24 عاماً على استشهاد بشير الجميّل: هل الحلم ما زال حياً فينا؟

مهّد لـ"ثورة الأرز" طارحاً شعاري "لبنان أولاً" والـ "10452 كلم2

النهار - 2006 / 9 / 14

 لم يكن كثيرون يعرفون المساحة الجغرافية للبنان ويحفظونها عن ظهر قلب قبل أن يجهر بها بشير الجميل أو"الأمل"، و"الوعد"، و"الحلم"، كما لقبه محبوه وانصاره على مدى واحد وعشرين يوماً هي فترة انتخابه رئيساً للجمهورية. أراد لبنان أكبر من الدنيا والاحتلالات والأطماع. فتحول رئيساً للشهداء.

زكية النكت رحمة

تقرأ خطب بشير الجميل فتحسب أنه ألقاها البارحة. ليس لأنها ما زالت "طازجة" في مخيلتنا وضمائرنا، بل لأن الظروف والسياسات والتحالفات والزواريب لم تتغير قيد أنملة، فالجميع أثنى على مبادئه وتمسك بها، لكن أحداً لم يطبقها. تشعر أن لا شيء تغيّر منذ 14 أيلول 1982، سوى رحيل بشير الجميل واندثار حلمه وحلمنا بـ" مدينته الفاضلة".

كاد يمضي ستة أعوام في قصر بعبدا رئيساً للجمهورية، وكاد ينسي الناس أسماءهم ووجوههم وهمومهم وفرديتهم انصهاراً في رسم لبنان الحلم. صار بشير الجميل ملامح الناس. وصار الأطفال يُدعون باسمه. كان يقول ما يحلم به الناس، ويحلم بأن يستطيعوا قول ما يريدون. كان منهم يؤمنون بمساحة الوطن وبقدرته، فاستشهد على يد جمهورية قاتلة.

كانت أحلامه أكبر من أن تختصر وآماله أكبر من أن تتعثر. وكان سياسياً بامتياز ورجل دولة من الطراز الأول.

ضمير وتاريخ

يجمع الأصدقاء والخصوم على رؤيوية مواقف بشير الجميل ووضوحها. حتى قيل فيه الكثير: صاحب قرار وطني، يعطي كل ذي حقّ حقه، يعشق الحقيقة، سريع الاستيعاب، عنيد في سبيل مواقفه، ظاهرة مارونية غريبة، وحّد صفّ المسيحيين، نادى المسلمين الى التلاقي، رجل تخطيط ورؤيا وبعد نظر، عفوي، قوي، قادر على الاقناع، يقدم ولا يتراجع، يشاور أهل المعرفة، مقاومته ليست طائفية بل لبنانية، متواضع. دقيق في المواعيد، وكان رقيقاً مع الناس، لطيفاً، دائم الابتسام، ولم يكن يعاملهم "من فوق"، بل كان معهم في كل الأحوال والظروف، يتحدث مع كل شخص ويشعره بأنه يهتم بكل كلمة يقولها وبأنه ندّ له في كل شيء. كان كريماً مع كل من قصده طالباً المساعدة، وعفوياً لدرجة أنه دخل مرة محل فلافل طالباً سندويشاً قبل أن يتنبه الى أن ليس معه حتى ليرة واحدة فاعتذر "مش حامل مصاري"، فما كان من صاحب المطعم الا أن ناوله السندويش متعجباً: "هيدا بشير؟ مش معقول يكون هوّي وما معو حق السندويش!". كما كان بسيطاً يكره اللباس الرسمي وربطات العنق والمواكبة. علاقته برفاقه كانت علاقة زمالة طيبة وعفوية، ويوم كانوا يتخوفون من ردّة فعله يوم استشهاد ابنته، اكتفى بالقول: "مايا شهيدة متل الشهدا الخمسة آلاف".

هذا هو بشير الجميل الذي ولد في الساعة الثالثة من فجر 10 تشرين الثاني 1947، وملأ قلب آل الجميل بالفرح لاضافة ركن جديد الى العائلة المكونة من أربع شقيقات هن: ماديس، وكلود، وجاكلين، وأرزة، وشقيق واحد هو أمين. كان في العاشرة من عمره عندما تعلم قيادة السيارات، وذات مرة قرّر أن يقود السيارة خلسة ففوجىء والده الشيخ بيار والسكان عند رؤية السيارة وهي تسير بمفردها في شوارع القرية، فبشير لم يكن ظاهراً في داخلها لشدة صغره رغم الأريكة التي يضعها على كنبة السائق. وفي البيت كان التأنيب نصيبه حتى وعد أنه لن يفعلها ثانية. فهو كان ورغم شقاوته يعتبر والده مثله الأعلى ويحترمه بشدة ولا يخالف له أمراً أو طلباً الا اذا كان هو (أي بشير) على حقّ.

