حزب حرَّاس الأرز ــ حركة القوميّة اللبنانية

صدر عن حزب حرَّاس الأرز ــ حركة القوميّة اللبنانية، البيان التالي:

 

ان حملة التطهير الدينية التي يتعرّض لها المسيحيون في الشرق لم تبدأ البارحة مع الهجوم على كنيسة سيدة النجاة في بغداد، وكنيسة القديسين في الإسكندرية، بل منذ أواخر الستينات من القرن الماضي وفقَ مخططٍ مدروس وضعته بعض الأنظمة الإقليمية المتطرّفة التي أنتجت الحركات الأصولية تحت مسميات مختلفة، بغرض تنفيذه بشكلٍ منهجي بدءاً من لبنان.

 

نقول بدءاً من لبنان باعتبار ان هذا البلد لعب عبر التاريخ دوراً محورياً في حماية الأقليات المضطَهدة في هذا الشرق من مختلف الطوائف والأديان، نذكر منها على سبيل المثال الطائفتين الدرزية والشيعية اللتين لجأتا إليه منذ عدّة قرون هرباً من إضطهاد الفاطميين والعبّاسيين لهما.

 

وكان المخطط المذكور الذي بدأ تنفيذه على أرضنا أوائل السبعينات، يقضي بإسقاط هذا البلد وتهجير مسيحييه مقدمةً لتهجير مسيحيي الشرق باعتبار ان لبنان القوي كان دائماً الضامن المعنوي لوجودهم في هذه المنطقة الظلامية من العالم.

 

ان هذا المخطط الأصولي الإسلامي الشديد الخطورة ما كان لينجح في لبنان والمنطقة لو أحسن المسؤولون عندنا وفي الغرب التعامل معه كما يجب وفي الوقت المناسب.

 

فالمقاومة اللبنانية التي استطاعت، خلافاً لكل التوقعات، الوقوف في وجهه بامكانيات شبه معدومة، عادت وسقطت أمامه جرّاء الغباء السياسي الذي ميّز الزعماء المسيحيين، وصراعاتهم الداخلية الطاحنة على المال والسلطة، وسعيهم المجنون لإلغاء بعضهم البعض بكل الوسائل المتاحة... ومع سقوط هذه المقاومة في بداية العام ۱٩٩٠، سقط لبنان برمّته في براثن الإرهاب الأصولي والأنظمة المتحالفة معه، وفقد مناعته في حماية نفسه وغيره من الأقليات المحسوبة عليه، ومنذ ذلك التاريخ بدأت هجرة الشباب المسيحي في لبنان والمنطقة تتوالى وتتنامى بشكل مخيف، ومن بقي منهم في هذه البلاد أصبح، بطبيعة الحال، لقمةً سائغة في فَمْ التنّين الإرهابي على النحو الحاصل اليوم في لبنان والعراق ومصر والحَبل على الجرّار... ولا نغالي إذا قلنا ان الزعماء المسيحيين الذين أسقطوا المقاومة اللبنانية، ساهموا ربما أكثر من الأصوليين في تدمير "المجتمع المسيحي" وبالتالي كل المجتمع اللبناني.

 

اما عواصم الغرب فتتحمّل هي الأخرى مسؤولية تفشّي الإرهاب في العالم وتعاظم نفوذه، ذلك لأنها لم تدرك أهمية لبنان ورسالته المشرقية، ودوره الطليعي في هذه المنطقة الحساسة من العالم، فتخلت عنه وتركته يسقط في أيدي الأنظمة الشمولية والإرهابية، وبسقوطه انهار آخر جدار كان قادراً على وقف المَدّ الأصولي باتجاهها، وها هو اليوم يدقّ أبوابها بشدّة، وها هي تدفع من لحمها ودمها ضريبة تخليها عن لبنان في العراق وأفغانستان وباكستان وإيران وغيرها من المناطق الساخنة.

 

وإذا كانت حاضرة الفاتيكان جادة في سعيها لحماية مسيحيي الشرق، عليها ألاّ تكتفي باصدار بيانات التنديد والإستنكار وإقامة صلوات الرحمة عن أنفس الضحايا كما قلنا في بيان سابق، بل التحرّك فوراً على خطّين متوازيَيْن:

 

الأول، حشد كل الطاقات البشرية والمادية والسياسية والمعنوية لدعم المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها والأنظمة العربية والإسلامية المعتدلة في هذه الحرب القائمة على الإرهاب والمنظمات الأصولية، مهما كلف الثمن ومن دون تحفّظ.

 

الثاني، التركيز على لبنان، وإيجاد السبل الآيلة إلى تقويته وتعزيز أمنه واستقراره ليتمكّن من إسترداد عافيته، ولعب دوره التاريخي في حماية الأقليات المسيحية وغير المسيحية على أرضه وفي محيطه.

 

لبَّـيك لبـنان

  أبو أرز

 في ٧ كانون الثاني ٢٠١١.