الحكومة اللبنانية المقترحة

لاحظ س حداد

13 حزيران 2011

 

التشكيلة المبدئية للحكومة العتيدة، كما نقلتها صحيفة اللواء بتاريخ 10/6، تبدو في معظمها حكومة أمر واقع أكثري لا تمت إلى لبنان بصلة إذ أن معظم من طُرِحَت أسماؤهم يشكلون جبهة مشاركة في الكيدية والانتقام وأقله المشاكسة.

 

ليس لأحد من اللبنانيين أن يعترض على أسماء وزراء أية حكومة تُشكّل لو أن هؤلاء سيخضون لِ قَسَم الولاء والانتماء للدولة والوطن لكن أن يُمَثِّل كلُّ وزيرٍ منهم تكتله أو فئته السياسية فهذا سيقود لبنان مجدداً إلى نقطة الصفر في السياسة اللبنانية كون أغلبية هؤلاء المُقْتَرحة أسماؤهم يعود ولاؤهم إلى مَنْ طرح أسماءهم للتوزير وهؤلاء ال مَنْ معروفٌ اتجاههم السياسي سلفاً..  

كيفما استجد التعديل في الأسماء فهؤلاء الوزراء، وقد اختَبر اللبنانيون عمل أكثرهم، ومهما كانت نواياهم طيبة، فلن يكن بإمكانهم التصرف بما يُمليه عليه الضمير الوطني الذي سيتعارض حتماً مع التوجُّه السياسي الحاد لمرجعياتهم التي في معظمها تكيل بمكيال الأغراب، عرب وأعاجم، أكثر منه بمكيال الدولة ولهذا ستتناقض نظرات الكثُر إلى الدولة مع ما تُوحيه لهم ضمائرهم وعند ذاك ستبدأ المناكفات بين كل فئة منهم والأخرى في أولوية ما يرغبون في تنفيذه، وتعود حليمة إلى عادتها القديمة ويغوص الشعب اللبناني مرةً جديدة في معميات الخلافات بين شتى الكتل والفئات ما يضطر الرئيس المكلف من تقديم استقالته إلى رئيس البلاد..

 

في نظرة إن أولى تلك المناكفات أنها ستكون في تحضير البيان الوزاري الذي هو عامل إنقسام كامل، سيما إذا أصر رئيس الحكومة على رفض إدخال لبنان في أتون السلاح الحزبإلهي أو المحكمة الدولية، حتى ولو تعمَّد رئيس الحكومة الهرب، بشكلٍ أو بآخر والإلتفاف حول هذه المواضيع بسبب خشيته التامة من شق العصف السني والمسيحي المعارض لهكذا إلتفاف فإن أصحاب الرأي الرافض لهكذا طرح في الأكثرية الجديدة المالكة سعيداً للقرار حالياً لن يكن بإمكانها القبول به قط وإلاّ فقدت كامل مصداقيتها في إدّعاء محاربة مطالب الأكثرية السابقة ( المعارضة الحالية ) وتهمة الإستئثار بالسلطة..

 

مع الإفتراض الجدلي أن التفاهم على البيان الوزاري حول هذا الإلتفاف والقبول به، فهو سيشكّل إدخالاً صريحاً للدولة اللبنانية في متاهات البند السابع لقرارت الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي المتعلقة بسلاح حزب الله والمحكمة الدولية، تماماً كما لو كان هذا البيان قد تبنى صراحةً رفض تلك القرارات فتكون الحصيلة واحدة.. وهذا إذا حصل فهو يعني رضوخ الرئيس المكلّف ومعه رئيس البلاد لضغوطات الحزب الإلهي وباقي الفرق المكوّنة للأكثرية الجديدة وسيتطلّب من الرئيس المكلف ورئيس البلاد الرد الأسئلة التالية:

1) أين ذهب الحكم التوافقي الذي به تنادون بل أين هي الوسطية التي تدّعون؟

2) هل الطرف المسيحي أو الطرف المسلم يمثلان أغلبية المسيحيين أو المسلمين؟

3) هل تتحمّلان حقاً نتائج تأليف هكذا حكومة تشكّل الأقصى من الإستئثار بالسلطة والاستفزاز لمشاعر مشاعر الشعب اللبناني اللبناني؟ الأهم في هذه الأسئلة ،

4) هل تؤمنان فعلاً أن تحوُّل بعض الزعماء من الأغلبية السابقة، وتحديداً، وليد جنبلاط، حوَل الدروز الذين انتخبوه إلى كتلة بشرية دون رأي في قبضته؟

إذا كان الأمر كذلك... على الانتماء الوطني ألف سلام!

