المطران مطر ترأس قداسا في ذكرى ال24 لاستشهاد الرئيس بشيرالجميل

أدرك أن الوطن يحتاج إلى دولة من صنع لبنان تضمن له قراره الحر نتمنى أن نعود إلى مواقفه كان

 يحاور من دون أن يسقط من الحساب أحدا

نديم الجميل: وحدة الموقف اليوم بأهمية وحدة البندقية في زمن المقاومة

 

وطنية - 14/9/2006 (سياسة) احتفل اليوم بالذكرى ال24 لاستشهاد الرئيس بشير الجميل بقداس ترأسه رئيس اساقفة بيروت المارونية المطران بولس مطر ممثلا البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، في الرابعة والدقيقة العاشرة من بعد ظهر اليوم، في بازيليك الايقونة العجائبية في الأشرفية، بدعوة من النائبة صولانج الجميل وولديها.

حضر القداس النائبة الجميل وولداها الشيخ نديم بشير الجميل وكريمتها يمنى الجميل، الرئيس أمين الجميل وعقيلته جويس، الوزراء: بيار الجميل، نائلة معوض، ميشال فرعون، رئيس اللجنة التنفيذية للقوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع لأول مرة، النواب: أكرم شهيب ممثلا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، النائب السابق غطاس خوري ممثلا النائب سعد الحريري، جورج عدوان، فريد حبيب، روبير غانم، عاطف مجدلاني، عاغوب كسارجيان، بيار دكاش، هنري حلو، سيرج طور سركسيان، عاغوب بقرادونيان، انطوان غانم، عبد الله فرحات، النائبان السابقان غبريال المر وعثمان الدنا.

كما حضر رئيس حزب الكتائب كريم بقرادوني ومسؤولون من الحزب، رئيس المجلس العام الماروني وديع الخازن، رئيس الرابطة المارونية الوزير السابق ميشال اده، الأمين العام للجنة الحوار الاسلامي - المسيحي حارس شهاب، مستشار النائب سعد الحريري الدكتور داود الصايغ، عميد الصناعيين جاك صراف، نقيب المقاولين فؤاد الخازن، السيدة زينة العلي شاهين، رئيس الحركة اللبنانية لحركة بسام آغا، الزميل الياس الزغبي وشخصيات سياسية وحزبية ونقابية ورجال دين وحزبيون من الكتائب والقوات اللبنانية. ورفعت لافتات وصور للرئيس الشهيد بشير، واطلقت له الهتافات وللكتائب والقوات.

وألقى المطران مطر عظة قال فيها:

 "في عيد ارتفاع الصليب المقدس للعام القادم يكون قد مر ربع قرن على استشهاد رئيس الجمهورية المنتخب الشهيد الشيخ بشير الجميل ورفاقه الميامين. إنها الفاجعة الكبرى التي أصابت في يوم مشؤوم وطنه ومواطنيه، والفرصة النادرة التي ضيعت على لبنان ليستعيد فيها سيادته واستقلاله ناجزين مع الأمل الزاهي بقيامة حقة للدولة القادرة والعدالة على أرضه. إلا أن قراءتنا للأحداث مهما كانت صعبة وقاسية، إذا ما استلهمنا فيها أنوار الإنجيل المقدس، لجديرة بأن تقوي إيمان المؤمنين بأن الموت حياة، والاستشهاد نصر والصليب فداء وجسر عبور إلى القيامة. فالسيد المسيح يقول لنا اليوم في إنجيله الطاهر "إن حبة الحنطة إن لم تقع وتمت في الأرض تبقى مفردة، وإن هي ماتت أتت بثمار كثيرة" (يوحنا 12، 24).