وحدث مرّة أن غضب منه الشيخ بيار وأراد أن يعاقبه على أمر لم يكن مخطئاً فيه، فهرب من المنزل، ولم يعد الا عندما ثبت للشيخ بيار أنه ليس مخطئاً وبالتالي لا يستحق العقاب.

يروى أيضاً أنهما اختلفا بضراوة على أمر، فما كان من بشير الا أن خرج من المنزل وبدأ بتمزيق صور والده المعلقة على الجدران في بكفيا الى أن قبض عليه بعض الكتائبيين من أجل التحقيق معه لأنهم لم يتعرفوا اليه، فنهرهم بشير بحزم قائلاً: "هذا أبي وأنا حرّ في تمزيق صوره". كان يعبّر دائماً عن رأيه بصراحة، كما كان من الصعب جداً اقناع بشير بأنه مخطىء اذا كان مقتنعاً بأنه على صواب، وكان يعاند الى أن يقنع الآخرين بصوابية فكرته، أو حتى يبرهنوا وبما لا يقبل الشك، خطأ تفكيره.

كان بشير يحب عيد الزهور الذي تحييه منطقته بكفيا وينتظره بلهفة. وفي أحد الأعوام طلب اليه تزيين سيارة قسم الكتائب في بكفيا، فطلب من رفاقه مساعدته لتنفيذ فكرة طالما تمنى تحقيقها. وفي اليوم المخصّص للعرض وصلت سيارة قسم الكتائب بزينة بسيطة عليها عبارة وحيدة كتبت بالزهور " لبنان أولاً". تزوج صولانج توتونجي بعد حبّ دام احدى عشر سنة، يوم 12 آذار 1977، والفترة الوحيدة التي شعرت فيها صولانج بأن بشير هو زوج لها كانت فقط خلال رحلة شهر العسل في روما. أما بعدها فكان دائم الانشغال في الاجتماعات، كما لم تكن تجد الوقت لتكلمه اذا ما خرجا معاً لكثرة السلامات والتحيات التي يتلقاها في الطريق. ولدت ابنتهما مايا في 12 حزيران 1978، وكانت صدمة بشير الأولى الحقيقية هي استشهاد ابنته في حادث كان يستهدفه شخصياً في 23 شباط 1980 . والمقرّبون منه يعرفون كم قاسى وعانى هذا الفقدان، ويروون كيف أنه كان يطلب من أحد أصدقائه أن يرافقه في نزهة بعيدة حيث يضع رأسه على باب السيارة ويبكي. في 8 كانون الأول 1980 ولدت يمنى (كان يصرّ على تسمية أولاده بأسماء عربية)، فكان يوقظها من عزّ النوم حين يعود الى المنزل كي يتسنى له رؤيتها، لكن حوادث زحلة 1981 عادت لتشغله من جديد. وفي 1 أيار 1982 ولد نديم فلم تسع الدنيا فرحة بشير عندما علم أنه رزق بصبي، ومرة جديدة لم يتسنَ له أن يرعاه ويحبه ويسهر عليه، اذ جاء الاجتياح الاسرائيلي في 6 حزيران ثم تلته انتخابات الرئاسة واستشهاده في 14 أيلول. يومها حاولت يمنى، لكثرة تعلقها بأبيها أن تمنعه من الذهاب باخفاء مفاتيح السيارة، ونظرت اليه تستعطفه كي لا يغادر المنزل، لكنه داعبها واسترد المفاتيح وكانت المرة الأخيرة التي شاهدته فيها.