 

صحيح إن الحاجة ملحة للخروج من الأزمة المفتعلة، عن سابق تصوّر وتصميم، والمشاركين فيها يُنفّذون مخططاً بات مكشوفاً للرأي العام اللبناني، المقيم والمهجّر، لكن الرضوخ أمام هذا الإلحاح لا يعني قط الخروج عن ميثاقية العيش المشترك الذي رفعوا شعاره إثر استقالة وزراء الشيعة من حكومة السنيورة وتم تعطيل الدولة بكاملها تحت هذا الشعار.. فهذا الشعار بات اليوم، مع تشكيل هكذا حكومة، هو الانقضاض على مقدمة الدستور وتعطيل مفاعيل العيش المشترك بكامله إذ أن هكذا حكومة، في مُجملها، تشكل ضرباً قياسياً في الانتقاص من جذور العيش المشترك كونها لا تمثل فعلياً الطوائف المنوَّه عنها في مقدمة الدستور بل تختصر، في واقع الحال، كافة الطوائف لتكوّن طيفاً عقائديّاً سياسياً لا يمت إلى طوائف لبنان/ العيش المشترك بأي صلة.. وهنا يكمن الخطر الأكبر الذي، بالرغم من إدعاء بعض المهوسين بالسلطة ( تذكروا كلام عون في ويكيليكس الأخيرة )، سيُحول لبنان بأسره إلى دولة عقيدية ذات أهداف غير لبنانية..

 

إذا ما استقر الرأي على قبول هذا المنحى لإنجاز تشكيل الحكومة العتيدة، والإلتفاف حول نقاط الخلاف الكبرى المشار إليها بكل ما فيها من مخاطر مناهضة الأمم المتحدة ومجلس أمنه، فإن على المعارضة، التي ضحَّت بحقوقها الانتخابية من أجل إيجاد توافق لقيام الحكومة السابقة بضم المعارضة السابقة إليها رغم علمها المُسبق بنواياها التدميرية، سوف يتحتّم على هذه المعارضة، ومن باب الحرص على مصداقيتها وولائها للدولة، أن تعلن فوراً عن رفضها المطلق لهكذا حكومة بل والأكثر أن ترفض حضور جلسة منح الثقة قبل الإعلان عن بنود البيان الوزاري العتيد حتى لو اقتضى الأمر تقديم استقالات جماعية من مجلس النواب الحالي حيث يفقد صلاحيته في منح الثقة بفقدانه كامل تمثيل الشعب اللبناني..

وكما كان انسحاب وزراء المعارضة السابقة ومعهم الوزير، وديعة رئيس الجمهورية، سبباً لأخذ البلاد خارج الولاء الوطني كذلك على المعارضة الحالية استرجاع البلاد إلى داخل واحة الولاء والالإنتماء معاً.. ولن يستطع أي سياسي، مهما بلغ طغيانه وحنكته من قيادة الشعب اللبناني إلى استكمال تدمير النظام المعمول به منذ الاستقلال وإلى اليوم..  

على المعارضة الحالية إزاحة الترفُّع أو الاعتكاف عن القيام بالواجب الوطني الكبير للدفاع عن البلاد والاكتفاء بانتظار النتائج المعروفة سلفاً لممارسة ديمقراطية الرد والمماطلة بل عليها التصدي بكل قوة وصرامة على من يسوق البلاد إلى مهاوي التفكك المحتّم وإضطرار الشعب للإنخراط مجدداً في حربٍ أهلية تقضي على ما تبقّى له من عنفوان وطني لا زلنا نتمتع به إلى اليوم..

 

إن المسئولية الكبرى تقع اليوم على عاتق الرئيس المكلّف ورئيس الجمهورية معاً لمنع ما هو مبيّت للبلاد على أيدي مَن ما فتِءَ يناور للإستيلاء على السلطة وتغيير نظام البلاد.

إن أي نظان وفي أية دولة، يمكن تغييره من خلال أطرٍ دستورية يجري بحثها من قبل ذوي العلم والمعرفة وليس بفرض رأي واحد أحد مهما كان جبروته ومهما امتلك من قوة سلاح شرعي أو غير شرعي وليتعظ من لهم قدرة الاستيعاب لما يجري في البلاد العربية التي تحارب كافة أنواع الدكتاتوريات المسلحة!

للبحث صلة، صانك الله… لبنان