والرئيس بشير الجميل قد تحول في ضوء هذه الحقيقة إلى رمز مشرق لهذا الوطن القادر على النهوض والذي سينهض بإذنه تعالى، وسيكون علامة من علامات التقدم والخلاص لا لأبنائه وحسب، بل لمنطقته كلها وللعالم بأسره. نحن لا نطلق هنا في المناسبة مجرد كلام جميل، بل نستند إلى أطيب الذكريات وأحلاها عن عشرين يوما أمضاها الرئيس الشهيد بين انتخابه رئيسا للجمهورية اللبنانية وبين استشهاده من أجل لبنان. لقد جرت على مسمع من العالم، وعلى مرأى منه أعجوبة انتقال هذا الرجل من قائد لفئة من بني قومه إلى موحد لهم جميعا على محبة لبنان. وجرت في عروق اللبنانيين جميعا مجرى دمائهم ثقة متجددة بالوطن العائد من الأسر والضياع إلى الوجود الفاعل بين الأوطان، وإلى حمل الرسالة التي يحملها باسم هويته وتاريخه وإرادة أبنائه الأحرار. فلم يبق مغترب من مغتربينا إلا وحزم الأمتعة للعودة إلى البلاد أو فكر جديا بهذه العودة وتحقيقها. ولم يبق موظف تعود التباطؤ في الوصول إلى عمله أو التغيب عنه، إلا وراح يغدو إليه ليكون في عداد بناة الهيكل الجميل مع الرئيس الطالع، ومن المساهمين في صنع مستقبل مشرق لشعب اكتشف من جديد أنه قادر على أن يموت وقادر على أن يعيش. وانبرى هذا الرئيس في تخطيه منطق الحرب وفي توديع زمن السلاح ابنا بارا للبنان، مؤمنا بوحدة بنيه ومدافعا عن كيان العشرة آلاف وأربع مئة واثنين وخمسين كيلومترا مربعا.

ذلك أن الحرب في طبيعتها عابرة، والمقاومة عابرة والعداوة عابرة أيضا وطارئة. والأبقى هم الناس الذين خلقهم ربهم ليتعارفوا أبناء لبشرية واحدة، وسكانا لكوكب واحد. وقد أدرك الشيخ بشير بعد تسلمه عبء الرئاسة أن الوطن في حاجة لكي ينهض ويقوى إلى الارتكاز إلى دولة قادرة تكون من صنع لبنان وتضمن سيادته واستقلاله وقراره الحر، كما هو في حاجة أيضا، وفي الوقت نفسه، إلى اليقظة والتنبه من أجل استرجاع كل الحقوق، وإلى مقاومة جديدة تعتمد الأطر الدستورية من دون أن تنطفئ شعلتها لأن الحياة وقفة عز وعزم لا ينثني على التضحية غاليا من أجل الحرية والإباء.

وما أشبه اليوم بالأمس، بالسلبيات التي يجب أن نتحاشاها، وبالإيجابيات التي نعتمدها من أجل مستقبل أفضل. لقد كانت لنا دولة الاستقلال. ويخطئ كل من لا يقدر قيمة هذا الإنجاز التاريخي العظيم. فإن شعب لبنان، قد توصل في تلك الحقبة إلى قيام دولته ونشر علمه بين أعلام الأرض، فيما شعوب ما زالت تناضل إلى اليوم لكي تكون لها دولة تحميها وتضمن مستقبلها. إن دولتنا هي عصارة تضحيات قمنا بها على مسار التاريخ واشترك في صنعها الجميع قادة وأفرادا.

فمن غير المعقول أن نعطل دولتنا بأيدينا عائدين إلى الوراء، أي إلى مرحلة ما قبل تكوين الدولة. فالتاريخ لا يرحم المتراجعين بل يتركهم على هامش السيرة ويحمل القادرين وحدهم نحو الأمام. ولكننا نسجل أيضا أن هذه الدولة التي قامت في بلادنا لم تكن على قدر المسؤوليات الجسام في حفظ الوطن وتأمين سلامته من الخطر الخارجي الذي أطل عليه بإنشاء الكيان الغاصب على حدوده.

ولا هي طورت مؤسساتها الاجتماعية لتضمن حقوق المواطن في عيشه كما في الدول المتقدمة. ولئن كنا فخورين بنضال آبائنا وتضحيات أجيالنا القديمة من أجل الوطن واستقلاله، فلسنا على مستوى الفخر عينه بما أنجزناه ليكون في لبنان دولة فاعلة ومثالية.

