنة العناصر البشرية والتجهيزات واللوازم المكتبية اللازمة لمساعدتها في تنفيذ مهماتها. المادة الرابعة: تحدد اللجنة مهلة ثلاثة أشهر، قابلة للتجديد، من أجل انجاز المهمة الموكولة اليها، على أن ترفع الى وزير العدل تقارير شهرية عن أعمالها المنجزة".

"عود على بدء"

ولكن يبدو ان هذا القرار الذي كان يتوقعه الاهالي، صدمهم بتشكيلة اللجنة واعتبروا انه يعيدهم الى نقطة الصفر بدل ان يقودهم الى خط النهاية. ففي اللقاءات التي عقدوها مع الرسميين والمعنيين، من الرئيس ميقاتي في 5 أيار الفائت، الى الامينة التنفيذية لمنظمة الأسكوا ميرفت تلاوي في 26 أيار الفائت، الى وزير العدل خالد قباني في 14 حزيران الجاري في حضور القاضي جوزف معماري والنائب غسان مخيبر، كانوا يشددون في مطلبهم الاساسي على ان يخضع تشكيل اللجنة للمعايير الدولية وان تضم ممثلا لهم وآخر للمنظمات الدولية وهيئات حقوق الانسان اضافة الى احد المعتقلين المفرج عنهم للمساعدة في التعرف الى الاشخاص واماكن الاعتقال في السجون السورية. لكنهم فوجئوا بأن اللجنة التي شكلت لا تستجيب أياً من هذه الشروط، وتفتقد بالتالي الى الصدقية والاهلية. مع الاشارة الى ان مصادر مواكبة لتشكيل اللجنة ذكرت لـ"النهار" انه كان المفترض تشكيل لجنة استشارية تضم ممثلين للمنظمات الانسانية وممثلاً للجنة حقوق الانسان في مجلس النواب الجديد (الارجح ان يكون النائب المنتخب غسان مخيبر) لتواكب اعمال اللجنة الرسمية. الا ان القرار الصادر لم يشر لا من بعيد ولا من قريب الى هذا الامر.

"لا تعنينا"

رئيس لجنة" سوليد" غازي عاد اكد لـ" النهار" انه" في الشكل يعتبر تشكيل الحكومة اللجنة نقطة ايجابية. ولكن في المضمون هذه اللجنة لا تعنينا لانها تشبه اللجان السابقة لناحية تشكيلها. وهذا الامر لا يشجعنا على التعاطي واياها لاننا طالبنا بأن تضم ممثلين للصليب الاحمر الدولي ومنظمة الامم المتحدة والاهالي واللجان المحلية التي تعمل على هذا الملف، وهذا ما لم يتحقق. والنقطة الثانية الاساسية ان صلة الوصل بين اللجنة والسلطات السورية هي رئيس المجلس الاعلى اللبناني - السوري نصري خوري، وهذا الانسان لا يشجع على التعاطي واياه لأن لديه موقفا واضحا من هذا الملف سبق ان اعلنه مرارا خلال الاعوام العشرة الفائتة وهو انه لا يوجد احد من المعتقلين في سوريا. فعلينا اذن ان نقنعه هو اولا بوجود معتقلين في سوريا ليبدأ بعد ذلك فتح الملف مع السوريين، فهل هذا امر طبيعي ؟" وردا على سؤال عما اذا كان يعتبر هذه اللجنة شكلية، ولماذا لا يمنح الرئيس ميقاتي فرصة ؟ أجاب:"اوضحنا له موقفنا منذ البداية، وطريقة تشكيل اللجنة لا تشجعنا. اذا شكلوا لجنة استشارية ربما نبحث في الامر. ولكن ما دام الوضع على هذا النحو فنحن غير معنيين. تصوري ان يعود الاهالي من جديد لتقديم ادلة واثباتات وفتح ملفات بعد كل ما قاسوه مع اللجنتين السابقتين. سواء كان المسؤول فيهما العميد ابو اسماعيل او فؤاد السعد، والان من جديد مع اللجنة الجديدة، هذا امر غير منطقي. كما ان الموقف السوري الرسمي المعلن واضح وسبق ان صرح به رئيس الوزراء السوري ان" اللبنانيين المعتقلين عندنا هم ارهابيون". واوضح ان" مطلبنا القيام بتحرك سياسي في هذا الملف اي ان يتوجه رئيس الوزراء اللبناني الى سوريا ويفتح الموضوع مع السلطات السورية ويطلب حله فورا. الشق السياسي يجب ان يوضع على النار حالا، اما الشق القانوني فيمكن بحثه في هدوء لاحقا".

 "اين ممثلينا"

من ناحيته ابدى رئيس" لجنة دعم المعتقلين اللبنانيين اعتباطا" ( سوليدا ) وديع الأسمر" تخوفه من آلية عمل اللجنة ومهلة الثلاثة اشهر المعطاة لها. مطلبنا هو اعطاء اجوبة على الملفات الموجودة اصلا ودرس الملفات الجديدة، وليس اعادة تكوين الملفات السابقة وتجميعها". وسأل:" لماذا التأخير شهرا لتعيين قاض ثم اسبوع لتشكيل اللجنة؟". واسف لتعيين" نصري خوري وسيطاً وهو يشبه في مواقفه وتصرفاته المدعي العام السابق عدنان عضوم، ويؤكد سلفا ان لا معتقلين في سوريا". واكد ان"مطلبنا الجوهري هو العمل على الملفات بطريقة جدية وليس تجميعها. اذا كانت هذه اللجنة مثل سابقتيها فهي لا تعنينا. نريد ان يكون لدينا مراقب نثق به في حال نفي السوريين. كما ان الخبرة التي نملكها في هذا المجال من خلال تعاطينا الملف مدى سنوات لا يملكونها هم ونحن نضعها في تصرفهم لمساعدتهم". وأمل الاسمر في ان يبادر الرئيس ميقاتي الى "تصحيح الامر وتدارك الخطأ، إما من خلال تشكيل لجنة استشارية وإما باضافة عضو او اكثر على اللجنة لانقاذ الوضع".

"مذكرة دولية"

وسبق ان رفع اهالي المعتقلين ومنظمتا "سوليد" و"سوليدا" الى الامين العام للامم المتحدة كوفي انان بواسطة الرئيسة التنفيذية للأسكوا ميرفت تلاوي مذكرة عاجلة ضمنوها المطالب الاتية:

1 - التحقق من حالات الاختفاء القسري للبنانيين على ايدي القوات السورية واجهزة المخابرات في لبنان.

2 - تأمين الاطلاق الفوري واللامشروط للبنانيين المعتقلين في سوريا.

3 - الطلب الى السلطات السورية وضع قائمة حديثة باللبنانيين الذين كانوا او لا يزالون معتقلين في السجون السورية وفي مراكز اعتقال سرية من عام 1976 حتى 30 نيسان 2005، وبالذين اعدموا من دون محاكمة وتوفوا في مراكز الاعتقال السورية.

4 - الكشف عن المقابر الجماعية على الاراضي اللبنانية وخصوصا في محيط مقرات المخابرات السورية، والتي نملك عنها مؤشرات ومعلومات واضحة".