مقاومة الاحتلال

حرصه على انقاذ وطنه جعله يتخطى كل العقد والعقبات. فالتقى كمال جنبلاط سراً صيف 1976 لأنهما كانا متفقين على منع دخول السوري الأراضي اللبنانية وان لأسباب مختلفة. فلم يأبه لأي اعتراضات أو عقبات، والتقى زعيم المختارة وبحث معه في السبيل المؤدي الى توحيد جهودهما لاخراج السوري بعدما بدأ يتسلل الى الشمال والبقاع رغم احتجاج اللبنانيين ومعارضتهم. لكن هذه الاجتماعات لم تؤد الى نتيجة لأنّ السوري كان قد تغلغل في الأراضي اللبنانية، ما اضطر السلطة أن تقبل به علناً، عبر اعطائه صفة شرعية سميت "قوات الردع العربية". بعدها اغتيل كمال جنبلاط في آذار 1977. لكن بشير لم يستسلم وحاول مراراً اقناع الدولة بعقم الاتكال على السوري لحلّ المسائل اللبنانية، مشيراً الى أطماعه التاريخية وتدخله السافر في الشؤون الداخلية، مصرحاً أكثر من مرة: "نحن مستعدون للتعامل مع السوري من الند الى الند، من دولة الى دولة فقط. وفي سوى ذلك نرفض أي تعامل". وكان يستاء من رفض سوريا المتواصل اقامة تمثيل ديبلوماسي مع لبنان على غرار الدول الأخرى، ويرى أن سوريا بموقفها ترفض الاعتراف بلبنان كدولة وتسعى الى ضمّه كمحافظة من محافظاتها لتلغي دوره التاريخي والحضاري والانساني.

وتفجّر الوضع يوم خطف السوريون بشير الجميل من ساحة ساسين في الأشرفية واحتجزوه لفترة قصيرة بعد ظهر الأول من تموز 1978 اقتادوه الى أحد الضباط. ولم تستمر الجلسة بينهما أكثر من عشر دقائق، لأن بشير الجميّل رفض الجلوس والاصغاء قائلاً: "انتو محتلين، نحنا ما بدنا ياكن، أحسن تفلو ع بلادكن"، ولما فوجىء الضابط ولم يجب قال الجميّل: "هلق خلصت المقابلة. فيني فلّ؟" فأجابه الضابط: "طبعاً". فعرف الشيخ بشير بأن هذا التصرّف يعني بداية حرب، بل أن الحرب أعلنت بدليل خطفه. وبدأ القصف فعلاً يدكّ منازل الأشرفية وعين الرمانة ويستهدف المصانع والمؤسسات لشلّ حركة اللبناني واخضاعه صاغراً للحكم السوري. واستمرت الحرب مئة يوم حتى نجحت المقاومة اللبنانية في اخراج السوري من الأشرفية مع نهاية العام 1978، فصمم بشير على أن تكون هذه المنطقة مثالاً مصغراً للبنان، أي أن لا تنتهي فقط عند حدود المنطقة الشرقية بل تتعداها لتشمل الـ 10452 كلم2 شعاره الجديد بعد " لبنان أولاً".

لكن السوريين بدأوا تكتيكاً جديداً. فبعد الأشرفية، حاولوا الاستيلاء على زحلة. فبدأوا منذ كانون الأول 1980 بالتحرشات على مداخل عاصمة البقاع وعروسه، الى أن تحولت قصفاً ليلياً يدك أسوار المدينة ويحصد عشرات القتلى يومياً. وكانت عملية تأمين السلاح صعبة والسوري على الأبواب، وكان مقاتلو "القوات اللبنانية" يمشون سبع ساعات على الثلج ليحملوا بعض الذخائر الى المدينة ومعظمهم مات على الطريق ودفن في الثلوج المتراكمة على أطراف زحلة. فما كان من بشير الجميّل الا أن نقل القضية اللبنانية الى المحافل الدولية وجميع دول الاغتراب بدءاً بواشنطن وصولاً الى كل دولة لها ثقلها. فتوقفت الحرب على زحلة بفشل السوريين تصوير الوضع على أنه حرب أهلية.

كأنّه لم يرحل!

"كل قوى العالم تتصارع على ظهرنا"، صرخ بشير الجميل ذات مرّة. لكن أحداً لم يفهم وقتها أن صرخته هذه كانت تعني أن القضية اللبنانية ذات جذور عالمية وان اللبنانيين هم وسيلة الدول الى حلّ مشاكلها على حساب لبنان أرضاً وشعباً. ولم يكن أحد يدرك أن الكثير من مواقفه الداخلية ترتكز على معطيات سياسية خارجية متوافرة لديه. "... لا نريد أن ترسم أشكال التسويات وتقاسيمها على جسدنا وخريطتنا وشعبنا . وعلى الغرب أن يفهم أن لبنان ليس جسره الى حضارة النفط، وعلى الشرق أن يفهم أن لبنان ليس جسره الى حضارة النزف".