فلما هبت رياح الحرب منذ ثلاثين عاما ونيف، وبدل أن تكون الدولة هي المرجع الفصل في مواجهة الصعاب، حاولنا كلنا أن نخرج عليها وأن نتدبر أمورنا بأنفسنا، فكدنا أن نضيع الدولة والعلم والاستقلال، وكدنا أن نضيع الوطن نفسه. لقد كلفنا غاليا جدا، الرجوع إلى منطق الدولة الجامعة. عرفنا بعد التعلم على حسابنا أنه لا مناص من تطوير الدولة سياسيا واجتماعيا ودفاعيا، من دون أن نعرضها أبدا للزوال وبعيدا عن تقسيم لبنان إلى دويلات لا حياة لها ولا معنى. وعدنا إلى الدولة بعد انتهاء الحرب وعقدنا اتفاق سلام في ما بيننا جميعا. لكننا عدنا أيضا وسقطنا من جديد في تجربة الرعاية الناقصة لدولة لا يشارك فيها الجميع مشاركة حقيقية ولا هي تحمي الجميع أو تقدم إليهم الضمانات الكافية. وترك أمر مقاومة الأعداء للناس الذين أرادوا أن يحموا بيوتهم وأرزاقهم، وأن يتخلصوا من ذل الاحتلال وثقله الرهيب على الكرامات.

وإن ما حصل جراء ذلك كان نتيجة لوضع الدولة الضعيف، ولم يكن سببا لهذا الوضع أو لهذا الضعف. فماذا نفعل الآن؟ وما هي طريق الخلاص بعد الاعتداء الذي كاد أن يدمر بلادنا وبعد مجيء الدول لمساعدتنا تحت مظلة الأمم المتحدة؟ وما السبيل الحقيقي لعودتنا إلى وضع نرعى فيه سيادتنا ومصالحنا من دون الحاجة إلى عون أحد؟ وكيف الحفاظ على الدولة والتخلص من نير الاحتلال في آن معا؟ وهل في تلازم هذين المطلبين أي تناقض؟

أعلن وطننا على أثر الاعتداء الإسرائيلي الأخير عليه بلدا منكوبا. وكعضو مشارك في هيئة الأمم توافدت بعض الدول الأعضاء مشكورة لمساعدته على تثبيت وقف القتال والعودة إلى هدنة مستقرة يستطيع معها الناس أن يستمروا في الحياة والنضال. همنا الأول حيال ذلك أن نعيد للدولة قدرتها في قيادة البلاد، فلا نبقى على وضع الحاجة إلى المساعدة زمنا طويلا.

ولكننا في الوقت عينه شعب قوي، متمسك بحقوقه كاملة في تحرير الأرض والسيادة عليها من دون انتقاص. لذلك، ننحني أمام شهدائنا الأبطال لكل زمن الحرب منذ ثلاثين عاما حتى اليوم. ونقول لهم إن لبنان بفضلهم صار لنا أعز وأغلى؛ على أن ندرك في كل حال إدراكا أعمق وأشمل بأن الدولة الواحدة هي سقف الوطن الواحد والشعب الواحد. فلن تبقى لنا وحدة من دون سقف، ولن يبقى لنا سقف من دون وحدة واتحاد.

من أجل حل هذه العقد، وتخطي التناقض الحاصل في وضعنا الحالي، نتمنى أن نعود إلى مواقف الرئيس الشهيد بشير الجميل بالذات. لقد تمسك بقيام الدولة وأثبت أنه كان قادرا على إحيائها. لكنه في الوقت عينه، أراد أن يجمع إليه كل الناس من دون أي استثناء. فراح يزور الجميع، ويحاور الجميع من دون أن يسقط من الحساب أحد. إنه بشير الحلم الجيد والدفع القوي لإيمان راسخ بذواتنا وقدراتنا على إنقاذ لبنان. إنه حي في الضمائر وفي صنع المصير أيضا وسيبقى. وفيما نصلي اليوم من أجله ومن أجل رفاقه الشهداء الأبرار، نضم في صلاتنا كل شهداء لبنان وكل شعب لبنان، فننتفض على واقعنا المرير، موقنين أن وطننا سيقوم على أيدينا كالمارد من القمقم، إن نحن آمنا به إيمان بشير الجميل، وعملنا من أجله بعزم بشير الجميل. لعائلته العزيزة ولرفاقه الأحباء أحر تعازينا.

ولكم جميعا أيها الأخوة والأخوات، ومعكم، صلاة خاشعة إلى الله كي يساعدنا على إنقاذ بلدنا، وتثبيت وحدتنا، وعلى ولوجنا بعد طول عناء وطول انتظار، زمن الاستقرار والمحبة والمصالحة والسلام". الياس كما ألقى عريف الحفل الزميل سعد الياس كلمة قال فيها: "وصايا بشير: لبنان أولا، وحدة اللبنانيين، الدولة القوية"، بهذه الوصايا خلاصنا وخلاص لبنان. ولكن يا شهيدنا الكبير، إننا نخجل فلن نتطلع في عينيك لنقول لك إن لبنان الذي وحدته في 21 يوما لم ينجحوا في جمعه في 24 يوما. نقول لك إن الجيوش الغريبة انسحبت، ولكن تدخلاتها بقيت. نقول لك إن الدولة التي ناديت بها ما زالت ممنوعة من الحياة، تقرأ قرار الحرب في البيانات والصحف، كما يقرأها الناس. ومع ذلك، لأن بشير حاضر فينا على الدوام، نعاهدك أن نمنع اغتيالك الثاني، وأن نشبك الأيادي حتى نلبنن ال10452".

الشيخ نديم الجميل

وألقى الشيخ نديم الجميل كلمة استهلها بالقول: "كل سنة نحيي ذكراك في 14 أيلول، هذه السنة، وإن كنت حيا فينا الى الأبد، تذكرناك كل يوم، بل افتقدناك قائدا يصنع مصير لبنان، ويجسد الحضور المسيحي الفاعل، فلا يدع أحدا يهمش دور المسيحيين في بناء لبنان المستقبل، ولا يدع أحدا يهمش دور اللبنانيين في صياغة الشرق الأوسط. سنظل نفتقدك، يا بشير، ما لم تطل من معاناة هذا الشعب قيادة تحاور كما أنت حاورت، ترفض كما أنت رفضت، تقاوم كما أنت قاومت، تضع النقاط على الحروف كما وضعت، تنتفض لكرامتها وكرامة شعبها كما انتفضت، توحد أبناء القضية اللبنانية كما وحدت، تنتصر كما انتصرت، وتجير كل انجازاتها وانتصاراتها الى كل لبنان". أضاف: "شعبنا يريد قيادة تعدل مضمون القرارات والمعاهدات المناقضة لمصلحة الأمة، لا قيادة تعدل مواقفها وقناعاتها الوطنية حسب القرارات والمعاهدات. شعبنا يريد قيادة تجعل المبادىء الوطنية معيار التحالف مع الآخرين، لا أن تكون مصالحها الأنانية والانتخابية والمكاسب المادية هي المعيار. شعبنا يريد قيادة تضع حدا لمن يتخطى أصول التحالف، فالتحالف لا يحلل الهيمنة ولا التفرد ولا الاستئثار. من ليس هو على مستوى القيادة، من يتناسى لماذا استشهد بشير ورفاقه وكل شهداء لبنان، فليحد من درب الشباب.

ان شباب لبنان هم الذين ينوا لبنان ورفعوا سمعته، وهم، قبل السياسيين، احتشدوا في ساحة الشهداء، وهم حرروا الأرض ووحدوا لبنان".

وتابع: "لذلك، أي تصور للبنان الجديد يفترض أن يأخذ في الاعتبار مصلحة الشباب والأجيال، لا وضع حكومة أو فئة أو طائفة أو منطقة. شباب لبنان هم ركن للحاضر وأمل للمستقبل، وهم الذين سينقلون لبنان من المجتمع الطائفي الى مجتمع مدني حديث. حان الوقت لكي نقرر مصيرنا الواحد بحرية وجدارة، حان الوقت لكي نسحب لبنان من فم التنين.