وقد أوضح بشير الجميل مسألة الحرب اللبنانية بقوله: "اسرائيل تقصفنا لأننا قاعدة فلسطينية. الفلسطينيون يقصفوننا لأننا، في رأيهم، قاعدة اسرائيلية. الغرب تخلى عنا لأنه اعتبر أننا سقطنا في حضن الشيوعية...". كما أنه لم يغفل طابعاً آخر تتسم به السياسة الدولية هو طابع الوفاق أو الاتفاق، فنبّه اليه بقوله: "لا نريد أن نكون ضحية الوفاق الدولي..." وأضاف: "لا يعقل أن تكون منطقة الشرق الأوسط ساحة تبادل الحلول السلمية، فيما لبنان وحده يخضع لحلول عسكرية".

كان بشير الجميّل يعرف حقّ المعرفة بأن أهداف السياسة الدولية لا تأخذ في الاعتبار الا مصلحتها، لذا كان همّه أن يسعى اللبنانيون الى ما فيه مصلحة وطنهم أيضاً: "بداية النهاية تكون عندما ننقسم على ذاتنا. يجب أن نتخطى الاعتبارات الصغيرة. العدو سلاحه الوحيد "خردقة" الصفوف وطعننا بعضنا ببعض. ترفّعوا عن الأنانيات والحزبيات وكونوا حزباً واحداً هو "حزب لبنان". وقد حدّد الشيخ بشير مفهومه لمضمون الهوية اللبنانية جاعلاً الولاء للبنان ركنها الأول فقال:" يجب ألا يكون لكل واحد منا "مزراب" الى الخارج، أو تطلعات الى ما وراء الحدود، في حين أن الولاء للبنان مشكوك فيه في وقت من الأوقات".

ولم يغفل ذكر القيم التي يجب أن ينطلق منها اللبنانيون في سعيهم الى تحقيق ما يريدون، ناصحاً بأن يكونوا صريحين، لأن الأوطان على المبادىء تبنى، والمبادىء الشريفة تعلن ولا تخفى، لأن وضوح الرؤية المقرون بالصراحة والنزاهة والحقيقة يسدّد طريق اللبنانيين الى أهدافهم الوطنية. فقد أراد أن يظل لبنان موحداً، مدركاً أن الذين يريدون حلّ قضية الشرق الأوسط على حساب لبنان يسعون الى تقسيم لبنان: "وحدنا نستطيع أن نعلن اليوم دولة التقسيم، وهذه ليست أمنيتنا، انها أمنية غيرنا ليبرّر لاحقاً اعلان دولة التوطين. خاب فأله. لن نقدم عليها اليوم ولا في أي يوم".

أدرك أن الحقّ في الوجود يعني قبل كل شيء عدم اعتداء أي لبناني على أي لبناني آخر لأنه لا ينتمي الى طائفة غير طائفته "لبنان للمسلم وللمسيحي انما ضمن اطار دستوري يجنب الجميع مجازر كالتي مررنا بها". فكما كان أساس منطلقاته هو المجتمع المسيحي الذي ينتمي اليه، فانه لم يغفل أنه أمام حقيقة ثابتة وهي وجود الفريق المسلم. وكان يعي جيداً أن أي عمل وطني لا بد وأن يتشاركا فيه " أنا وشريكي المسلم كلانا في المصير، عندما نكون أسياداً ومستقلين سنتفاهم سريعاً مع بعضنا. بعدها نتفق على توزيع المسؤوليات لا المغانم. لأننا نريد الخروج من المزرعة الى الوطن".

وعن الأوضاع الدينية خارج لبنان قال: "حين يكون القبطي مضطهداً في مصر، والشيعي يضطهد في العراق، والسني يضطهد في ايران، والمسيحي يضطهد في الشرق، تكون الصيغة اللبنانية تسقط هناك أيضاً".

ظنّ كثيرون أن بشير الجميل يحمل لهم العداء، وخافوه. ونعتوه بالخيانة فعادوه. واتهموه بالتهجّم على البلاد العربية لأنه كان يرفض تدخلها في شؤون لبنان الداخلية: "نحن لا نتدخل في شؤون أحد، بينما غيرنا يتدخل في شؤوننا". وهو رفض الانتقاص من سلطة الدولة اللبنانية مستنكراً الوصايات على لبنان بكل أشكالها ومن أي مصدر أتت "ما نريده هو أن نكون مستقلين فعلاً في بلدنا، من دون أن يسمح وزير خارجية عربي أو غير عربي بأن ينصّب نفسه وليّاً علينا".