لا نريد أن نكون ضحية الصراعات الاقليمية والدولية، ولا نريد، في المقابل، أن يكون أحد ضحيتنا. فكفانا حروب الآخرين على ارضنا، وكفانا حروبا من أجل الآخرين. فشعارنا هو سيبقى "لبنان أولا". حان الوقت لكي نكون قادرين على حماية أنفسنا ونؤكد للعالم أننا، كلبنانيين، شعب قادر على الحياة المستقلة بدون الاعتماد على أحد". وأشار إلى أن "ما يميز 14 أيلول هذه السنة، أنه يعقب حربا تدميرية على لبنان أعادت البلاد الى الوراء سنوات من الناحية الاقتصادية، وعقودا من الناحية الوطنية. ان هذه الحرب مستمرة بأشكال أخرى ما دامت أسبابها لم تعالج في شكل نهائي. إن قواعد التعايش في دولة واحدة لا تسمح لأي طائفة أو مذهب أو حزب أو فئة أن تقرر وحدها مصير لبنان، وأن تتفرد في قرار الحرب والسلم. فلا هذه الحرب كانت حربنا، ولا هذا السلام هو سلامنا. يوما بعد يوم، نجد أنفسنا أمام تقرير مصير جديد كأن الشعوب تقرر مصيرها كل يوم، عوض أن تقرره مرة واحدة لمئات السنين"، لافتا إلى أن "عملية تقرير المصير اللبناني تتم هذه المرة في غياب الدور المسيحي الفاعل والمؤثر، فيما نحن، كمسيحيين كنا ولا نزال فكرة الكيان اللبناني والصيغة اللبنانية ووحدة هذا الوطن واستقلاله". وقال: "إن السبب الأساسي في إضعاف الدور المسيحي هو استمرار رئيس الجمهورية، المطعون بشرعيته، على رأس الدولة.

ان التزام المسيحيين في مشروع الدولة - وهو قرار نهائي - إذ لا وطن من دون دولة، لا يكون على حساب دورهم ومسؤولياتهم في هذه الدولة التي حلموا بها وناضلوا في سبيلها وحققوها واستشهدوا من أجل بقائها. وأساسا، ليس الدور المسيحي ضمانا للكيان اللبناني فحسب، بل ضمانا للوحدة الوطنية والسلام الأهلي، وأي مساس به يهدد أمن لبنان والمنطقة".

أضاف: "نريد الدولة التي تصون حقوق كل المجموعات اللبنانية لئلا تضطر كل مجموعة أن تبحث عن تقرير مصيرها الذاتي، إن مثل هذا التفكير لا يخدم لبنان. لا يجوز لأحد في لبنان أن يفكر بأمن ذاتي حين وبمصير ذاتي حين تكون الدولة موجودة، متحررة، قوية وفاعلة، تصون حدودها وتؤمن الأمن والحرية والمساواة.

لا يجوز لأحد في لبنان أن يرفع علما غير العلم اللبناني، وأن يدين لدولة غير الدولة اللبنانية، ولا يجوز للمسيحيين أن يتشاركوا في الوطن، إلا مع كل المسلمين اللبنانيين. لكن، حذار أن يعتبر أحد أن إيماننا بهذه المسلمات يجيز له قضم دورنا الريادي في لبنان". وتابع: "في ذكرى استشهاد الرئيس بشير الجميل، بشير الذي انطلق من الكتائب اللبنانية واستشهد في أحد بيوتها، بيت كتائب الأشرفية، بشير الذي أطلق القوات اللبنانية وأنشأ كل مؤسساتها، بشير الذي انتخب رئيسا للجمهورية اللبنانية، في ذكراه هذه، ندعو إلى إحياء الصيغة اللبنانية حسب تطور الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وحسب مقتضيات الثوابت التاريخية في لبنان، وندعو أيضا كل الأطراف المسيحيين إلى وقف السجال والاتهامات المتبادلة. شعبنا لا يتحمل هذا النوع من الانقسامات في هذه المرحلة المصيرية والتاريخية".

ولفت إلى أن "كل التحالفات والتفاهمات ضرورية إن عززت الوحدة الوطنية، وضارة إن أضعفت الوحدة المسيحية. حان الوقت لمختلف القادة المسيحيين أن يجلسوا معا، بدون خجل، وأن يضعوا شرعة أخلاقية ووطنية تعيد الأمل إلى مسيحيي لبنان، وتعزز معنوياتهم، وتحيي ثقتهم بلبنان والمستقبل، وتثبتهم في أرضهم. وإننا في أرضنا ثابتون".

وختم: "إن وحدة الموقف اليوم، في هذا الظرف المصيري، هي بأهمية وحدة البندقية في زمن المقاومة. إن مشروع بشير الجميل خير مثال على ذلك، فتوحيد الموقف المسيحي كان الطريق الأقرب إلى الحوار مع الآخرين، والحوار مع الآخرين كان الطريق الاسلم إلى تحرير لبنان وتوحيده. فلا زعيم قويا إذا كان وحيدا، بل هناك شعب قوي إذا كان زعماؤه متحدين". وخدمت القداس جوقة عبدو منذر وانشد منفردا الفنان نقولا الاسطا.