دولة في رجل

خطط بشير الجميل لرؤية مستقبلية واضحة المعالم، مقياسها "دولة نموذجية"، فعمل مع أختصاصيين على اعداد دراسة كاملة تتناول التفاصيل الصغيرة والمراحل الدقيقة لمواضيع مختلفة منها: التربية والصحة والبيئة والطبيعة والصناعة والاقتصاد والزراعة والمصارف والتنظيم المُدني والهندسة العامة والطرق والمباني والجامعات، اضافة الى مشاريع قانونية ودستورية كانشاء مجلس اقتصادي ومجلس تربوي وطني. كما عمل مع عدد من المجموعات من أجل وضع "خطة طوارىء"، هدفها ايجاد حلول في كل الظروف، وفي ظل أي ضغوط عسكرية أو اقتصادية، أو نفاد المواد الاستهلاكية والمحروقات، أو انعدام الاتصالات بين المناطق، أو حتى تعرض لبنان الى هجوم أو اجتياح، لكن لم يتسنَ له الوقت لتحقيق مشاريعه.

وفي آخر حديث له قبل استشهاده أعلن بشير الجميل "لبنان لازم يكون ورشة عمل سياسية، اقتصادية، اجتماعية، تربوية واعلامية. يا شباب عنا شغل كتير. ما تنسوا وضع لبنان بعد هالسنين الطويلة من الحرب. مية ألف قتيل. دمار وخراب بمليارات. ولكن ما تخافوا الارادة قويي. والشعب اللبناني الطيب المخلص اللي دفع كل هالضحايا شعب قوي وكبير.

بالنسبة للجيش ما بقى بيجوز يكون مكسر عصا. الجيش بحاجة لمعنويات. بحاجة لسلاح. جيشنا بحاجة لأوامر وهو مستعد للتنفيذ. لازم يصير عنا 150 ألف جندي بكل المعدات المطلوبة. ما قادرين بقى ننطر الخارج حتى يساعدنا. ساعة قوات عربية، وساعة قوات دولية، ومتعددة الجنسيات، وجيشنا منصرف عليه ومنحطو بالثكنات. ونختلف اذا لازم ينزل أو لأ. لو الجيش أعطي أوامر بـ 13 نيسان 1975 وقت حادثة عين الرمانة لكنا وفرنا كل شي صار بلبنان. الجيش لازم يعيد السيادة على كل الأراضي اللبنانية. يحفظ الحدود كل الحدود... لن يكون لبنان مكسر عصا ولا حيط واطي، بل سيكون دولة بكل ما لكلمة دولة من معنى".

وعن رئاسة الجمهورية ومواصفات المرشح لها قال: "نريد رئيساً يقيم علاقات متناسقة بين حواس الوطن المختلفة، ويكون صاحب رؤية وطنية تبلغ حدّ الحلم، لا صاحب شهوة سياسية لا تتعدى حدود الحكم. نريد رئيساً يستعمل أفعال الغضب. وأدوات التحذير، وأحرف الرفض، وأسماء الجزم. نريد رئيساً ينقل لبنان من حالة التعايش مع الأزمة ومشاريع الحلول، الى حال الخروج من الأزمة وفرض الحلول". بقدر ما كانت فرحته يوم منحه اللبنانيون ثقتهم حاملينه على أكتافهم الى سدّة الرئاسة، شعر بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقه: تحرير لبنان الـ 10452 كلم2 من جميع الغرباء على أرضه.

يذكر أن لبشير الجميل تجربة شبيهة بـ"الحوار" أسماها "المبادرة الوطنية"، اذ رأى أن يدعو الطرف اللبناني الآخر الى التضامن من أجل حلّ الوضع المأسوي المتأزم، فدعاه الى الحوار على الأسس الآتية:

أولاً: استرداد لبنان سيادته على كل أراضيه. واستعادة الدولة اللبنانية سلطاتها كاملة وتمكنها من ممارستها بشكل شامل وثابت.

ثانياً: عودة القوات السورية الموجودة في لبنان الى بلادها نهائياً، وتعزيز التدابير اللبنانية الذاتية الآيلة ، في نطاق السيادة اللبنانية، الى استمرار الأراضي اللبنانية مصدر طمأنينة لسوريا.

ثالثاً: انضباط "منظمة التحرير الفلسطينية" بمقتضيات السيادة اللبنانية الشاملة، والانتقال بالعلاقات اللبنانية – الفلسطينية من حال العداء الى حال الثقة بما يتناسب مع متطلبات مرحلية الوجود الفلسطيني في لبنان. رابعاً: تأكيد توافق اللبنانيين على أن أي خلاف بينهم لا يستدعي بته الاحتكام الى السلاح، انما اعتماد التفاوض السياسي وسيلة لارساء صيغة الاتفاق الوطني.